الآية 10

قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾

الهاء في قوله " جعله الله " يحتمل أن تكون عائدة إلى الامداد، لأنه معتمد الكلام. وقال الفراء: هي راجعة إلى الارداف. ويحتمل أن تكون عائدة على الخبر بالمدد، لان تقديم ذلك إليهم بشارة في الحقيقة اخبر الله تعالى أنه لم يجعل هذه الذي أخبر به من إمداد الملائكة إلا بشرى. وإنما جعله بأن اراده به فقلبه إلى هذا المعنى. وقيل: جعله بشرى بأن امر الملائكة أن تبشر به، والجعل على ضروب:

أولها: أن يكون بمعنى القلب، كقولك: جعلت الطين خزفا.

وبمعنى: الحكم كقولك: جعله الحاكم فاسقا.

وبمعنى: الظن كقولك جعلته كريما بحسن ظني به.

وبمعنى: الامر كقولك جعله الله مسلما بمعنى امره بالاسلام. وقوله " ولتطمئن به قلوبكم " فالاطمئنان الثقة ببلوغ المحبوب، وهو خلاف الانزعاج. والطمأنينة: السكون والدعة. وقوله " وما النصر إلا من عند الله " معناه لا يكون النصر وقهر الأعداء من الكفار إلا بفضل من عند الله ونصر من جهته. وليس ذلك بشدتكم وقوة بأسكم وإنما أضافه إلى الله، لئلا يظن أنه من قبل الملائكة من غير امره. فأما الغلبة بكثرة العدد، فقد ينفق للكافر والمبصل، فعلى هذا المؤمن وان قتل، فهو منصور غير مخذول، والكافر وإن غلب وقتل فهو مخذول. وهل قاتلت الملائكة يوم بدر قيل فيه قولان: قال أبو علي الجبائي: ما قاتلت، وإنما أراد الله بالامداد البشارة بالنصر واطمئنان القلب ليزول عنهم الخوف الذي كان بهم، قال لان ملكا واحدا يقدر ان يدمر على جميع المشركين كما أهلك جبرائيل قريات لوط. وروي عن ابن مسعود: أنها قاتلت. وقيل: سأل أبو جهل من أين كان يأتينا الضرب ولا نرى الشخص، قالوا له: من قبل الملائكة، فقال هم غلبونا لا أنتم. وقوله " إن الله عزيز " يعني قادر لا يغالب " حكيم " في أفعاله ليثقوا بوعده.