الآية 39
الآية 39
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
قد بينا فيما مضى معنى الكفر والتكذيب، فلا وجه لا عادته والاستدلال بهذه الآية - على أن من مات مصرا على الكفر، غير تائب منه، فكذب بآيات ربه، فهو مخلد في نار جهنم - صحيح، لأن الظاهر يفيد ذلك، والاستدلال بها، على أن عمل الجوارح من الكفر، من حيث قال: " وكذبوا بآياتنا " فبعيد، لان التكذيب نفسه - وإن لم يكن كفرا، وهو لا يقع الا من كافر - فهو دلالة عليه كالسجود للشمس وغيره وقوله: " أصحاب " فالاصطحاب، والاجتماع، والاقتران، نظائر وكذلك الصاحب والقرين ونقيضه: والافتراق يقال صحبه صحبة وأصحبه إصحابا واصطحبوا اصطحابا وتصاحبوا تصاحبا واستصحبوا استصحابا وصاحبه مصاحبة والصحب: جماعة والصحب، والأصحاب جماعة الصاحب (1) ويقال أيضا: الصحبان والصحبة، والصحاب والصحابة: مصدر قولك: صحبك الله يعني بالسلامة وأحسن صحابتك ويقال للرجل عند التوديع: معانا مصاحبا ومصحوب، ومصاحب ومن قال: مصاحب معان، فإنما معناه: أنت المصاحب المعان والصحبة: مصدر صحب يصحب وقد أصحب الرجل: إذا صار صاحبا ويقال: قد أصحب الرجل، وقد أشطأ: إذ بلغ ابنه مبلغ الرجال، الذي صار ابنه مثله وأشطأ الزرع: إذا لحقته فراخه ويقال له: الشطأ قال أبو عبيدة، وابن دريد: قوله: " ولاهم منا يصحبون " (2) أي لا يحفظون وأديم مصحب: إذا دبغته وتركت عليه بعض الصوف والشعر وأصل الصحبة: المقارنة والصاحب (3) هو الحاصل مع آخر مدة، لأنه إذا اجتمع معه وقتا واحدا، لا يقال: صاحب، ولكن يقال: صحبه وقتا من الزمان ثم فارقه والفريق بين المصاحبة، والمقارنة، أن في المصاحبة دلالة على المبالاة، وليس ذلك حاصلا في المقارنة واتباع الرئيس: أصحابه و " آيات الله " دلائله، وكتبه التي أنزلها على أنبيائه والآية: الحجة والدلالة، والبيان، والبرهان واحد في أكثر المواضع، - وإن كان بينها فرق في الأصل - لأنك تقول دلالة هذا الكلام كذا ولا تقول: آيته، ولا علامته وكذلك تقول: دلالة هذا الاسم، ولا تقول: برهانه و " أصحاب النار " هم الملازمون لها كما تقول: أصحاب الصحراء يعني القاطنين فيها، الملازمين لها والخلود معرب من العرف، يدل على الدوام لأنهم يقولون: ليست الدنيا دار خلود، وأهل الجنة مخلدون يريدون الدوام فأما في أصل الوضع، فإنه موضوع لطول الحبس فان قيل: لم دخلت الفاء في قوله: " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين " في سورة الحج ولم يقل ههنا في قوله: " أولئك أصحاب النار "؟قيل: لان ما دخلت فيه الفاء من خبر (الذي وأخواته) مشبه بالجزاء وما لم يكن فيه فاء، فهو على أصل الخبر وإذا قلت: مالي، فهو لك، جاز على وجه، ولم يجز على وجه فان أردت أن معنى (ما) الذي، فهو جائز وإن أردت أن مالي تريد به المال، ثم تضيفه إليك، كقولك: غلامي لك، لم يجز، كما لم يجز، غلامي، فهو لك.
الاعراب:
وموضع (4) أولئك: يحتمل ثلاثة أشياء:
أحدها: أن يكون بدلا من الذين، أو يكون عطف بيان، وأصحاب النار: بيان عن أولئك، مجراه (5) مجرى الوصف والخبر، هم فيها خالدون
والثاني: أن يكون ابتداء وخبرا في موضع الخبر الأول
والثالث: أن يكون على خبرين بمنزلة خبر واحد، كقولهم: حلو (6)، حامض.
1- في المطبوعة والمخطوطة (الصحب).
2- سورة الأنبياء آية 43.
3- في المخطوطة والمطبوعة (السحاب).
4- في المخطوطة (ووضع).
5- في المخطوطة (فأجراه).
6- في المخطوطة (كقولهم: حلو وحامض) وفي المطبوعة (كقوله حلو وحامض).