الآية 147
قوله تعالى: ﴿مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ خاطب الله (تعالى) بهذه الآية المنافقين الذين تابوا وآمنوا، وأصلحوا اعمالهم، فقال: إن أنتم تبتم إلى الله وراجعتم الحق الواجب لله عليكم، وشكرتموه على نعمه وأخلصتم عبادته، واعتصمتم به وتركتم رياء الناس، وآمنتم برسوله محمد صلى الله عليه وآله وصدقتم به، وأقررتم بما جاء به من عند الله ما يصنع. بعذابكم، أي لا حاجة بالله إلى عذابكم، وجعلكم في الدرك الأسفل من جهنم، لأنه لا يجتلب بعذابكم نفعا، ولا يدفع عن نفسه ضررا، لأنهما مستحيلان عليه. " وكان الله شاكرا " يعني لم يزل الله مجازيا للشاكر على شكره في جميع عباده عليما بما يستحقونه على طاعاته من الثواب، ولا يضيع عنده شئ منه، ولا يفوته شئ من معاصي من عصاه، فيجازي بذلك من يشاء منهم على سوء أفعالهم جزاء بما كسبوه. وبه قال قتادة وغيره من المفسرين. والشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من تعظيم المنعم، وذلك لا يجوز الشكر منه بمعنى الجزاء عليه كما قال: " ومكروا ومكر الله " " وجزاء سيئة سيئة مثلها " والجزاء ليست سيئة ولكن أطلق ذلك لازدواج الكلام.