فاء التفريع؟ أم فاء الفصيحة؟

وعن الفاء في قوله: ﴿فَذَلِكَ﴾ نقول: هل هي للسببية؟ أم فاء الفصيحة؟ فإن كانت للسببية صار المعنى: أن التكذيب بالدين ينتج عنه دعّ اليتيم؛ فالسبب هو التكذيب بالدين، والمسبب والناتج هو دعّ اليتيم.

أما إذا كانت الفاء هي فاء الفصيحة، فهي تشير إلى هذه السببية بطرف خفي. فإن فاء الفصيحة أو الفضيحة ? هي التي تفصح عن شرط مقدر؛ فكأنه قال: أرأيت الذي يكذب بالدين؟ إن كنت لم تره فنحن نريك إياه، إنه الذي يدعّ اليتيم، ولا يحضّ الخ. وفي ذلك إشارة إلى أن هذا الأمر لا ينسجم مع التفكير السليم، ولا مع الفطرة المستقيمة، وهو أمر لا يعرفه الناس، بل هم إذا رأوه ينكرونه.

وإنما سمي المنكر منكرًا، لأنه لا يعرفه الإنسان المؤمن ولا يألفه، ولا يليق بأن يفكر فيه، أو أن يحضره في ذهنه. والمعروف هو الذي يألفه و يعرفه بعقله، ووعيه، ومشاعره، وفطرته، ويميل إليه، وينسجم معه. وإذا ارتكب البعض هذا الأمر المنكر والمرفوض من قبل العقل والفطرة، والمشاعر، فإن الناس سيلتفتون إليه، وينكرونه لأنه غير مألوف لهم، ولأنه يصادم فطرتهم، وعقلهم، ومشاعرهم.