الآية 134

قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾

اخبر الله تعالى في هذه الآية ان الذي أوعد الخلق به من عقابه على معاصيه والكفر به واقع بهم لان (ما) في قوله " إنما " بمعني الذي، وليست كافة مثل قولك: إنما قام زيد، لان خبرها جاء بعدها، وهو قوله " لآت وهي في موضع نصب، والجنس في موضع رفع، والكافة لا خبر لها، واللام في قوله (للات) لام الابتداء ولا يجوز أن تكون لام القسم، لان لام القسم لا تدخل على الأسماء ولا الافعال المضارعة الا أن تكون معها النون الثقيلة، ولا تعلق الفعل في (قد علمت أن زيدا ليقومن). ومعنى " توعدون " من الايعاد بالعقاب يقال: أوعدته أوعده إيعادا، وقال الحسن: إنما توعدون من مجئ الساعة، لأنهم كانوا يكذبون بالبعث، فعلى هذا يجوز أن يكون المصدر الوعد لاختلاط الخير والشر، فيكون على التغليب إذ مجئ الساعة خير للمؤمنين وشر على الكافرين. وقال الجبائي: ان معناه " ان ما توعدون " من الثواب والعقاب، فان الله يأتي به. وقوله " وما أنتم بمعجزين " أي لستم معجزين الله عن الاتيان بالبعث والعقاب، وإنما قيل ذلك لان من يعبد الوثن يتوهم انه ينفعه في صرف المكروه عنه جهلا منه ووضعا للامر في غير موضعه. وأيضا فإنهم يعملون عمل من كان يفوته العقاب لتأخره عنه وطول السلامة بالامهال فيه.