الآية 63

قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾

يقول الله تعالى على وجه التهديد والتقريع والتوبيخ لهؤلاء المنافقين " ألم يعلموا " أي أو ما علموا " انه من يحادد الله " اي يتجاوز حدود الله التي أمر المكلفين ان لا يتجاوزوها، فالمحادة مجاوزة الحد بالمشاقة ومثله المباعدة. والمعنى مصيرهم في حد غير حد أولياء الله. فالمخالفة والمحادة والمجانبة والمعاداة نظائر في اللغة. وإنما قال: لمن لا يعلم " ألم يعلموا " لاحد أمرين:

أحدهما: على وجه الاستبطاء لهم والتخلف عن علمه.

والآخر: انه يجب ان تعلموا الان هذه الأخبار. وقال الجبائي: معناه ألم يخبرهم النبي صلى الله عليه وآله بذلك. وقوله " فإن لم نار جهنم خالدا فيها " يحتمل أن يكون على التكرير، لان الأولى للتأكيد مع طول الكلام، وتقديره فله نار جهنم أو فان له نار جهنم. قال الزجاج: ولو قرئ (فان) بكسر الهمزة على وجه الاستئناف كان جائزا، غير أنه لم يقرأ به أحد. وقوله " ذلك الخزي العظيم " معناه ذلك الذي ذكرناه من أن له نار جهنم هو الخزي يعني الهوان بما يستحى من مثله. تقول: خزي خزيا إذا انقمع للهوان فأخزاه إخزاء وخزيا.