الآية 69
قوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾
لهذه الآية تأويلان:
أحدهما: قال الجبائي والزجاج وأكثر المفسرين ان المراد ليس على المتقين من حساب الكافرين وما يخوض فيه المشركون، ولا من مكروه عاقبته شئ " ولكن ذكرى " أي نهوا عن مجالستهم ليزدادوا تقى وأمروا ان يذكروهم وينبهوهم على خطأهم لكي يتقي المشركون إذا رأوا أعراض هؤلاء المؤمنين عنهم، وتركهم مجالستهم فلا يعودون لذلك.
الثاني: قال البلخي: ليس على المتقين من الحساب يوم القيامة مكروه ولا تبعة ولكنه أعلمهم بأنهم محاسبون وحكم بذلك عليهم لكي يعلموا أن الله يحاسبهم، فيتقوا فعلى الأول الهاء والميم كناية عن الكفار وعلى الثاني عن المؤمنين. و (ذكرى) يحتمل أن يكون في موضع رفع ونصب، فالنصب على تقدير ذكرهم ذكرى والرفع على وجهين:
أحدهما: ولكن عليكم ان تذكروهم، كما قال: " ان عليك الا البلاغ " (1).
والثاني: على تقدير ولكن الذي يأمرونهم به ذكرى ليتقوا عذاب الله. وقال أبو جعفر (ع): لما نزلت " فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " قال المسلمون كيف نصنع إن كان كلما استهزء المشركون بالقرآن قمنا وتركناهم فلا ندخل إذا المسجد الحرام ولا نطوف بالبيت الحرام، فأنزل الله تعالى " وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ " وأمرهم بتذكيرهم وتبصيرهم ما استطاعوا.1- سورة 42 الشورى آية 48.