الآية 101
قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
البديع هو المبدع وهي صفة معدولة عن (مفعل) إلى (فعيل) ولذلك تعدى (فعيل) لأنه يعمل عمل ما عدل عنه، فإذا لم يكن معدولا للمبالغة لم يتعد نحو طويل وقصير، وارتفع بديع، لأنه خبر ابتداء محذوف، وتقديره هو بديع السماوات والأرض. ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء وخبره (انى) يكون له ولد). والفرق بين الابتداع والاختراع فعل ما لم يسبق إلى مثله، والاختراع فعل ما لم يوجد سبب له، ولذلك يقال: البدعة والسنة، فالبدعة احداث ما لم يسبق إليه مما خالف السنة، ولا يوصف بالاختراع غير الله، لان حد ما ابتدئ في غير محل القدرة عليه، ولا يقدر على ذلك الا القادر للنفس، لان القادر بقدرة اما ان يفعل مباشرا وحده ما ابتدئ في محل القدرة عليه أو متولد وحده ما وقع بحسب غيره، وهو على ضربين:
أحدهما: تولده في محل القدرة عليه.
والاخر: انه يتعداه بسبب هو الاعتماد لا غير، ولا يقدر غير الله على الاختراع أصلا. فاما الابتداع فقد يقع منه، لأنه قد يفعل فعلا لم يسبق إليه. واما " بديع السماوات والأرض " فلا يوصف به غير الله لأنه خالقهما على غير مثال سبق. وقوله " اني يكون له ولد " معناه وكيف يكون له ولد. وقيل: معناه من أين يكون له ولد؟ ولم تكن له صاحبة، فالولد هو الحيوان المتكون من حيوان، فعلى هذا آدم ليس بولد، لأنه لم يتكون عن والد، والمسيح (ع) ولد، لان مريم ولدته فهو متكون عنها، وان لم يكن عن ذكر، والصاحب هو القرين اللازم، ولذلك يقال: أصحاب الصحراء وفي القرآن أصحاب النار وأصحاب الجنة. ومعناه المقارنون لها. وقد يكون المقارن لما هو من جنسه وما ليس من جنسه، فيوصف بأنه صاحب الا انه لابد من مشاكلته ويقال: صاحب القرآن أي حافظه، وصاحب الدار مالكها. وقوله: " وخلق كل شئ " يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد ب? (خلق) قدر، فعلى هذا تكون الآية عامة، لأنه تعالى مقدر كل شئ.
ويحتمل: أن يكون احدث كل شئ، فعلى هذا يكون مخصوصا، لأنه لم يحدث أشياء كثيرة من مقدورات غيره، ما هو معدوم لم يوجد على مذهب من يسميها أشياء. وكقديم آخر، لأنه يستحيل. وقوله: " وهو بكل شئ عليم " عام، لان الله تعالى يعلم الأشياء كلها قديمها ومحدثها، موجودها ومعدومها، لا تخفى عليه خافية.