القسم الثالث: حديث الثقلين

ولم تمرّ على النبي الكريم والقائد العظيم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فرصة إلاّ وانتهزها للوصيّة بالكتاب والعترة الطاهرة، والأمر باتّباعهما والإنقياد لهما والتمسّك بهما.

لذا تواتر عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حديث الثقلين الذي رواه جمهور علماء المسلمين بأسانيد متكثرة متواترة، وألفاظ مختلفة متنوعة، عن أكثر من ثلاثين صحابي وصحابية، وأحد ألفاظه: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهم لن تضلّوا بعدي أبداً... "(1).

وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده صلّى الله عليه وآله وسلّم بجميع آياته وسوره حتى يصح إطلاق إسم الكتاب عليه، ولذلك تكرّر ذكر الكتاب في غير واحد من سورة الشريفة.

كما أنّه يقتضي بقاء القرآن كما كان عليه - على عهده (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - إلى يوم القيامة، لتتمّ به - الهداية الأبوية للامة الإسلامية والبشرية جمعاء، ما داموا متمسكين بهما، كما ينصّ عليه الحديث الشريف بالفاظه وطرقه، وإلاّ لزم القول بعدم علمه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بما سيكون في امته، أو إخلاله بالنصح التام لأمته، وهذا لا يقول به أحد من المسلمين.


1- حديث الثقلين من جملة الأحاديث التي لا يشك مسلم في صدورها من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. فقد رواه عنه أكثر من ثلاثين من الصحابة، وأورده من علماء أهل السنّة ما يقارب ال- 500 شخصية من مختلف طبقاتهم منذ زمن التابعين حتى عصرنا الحاضر من مؤرخين ومفسرين ومحدّثين وغيرهم.

وهذا الحديث يدل بوضوح على عصمة الأئمة من العترة ووجوب إطاعتهم وامتثال أوامرهم والإهتداء بهديهم في الامور الدينية والدنيوية، والأخذ بأقوالهم في الأحكام الشرعية وغيرها. كما يدل على بقائهم وعدم خلو الأرض منهم إلى يوم القيامة كما هو الحال بالنسبة إلى القرآن.

وقد بحثنا عن هذا الحديث سنداً ودلالة في ثلاثة أجزاء من كتابنا الكبير ( نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ) الذي طبع منه حتى الآن 12 جزء.