سورة الفرقان

مكية إلا آيات (1)، وهي سبع وسبعون آية بلا خلاف.

وفي حديث أبي: " من قرأها بعث يوم القيامة وهو مؤمن بأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأدخل الجنة بغير نصب " (2).

عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: " يا بن عمار، لا تدع قراءة سورة ﴿تبارك الذي نزل الفرقان على عبده﴾ فإن من قرأها في كل ليلة لم يعذبه الله أبدا، ولم يحاسبه، وكان منزله في الفردوس الأعلى " (3).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعلمين نذيرا (1) الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره تقديرا (2) واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حيوا ة ولا نشورا (3) وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا (4) وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (5) قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما (6) وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا (7) أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا (8) انظر كيف ضربوا لك الأمثل فضلوا فلا يستطيعون سبيلا (9) تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا (10)﴾ البركة: الكثرة من الخير، ومنها: ﴿تبارك﴾ الله أي: عظمت خيراته وكثرت.

وسمي القرآن " فرقانا " لفصله بين الحق والباطل، أو: لأنه لم ينزل جملة واحدة بل متفرقا مفصولا بين بعضه وبعض في الإنزال ﴿ليكون﴾ الضمير ل? ﴿عبده﴾ أو ل? ﴿الفرقان﴾، ﴿للعلمين﴾ للجن والإنس ﴿نذيرا﴾ منذرا مخوفا، أو: إنذارا كالنكير بمعنى الإنكار.

﴿الذي له﴾ بدل من ﴿الذي نزل﴾، أو مدح ﴿وخلق كل شئ﴾ أي: وأوجد كل شئ ﴿فقدره﴾ هيأه لما يصلح له.

والخلق بمعنى الافتعال (4) في قوله: ﴿لا يخلقون شيئا﴾ (5) أي: لا يقدرون على شئ من أفعال الله ولا من أفعال العباد، فلا يفتعلون شيئا وهم يفتعلون، لأنهم عبدتهم ينحتونهم ويصورونهم ﴿ولا يملكون﴾ لا يستطيعون ﴿لأنفسهم﴾ دفع ضرر عنها ولا جلب نفع إليها، وإذا عجزوا عن ذلك فهم عن الموت والحياة أعجز.

﴿وأعانه عليه قوم آخرون﴾ وهم اليهود، وقيل: عداس مولى حويطب بن عبد العزى، ويسار مولى العلاء بن الحضرمي (6).

" جاء " و " أتى " يستعملان في معنى فعل، فيعديان تعديته، ويجوز أن يحذف الجار ويوصل الفعل، وظلمهم أنهم جعلوا العربي يتلقن من العجمي كلاما عربيا أعجز الفصحاء (7) بفصاحته، والزور: بهتهم بنسبة ما هو برئ منه إليه.

و ﴿أساطير الأولين﴾: ما سطره المتقدمون في كتبهم ﴿اكتتبها﴾ كتبها لنفسه وأخذها، كما تقول: إصطب الماء: إذا صبه لنفسه وأخذه، ﴿فهي تملى عليه﴾ أي: تلقى عليه من كتابه يتحفظها ﴿بكرة وأصيلا﴾ أي: دائما، أو: في الخفية قبل أن ينتشر الناس، وحين يأوون إلى مساكنهم، أي: يعلم الخفيات وبواطن الأمور، ومن جملتها: ما تسرونه أنتم من الكيد لرسوله مع علمكم بأن ما تقولونه باطل وزور ﴿إنه كان غفورا رحيما﴾ لا يعاجل بعقابكم مع استيجابكم بمكابرتكم هذه أن يصب عليكم العذاب.

﴿مال هذا الرسول﴾ حاله مثل حالنا ﴿يأكل الطعام﴾ كما نأكل ﴿ويمشى في الأسواق﴾ لطلب المعاش كما نمشي وكان يجب أن يكون مستغنيا عن الأكل والتعيش بأن يكون ملكا، ثم نزلوا عن هذا إلى اقتراح أن يكون إنسانا معه ﴿ملك﴾ يعينه على الإنذار والتخويف، ثم نزلوا أيضا بأن قالوا: ﴿أو يلقى إليه كنز﴾ يستظهر به ويستغني عن طلب المعاش، ثم نزلوا فاتسعوا بأن يكون رجلا له بستان يأكل منه ويأكلون منه، فقد قرئ: ﴿يأكل﴾ بالياء والنون (8) ﴿وقال الظالمون﴾ وضع الظاهر موضع المضمر، وإنما أرادهم، وقوله: ﴿فيكون﴾ نصب لأنه جواب، ﴿لولا﴾ بمعنى " هلا "، وحكمه حكم الاستفهام، وعطف ﴿يلقى﴾ و ﴿يكون﴾ على ﴿أنزل﴾ لأن محله الرفع، لأنه في معنى " ينزل " بالرفع.

﴿ضربوا لك الأمثل﴾ أي: قالوا فيك تلك الأقوال النادرة من نبوة مشتركة بين إنسان وملك، وإلقاء كنز عليك من السماء وغير ذلك، فهم متحيرون ضلال لا يجدون قولا يستقرون عليه، أو: فضلوا عن الحق لا يهتدون إليه، تكاثر خير ﴿الذي إن شاء﴾ وهب لك في الدنيا خيرا مما قالوا.

وقرئ: ﴿ويجعل لك﴾ بالرفع (9) والجزم عطفا على ﴿جعل﴾ لأن الشرط إذا وقع ماضيا جاز في جزائه الجزم والرفع، كقول زهير: وإن أتاه خليل يوم مسغبة * يقول لا غائب مالي ولا حرم (10) ﴿بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا (11) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (12) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا (13) لا تدعوا اليوم ثبورا وا حدا وادعوا ثبورا كثيرا (14) قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا (15) لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا (16) ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل (17) قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا (18) فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا (19) وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا (20)﴾

﴿بل كذبوا بالساعة﴾ عطف على ما حكى عنهم، يقول: بل أتوا بما هو أعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة، أو هو متصل بما يليه أي: كيف يصدقون بذلك وهم لا يؤمنون بالآخرة، والسعير: النار المستعرة.

﴿إذا رأتهم﴾ نسب الرؤية إلى النار، وإنما يرونها هم وهو كقولهم: دور بني فلان تترى (11) أي: كان بعضها يرى بعضا، فالمعنى: إذا كانت منهم بمرائي النظر (12) سمعوا صوت التهابها، وشبه ذلك بصوت المتغيظ والزافر، وقيل: التغيظ للنار والزفير لأهلها (13).

﴿مكانا ضيقا﴾ جمع على أهل النار التضييق والإرهاق، نعوذ بالله منها.

وعن ابن عباس: أنه يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح، وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مصفدون، قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الجوامع والأصفاد (14).

وقيل: قرنوا مع الشياطين في السلاسل (15).

والثبور: الهلاك، ودعاؤه أن يقولوا: وا ثبوراه، أي: تعال فهذا زمانك.

﴿لا تدعوا﴾ أي: يقال لهم، أو: هم حري بأن يقال لهم ذلك وإن لم يكن هناك قول، أي: وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه بواحد، إنما هو ثبور كثير.

أي: وعدها المتقون ﴿لهم فيها ما يشاءون?﴾ - ه، ﴿كانت لهم جزاء﴾ أي: كان ذلك مكتوبا في اللوح، أو: لأن موعد الله في تحققه كأنه قد كان، والضمير في ﴿كان﴾ ل? ﴿ما يشاءون﴾ أي: كان ذلك موعودا واجبا ﴿على ربك﴾ إنجازه، حقيقا بأن يسأل ويطلب لأنه ثواب مستحق، وقيل: ﴿مسؤولا﴾ يسأله الملائكة والناس في دعواتهم (16) ﴿ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم﴾ (17) ﴿ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك﴾ (18).

وقرئ: ﴿يحشرهم... فيقول﴾ كلاهما بالنون (19) والياء ﴿وما يعبدون﴾ يريدون معبودهم من الملائكة والإنس والأصنام إذا أنطقهم الله.

والفائدة في ﴿أنتم﴾ و ﴿هم﴾ وإيلائهما حرف الاستفهام: أن السؤال إنما وقع عن متولي الفعل لا عن الفعل ووجوده، فقدم ليعلم أنه المسؤول عنه.

﴿قالوا سبحانك﴾ أي: تنزيها لك عن الشريك، وهذا تعجب منهم مما قيل لهم لأنهم ملائكة وأنبياء معصومون، أو: قالوا سبحانك ليدلوا على أنهم المسبحون الموسومون بذلك ﴿ما كان﴾ يصح لنا ولا يستقيم أن نتولى أحدا دونك، فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا على أن يتولانا دونك؟وقرئ: " نتخذ " (20)، وروي ذلك عن الصادق (عليه السلام) (21).

و " اتخذ " قد يتعدى إلى مفعول واحد وإلى مفعولين، فالقراءة الأولى من المتعدي إلى مفعول واحد وهو ﴿من أولياء﴾، والأصل: " أن نتخذ أولياء " فزيدت ﴿من﴾ لتأكيد النفي، والثانية من المتعدي إلى مفعولين و ﴿من﴾ للتبعيض أي: نتخذ بعض أولياء، و ﴿الذكر﴾ ذكر الله والإيمان به، أو: القرآن والشرع، والبور: الهلاك يوصف به الواحد والجمع، أو: هو جمع بائر كعائذ وعوذ.

وفي هذه الآية دلالة على أن بطلان قول من يزعم أن الله تعالى يضل عباده على الحقيقة، حيث يقول للمعبودين من دونه: ﴿أأنتم أضللتم عبادي... أم هم ضلوا﴾ بأنفسهم، فيتبرؤون من إضلالهم ويستعيذون به من أن يكونوا مضلين، ويقولون: بل أنت تفضلت على هؤلاء وآبائهم، فجعلوا النعمة التي هي سبب الشكر سببا للكفر ونسيان الذكر، وكان ذلك سبب هلاكهم، فبرؤا أنفسهم من الإضلال ونزهوه سبحانه أيضا منه حيث أضافوا إليه " التمتيع بالنعمة "، وأضافوا نسيان الذكر الذي هو سبب البوار إليهم، فشرحوا الإضلال المجازي الذي نسبه الله إلى ذاته في قوله: ﴿يضل من يشاء﴾ (22)، ولو كان هو المضل على الحقيقة لكان الجواب أن يقولوا: بل أنت أضللتهم.

﴿بما تقولون﴾ قرئ بالتاء والياء (23)، فالتاء على معنى: فقد كذبوكم بقولكم: لهم آلهة، والياء على معنى: فقد كذبوكم بقولهم: ﴿سبحانك ما كان ينبغي لنا﴾ الآية، وقرئ: ﴿فما تستطيعون﴾ بالتاء والياء (24) أيضا، فالتاء على: فما تستطيعون أنتم صرف العذاب عنكم، وقيل: الصرف: التوبة (25)، وقيل: الحيلة (26) من قولهم: إنه ليتصرف، أي: ليحتال، والياء على: فما يستطيع آلهتكم ذلك ﴿نذقه عذابا كبيرا﴾ في الآخرة، والكافر ظالم لقوله: ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ (27).

والجملة بعد ﴿إلا﴾ صفة لمحذوف، والمعنى: وما أرسلنا أحدا من المرسلين إلا آكلين وماشين، وإنما حذف لدلالة الجار والمجرور عليه، ونحوه: ﴿وما منا إلا له مقام معلوم﴾ (28) أي: وما منا أحد، وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " ويمشون " على البناء للمفعول (29) أي: يمشيهم حوائجهم أو الناس ﴿فتنة﴾ أي: محنة وابتلاء، وهذا تسلية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وتصبير له على ما قالوه واستبدعوه من أكله الطعام ومشيه في الأسواق، يعني: إنا نبتلي المرسلين بالمرسل إليهم وأنواع أذاهم.

وموقع قوله: ﴿أتصبرون﴾ بعد ذكر الفتنة موقع " أيكم " بعد الابتلاء في قوله: ﴿ليبلوكم أيكم أحسن عملا﴾ (30)، ﴿وكان ربك بصيرا﴾ أي: عالما بالصواب فيما يبتلى به وغيره، فلا يضيقن صدرك بأقوالهم واصبر، وقيل: هو تسلية له عما عيروه به من الفقر حين قالوا: ﴿أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة﴾ (31) أي: جعلنا الأغنياء فتنة للفقراء لننظر هل يصبرون، وقيل: جعلناك فتنة لهم لأنك لو كنت غنيا صاحب كنوز وجنات لكان ميلهم إليك وطاعتهم لك للدنيا أو ممزوجة بها، فبعثناك فقيرا لتكون طاعة من يطيعك خالصة لنا من غير طمع وغرض دنيوي (32)، وقيل: كان أبو جهل وأضرابه يقولون: إن أسلمنا وقد أسلم قبلنا صهيب وبلال وفلان وفلان، ترفعوا علينا إذلالا بالسابقة فذلك الفتنة (33).

﴿وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا (21) يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا (22) وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا (23) أصحب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا (24) ويوم تشقق السماء بالغمم ونزل الملائكة تنزيلا (25) الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا (26) ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا (27) يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا (28) لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا (29) وقال الرسول يرب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا (30)﴾ أي: لا يأملون لقاءنا بالخير لأنهم كفرة، أو: لا يخافون لقاءنا بالشر، والرجاء: الخوف في لغة تهامة، جعلت الصيرورة إلى دار جزائه بمنزلة لقائه لو كان ملقيا، هلا ﴿أنزل علينا الملائكة﴾ فتخبرنا بأن محمدا صادق ﴿أو نرى ربنا﴾ جهرة فيأمرنا بتصديقه واتباعه ﴿استكبروا في أنفسهم﴾ بأن أضمروا الاستكبار عن الحق والعناد في قلوبهم، ونحوه: ﴿إن في صدورهم إلا كبر﴾ (34)، و ﴿عتوا﴾ أي: تجاوزوا لحد في الطغيان، ووصف العتو بالكبير فبالغ في إفراطه، أي: أنهم لم يجسروا على هذا القول العظيم إلا لأنهم بلغوا أقصى العتو وغاية الاستكبار، واللام جواب قسم محذوف.

﴿يوم يرون﴾ منصوب بما دل عليه ﴿لا بشرى﴾ أي: يمنعون البشرى، و ﴿يومئذ﴾ تكرير، أو منصوب ب? " ذكر " أي: أذكر يوم ﴿يرون الملائكة﴾، ثم ابتدأ ﴿لا بشرى يومئذ﴾، وقوله: ﴿للمجرمين﴾ إما ظاهر في موضع مضمر، وإما لأنه عام، فقد تناولهم بعمومه ﴿حجرا محجورا﴾ منصوب بفعل ترك إظهاره، قال سيبويه: يقول الرجل للرجل: أتفعل كذا وكذا؟فيقول: حجرا (35)، وهو من حجره: إذا منعه.

والمعنى: أسأل الله أن يحجر ذلك حجرا، ومجيئه على فعل أو فعل تصرف فيه لاختصاصه بموضع واحد، كما قيل: فديت وعمرك، قال: عوذ بربي منكم وحجر، وهذه كلمة كانوا يقولونها عند لقاء عدو أو هجوم نازلة يضعونها موضع الاستعاذة ﴿محجورا﴾ صفة ل? ﴿حجرا﴾ جاءت لتأكيد معناه، كما قالوا: موت مائت.

والمعنى: أنهم يطلبون الملائكة، وإذا رأوهم يوم القيامة كرهوا لقاءهم وقالوا عند رؤيتهم ما كانوا يقولونه عند لقاء العدو الموتور، وقيل: هو من قول الملائكة (36)، ومعناه: حراما محرما عليكم الغفران والجنة أو البشرى، أي: جعل الله ذلك حراما عليكم.

﴿وقدمنا إلى ما عملوا﴾ ليس هنا قدوم ولكن شبه حالهم وأعمالهم التي عملوها في كفرهم من صلة رحم وقري ضيف وإغاثة ملهوف وغيرها من المكارم بحال قوم عصوا ملكهم فقدم إلى أسبابهم وأملاكهم فأبطلها ولم يترك لها أثرا، والهباء: ما يخرج من الكوة مع ضوء الشمس، شبيه بالغبار ﴿منثورا﴾ صفة ل? ﴿هباء﴾ أي: منتشرا متناثرا.

المستقر: المكان الذي يستقرون فيه متحادثين، والمقيل: المكان الذي يأوون إليه للاسترواح إلى أزواجهم، وسمي مقيلا على طريق التشبيه، وفي لفظ ﴿أحسن﴾ رمز إلى ما يتزين به مقيلهم من حسن الوجوه والصور وغير ذلك من التحاسين.

وقرئ: ﴿تشقق﴾ والأصل " تتشقق " فحذف التاء في إحدى القراءتين وأدغم في القراءة الأخرى ﴿بالغمم﴾ الباء للحال، أي: تتشقق السماء وعليها الغمام، كما تقول: ركب الأمير بسلاحه، أي: وعليه سلاحه ﴿ونزل الملائكة﴾ ينزلون وفي أيديهم صحائف أعمال العباد، وقرئ: " وننزل الملائكة " (37).

﴿الملك يومئذ الحق﴾ الثابت ﴿للرحمن﴾، لأن كل ملك يزول يومئذ ويبطل ولا يبقى إلا ملكه، ف? ﴿الملك﴾ مبتدأ، و ﴿يومئذ﴾ ظرف له، و ﴿الحق﴾ صفة له، و ﴿للرحمن﴾ خبره.

ويجوز أن يكون ﴿يومئذ﴾ ظرفا للخبر، ويجوز أن يكون ﴿الحق﴾ خبرا، والجار والمجرور في موضع الحال.

العض على اليدين، والسقوط في اليد، وأكل البنان، وحرق الإرم، وقرع الأسنان، كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من روادفهما، واللام في ﴿الظالم﴾ يجوز أن يكون للعهد فيكون مخصوصا على ما ذكر في الرواية، ويجوز أن يكون للجنس فيتناول كل ظالم تبع خليله وتابعه على إضلاله تمنى أن لو صحب الرسول وسلك معه سبيل الحق.

الأصل " يا ويلتي " فقلبت الياء ألفا كما في " صحارى " و " مدارى " ﴿فلانا﴾ كناية عن الأعلام، كما أن الهن كناية عن الأجناس (38).

﴿عن الذكر﴾ ذكر الله أو القرآن أو متابعة الرسول، والشيطان إشارة إلى " خليله "، سماه شيطانا لأنه أضله كما يضل الشيطان ثم خذله ولم ينفعه في العاقبة، أو: أراد إبليس فإنه الذي حمله على مخالة المضل ومخالفة الرسول ثم خذله، ويحتمل أن يكون ﴿وكان الشيطان﴾ حكاية كلام الظالم، وأن يكون كلام الله الرسول (39) محمد (صلى الله عليه وآله) وقومه قريش، حكى الله عنه شكواه قومه إليه.

﴿مهجورا﴾ أي: تركوه ولم يؤمنوا به، وقيل: هو من هجر إذا هذي (40)، أي: جعلوه مهجورا فيه، أي: زعموا أنه هذيان وباطل، أو: هجروا فيه حين سمعوه كقوله: ﴿لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه﴾ (41).

﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفي بربك هاديا ونصيرا (31) وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة وا حدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا (32) ولا يأتونك بمثل إلا جئنك بالحق وأحسن تفسيرا (33) الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا (34) ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا (35) فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا (36) وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلنهم للناس آية وأعتدنا للظلمين عذابا أليما (37) وعادا وثمودا وأصحب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا (38) وكلا ضربنا له الأمثل وكلا تبرنا تتبيرا (39) ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا (40)﴾ هذا تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله)، أي: ﴿كذلك﴾ كان كل نبي قبلك مبتلى بعداوة قومه، وكفاك بي ﴿هاديا﴾ إلى الانتصار منهم، وناصرا لك عليهم.

والعدو يكون واحدا وجمعا.

و ﴿نزل﴾ هنا بمعنى " أنزل "، كخبر وأخبر، أي: هلا أنزل ﴿عليه القرآن﴾ دفعة في وقت واحد كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور ﴿جملة وا حدة﴾، وقوله: ﴿كذلك﴾ جواب لهم، أي: كذلك أنزل مفرقا.

والحكمة فيه أن نثبت به قلبك ونقويه بتفريقه حتى تعيه وتحفظه، لأن المتلقن إنما يقوى قلبه بأن يحفظ العلم شيئا بعد شئ، وأيضا فإن فيه ناسخا ومنسوخا وما هو جواب للسائل على حسب سؤاله، ولا يتأتى ذلك فيما ينزل جملة واحدة، ولأنه كان (عليه السلام) أميا لا يقرأ ولا يكتب ولابد له من التلقن، فأنزل عليه مفرقا، وكان موسى وعيسى قارئين وكاتبين ﴿ورتلناه﴾ معطوف على الفعل الذي تعلق به ﴿كذلك﴾، كأنه قال: فرقناه ﴿ورتلناه﴾ أي: قدرناه آية بعد آية، وسورة عقيب سورة، أو: أمرنا بترتيل قراءته وهو أن يقرأ بترتل (42) وتثبت، وأصل الترتيل: في الأسنان، يقال: ثغره رتل ومرتل أي: مفلج، وقيل: هو تنزيله على تمكث وتمهل في مدة بعيدة (43).

﴿ولا يأتونك﴾ بسؤال عجيب كأنه مثل في البطلان ﴿إلا﴾ أتيناك بالجواب الحق الذي لا محيد لهم عنه، وبما هو ﴿أحسن﴾ معنى من سؤالهم، وضع " التفسير " موضع " المعنى " لأن التفسير هو الكشف عما يدل عليه الكلام، يعني: أن تنزيله مفرقا وتحديهم بسورة سورة منها أدخل في باب الاعجاز من أن ينزل جملة واحدة فيقال لهم: إئتوا بمثلها في الفصاحة، كأنه قال: إنما يحملكم على هذه السؤالات أنكم تضللون سبيله وتحقرون مكانه ومنزلته.

وإذا سحبتم ﴿على﴾ وجوهكم ﴿إلى جهنم﴾ علمتم أن مكانكم شر من مكانه، وسبيلكم أضل من سبيله، ويجوز أن يراد بالمكان: الشرف والمنزلة، وأن يراد الدار والمسكن، كقوله: ﴿أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا﴾ (44).

﴿وزيرا﴾ أي: مؤازرا له على تأدية الرسالة.

والمعنى: فذهبا إليهم فكذبوهما ﴿فدمرناهم﴾ فاختصر لأن المقصود من القصة إلزام الحجة بإرسال الرسل واستحقاق التدبير بتكذيبهم.

ورووا عن علي (عليه السلام): " فدمراهم " (45)، و " فدمرانهم " على التأكيد بالنون المشددة (46).

﴿كذبوا الرسل﴾ لأن تكذيبهم له تكذيب لجميعهم، أو: كذبوه ومن قبله من الرسل، أو: لم يروا بعثة الرسل كالبراهمة ﴿وجعلنهم﴾ أي: إغراقهم وقصتهم ﴿وأعتدنا للظلمين﴾ أي: لهم، إلا أنه قصد تظليمهم فأظهر، أو تناول الظالمين بعمومه.

﴿وعادا﴾ عطف على " هم " في ﴿جعلناهم﴾، ﴿وأصحب الرس﴾ كان لهم نبي اسمه حنظلة، فقتلوه فأهلكوا، والرس: البئر غير المطوية، وقيل: الرس: قرية باليمامة يقال لها فلج (47)، وروي عن الصادق (عليه السلام): " أن نساءهم كن سحاقات " (48).

﴿وقرونا بين ذلك﴾ المذكور، كما يحسب الحاسب أعدادا كثيرة ثم يقول: فذلك كذا، بمعنى: فذلك المحسوب أو المعدود.

﴿وكلا﴾ منصوب بمضمر وهو " أنذرنا " و " حذرنا "، ودل عليه قوله: ﴿ضربنا له الأمثل﴾ أي: بينا له القصص العجيبة ﴿وكلا﴾ الثاني (49) بمضمر وهو ﴿تبرنا﴾ والتتبير: التكسير.

وأراد ب? ﴿- القرية﴾ سدوم من قرى قوم لوط، وكانت خمسا، أهلك الله أربعا منها وبقيت واحدة، و ﴿مطر السوء﴾: الحجارة، وكانت قريش يمرون في متاجرهم إلى الشام على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة ويرونها ﴿لا يرجون﴾ أي: لا يتوقعون وضع الرجاء موضع التوقع، لأنه إنما يتوقع العاقبة من يكون مؤمنا، أو: لا يأملون ﴿نشورا﴾، أو: لا يخافون فلذلك لم ينظروا ولم يتذكروا.

﴿وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا (41) إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا (42) أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا (43) أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالانعم بل هم أضل سبيلا (44) ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا (45) ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا (46) وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا (47) وهو الذي أرسل الريح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا (48) لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعما وأناسي كثيرا (49) ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا (50)﴾

﴿إن﴾ الأولى نافية، والثانية مخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينهما، أي: ما ﴿يتخذونك إلا﴾ موضع هزء ومهزوءا به، ومعناه: يستهزئون بك ويقولون: ﴿أهذا الذي﴾ بعثه ﴿الله﴾ ؟! وهذا استصغار.

وفي قولهم: ﴿إن كاد ليضلنا﴾ دليل على بذل رسول الله (صلى الله عليه وآله) غاية المجهود في دعوتهم وعرض الآيات والمعجزات عليهم حتى قاربوا أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام، و ﴿لولا﴾ هنا جار مجرى التقييد للحكم المطلق من حيث المعنى و ﴿سوف يعلمون﴾ وعيد، وقوله: ﴿من أضل سبيلا﴾ كالجواب عن قولهم: ﴿إن كاد ليضلنا عن آلهتنا﴾ أي: من جعل هواه معبوده، أفتتوكل عليه بأن تدعوه إلى الهدى وتجبره عليه وتقول: لابد أن تسلم شئت أو أبيت؟كما قال: ﴿لست عليهم بمصيطر﴾ (50) ﴿وما أنت عليهم بجبار﴾ (51).

﴿أم﴾ منقطعة، أي: بل أ ﴿تحسب﴾، ﴿بل هم أضل سبيلا﴾ لأن الأنعام تنقاد لمن يتعهدها، وتعرف من يحسن إليها ممن يسئ إليها، وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها، وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه إليهم من إساءة الشيطان، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع، ولا يجتنبون العقاب الذي هو أشد المضار.

﴿ألم تر إلى ربك﴾ ألم تنظر إلى صنع ربك وقدرته ﴿كيف مد الظل﴾ أي: جعله ممتدا منبسطا لينتفع به الناس ﴿ولو شاء لجعله ساكنا﴾ أي: لاصقا بأصل كل ذي ظل من بناء أو شجر فلم ينتفع به أحد، سمى سبحانه انبساط الظل وامتداده تحركا منه، وعدم ذلك سكونا.

ومعنى كون الشمس ﴿دليلا﴾: أن الناس يستدلون بالشمس وأحوالها في مسيرها على أحوال الظل من كونه ثابتا في مكان وزائلا (52) ومتسعا ومتقلصا، ولولا الشمس ما عرف الظل، ولولا النور لما عرفت الظلمة.

ومعنى " قبضه إليه ": ينسخه بضح الشمس ﴿قبضا يسيرا﴾ على مهل شيئا بعد شئ، وفي ذلك منافع غير محصورة، ولو قبض دفعة واحدة لتعطلت أكثر مرافق الناس بالظل والشمس جميعا.

وأما فائدة ﴿ثم﴾ في الموضعين فهو أنه بيان لتفاضل الأمور الثلاثة تشبيها لتباعد ما بينها في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت.

وفي الآية وجه آخر وهو: أنه سبحانه مد الظل حين بنى السماء كالقبة، فألقت القبة ظلها على وجه الأرض ﴿ولو شاء لجعله ساكنا﴾ مستقرا على تلك الحالة، ثم خلق الشمس وجعلها على ذلك الظل دليلا متبوعا له كما يتبع الدليل في الطريق، فهو يزيد بها وينقص، ثم نسخه بها وقبضه قبضا سهلا يسيرا غير عسير.

ويمكن أن يكون المراد قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهي الأجرام ذوات الظل، أي: نعدمه بإعدام أسبابه كما أنشأه بإنشاء أسبابه، وفي قوله: ﴿قبضناه إلينا﴾ دلالة عليه، وكذلك في قوله: ﴿يسيرا﴾ كقوله: ﴿ذلك حشر علينا يسير﴾ (53).

جعل ظلام الليل مثل اللباس الساتر، والنائم شبه الميت، والسبات: الموت لأن في مقابلته النشور، فالنوم واليقظة مشبهان بالموت والحياة، وقيل: ﴿سباتا﴾ راحة لابد منها للناس (54) وقطعا لأعمالهم (55) ﴿وجعل النهار نشورا﴾ ينتشر الناس فيه لطلب معاشهم، ويتفرقون لحوائجهم، نشرا أي: إحياء، ونشر جمع نشور وهي المحيية، و " نشرا " تخفيف " نشر ".

و " بشرا " تخفيف " بشر " جمع بشور وبشرى ﴿بين يدي رحمته﴾ أي: قدام المطر ﴿طهورا﴾ أي: بليغا في طهارته، وقيل: طاهرا في نفسه مطهرا لغيره (56)، وهو صفة في قولك: ماء طهور، واسم لما يتطهر به كالوضوء والوقود.

قال: ﴿بلدة ميتا﴾ لأن البلدة في معنى " البلد " في قوله: ﴿فسقناه إلى بلد ميت﴾ (57)، وقرئ: " نسقيه " بالفتح (58)، وسقى وأسقى لغتان، وقيل: أسقاه: جعل له سقيا (59)، والأناسي: جمع إنسي أو إنسان، كالظرابي في جمع ظربان، على قلب النون من " أناسين " و " ظرابين " ياء.

﴿ولقد﴾ صرفنا المطر بينهم في البلدان المختلفة والأوقات المتغايرة وعلى الصفات المتفاوتة ليستدلوا بذلك على سعة مقدورنا، فأبوا ﴿إلا كفورا﴾ وأن يقولوا: مطرنا بنوء كذا (60).

﴿ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا (51) فلا تطع الكافرين وجهدهم به جهادا كبيرا (52) وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا (53) وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا (54) ويعبدون من دون الله مالا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا (55) وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا (56) قل ما أسئلكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا (57) وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفي به بذنوب عباده خبيرا (58) الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فسل به خبيرا (59) وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا (60)﴾

﴿لبعثنا﴾ في كل قرية ﴿نذيرا﴾ ينذرها، وإنما قصرنا الأمر عليك تفضيلا لك على سائر الرسل، فقابل هذا التعظيم والتبجيل بالتصبر، و ﴿لا تطع الكافرين﴾ فيما يريدونك عليه.

والضمير في ﴿به﴾ للقرآن، أو: لترك الطاعة الذي دل عليه ﴿فلا تطع﴾ والمراد: أن الكفار يجتهدون في توهين أمرك فقابلهم من جدك واجتهادك بما تغلبهم به، وجعله ﴿جهادا كبيرا﴾ للمشاق العظيمة التي يحتملها فيه.

ويجوز أن يكون المراد: وجاهدهم بسبب كونك نذيرا للجميع جهادا كبيرا جامعا لكل مجاهدة.

﴿مرج البحرين﴾ خلاهما متجاورين كما يخلى الخيل في المرج، والفرات: البالغ في العذوبة، والأجاج ضده ﴿برزخا﴾ أي: حائلا من قدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج ﴿وحجرا محجورا﴾ مر تفسيره (61)، وهو هنا مجاز، كأن كل واحد من البحرين يتعوذ من صاحبه ويقول له: حجرا محجورا، كما قال: ﴿لا يبغيان﴾ (62) أي: لا يبغي أحدهما على صاحبه، فانتفاء البغي هناك كالتعوذ هنا، جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه فهو يتعوذ منه.

﴿خلق من الماء﴾ أي: من النطفة ﴿بشرا فجعله نسبا﴾ أي: فقسم البشر قسمين: ذوي نسب ذكورا ينسب إليهم، و ﴿صهرا﴾ أي: إناثا يصاهر بهن ﴿وكان ربك قديرا﴾ يخلق من النطفة الواحدة نوعين: ذكرا وأنثى.

والظهير بمعنى المظاهر، أي: يظاهر الشيطان على ربه بعبادة الأوثان.

﴿إلا من شاء﴾ معناه: إلا فعل من شاء أن ينفق المال في طلب رضا ربه، ويتقرب بالصدقة في سبيله، وهو معنى الاتخاذ إلى الله سبيلا.

أي: تمسك بالتوكل ﴿على الحي الذي لا يموت﴾ وثق به في استكفاء شرورهم، وعن بعض السلف أنه قرأها فقال: لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق (63) ﴿وكفي به﴾ الباء زائدة، أي كفاك الله ﴿خبيرا﴾ تمييز أو حال، أراد بهذا أنه ليس إليه من أمر عباده شئ، آمنوا أم كفروا، وأنه خبير بأحوالهم، كاف في جزاء أعمالهم.

﴿الذي خلق﴾ مبتدأ و ﴿الرحمن﴾ خبره، أو: هو صفة ل? ﴿الحي﴾ و ﴿الرحمن﴾ خبر مبتدأ محذوف، أو بدل عن الضمير المستكن في ﴿استوى﴾.

وقرئ: " الرحمن " بالجر (64) صفة ل? ﴿الحي﴾، وقرئ: " فأسأل " (65)، والباء في ﴿به﴾ صلة " سل " كقوله: ﴿سأل سائل بعذاب واقع﴾ (66) كما أن " عن " صلته في قوله: ﴿لتسئلن يومئذ عن النعيم﴾ (67)، فقولك: " سأل به " مثل " اهتم به " و " اعتنى به "، و " سأل عنه " ك? " فتش عنه " و " بحث عنه ".

ويجوز أن يكون صلة ﴿خبيرا﴾ ويجعل ﴿خبيرا﴾ مفعول " سل "، والمعنى: فسل عنه رجلا عارفا يخبرك برحمته، أو: فسل رجلا خبيرا به وبرحمته، أو: فسل بسؤاله خبيرا، كما تقول: رأيت به أسدا، أي: برؤيته، والمعنى: إن سألته وجدته خبيرا، أو تجعله حالا عن الهاء تريد: فسل عنه عالما بكل شئ.

وقيل: الرحمن اسم من أسماء الله تعالى مذكور في الكتب المتقدمة، ولم يكونوا يعرفونه، فقيل له: سل بهذا الاسم من يخبرك به من أهل الكتاب (68).

﴿وما الرحمن﴾ أنكروا إطلاق هذا الاسم على الله لأنه لم يكن مستعملا في كلامهم ﴿أنسجد لما تأمرنا﴾ أي: للذي ﴿تأمرنا﴾ بالسجود له؟فحذف على ترتيب، وقرئ بالياء (69) أي: لما يأمرنا محمد (صلى الله عليه وآله)، ويأمرنا المسمى بالرحمن.

ويجوز أن تكون " ما " مصدرية أي: لأمرك لنا، وفي ﴿زادهم﴾ ضمير ﴿اسجدوا للرحمن﴾ لأنه هو المقول.

﴿تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا (61) وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا (62) وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما (63) والذين يبيتون لربهم سجدا وقيما (64) والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما (65) إنها ساءت مستقرا ومقاما (66) والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (67) والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملا صلحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنت وكان الله غفورا رحيما (70)﴾ يريد بالبروج: منازل الكواكب السيارة، وهي اثنا عشر برجا، سميت بالبروج التي هي القصور العالية لأنها لهذه الكواكب كالبروج لسكانها، والسراج: الشمس.

وقرئ: " سرجا " (70) وهي الشمس والكواكب الكبار معها.

وعنهم (عليهم السلام): " لا تقرأ سرجا إنما هي سراجا، وهي الشمس ".

والخلفة: الحالة التي يختلف عليها الليل والنهار، ويخلف كل واحد منهما الآخر، والمعنى: جعلهما ذوي خلفة، أي: ذوي عقبة، يعقب هذا ذاك وذاك هذا.

وقرئ: " يذكر " (71) و ﴿يذكر﴾، أي: لينظر في اختلافهما الناظر فيعلم أن لابد لهما من مغير وناقل من حال إلى حال، ويشكر الشاكر على النعمة فيهما من السكون بالليل والتصرف بالنهار، أو: ليكونا وقتا للمتذكرين والشاكرين، من فاته ورده في أحدهما قضاه في الآخر.

﴿وعباد الرحمن﴾ مبتدأ خبره في آخر السورة قوله: ﴿أولئك يجزون الغرفة﴾، ويجوز أن يكون خبره ﴿الذين يمشون على الأرض...﴾، ﴿هونا﴾ حال أو صفة للمشي، أي: هينين أو: مشيا هينا، إلا أن في وضع المصدر موضع الصفة مبالغة، والهون: الرفق واللين، وفي المثل: " إذا عز أخوك فهن " (72) أي: يمشون بسكينة وتواضع ﴿سلاما﴾ تسلما منكم لا نجاهلكم، ومتاركة لا خير بيننا ولا شرا، أي: نتسلم منكم تسلما، فأقيم السلام مقام التسلم، وقيل: قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإثم (73).

والمراد بالجهل السفه وقلة الأدب.

" بات " خلاف " ظل "، وصفوا بإحياء الليل أو أكثره ساجدين وقائمين.

﴿غراما﴾ أي: هلاكا وخسرانا ملحا لازما، قال: إن يعاقب يكن غراما وإن يعط * جزيلا فإنه لا يبالي (74) ومنه: الغريم لأنه يلح ويلزم، يعني: أنهم مع عبادتهم واجتهادهم خائفون متضرعون إلى الله في استدفاع العذاب عنهم.

﴿ساءت﴾ في حكم " بئست "، فيها ضمير مبهم يفسره ﴿مستقرا﴾، والمخصوص بالذم محذوف، ومعناه: ساءت مستقرا ﴿ومقاما﴾ هي، وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم " إن " وجعلها خبرا لها.

ويجوز أن يكون " ساءت " بمعنى " أحزنت "، وفيها ضمير اسم " إن "، و ﴿مستقرا﴾ حال أو تمييز.

التعليلان يصح أن يكونا متداخلين ومترادفين، وأن يكونا من كلام الله وحكايته لقولهم.

﴿ولم يقتروا﴾ قرئ بكسر التاء (75) وضمها و " يقتروا " بضم الياء (76)، والقتر والإقتار نقيض الإسراف الذي هو مجاوزة الحد في النفقة، وصفهم بالقصد الذي هو بين الغلو والتقصير، والقوام: العدل بين الشيئين لاستقامة الطرفين واعتدالهما، ونظييره " السواء " من الاستواء.

ويجوز أن يكون ﴿بين ذلك﴾ و ﴿قواما﴾ خبرين معا، وأن يكون ﴿بين ذلك﴾ لغوا، و ﴿قواما﴾ مستقرا، وأن يكون الظرف خبرا و ﴿قواما﴾ حال مؤكدة.

﴿النفس التي حرم الله﴾ أي: حرمها، والمعنى: حرم قتلها، وتعلق ﴿إلا بالحق﴾ بهذا القتل المحذوف أو ب? ﴿لا يقتلون﴾، نفي عنهم هذه الخصال القبيحة، وبرأهم منها تعريضا بما كان عليه أعداؤهم من الكفار، كأنه قال: والذين برأهم الله مما أنتم عليه، والقتل بغير حق يدخل فيه الوأد وغيره.

والأثام: جزاء الإثم كالوبال والنكال، وقيل: هو الإثم (77).

والمعنى جزاء أثام.

﴿يضاعف﴾ بدل من ﴿يلق﴾ لأنهما في معنى واحد، وقرئ: " يضاعف " بالرفع و " يخلد " بالرفع (78)، و " يضعف " بالرفع (79) والجزم (80)، والرفع على الاستئناف أو على الحال.

وتبديل السيئات حسنات أن تمحى السيئة وتثبت بدلها الحسنة، وقرئ: " يبدل " (81) من الإبدال، وقيل: يبدلون بقبائح أعمالهم في الشرك محاسن الأعمال في الإسلام (82).

﴿ومن تاب وعمل صلحا فإنه يتوب إلى الله متابا (71) والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما (72) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا (73) والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (74) أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلما (75) خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما (76) قل ما يعبؤا بكم ربى لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما (77)﴾

﴿ومن﴾ ترك المعاصي وندم عليها، ودخل في العمل الصالح فإنه يرجع ﴿إلى الله﴾ وإلى ثوابه مرجعا حسنا أي مرجع، أو: فإنه تاب بذلك إلى الله ﴿متابا﴾ مرضيا عنده.

﴿لا يشهدون الزور﴾ أي: مجالس الفساق، ولا يحضرون الباطل، وقيل: هو الغناء (83)، وروي ذلك عن السيدين الباقر والصادق (عليهما السلام) (84)، وفي مواعظ عيسى ابن مريم: " إياكم ومجالسة الخطائين (85) ".

وقيل: لا يشهدون شهادة الزور (86) فحذف المضاف ﴿وإذا مروا باللغو﴾ أي: بأهل اللغو والمشتغلين به ﴿مروا كراما﴾ مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم والخوض معهم، معرضين عنهم، واللغو: كل ما ينبغي أن يلقى ويطرح.

﴿إذا ذكروا بآيات ربهم﴾ أي: وعظوا بالقرآن والأدلة ﴿لم يخروا عليها صما﴾ ليس بنفي للخرور، بل هو إثبات له ونفي للصمم والعمى، أي: إذا ذكروا بها أكبوا عليها حرصا على استماعها وهم سامعون بآذان واعية، مبصرون بعيون راعية.

وقرئ: " وذريتنا " (87)، سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجا وأولادا وأعقابا تقر بهم عيونهم، وتسر بهم نفوسهم، وعن ابن عباس: هو الولد إذا رآه يكتب الفقه (88) ﴿إماما﴾ أراد أئمة، واكتفي بالواحد لدلالته على الجنس، أو: أراد جمع " آم " كصائم وصيام، و ﴿من﴾ للبيان، أي: ﴿هب لنا... قرة أعين﴾ ثم بين القرة بقوله: ﴿من أزواجنا وذريتنا﴾، وهو من قولهم: رأيت منك أسدا أي: أنت أسد.

ويجوز أن يكون للابتداء بمعنى: هب لنا من جهتهم ما تقر به أعيننا من صلاح وعلم، ونكر القرة بتنكير المضاف إليه، فكأنه قال: هب لنا منهم سرورا وفرحا.

وعن الصادق (عليه السلام) في قوله: ﴿واجعلنا للمتقين إماما﴾ قال (عليه السلام): " إيانا عنى " (89).

وروي عنه (عليه السلام) أنه قال: " هذه فينا " (90).

وعن أبي بصير قال: قلت: واجعلنا للمتقين إماما؟فقال (عليه السلام): " سألت ربك عظيما، إنما هي: واجعل لنا من المتقين إماما " (91).

﴿يجزون الغرفة﴾ يريد الغرفات، وهي العلالي في الجنة، فوحد اقتصارا على الواحد الدال على الجنس، يدل عليه قوله: ﴿وهم في الغرفات آمنون﴾ (92)، ﴿بما صبروا﴾ بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات، وعلى مجاهدة الكفار ومقاساة الفقر ومشاق الدنيا، لشياع اللفظ في كل مصبور عليه.

وقرئ: ﴿يلقون﴾، وهو كقوله: ﴿ولقاهم نضرة﴾ (93) و " يلقون " (94) كقوله: ﴿يلق أثاما﴾، ﴿تحية﴾ قولا يسرون به، ودعاء بالتعمير تحييهم الملائكة ويسلمون عليهم، أو: يحيي بعضهم بعضا ويسلم عليه، وقيل: يعطون ملكا عظيما وتخليدا مع السلامة من كل آفة (95).

﴿مستقرا ومقاما﴾ موضع استقرار وموضع إقامة.

﴿ما يعبؤا بكم﴾ أي: ما يبالي بكم ربي، ولم يعتد بكم ﴿لولا دعاؤكم﴾ أي: عبادتكم، وقيل: " ما " استفهامية في محل النصب، وهي عبارة عن المصدر (96)، كأنه قال: أي عب ء يعبأ بكم لولا دعاؤكم، أي: لا تستأهلون شيئا من العب ء بكم لولا عبادتكم، وحقيقة قولهم: ما عبأت به: ما اعتدت به من مهماتي وما يكون عبأ علي، وقيل: لولا دعاؤكم إياه إذا مسكم ضر رغبة إليه وخضوعا له (97).

وفي هذا دلالة على أن الدعاء من الله بمكان، وقيل: معناه: ما يصنع بكم ربي لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام (98) ﴿فقد كذبتم﴾ بالتوحيد وبمن دعاكم إليه ﴿فسوف يكون﴾ العذاب ﴿لزاما﴾ أي: لازما لكم واقعا بكم لا محالة، وهو القتل يوم بدر أو عذاب الآخرة.


1- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 669: قال مجاهد وقتادة: هي مكية، وقال ابن عباس: نزلت ثلاث آيات منها بالمدينة، من قوله: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) * إلى قوله: * (رحيما) *، عدد آياتها سبع وسبعون آية ليس فيها خلاف. وقال القرطبي في تفسيره: ج 13 ص 1: مكية كلها في قول الجمهور، وقال ابن عباس وقتادة: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة وهي: * (والذين لا يدعون مع الله) * إلى قوله: * (وكان الله غفورا رحيما) *، وقال الضحاك: هي مدنية، وفيها آيات مكية قوله: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) *. وفي الكشاف: ج 3 ص 262: مكية إلا الآيات 68 و 69 و 70 فمدنية وآياتها 77، نزلت بعد يس.

2- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 298 مرسلا.

3- ثواب الأعمال للصدوق: ص 135.

4- في نسخة: " الاقتدار ".

5- النحل: 20.

6- قاله الكلبي ومقاتل. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 132.

7- في نسخة زيادة: " والبلغاء ".

8- وبالنون قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 462.

9- وهي قراءة ابن كثير وعاصم برواية أبي بكر وابن عاصم. راجع الكشف عن وجوه القراءات السبع للقيسي: ج 2 ص 144.

10- والبيت من قصيدة يمدح بها هرم بن سنان، ومعناه واضح. انظر ديوان زهير بن أبي سلمى: ص 91 وفيه " مسألة " بدل " مسغبة ".

11- كذا في النسخ، وهو مصحف " تتراءى " كما هو واضح.

12- في نسخة: " الناظر ".

13- وهو قول قطرب. راجع تفسير الرازي: ج 24 ص 56.

14- تفسير ابن عباس: ص 301.

15- قاله يحيى بن سلام. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 134.

16- قاله محمد بن كعب القرظي. راجع المصدر السابق: ص 135.

17- غافر: 8.

18- آل عمران: 194.

19- قرأه ابن عامر والحسن وطلحة. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 462، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 487.

20- قرأه أبو الدرداء وزيد بن علي (عليه السلام) والحسن وأبو جعفر والسلمي. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 105، وتفسير القرطبي: ج 13 ص 10.

21- رواه أبو حيان في البحر المحيط: ج 6 ص 489 عن أبي جعفر (عليه السلام).

22- الرعد: 27، النحل: 93، فاطر: 8.

23- وبالياء قرأه ابن أبي بزة عن ابن كثير. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 463.

24- وبالياء هي قراءة الجمهور وأبي بكر عن عاصم، وروي عن علي (عليه السلام). راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 463، والبحر المحيط: ج 6 ص 490.

25- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 271.

26- حكاه ابن قتيبة، نقله عنه الماوردي في تفسيره: ج 4 ص 138.

27- لقمان: 13.

28- الصافات: 164.

29- تفسير القرطبي: ج 13 ص 13.

.

30- هود: 7، والملك: 2.

31- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 272، والآية: 8 من هذه السورة.

32- قاله ابن عطية. راجع تفسير الآلوسي: ج 18 ص 255.

33- قاله مقاتل. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 365.

34- غافر: 56.

35- كتاب سيبويه: ج 1 ص 193.

36- قاله قتادة والضحاك ومجاهد وعطية العوفي والحسن وعطاء وعكرمة وخصيف. راجع التبيان: ج 7 ص 483، وتفسير الماوردي: ج 4 ص 141.

37- وهي قراءة ابن كثير. راجع التبيان: ج 7 ص 484.

38- في نسخة: " الأخباث ".

39- في نسخة: " والرسول ".

40- قاله ابن قتيبة. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 143.

41- فصلت: 26.

42- في نسخة: " بترسل ".

43- قاله مجاهد. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 368.

44- مريم: 73.

45- رواه عنه (عليه السلام) الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 280.

46- انظر البحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 498.

47- قاله قتادة. راجع التبيان: ج 7 ص 490.

48- رواه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 491.

49- في نسخة زيادة: " منصوب ".

50- الغاشية: 22.

51- ق: 45.

52- في نسختين زيادة: " ومنبسطا ".

53- ق: 44.

54- في بعض النسخ: " لأبدان الناس ".

55- قاله الخليل وأبو مسلم وابن عيسى. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 147، وتفسير القرطبي: ج 13 ص 39.

56- قاله أحمد بن عيسى. راجع الكشاف: ج 3 ص 284.

57- فاطر: 9.

58- قرأه المفضل والأعمش عن عاصم. راجع التذكرة في القراءات: ج 2 ص 574.

59- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 285.

60- قال أبو عبيد: الأنواء ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكلاهما معلوم مسمى، وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لابد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم، فيقولون: مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك. انظر لسان العرب: مادة " نوأ ".

61- تقدم في تفسير الآية: 22 فراجع إن شئت.

62- الرحمن: 20.

63- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 288.

64- قرأه زيد بن علي كما في البحر المحيط: ج 6 ص 508.

65- وهي قراءة ابن كثير والكسائي في الوصل وحمزة في الوقف، كما في تفسير السراج المنير: ج 2 ص 670.

66- المعارج: 1.

67- التكاثر: 8.

68- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 4 ص 73.

69- قرأه حمزة والكسائي. راجع التبيان: ج 7 ص 500.

70- قرأه حمزة والكسائي و عبد الله وعلقمة والأعمش. راجع التبيان: ج 7 ص 502، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 511.

71- وهي قراءة حمزة وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 466.

72- وهو من الأمثال الشائعة، يعني: إذا عاسرك صديقك فياسره، فإن مياسرتك إياه ليست بضيم يركبك منه، إنما هو حسن خلق وتفضل عليه. راجع مجمع الأمثال: ج 1 ص 24.

73- قاله مجاهد. راجع التبيان: ج 7 ص 504.

74- البيت للأعشى، ومعناه واضح. راجع شرح ديوان الأعشى لكامل سليمان: ص 171.

75- قرأه ابن كثير وأبو عمرو. راجع التبيان: ج 7 ص 506.

76- قرأه نافع وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 466.

77- قاله ابن عباس والسدي وأبو مسلم. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 158.

78- وهي قراءة ابن عامر وأبي بكر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 575.

79- قرأه ابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 467.

80- وهي قراءة ابن كثير وحده. راجع المصدر السابق.

81- قرأه عاصم برواية أبي بكر عنه. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 107.

82- قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والسدي والضحاك. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 158.

83- قاله محمد بن الحنفية ومجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 4 ص 159.

84- الكافي: ج 6 ص 431 ح 6 وص 433 ح 13.

85- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 295.

86- وهو قول علي والباقر (عليهما السلام) وعلي بن طلحة. راجع تفسير القرطبي: ج 13 ص 80.

87- قرأه عاصم برواية أبي بكر وأبو عمرو وحمزة والكسائي وطلحة وعيسى. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 467، وتفسير القرطبي: ج 13 ص 82.

88- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 296.

89- تفسير القمي علي بن إبراهيم: ج 2 ص 117.

90- رواه البرقي في المحاسن: ص 170 ح 136.

91- تفسير القمي علي بن إبراهيم: ج 2 ص 117.

92- سبأ: 37.

93- الإنسان: 11.

94- قرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر والمفضل والأعمش ويحيى وخلف وطلحة ومحمد اليماني. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 468، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 517.

95- حكاه الماوردي في تفسيره: ج 4 ص 161.

96- قاله الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 275.

97- قاله الماوردي في تفسيره: ج 4 ص 162.

98- قاله الفراء في معانيه: ج 2 ص 275.