أنواع الدلالة

الالفاظ مقترنة بمعانيها، قد نستوحي منها دلالات معينة لها قيمتها الجمالية تارة، ومفهومها البنائي تارة أخرى، ووقعها الموسيقي والصوتي ثالثاً، تتعرف من خلال هذا المنظور على ما يوحيه كل لفظ من صورة ذهنية تختلف عن سواها شدة وضعفاً، وتتباين وضوحاً وإبهاماً، وتدرك به العلة بين استعمال هذا اللفظ دون ذاك إزاء المعنى المحدد له بدقة متناهية، وهذا السر الدلالي في الألفاظ لا يكون واضحاً - في جزء منه - بحد ذاته مالم يستعن عليه بدلالة الجملة أو العبارة، إذ لا يمكن أن يتم التعبير عادة عن الغرض الفني بكلمة مفردة، ومع هذا الغرض، فالكلمة الواحدة أو اللفظة المفردة كانت لها دلالتها في أبعاد مختلفة، أحاول أن أجملها بما يلي:

1 - الدلالة الصوتية:

وهي التي تستمد من طبيعة الأصوات نغمها وجرسها (1) فتوحي بوقع موسيقي خاص، يستنبط من ضم الحروف بعضها إلى البعض الآخر.

2 - الدلالة الإجماعية:

وهي الدلالة التي تستقل بها الكلمة عما سواها من فهم معين خاص بها (2).

فهي دلالة لغوية في حدود العرف العام بما يكون متبادراً إلى الذهن منها عند الإطلاق، على نحو ما تعارف عليه المجتمع في بيئته الكلامية (التخاطبية أو التفاهمية) والألسنية، فهي نتاج فهم مشترك عند الأفراد، وبذلك تتكون اللغة، فهي إذن دلالة لغوية.

وقد يطلق عليها اسم الدلالة المركزية التي يسجلها اللغوي في معجمه.

3 - الدلالة الإيحائية:

وهي الدلالة التي يوحي بها اللفظ بالأصداء والمؤثرات في النفس فيكون له وقع خاص يسيطر على النفس، لا يوحيه لفظ يوازيه لغة، فهو مجال الانفعالات النفسية والتأثر الداخلي للإنسان.وقد أدرك النقاد القدامى حقيقة اللفظ الإيحائي (وإن لم يحددوا للإفصاح عنه عبارة كالتي نستخدمها في عصرنا الحاضر) (3).

4 - الدلالة الهامشية:

وهي الدلالة التي تصاحب اللفظ عند إطلاقه فيكسب دلالة معينة يفيدها كل سامع بحسب تجاربه (4).

وهذه الدلالة تختلف رصداً بحسب اختلاف الثقافة عند المتلقي، ويتفاوت فهمها نوعية عند كل مستفيد، فهي تجري مجرى الفهم الخاص عند كل مفسر للنص الأدبي، وقد توحي بهذا بما لا يدل عليه ظاهر اللفظ في بقية دلالاته، وإنما يكشف مدلولها إخضاعاً لطبيعة المؤول في التخصص.فهي ذات علاقة وثيقة بفهم من يستخرجها، ولكنها لا تخلو من وجه من وجوه الصحة في التفسير.

نلمس كل هذه اللقطات في المباحث التالية.


1- إبراهيم أنيس: دلالة الألفاظ: 46.

2- المصدر نفسه: 48.

3- أحمد أحمد بدوي، أسس النقد الأدبي عند العرب: 424.

4- إبراهيم أنيس، دلالة الألفاظ: 107.