الآية 57

قوله تعالى: ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾

المعنى:

معنى الآية حكاية ما قال هود لقومه من قوله لهم ان توليتم، فليس ذلك لتقصير في ابلاغكم وإنما هو لسوء اختياركم في الاعراض عن نصحكم، ويجوز أن يكون ذلك حكاية ما قال الله لهود انهم ان تولوا فقل لهم فقد أبلغتكم. وقال الزجاج: التقدير فان تتولوا فحذف احدى التائين، لدلالة الكلام عليها، فعلى هذا تقديره قل لهم فان تتولوا، ومثله قال الجبائي. والتولي الذهاب إلى خلاف جهة الشئ وهو الاعراض عنه. والمعنى هنا التولي عما دعوتكم إليه من عبادة الله، واتباع امره، والابلاغ إلحاق الشئ بنهايته، وذلك أنه قد يلحق الحرف بالحرف على جهة الوصل، فلا يكون إبلاغا، لأنه لم يستمر إلى نهايته. وقوله " ويستخلف ربي قوما غيركم " فالاستخلاف جعل الثاني بدل الأول يقوم مقامه فيما كان عليه الأول، فلما كانوا قد كلفوا، فلم يجيبوا، جعل الثاني بدلا منهم في التكليف. وقوله " ولا تضرونه شيئا " معناه انه إذا استخلف غيركم، لا تقدرون له على ضر ولا نفع. وقيل إن معناه لا ينقصه هلاككم شيئا، لأنه يجل عن الحاق المنافع والمضاربة. وقوله " ان ربي على كل شئ حفيظ " لاعمال العباد حتى يجازيهم عليها. وقيل معناه يحفظني من أن تنالوني بسوء.