الآية 144
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾
قوله " ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين " تفصيل لتمام الثمانية أزواج التي أجملها في الآية الأولى. وقد بينا معنى قوله " آلذكرين حرم أم الأنثيين اما اشتملت عليه أرحام الأنثيين " واصل الاشتمال الشمول تقول: شملهم الامر يشملهم شمولا فهو شامل، ومنه الشمال لشمولها على ظاهر الشئ وباطنه بقوتها ولطفها والشمول الخمر لاشتمالها على العقل. وقيل: لان لها عصفة كعصفة الشمال. وقوله " أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا " ف? (أم) معادلة لقوله " آلذكرين " وإنما قال " أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا " لان طرق العلم اما الدليل الذي يشترك العقل في ادراك الحق بها أو المشاهدة التي يختص بها بعضهم دون بعض، فإذا لم يكن واحد من الامرين سقط المذهب. والمعنى أعلمتم ذلك بالسمع والكتب المنزلة فأنتم لا تقرون بذلك أم شافهكم الله به فعلتموه ؟! فإذا لم يكن واحد منهما علم بطلان ما تذهبون إليه. والوصية مقدمة مؤكدة فيما يفعل أو يترك، يقال: وصاه يوصيه توصية وأوصاه يوصيه إيصاء، والوصي الموصى إليه. وقوله " فمن أظلم ممن افترى على الله " يعني من أظلم لنفسه ممن يكذب عليه فيضيف إليه تحريم ما لم يحرمه وتحليل ما لم يحلله " ليضل الناس بغير علم " أي عمل القاصد إلى إضلالهم من اجل دعائه إلى ما يشك بصحته مما لا يؤمن أن يكون فيه هلاكهم وان لم يقصد إضلالهم، فلذلك قال " ليضل الناس بغير علم ". ثم أخبر " ان الله لا يهدي " إلى الثواب " القوم الظالمين " لأنهم مستحقون للعقاب الدائم بكفرهم وضلالهم.