الآية 83

قوله تعالى: ﴿فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ﴾

قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " فان رجعك الله " يعني ان ردك الله " إلى طائفة منهم يعني جماعة. فالرجوع هو تصيير الشئ إلى المكان الذي كان فيه، تقول: رجعته رجعا كقولك رددته ردا، وقد يكون التصيير إلى الحال التي كان عليها كرجوع الماء إلى حال البرودة. والطائفة الجماعة التي من شأنها أن تطوف ولهذا لا يقال في جماعة الحجارة طائفة، وقد يسمى الواحد بأنه طائفة بمعنى نفس طائفة والأول أظهر. وقوله " فاستأذنوك للخروج " اي طلبوا منك الاذن في الخروج في غزوة أخرى، والاذن رفع التبعة في الفعل وأصله أن يكون بقول يسمع بالاذن. والخروج الانتقال عن محيط، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وآله قل لهم حينئذ " لن تخرجوا معي أبدا " اي لا يقع منكم الخروج أبدا، فالأبد الزمان المستقبل من غير انتهاء إلى حد، ونظير للماضي (قط) إلا أنه مبني كما بني أمس لتضمنه حروف التعريف وأعرب (الأبد) كما أعرب (غد) لان المستقبل أحق بالتنكير. وقوله " ولن تقاتلوا معي عدوا " اخبار بأنهم لا يفعلون ذلك ابدا ولا يختارونه. وقوله " إنكم رضيتم بالقعود " أول مرة فاقعدوا مع الخالفين " معناه اخبار منه تعالى انهم رضوا بالقعود أول مرة فينبغي ان يقعدوا مع الخالفين. وقيل في معناه ثلاثة أقوال:

أحدها: قال الحسن وقتادة: هم النساء والصبيان.

وقال ابن عباس: هم من تأخر من المنافقين.

وقال الجبائي: هم كل من تأخر لمرض أو نقص وقيل: معناه مع أهل الفساد مشتقا من قولهم: خلف خلوفا اي تغير إلى الفساد. وقيل: الخالف كل من تأخر عن الشاخص.