الآية 129

قوله تعالى: ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾

المعنى:

معنى " فان تولوا " إن ذهبوا عن الحق واتباع الرسول وما يأمرهم به واعرضوا عن قوله. ونقيض التولي عنه التوجه إليه. ومثل التولي الاعراض. وقال الحسن: المعنى فان تولوا عن طاعة الله. وقيل " فان تولوا " عنك، ومعناه فان ذهبوا عنك هؤلاء الكفار، ولم يقروا بنبوتك " فقل " يا محمد " حسبي الله " ومعناه كفاني الله وهو من الحساب لأنه تعالى يعطي بحسب الكفاية التي تغني عن غيره، ويزيد من نعمه مالا يبلغ إلى حد ونهاية، إذ نعمه دائمة ومننه متظاهرة. وقوله " إله إلا هو " جملة في موضع الحال، وتقديره حسبي الله مستحقا لاخلاص العبادة والاقرار بأن لا إله إلا هو. وقوله " عليه توكلت " فالتوكل تفويض الامر إلى الله على الثقة بحسن تدبيره وكفايته، باخلاص النية في كل شئ يحذر منه، ومنه قوله " حسبنا الله ونعم الوكيل " (1) أي المتولي للقيام بمصالح عباده وفي هذه الصفة بلطف. وقوله " وهو رب العرش العظيم " قيل في تخصيصه الذكر بأنه " رب العرش العظيم " ثلاثة أقوال:

أحدها: انه لما ذكر الأعظم دخل فيه الأصغر.

الثاني: أنه خص بالذكر تشريفا له وتفخيما لشأنه.

الثالث: ليدل به على أنه ملك الملوك لأنه رب السرير الأعظم. وجر القراء كلهم " العظيم " على أنه صفة للعرش. وقال الزجاج: يجوز رفعه بجعله صفة لرب العرش. قال أبي بن كعب وسعيد بن جبير والحسن وقتادة: هذه آخر آية نزلت من القرآن ولم ينزل بعدها شئ.


1- سورة 3 آل عمران آية 173.