الآية 43
قوله تعالى: ﴿وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾
اخبر الله تعالى بأن من جملة الكفار " من ينظر إليك " يا محمد صلى الله عليه وآله، فلم يخبر بلفظ الجمع لأنه حمله على اللفظ، واللفظ لفظ الواحد. والنظر المذكور في الآية معناه تقليب الحدقة الصحيحة نحو المرئي طلبا لرؤيته. وقيل: معناه من ينظر إلى أدلتك. والنظر يكون بمعنى الاعتبار والفكر، وهو الموازنة بين الأمور حتى يظهر الرجحان أو المساواة، وذلك الجمع بين الشيئين في التقدير بما يظهر به شهادة أحدهما بالاخر، ثم قال " أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون " اي نظرهم إليك لا على وجه الاستفادة بمنزلة نظر الأعمى الذي لا يبصر، فكما لا يقدر ان يهدي الأعمى. فكذلك هؤلاء لا ينتفعون بنظرهم إليك، فكأنهم لا يبصرون. والعمى آفة تمنع من الرؤية، وهو على وجهين: عمى العين، وعمى القلب. وكلاهما يصلح له هذا الحد. والابصار إدراك المبصر بما يكون به مبصرا، كما أن السمع إدراك المسموع بما به يكون مسموعا.