الآية 5
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
الانسلاخ اخراج الشئ مما لابسه، وكذلك سلخ الشاة إذا نزع الجلد عنها وسلخنا شهر كذا نسلخه سلخا وسلوخا. وقيل في الأشهر الحرم قولان:
أحدهما: رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ثلاثة سرد وواحد فرد.
الثاني: الأشهر الأربعة التي جعل لهم ان يسيحوا فيها آمنين، وهي عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشر من ربيع الاخر، في قول الحسن والسدي وغيرهما. امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله والمؤمنين انه إذا انقضت مدة هؤلاء المعاهدين، وهي الأربعة اشهر ان يقتلوا المشركين حيث وجدوهم. قال الفراء: سواء كان في الأشهر الحرم أو غيرها وسواء في الحل أو في الحرم، وان يأخذوهم، ويحصروهم والحصر المنع من الخروج عن محيط واحصر الرجل إحصارا وحاصره العدو محاصرة وحصارا، وحصر في كلامه حصرا وانحصر الشئ انحصارا. والحصر والحبس والأسر نظائر. وقوله " واقعدوا لهم كل مرصد " يعني كل موضع يرقب فيه العدو والمرصد الطريق ومثله المرقب والمربأ، يقال: رصده يرصده رصدا، ونصب كل مرصد على تقدير على كل مرصد - على قول الأخفش - كما قال الشاعر:
نغالي اللحم للأضياف نيا * ونرخصه إذا نضج القدور (1)
اي نغالي باللحم. وقال الزجاج هو ظرف كقولك ذهبت مذهبا وقال الشاعر: إن المنية للفتى بالمرصد (2) فجعله بمنزلة المحدود، والمرصد مبهم، والطريق محدود، فهذا فرق ما بينهما واستدل بهذه الآية على أن تارك الصلاة متعمدا يجب قتله، لان الله تعالى أوجب الامتناع من قتل المشركين بشرطين:
أحدهما: ان يتوبوا من الشرك.
الثاني: ان يقيموا الصلاة، فإذا لم يقيموا الصلاة وجب قتلهم.
1- مر تخريج هذا البيت في 1 / 470 تعليقة 3.
2- تفسير القرطبي 8 / 73 ومجاز القرآن 1 / 253.