الآية 124
قوله تعالى: ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ﴾
القراءة:
قرأ ابن عامر وحده منزلين بتشديد الزاي الباقون بالتخفيف. التقدير اذكروا " إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم " وفيه إخبار أن النبي صلى الله عليه وآله قال لقومه: ألن يكفيكم يوم بدر بأن أمدكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين، ثم قال " بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " يعني يوم أحد. وقال ابن عباس، والحسن وقتادة، ومالك بن ربيعة وغيرهم: ان الامداد بالملائكة كان يوم بدر. وقال ابن عباس لم يقاتل الملائكة (ع) إلا يوم بدر، وكانوا في غيره من الأيام عدة ومددا. وقال الحسن: كان جميعهم خمسة آلاف. وقال غيره: كانوا ثمانية آلاف.
اللغة:
وقوله: " ألن يكفيكم " فالكفاية مقدار يسد به الخلة تقول: كفاه يكفيه كفاية، فهو كاف: إذا قام بالامر، واستكفيته أمرا فكفاني، واكتفى به اكتفاء. وكفاك هذا الامر أي حسبك. والفرق بين الاكتفاء والاستغناء، أن الاكتفاء هو الاقتصار على ما ينفي الحاجة والاستغناء الاتساع فيما ينفي الحاجة، فلذلك يوصف تعالى بأنه غني بنفسه لاتساع مقدوره من حيث كان قادرا لنفسه لا يعجزه شئ. وقوله: " أن يمدكم " فالامداد هو إعطاء الشئ حالا بعد حال. والمعني في الآية ان الله أعطاهم القوة في أنفسهم ثم زادهم قوة بالملائكة والمد في السير هو الاستمرار عليه. وامتد بهم السير: إذا طال، واستمر، ومددت الشئ إذا جذبته. والمد زيادة الماء تقول: مد الماء وأمد الجرح وامددت العسكر. والمادة زيادة مستمرة، والمدة أوقات مستمرة إلى غاية. والمداد ما يكتب به. والمد مكيال مقداره ربع الصاع.