الآية 75

قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾

اخبر الله تعالى أن من جملة المنافقين الذين تقدم ذكرهم " من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن " أي منه " ولنكونن من الصالحين " بانفاقه في طاعة الله وصلة الرحم والمواساة وأن يعمل الأعمال الصالحة التي يكون بها صالحا. وقيل: نزلت الآية في بلتعة بن حاطب كان محتاجا فنذر لئن استغنى ليصدقن فأصاب اثني عشر ألف درهم، فلم يتصدق، ولم يكن من الصالحين. هكذا قال الواقدي. وقال ابن إسحاق: هما بلتعة ومقنب بن قشير. وقيل: سبب ذلك أنه قتل مولى له فأخذ ديته اثني عشر ألف درهم: أعطاه النبي صلى الله عليه وآله. فان قيل: كيف يصح أن يعاهد الله من لا يعرفه؟قلنا: إذا وصفه بأخص صفاته جاز منه أن يصرف عهده إليه وإن جاز أن يكون غير عارف وقال الجبائي: كانوا عارفين، وإنما كفروا بالنبي صلى الله عليه وآله. والمعاهدة هي أن يقول علي عهد الله لا فعلن كذا، فإنه يكون قد عقد على نفسه وجوب ما ذكره، لان الله تعالى حكم بذلك وقدر وجوبه عليه في الشرع. والآية دالة على وجوب الوفاء بالعهد. واللام الأولى من قوله " لئن آتانا من فضله " والثانية من قوله " لنصدقن " جميعهما لام القسم غير أن الأولى وقعت موقع الجواب، والتقدير علينا عهد الله لنصدقن إن آتانا من فضله. ولا يجوز أن تكون اللام الأولى لام الابتداء، لان لام الابتداء لا تدخل إلا على الاسم المبتدأ، لأنها تقطع ما قبلها أن يعمل فيما بعدها إلا في باب (إن) فإنها زحلقت إلى الخبر لئلا يجتمع تأكيدان، ويجوز ان يقو ل: ان رزقني الله ما لا صلحت بفعل الصلاة والصوم لان ذلك واجب عليه آتاه ما لا أو لم يؤته.