الآية 26

قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾

الذكر ضد السهو، وهو إحضار المعنى للنفس. وإنما أمروا بالتعرض له، لان إحضار المعنى بقلوبهم ليس من فعلهم. وقوله " إذ أنتم قليل " فالقلة النقصان عن المقدار في العدد وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قليلين في الأصل فلطف الله لهم حتى كثروا وعزوا، وقل أعداؤهم وذلوا وكانوا مستضعفين، فقووا. والاستضعاف طلب ضعف ألح شئ بتهوين حاله. والضعف خلاف القوة. والاستضعاف استجلاب ضعفه بتحقير حاله، فامتن الله عليهم بذلك وبين انهم كانوا قليلين فكثرهم وكانوا مستضعفين، فقواهم بلطفه. وقوله " تخافون أن يتخطفكم الناس " فالتخطف الاخذ بسرعة انتزاع، تخطف تخطفا وخطف خطفا واختطف اختطافا، فبين انهم كانوا خائفين من أن ينال منهم العدو. وقوله " فآواكم " اي جعل لكم مأوى حريزا ترجعون إليه وتسكنون فيه وقال السدي " آواكم " إلى المدينة. وقوله " وأيدكم بنصره " يعني بالأنصار في قول السدي وقيل في المعني بقوله " الناس " قولان:

أحدهما: مشركوا قريش في قول عكرمة وقتادة.

وقال وهب بن منية: يعني فارس والروم، وقوله " ورزقكم من الطيبات " أي أطعمكم غنيمتكم حلالا طيبا " لعلكم تشكرون " أي لكي تشكروه على هذه النعم المترادفة والا لاء المتضاعفة.