الآية 60
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
قوله: " وهو " كناية عن الله تعالى. و " الذي " صفة له " يتوفاكم بالليل " قيل في معناه قولان:
أحدهما: قال الجبائي: يقبضكم، وقال الزجاج: ينيمكم بالليل فيقبضكم الله إليه، كما قال: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (1).
وقال البلخي: " واختاره الحسين بن علي المغربي " يتوفاكم " بمعنى يحصيكم عند منامكم واستقراركم، قال الشاعر:
ان بني الادرم ليسوا من أحد * ليسوا من قيس وليسوا من أسد
ولا توفاهم قريش في العدد (2)
معناه لا تحصيهم في العدد. وقوله: " ويعلم ما جرحتم بالنهار " أي كسبتم، تقول فلان جارحة أهله أي كاسبهم، ومنه قوله: " وما علمتم من الجوارح مكلبين " (3) أي من الكواسب التي تكسب على أهلها، وهو قول مجاهد. وقوله: " ثم يبعثكم فيه " أي في النهار، فجعل انتباههم من النوم بعثا " ليقضى أجل مسمى " ليستوفى الأجل المسمى للحياة إلى حين الموت. ثم " إليه مرجعكم " يعني يوم القيامة فيحشرهم الله إلى حيث لا يملك فيه الامر سواه. " ثم ينبئكم " يعني يخبركم ويعلمكم " بما كنتم تعملون " في الدنيا فيجازيكم على أعمالكم، وفيها دلالة على خزيهم وحاجتهم، واحتجاج عليهم أنه لا يستحق العبادة سواه إذ هو الفاعل لجميع ما يستحق به العبادة مما عدده والقادر عليه دون من يعبدونه من الأوثان والأصنام.1- سورة 39 الزمر آية 42.
2- مقاييس اللغة 3: 270 واللسان (وفي) وروايته " الادرد " مع حذف البيت الثاني وجعل الثالث بعد الأول وكذلك في الطبري 11: 405.
3- سورة 5 المائدة آية 5.