الآية 147
قوله تعالى: ﴿فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾
المعنى:
المعنى بقوله " فان كذبوك " قيل فيه قولان:
أحدهما: قال مجاهد والسدي: انهم اليهود، لأنهم زعموا أنهم حرموا الثروب، لان إسرائيل حرمها على نفسه، فحرموها هم اتباعا له دون أن يكون الله حرم ذلك على لسان موسى.
الثاني: انه يرجع إلى جميع المشركين في قول الجبائي وغيره على ظاهر الآية، فقال الله لنبيه " فان كذبوك " يا محمد في اني حرمت ذلك على اليهود على لسان موسى " فقل " لهم " ربكم ذو رحمة واسعة " واقتضى ذكر الرحمة أحد أمرين:
الأول: انه برحمته أمهلهم مع تكذيبهم، بالمؤاخذة عاجلا - في قول أبي علي الجبائي -.
الثاني: انه ذكر ذلك ترغيبا لهم في ترك التكذيب وتزهيدا في فعله وإنما قابل بين لفظ الماضي في قوله " كذبوك " بالمستقبل في قوله " فقل " لتأكيد وقوع القول بعد التكذيب إذ كونه جوابا يدل على ذلك. و (ذو) بمعنى صاحب. والفرق بينهما ان أحدهما يصح ان يضاف إلى المضمر، ولا يصح في الاخر، لان (ذو) وصلة إلى الصفة بالجنس، ولذلك جعل ناقصا لا يقوم بنفسه دون المضاف إليه، والمضمر ليس بجنس ولا يصح ان يوصف به. وقوله " لا يرد بأسه " معناه لا يمكن أحدا أن يرده عنهم، وهو أبلغ من قوله بأسه نازل بالمجرمين، لأنه دل على هذا المعنى وعلى ان أحدا لا يمكنه رده. وقوله " عن القوم المجرمين " معناه ان أحدا لا يتمكن من رد عقاب الله عن العصاة المستحقين للعقاب مع أنه تعالى ذو رحمة واسعة.