الآية 1

(مكية وهي مئة وتسع آيات)

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾

إنما لم تعد (الر) آية كما عد (ألم) آية في عدد الكوفيين لان آخره لا يشاكل رؤس الآي التي بعده، إذ هي بمنزلة المردف بالياء. و (طه) عد، لأنه يشاكل رؤس الآي التي. وقرأ (الر) بالتفخيم ابن كثير ونافع وأبو جعفر. وقرأ بالإمالة أبو عمرو، وابن عامر، وحمزة والكسائي. واختلفوا عن عاصم: فروى هبيرة عن حفص بكسر الراء. الباقون عنه بالتفخيم. قال أبو علي الفارسي: من ترك الإمالة، فلان كثيرا من العرب لا يميل ما يجوز فيه الإمالة كما يمنعها المستعلي. ومن أمال، فلأنها اسم لما يلفظ به من الأصوات، فجازت الإمالة من حيث كانت اسما ولم تكن كالحروف التي تمنع فيها الإمالة. وقال الرماني: إنما جاز إمالة حروف الهجاء، لان ألفه في تقدير الانقلاب عن ياء. وقد بينا في أول سورة البقرة معنى هذه الحروف التي في أول السور، واختلاف المفسرين، وقلنا: إن أقوى الوجوه أنها أسماء السور، فلا وجه لإعادته. وقوله " تلك قال أبو عبيدة معنا هذه. وقال الزجاج: المعنى الآيات التي تقدم ذكرها، وهو قول الجبائي. وقال قوم: إنما قال " تلك " لتقدم الذكر (الرفي) كقولك هند هي كريمة. وإنما أضيفت الآيات إلى الكتاب لأنها أبعاض الكتاب، كما أن السورة ابعاضه، وكذلك محكمه ومتشابهه وأسماؤه وصفاته ووعده ووعيده وأمره ونهيه وحلاله وحرامه والآية العلامة التي تنبئ عن مقطع الكلام من جهة مخصوصة. والقرآن مفصل بالآيات مضمن بالحكم النافية للشبهات وإنما وصف الكتاب بأنه حكيم، لأنه دليل على الحق كالناطق بالحكمة، ولأنه يؤدي إلى المعرفة التي يميز بها طريق الهلاك من طريق النجاة. وقال أبو عبيدة: حكيم ههنا بمعنى محكم وأنشد لأبي ذؤيب:

يواعدني عكاظ لننزلنه * ولم يشعر إذن أني خليف (1)

أي مخلف من أخلفته الوعد. ويؤكد ذلك قوله " الر كتاب أحكمت آياته " والآيات العلامات. والكتاب اسم من أسماء القرآن وقد بيناه فيما مضى. وحكي عن مجاهد أنه قال (تلك) إشارة إلى التوراة الإنجيل. وهذا بعيد لأنه لم يجر لهما ذكر.


1- ديوان الهذليين 1 / 99 واللسان (خلف) ومجاز القرآن 1 / 273.