الآية 92

قوله تعالى: ﴿وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ﴾

هذه الآية عطف على الأولى والتقدير ليس على الذين جاءوك - وسألوك حملهم حيث لم يكن لهم حملان، فقلت لهم يا محمد " لا أجد ما أحملكم عليه " اي ليس لي حملان فحينئذ " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع " يبكون " حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون " في هذا الطريق ويتابعونك - حرج وأثم ولا ضيق وإنما حذف لدلالة الكلام عليه. والحمل إعطاء المركوب من فرس أو بعير أو غير ذلك تقول حمله يحمله حملا إذا أعطاه ما يحمل عليه. وحمل على ظهره حملا، وحمله الامر تحميلا وتحمل تحملا، واحتمله احتمالا، وتحامل تحاملا. واللام في قوله " لتحملهم " لام الغرض، والمعنى جاؤوك وأرادوا منك حملهم وتقول: وجدت في المال وجدا وجدة، ووجدت الضالة وجدانا ووجدت عليه - من الموجدة - وجدا. والفيض الجري عن امتلاء من حزن قلوبهم، والحزن ألم في القلب لفوت أمر مأخوذ من حزن الأرض وهي الغليظة المسلك. وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في نفر من مزينة، وقال محمد بن كعب القرطي وابن إسحاق: نزلت في سبعة نفر من قبائل شتى. وقال الحسن: نزلت في أبي موسى وأصحابه. وقال الواقدي: البكاؤن سبعة من فقراء الأنصار، فلما بكوا حمل عثمان منهم رجلين، والعباس بن عبد المطلب رجلين، ويامين بن كعب بن نسيل النصري من بني النضير ثلاثة، ومن جملة البكائين عبد الله بن معقل. وقال الواقدي: كان الناس بتبوك ثلاثين ألفا، وعشرة آلاف فارس.