الآية 156
قوله تعالى: ﴿أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ﴾
العامل في (أن) قوله " أنزلناه " وتقديره لان لا تقولوا، فحذف (لا) لظهور المعنى في أنه أنزله لئلا يكون لهم حجة بهذا، وحذف (لا) في قول الفراء، وقال الزجاج: تقديره كراهة ان تقولوا، ولم يجز حذف (لا) ههنا، وإذا كان يجوز حذف المضاف في غير (ان) فهو مع (أن) أجدر، لطولها بالصلة، و (ان) إذا كانت بمعنى المصادر تعمل، ولا تعمل إذا كانت بمعنى (أي) لأن هذه تختص بالفعل، والأخرى تدخل للتفسير، فتارة تفسير جملة من ابتداء وخبر، وتارة جملة من فعل وفاعل. وقوله " إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا " معنى (إنما) الاختصاص، وإنما كان كذلك، لان (أن) كانت تحقيقا بتخصيص المعنى مما خالفه، فلما صحبتها (ما) ممكنة لها ظهر هذا المعنى فيها. والمعني " بالطائفتين من قبلنا " اليهود والنصارى - في قول ابن عباس والحسن ومجاهد وابن جريج وقتادة والسدي - وإنما خصا بالذكر لشهرتهما ولظهور أمرهما. وقوله " وان كنا عن دراستهم لغافلين " اللام في قوله " لغافلين " لام الابتداء، ولا يجوز ان يعمل ما قبلها فيما بعدها الا في باب (إن) خاصة لأنها زحلقت معها عن الاسم إلى الخبر للفصل بين حرفين بمعنى واحد، وتقدير الآية: انا أنزلنا الكتاب الذي هو القرآن لئلا يقولوا: إنما أنزل الكتاب على اليهود والنصارى، ولم ينزل علينا، ولو أريد مناما أريد ممن قبلنا لأنزل الينا كتاب كما أنزل على من قبلنا " وان كنا عن دراستهم لغافلين " وتقديره وان كنا غافلين عن تلاوة كتبهم يعني الطائفتين اللتين أنزل عليهم الكتاب، لأنهم كانوا أهله دوننا.