الآية 55

قوله تعالى: ﴿مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ﴾

في هذه الآية دلالة على صحة النبوة، لأنه قال لقوم من أهل البأس والنجدة " كيدوني جميعا ثم لا تنظرون " اي لا تمهلوني ثقة بأنهم لا يصلون إليه بسوء، لما وعده الله (عز وجل) من العز والغلبة. ومثله قال نوح لقومه " فاجمعوا أمركم وشركاء كم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون " (1) وقال نبينا صلى الله عليه وآله " فإن كان لكم كيد فكيدون " (2). والفرق بين الانظار والتأخير ان الانظار امهال لينظر صاحبه في امره، والتأخير خلاف التقديم من غير تضمين. وفي هذه الآية تضمين بما قبلها، لان التقدير اني برئ مما تشركون من دونه، وههنا يحسن الوقف ويحسن أيضا ان يقف على قوله " تشركون " كان ذلك وقفا كافيا، لأنه يحسن الوقف عليه، ولا يحسن استئناف ما بعده. واما الوقف التام فهو الذي يحسن الوقف عليه ويحسن استئناف ما بعده نحو قوله " وإياك نستعين " ثم يستأنف " اهدنا صراط المستقيم " (3). والكيد طلب الغيظ بالسر وهو الاحتيال بالسر، تقول: كاده يكيده كيدا وكايده مكايدة مثل غايظه مغايظة.


1- سورة يونس آية 71.

2- سورة المراسلات آية 39.

3- سورة الفاتحة اية 5 - 6.