الآية 173

قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾

المعنى:

وقيل في المعني بقوله: (الناس) الأول ثلاثة أقوال: أولها - قال ابن عباس، وابن إسحاق: انهم ركب دسهم أبو سفيان إلى المسلمين ليجبنوهم عند منصرفهم من أحد لما أرادوا الرجوع إليهم وقال السدي: هو اعرابي ضمن له جعل على ذلك. وقال الواقدي هو نعيم بن مسعود الأشجعي وهو قول أبي جعفر وأبي عبد الله (ع). وقوله: (إن الناس قد جمعوا لكم) المعني به أبو سفيان وأصحابه - في قول أكثر المفسرين - وقال مجاهد: إنما كان ذلك في بدر الصغرى وهي سنة أربع وكانت أحد في سنة ثلاث من الهجرة. وإنما عبر بلفظ الجميع عن الواحد في قوله: (قال لهم الناس) لامرين:

أحدهما: ان تقديره جاء القول من قبل الناس، فوضع كلام موضع كلام - ذكره الرماني -.

والثاني: إن الواحد يقوم مقام الناس، لان (الانسان) إذا انتظر قوما فجاء واحد منهم، قد يقال: جاء الناس إما لتفخيم الشأن، وأما لابتداء الاتيان. وقوله: (فاخشوهم) حكاية عن قول نعيم بن مسعود للمسلمين. يعني أخشوا أبا سفيان، وأصحابه فبين الله تعالى ان ذلك القول زادهم ايمانا وثباتا على دينهم، وإقامة على نصرة نبيهم. وقالوا عند ذلك (حسبنا الله ونعم الوكيل) ومعناه كافينا الله.

اللغة والقصة:

وأصله من الحساب، لان الكفاية بحسب الحاجة، وبحساب الحاجة. ومنه الحسبان وهو الظن. والوكيل: الحفيظ. وقيل: هو الولي. وأصله القيام بالتدبير. المتولي للشئ قائم بتدبيره، والحافظ له يرجع إلى هذا المعنى. ومعنى الوكيل في صفات الله المتولي للقيام بتدبير خلقه، لأنه مالكهم رحيم بهم. والوكيل في صفة غيره: إنما يعقد بالتوكيل. وقال قوم من المفسرين: إن هذا التخويف من المشركين كان في السنة المقبلة، لان أبا سفيان، لما انصرف يوم أحد، قال موعدكم البدر في العام المقبل. فقال النبي صلى الله عليه وآله لمن حضره: قولوا نعم. فلما كان العام المقبل خرج النبي صلى الله عليه وآله بأصحابه، وكان أبو سفيان كره الخروج، فدس من يخوف النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه لم يسمعوا منهم، وخرجوا إلى بدر فلما لم يحضر أحد من المشركين، رجعوا، وكانوا صادفوا هناك تجارة اشتروها فربحوا فيها، وكان ذلك نعمة من الله. وروى ذلك أبو الجارود عن أبي جعفر (ع).