الآية 47
قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾
المعنى:
قد مضى تفسير مثل هذا في ما تقدم فلا وجه لا عادته وأما قوله: " وإني فضلتكم على العالمين " ذكرهم الله تعالى من الآية ونعمه عندهم بقوله: " وإني فضلتكم على العالمين " فضلت اسلافكم، فنسب النعمة إلى آبائهم واسلافهم، لأنها نعمة عليهم منه، لان مآثر الآباء مآثر الأبناء، والنعم عند الاباء نعم عند الأبناء لكون الأبناء من الآباء وقوله " فضلتكم ".
اللغة:
فالتفضيل، والترجيح، التزييد، نظائر والتفضيل نقيضه: التسوية يقال: فضله وتنقصه على وجهة النقص ونقيض التزييد: التنقيص يقال: فضل فضلا وأفضل افضالا وتفضل تفضلا واستفضل استفضالا وتفاضلوا تفاضلا وفاضله مفاضلة وفضله تفضيلا والمفضال: اسم المفاضلة والفضيلة: الدرجة الرفيعة في الفضل والتفضل: التوشح ورجل فضل: متفضل وامرأة متفضلة، وعليها ثوب فضل: إذا خالفت بين طرفيه على عاتقها فتتوشح به قال الشاعر: " إذا تعود فيه الفسه الفضل " وأفضل فلان على فلان: إذا أناله من خيره وفضله وأحسن إليه وأفضل فلان من الطعام والأرض والخبز: إذا ترك منه شيئا لغة أهل الحجاز: فضل يفضل ورجل مفضال: كثير المعروف والخير والفضائل: واحدها فضيلة وهي المحاسن والفواضل: الايادي الجميلة وثوب المفضل: ثوب تخفف به المرأة في بيتها والجمع مفاضل وامرأة مفضل: إذا كان عليها مفضل واصل الباب: الزيادة والافضال، والاحسان، والانعام نظائر ويقال فضله: إذا أعطاه الزيادة وفضله إذا حكم له بالزيادة فان قيل لم كرر قوله: " يا بني إسرائيل "؟قلنا: لأنه لما كانت نعم الله هي الأصل فيما يجب فيه شكره وعبادته، احتيج إلى تأكيدها كما يقول القائل: اذهب اذهب: اعجل اعجل وغير ذلك في الامر المهم، وأيضا فان التذكير الأول ورد مجملا، وجاء الثاني مفصلا، كأنه قال اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم فيما أنتم عليه من المنافع التي تتصرفون فيها وتتمتعون بها، وإني فضلتكم على العالمين ودل هذا على قوله: " وإني فضلتكم على العالمين " لأنها احدى الخصال التي ذكروا بها وجاءت عاطفة فدلت على خصلة قبلها: اما مذكورة أو مقدرة وإنما فضلوا بما ارسل الله فيهم من كثرة الرسل وانزل عليهم من الكتب: وقيل: تكثرة من جعل فيهم من الأنبياء وما انزل الله عليهم من المن والسلوى إلى غير ذلك من النعمة العظيمة من تغريق فرعون عدوهم، ونجاتهم من عذابه، وتكثير الآيات التي يخف معها الاستدلال، ويسهل بها كثرة المشاق وهو قول أكثر أهل العلم كأبي الغالية، وغيره ونظير هذه الآية قوله " وإذ نجيناكم من آل فرعون " " وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون " وقوله " على العالمين ".
المعنى:
قال أكثر المفسرين: انه أراد الخصوص ومعناه عالمي زمانهم ذهب إليه قتادة والحسن وأبو الغالية ومجاهد وغيرهم وقال بعضهم: إذا قلت فضل زيد على عمرو في الشجاعة لم يدل على أنه أفضل منه على الاطلاق، ولا في جميع الخصال فعلى هذا يكون التخصيص في التفضيل لا في العالمين وأمة نبينا محمد " ص " أفضل من أولئك بقوله: " كنتم خير أمة أخرجت للناس " (1) وعليه اجماع الأمة، لأنهم اجمعوا على أن أمة محمد " ص " أفضل من سائر الأمم كما أن محمدا " ص " أفضل الأنبياء من ولد آدم " ع ".
1- صبح القوم سقاهم الصبوح وهو ما يشرب صباحا من خمر أو لبن.