الآية 27

قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾

المعنى:

معنى (ثم) هاهنا العطف على الفعل الأول، وقد ذكرت (ثم) في ثلاثة مواضع متقاربة: فالأول - عطف على ما قبلها. والثانية - عطف على " وليتم مدبرين، ثم انزل الله سكينته " والثالثة - عطف على (أنزل.. ثم يتوب) وإنما حسن عطف المستقبل على الماضي لأنه مشاكله فان الأول تذكير بنعمه والثاني وعد بنعمه. والتوبة هي الندم على ما مضى من القبيح، والعزم على أن لا يعود إلى مثله إما في الجنس أو في القبح على الخلاف فيه، فشرط الندم بالعزم، لان الندم إنما هو على الماضي والعزم على ما يستقبل، فلو لم يجتمعا لم تكن توبة. ومعنى " ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء " انه يقبل التوبة من بعد هزيمة من انهزم. ويجوز أن يكون المراد بعد كفر من كفر يقبل توبة من يتوب ويرجع إلى طاعة الله والاسلام ويندم على ما فعل من القبيح " على من يشاء " وإنما علقه بالمشيئة، لان قبول التوبة واسقاط العقاب عندها تفضل - عندنا - ولو كان ذلك واجبا لما جاز تعلق ذلك بالمشيئة كما لم يعلق الثواب على الطاعة والعوض على الألم في موضع بالمشيئة. ومن خالف في ذلك قال: إنما علقها بالمشيئة، لان منهم من له لطف يؤمن عنده فالله تعالى يشاء أن يلطف له مع صرف العمل في ترك التوبة إلى الله. وقوله " والله غفور رحيم " معناه انه ستار للذنوب لا يفضح أحدا على معاصيه بل يسترها عليه إذا تاب منها، وهو رحيم بعباده.