الآية 97
قوله تعالى: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾
أخبر الله تعالى في هذه الآية أن الاعراب الجفاة الذين لا يعرفون الله ورسوله حق معرفتهما أشد كفرا ونفاقا وجحودا لنعم الله، وأعظم نفاقا من غيرهم. وقيل: انها نزلت في اعراب كانوا حول المدينة من أسد وغطفان، فكفرهم أشد، لأنهم أقصى وأجفى من أهل المدن، ولأنهم أبعد عن سماع التنزيل ومخالطة أهل العلم والفضل، ويقال: رجل عربي إذا كان من العرب وإن سكن البلاد، وإعرابي إذا كان ساكنا في البادية. وروي أن زيد بن صوحان كانت يده اليسرى قد قطعت يوم اليمامة وكان قاعدا يوما يروي الحديث والى جانبه إعرابي، فقال له: ان حديثك يعجبني وان يدك تريبني فقال زيد: إنها الشمال، فقال: والله ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال، فقال زيد: صدق الله، وقرأ " الاعراب أشد كفرا " الآية. وقوله " وأجدر " معناه أخلق وأولى وأقرب إلى " أن " لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله " من الشرائع والاحكام. وموضع (أن) نصب لان تقديره أجدر بأن، فحذف الباء فانتصب، وتقديره أجدر بترك العلم غير أن الباء لا تحذف مع المصدر الصريح، وإنما تحذف مع (أن) للزوم العلم بها وحملها على التأويل. و (أجدر) مأخوذ من جدر الحائط. وقوله " والله عليم حكيم " معناه عالم بأحوالهم وبواطنهم حكيم فيما يحكم به عليهم من الكفر وغير ذلك من أفعاله.