أين دور الإنسان؟

ولعلك تقول: إن هذا يعني أن المعرفة والقيم الإنسانية وكذلك الحكمة، هي الأساس في صياغة شخصية الإنسان. فأين دور الإنسان نفسه ودور ملكاته في إنتاج الحدث، وفي صنع المستقبل؟

ويجاب عن ذلك: إننا نتحدّث عن الوسائل والأدوات، التي يحتاجها المصنع في إنتاج سلعته التي يتاجر بها مع الله، أو مع الشيطان. ولم نتحدّث عن المصنع نفسه الذي هو الكيان، أو فقل الشخصية الإنسانية، التي خلقها الله تعالى في أحسن تقويم، لولا أنها هي التي تفرِّط بما وهبه الله إليها، فتبدأ بخسران ما حباها الله به، وتعود إلى أسفل سافلين، حيث قال الله سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ (التين/4) ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ (التين/5) ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ (التين/6) وقال أيضًا: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ (العصر/2) ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (العصر/3).

فإنّ الله تعالى يعطي الإنسان كل ما يحتاجه، فهو يعطيه فطرة، ثم يعطيه عقلاً، وقدرة، وغير ذلك من أمور تجعله في أحسن تقويم ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ (التين/4). ويقول له: إن أجهزتك صحيحة، مضبوطة كأي جهاز آخر، ويقول له: إن باستطاعتك تشغيلها، وستعمل بصورة صحيحة، إذا استعملتها حسب الأصول، أما إذا لم تحسن استعمالها، فالذنب ذنبك وسيحدث الخلل في أكثر من موقع، وتكاثر الخلل ويتّسع إلى أن تسقط عن صلاحية الاستعمال.