الآية 142

قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾

العامل في قوله " حمولة وفرشا " قوله " أنشأ " المتقدم، كأنه قال وأنشأ لكم من الانعام " حمولة وفرشا ". وقيل في معنى: " حمولة وفرشا " ثلاثة أقوال:

أحدها: ما روي عن ابن مسعود، وابن عباس في احدى والروايتين، والحسن في رواية - ومجاهد: ان الحمولة كبارا الإبل، والفرش الصغار.

الثاني: ما روي عن الحسن - في رواية - وقتادة والربيع والسدي والضحاك وابن زيد: ان الحمولة ما حمل من الإبل والبقر، والفرش الغنم.

الثالث: ما روي عن ابن عباس - في رواية - ان الحمولة كل ما حمل من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير، والفرش الغنم، كأنه ذهب إلى أنه يدخل في الانعام ذو الحافر على الاتباع. و (الحمولة) لا واحد لها من لفظها كالركوبة والجزورة. و (الحمولة) بضم الحاء هي الأحمال، وهي الحمول. وإنما قيل للصغار: فرش، لامرين:

أحدهما: لاستواء أسنانها في الصغر والانحطاط، كاستواء ما يفترش.

الثاني: من الفرش وهي الأرض المستوية التي يتوطأها الناس. وقال الجبائي: في التفسير، وأبو بكر الرازي في احكام القرآن: ان الفرش ما يفترش من البسط، والزرابي. وهذا غلط قبيح جدا في اللغة. وقوله " خطوات " يجوز فيه ثلاثة أوجه - بضم الخاء والطاء، وضم الخاء وسكون الطاء، وضم الخاء وفتح الطاء - وفي معناه قولان:

أحدهما: ما يتخطى بكم الشيطان إليه من تحليل إلى تحريم، ومن تحريم إلى تحليل.

الثاني: طرق الشيطان، فإنه لا يسعى الا في عصيان. وقوله " انه " الهاء كناية عن الشيطان " لكم عدو مبين " فيه اخبار من الله ان الشيطان عدو للبشر " مبين " أي ظاهر. وقيل في معنى " مبين " قولان:

أحدهما: أنه أبان عداوته لكم بما كان منه إلى أبيكم آدم حين اخرجه من الجنة.

الثاني: بين العداوة أي لاظهاره ذلك في حزبه، وأوليائه من الشياطين هذا قول الحسن.