الآية 20
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾
موضع " الذين " رفع بالابتداء وخبره أعظم درجة. اخبر الله تعالى ان الذين آمنوا يعني صدقوا بالله واعترفوا بوحدانيته، وأقروا بنبوة نبيه، وهاجروا عن أوطانهم التي هي دار الكفر إلى دار الاسلام، وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله. ومعناه يتضاعف فضلهم عند الله مع شرف الجنس. ولو قال أعلى درجة أفاد شرف الجنس فقط. وقوله " أولئك هم الفائزون " اخبار منه تعالى ان من وصفه هم الذين يظفرون بالبغية ويدركون الطلبة، لان الفوز هو الظفر بالبغية وهو والفلاح والنجاح نظائر. وقيل: إنه يلحق بمثل منزلة المجاهدين من لم يجاهد بأن يجاهد في طلب العلم الديني فيتعلمه ويعلم غيره ويدعو إليه والى الله. وربما كانت هذه المنزلة فوق تلك فان قيل كيف قال " أعظم درجة " من الكفار بالساقية والسدانة؟قلنا: على ما روينا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وابن عباس وغيرهم لا يتوجه السؤال عن ذلك لان المفاضلة جرت بينهم، لان لجميعهم الفضل عند الله ومن لا يقول ذلك يجيب بجوابين:
أحدهما: انه على تقدير ان لهم بذلك منزلة كما قال تعالى " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا " (1) هذا قول الحسن وأبي علي.
الثاني: قال الزجاج المعنى أعظم من غيرهم درجة. و (الذي) يجوز وصفها ولا يجوز وصف " من " إذا كانت بمعنى الذي، لان " من " تكون تارة معرفة موصولة فلذلك افترقا. وقيل معنى " الفائزي " انهم الظافرون بثواب الله الذي استحقوه على طاعتهم.
1- سورة 25 الفرقان آية 24.