خاتمة المطاف

بعد هذه الجولة الموجزة بأبعاد النقد الأدبي المقارن بين العرب والأوروبيين يمكننا الإشارة إلى أهم ما توصلنا إليه من نتائح:

1 - تحدثنا في الفصل الأول عن أهمية الصورة الفنية في التراث النقدي العربي والإسلامي، وانتهينا إلى صيغة نهائية في تحديد المصطلح النقدي للصورة من خلال مقارنة مفهومها بين النقاد العرب القدامى والمحدثين، والمفكرين الغربيين، وأرجعنا أصولها في استيعاب الشكل والمضمون إلى الفكر النقدي العربي الإسلامي في القرون العربية الهجرية: الثالث والرابع والخامس: وأكدنا على اعتبار ما أبداه عبد القاهر الجرجاني (ت 471 هـ) نواة بل ركناً قويماً لما استقر عليه المصطلح النقدي الحديث للصورة.

2 - انتهينا في الفصل الثاني إلى وحدة اللفظ والمعنى في تقويم النص الأدبي، بعد أن أفضنا بالحديث عن المعركة النقدية حول الموضوع وانشطارها إلى أربعة فرقاء، قومنا جهد كل فريق، وعقبنا عليه، واخترنا رأينا في الموضوع لعدم إمكان فصل الألفاظ عن المعاني في أي نص أدبي.

3 - وقد تم في الفصل الثالث التأكيد على قيمة الألفاظ مقترنة بالمعاني في دلالتها النقدية والتصويرية، ووقفنا عند ألفاظ القرآن الكريم وعند أمثاله بخاصة، فوجدناها ذات دلالات متعددة نحصرها بما يلي:

أ - استقلال اللفظ بحروف معينة يكسبها ذائقة سمعية مؤثرة في النفس، وقد تطلعنا على ذلك اسم الدلالة الصوتية التي تصافح السمع حيناً، وتهيىء النفس حيناً آخر.

ب - المتبادر العام في العرف العربي بما يعطي للكلمة من دلالة معينة في الاستعمال اللغوي، وقد اطلعنا على ذلك اسم الدلالة الاجتماعية التي تحصر معنى اللفظ، به، بالكشف عن كوكبة من الألفاظ التي استعملها القرآن الكريم، ولا غنى عنها بألفاظ قد يبتدعها أهل اللغة.

ج- - الكلمات المؤثرة، والألفاظ التي توحي بأكثر من المعنى الظاهر، وتحمل في تضاعيفها صوراً مدخرة زيادة على المعنى الساذج، أطلقنا عليها اسم الدلالة الإيحائية التي يتأثر بها اللفظ في قيمته الفنية.

د - تلوين الثقافة، وتعدد التخصص، ونوعية المفسر للنص الأدبي، أبعاد موضوعية لإفادة الدلالة الهامشية التي يستفيدها كل حسب تخصصه بما لديه من خبرات ومجالات، وقد كانت مجالاً رحباً لما يستفيده اللغوي والنحوي والمنطقي والبلاغي من ألفاظ القرآن وأمثاله في هذا المضمار.

هذه أهم النتائح التي توصل إليها هذا البحث عسى أن ينتفع به الناس وانتفع (يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89))

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين