الآية 10

قوله تعالى: ﴿لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾

قد بينا ان المراقبة هي المراعاة لما تقدم من العهد الذي يلزم الديانة، لئلا يقع اخلال بشئ منه. والئل العهد. والذمة عقد الجوار، وهما متقاربان. وفصل بينهما بأن الذمة عقد قوم يذم نقضه. والئل الذي هو العهد عقد يدعو إلى الوفاء والبيان الذي فيه، لأنه يلوح المعنى الذي يدعوا إلى الوفاء إذا ضل كل واحد منهما يقتضي هذا. وإنما أعيد ذكر " لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة " لأنه في صفة " والذين اشتروا بآيات الله ثمنا " والأول في صفة جميع الناقضين للعهد. وقال في الثاني " فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فاخوانكم في الدين "، فلذلك كرر بوصفين مختلفين. وقال الجبائي: لأنه في صفة اليهود خاصة، والأول في صفة الناقضين عامة، وإنما ذموا بترك المراقبة، لان مع تركها الغالب ان يقع إخلال بما تقدم من العقد، فلزمت المراقبة لهذه العلة. وترك المراقبة في عهد المؤمن أعظم منها في ترك عهد غيره لكثرة الزواجر عن الغدر بالمؤمن، لأنه ليس من شأنه الغدر. اخبر الله تعالى عن هؤلاء المشركين انهم لا يراعون في المؤمن عقد العهد ولا ذمة الجواز، وانهم مع ذلك معتدون. والاعتداء الخروج من الحق واصله المجاوزة، ومنه التعدي وهو تجاوز الحد ومعاداة القوم مجاوزة الحد في البغضة وكذلك العداوة. والاستعداء طلب معاملة العدو في الايقاع به، والعدو مجاوزة حد السعي. والغرض بالآية حث المسلمين على قتالهم، وأن لا يبقوا عليهم كما أنهم لو ظهروا على المسلمين لم يبقوا عليهم.