الآية 9
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾
لما ذكر الله تعالى الكفار وما يستحقونه من المصير إلى النار في الآيات الأول ذكر في هذه " ان الذين آمنوا " يعني صدقوا بالله ورسوله، واعترفوا بهما وأضافوا إلى ذلك الاعمال الصالحات " يهديهم " الله تعالى جزاء بايمانهم إلى الجنة " تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم " يعني البساتين التي تجري تحت أشجارها الأنهار التي فيها النعيم يعني أنواع اللذات والمنافع يتنعمون فيها. ومعنى " تجري من تحتهم الأنهار " تجري بين أيديهم، وهم يرونها من عل، كما قال تعالى " قد جعل ربك تحتك سريا " (1) ومعلوم انه لم يجعل السري تحتها وهي قاعدة عليه، لان السري هو الجدول، وإنما أراد أنه جعل بين يديها. وقال حاكيا عن فرعون " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي " (2) وقيل من تحت بساتينهم وأسرتهم وقصورهم - في قول أبي علي. معنى الهدى - هنا - الارشاد إلى طريق الجنة ثوابا على أعمالهم الصالحة، ألا ترى أنه قال " يهديهم ربهم بايمانهم " يعني جزاء على إيمانهم، وذلك لا يليق إلا بما قلناه. ويحتمل أن يكون وصفهم بالهداية على وجه المدح جزاء على إيمانهم بالله تعالى.
1- سورة 19 مريم آية 23.
2- سورة 43 الزخرف آية 51.