الآية 8
قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ﴾
اللام في قوله " ولئن أخرنا " لام القسم. ولا يجوز أن تكون لام الابتداء، لأنها دخلت على (ان) التي للجزاء، ولام الابتداء إنما هي للاسم أو ما ضارع الاسم في باب (ان) وجواب الجزاء مستغنى عنه بجواب القسم، لأنه إذا جاء في صدر الكلام غلب عليه كما أنه إذا تأخر أو توسط الغي. ومعنى قوله " أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة " اخر إلى حين أمة معدودة كما قال " واد كر بعد أمة " (1) اي بعد حين. وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والزجاج والفراء وغيرهم. وقال الجبائي: معناه إلى أمم بعد هؤلاء يكلفهم فيعصونه فتقتضي الحكمة إهلاكهم وإقامة القيامة. وقال الرماني: معناه إلى جماعة معدودة بأنه ليس فيها من يؤمن فإذا صاروا إلى هذه الصفة أهلكوا بالعذاب، كما أهلك قوم نوح في الدنيا. وأهلكوا بعذاب الآخرة لكونهم على هذه الصفة. وقوله " ليقولن ما يحبسه " فالحبس المنع بالحصر في خباء. ويقال حبس الماء إذا منع من النفوذ. وحبس السلطان الرزق إذا معنه. وحبس عنهم العذاب إذا منع من اتيانهم إلى الأجل المعلوم. والتقدير ما الذي يمنع من تعجيل هذا العذاب الذي نتوعد به؟فقال الله تعالى " ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم " ومعناه ان هذا العذاب الذي يستبطئونه إذا نزل بهم في الوقت المعلوم لا يقدر على صرفه أحد عنهم ولا يتمكنون من اذهابه عنهم إذا أراد الله ان تأتيهم به. وقوله " وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " معناه انه نزل بهم الذي كانوا يسخرون منه من نزول العذاب ويتحققونه.
1- سورة 12 يوسف آية 45.