سورة المؤمنون
مكية (1) مائة وثمان عشرة آية كوفي، وتسع عشرة آية غيرهم، لم يعد الكوفي ﴿وأخاه هارون﴾ (2).
في حديث أبي: " من قرأها بشرته الملائكة بالروح والريحان يوم القيامة، وبما تقر به عينه عند نزول ملك الموت " (3).
وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأها ختم الله له بالسعادة، و إذا كان يدمن قراءتها في كل جمعة كان منزله في الفردوس الأعلى مع النبيين والمرسلين " (4).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قد أفلح المؤمنون (1) الذين هم في صلاتهم خاشعون (2) والذين هم عن اللغو معرضون (3) والذين هم للزكوة فعلون (4) والذين هم لفروجهم حافظون (5) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمنهم فإنهم غير ملومين (6) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون (7) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون (8) والذين هم على صلوا تهم يحافظون (9) أولئك هم الوارثون (10) الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (11)﴾ الفلاح: الظفر بالمراد، وقيل: البقاء في الخير (5)، و ﴿أفلح﴾: دخل في الفلاح، كأبشر دخل في البشارة.
والخشوع ﴿في﴾ الصلاة: خشية القلب والتواضع، وأضيفت الصلاة إليهم لأنهم المنتفعون بها، وهي عدتهم وذخيرتهم، والذي يصلون له جل وتقدس عن الحاجة إليها.
و ﴿اللغو﴾: ما لا يعنيك من قول أو فعل كالهزل واللعب، والمعنى: أنهم شغلهم الجد عن الهزل (6) والباطل وجميع المعاصي، ولما وصفهم بالخشوع في الصلاة وصفهم عقيبه بالإعراض عن اللغو ليجمع لهم الفعل والترك.
والزكاة: اسم مشترك بين عين ومعنى، فالعين: ما يخرجه المزكي، والمعنى: فعله الذي هو التزكية، وهو المراد في الآية، وما من مصدر إلا وقد يعبر عن معناه بالفعل، ويقال لمحدثه: فاعل، كما يقال للضارب: فاعل الضرب، وأنشد لأمية بن أبي الصلت: المطعمون الطعام في السنة * الأزمة والفاعلون للزكوات (7) ويجوز أن يراد بالزكاة: العين على تقدير مضاف محذوف وهو الأداء، ويحمل البيت على هذا أيضا.
﴿على أزواجهم﴾ في موضع الحال، أي: الأوالين على أزواجهم، والمعنى: أنهم ﴿لفروجهم حافظون﴾ في جميع الأحوال ﴿إلا﴾ في حال تزويجهم أو تسريهم، ويجوز أن يتعلق ﴿على﴾ بمحذوف يدل عليه قوله تعالى: ﴿غير ملومين﴾ كأنه قال: يلامون إلا على أزواجهم، أي: يلامون على كل مباشر إلا على ما أطلق لهم ﴿فإنهم غير ملومين﴾ عليه.
﴿فمن ابتغى وراء ذلك﴾ أي: طلب سوى الأزواج والمملوكة ﴿فأولئك هم العادون﴾ الكاملون في العدوان المتناهون فيه.
وقرئ: " لأمانتهم " (8) و ﴿لأماناتهم﴾، و " على صلاتهم " (9) و ﴿على صلوا تهم﴾ على الواحد والجمع، وسمي الشئ المؤتمن عليه والمعاهد عليه أمانة وعهدا، ومثله: ﴿يأمركم أن تؤدوا الأمانات﴾ (10)، ﴿وتخونوا أمنتكم﴾ (11)، وإنما يؤدى المؤتمن عليه لا الأمانة نفسها، وكذلك الخيانة.
ويحتمل العموم في كل ما أتمنوا عليه وعهدوا من جهة الله ومن جهة المخلوقين، والخصوص فيما حملوه من الأمانات للناس وعهودهم.
وكرر ذكر الصلاة لأن في الأول وصفهم بالخشوع فيها، وفي الثاني وصفهم بالمحافظة عليها، وهو أن يؤدوها في أوقاتها ويراعوا أركانها، وكان أولئك الجامعون لهذه الصفات هم الأحقاء بأن يسموا وراثا دون من عداهم، ثم بين الوارثين بقوله: ﴿الذين يرثون الفردوس﴾ وأنث ﴿الفردوس﴾ على تأويل الجنة.
﴿ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين (12) ثم جعلنه نطفة في قرار مكين (13) ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظم لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخلقين (14) ثم إنكم بعد ذلك لميتون (15) ثم إنكم يوم القيمة تبعثون (16) ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين (17) وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكنه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون (18) فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون (19) وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين (20)﴾ السلالة: خلاصة تسل من بين الكدر، وعن الحسن: ماء بين ظهراني الطين (12)، والمعنى: ﴿خلقنا﴾ جوهر ﴿الانسان﴾ أولا ﴿من طين﴾ ثم جعلنا جوهره بعد ذلك ﴿نطفة﴾، و ﴿من﴾ الأول للابتداء و ﴿من﴾ الثاني للبيان.
والقرار: المستقر، يريد: الرحم، وصفها بالمكان (13) التي هي صفة المستقر فيها، كقولهم: طريق سائر، أو بمكانتها في نفسها لأنها مكنت، بحيث هي وأحرزت.
وقرئ: " عظما فكسونا العظم " على الإفراد (14) وعلى الجمع في الموضعين، وضع الواحد موضع الجمع لزوال اللبس، لأن الإنسان ذو عظام كثيرة، أي: ﴿خلقا آخر﴾ مباينا للخلق الأول، حيث جعله حيوانا بعد كونه جمادا، وأودع كل جزء من أجزائه من عجائب فطرة وغرائب حكمة ما لا يكتنه بالوصف ﴿فتبارك الله﴾ تعالى واستحق التعظيم ﴿أحسن الخلقين﴾ أي: أحسن المقدرين تقديرا، فترك ذكر المميز لدلالة ﴿الخلقين﴾ عليه.
والطرائق: السماوات، لأنه طورق بعضها فوق بعض، وكل شئ فوقه مثله فهو طريقه، أو: لأنها طرق الملائكة ومتقلباتهم، أو: هي الأفلاك لأنها طرائق الكواكب وفيها مسائرها.
﴿بقدر﴾ أي: بتقدير يصلون به إلى المنفعة ويسلمون من المضرة، أو: بمقدار ما علمنا من مصالحهم وحاجاتهم به ﴿فأسكنه في الأرض﴾ كقوله: ﴿فسلكه ينابيع في الأرض﴾ (15)، وكما قدرنا على إنزاله فنحن قادرون على رفعه وإزالته، وقوله: ﴿على ذهاب﴾ يعني على وجه من وجوه الذهاب ﴿به﴾.
وخص هذه الأنواع الثلاثة من جملة الأشجار لأنها أكرمها وأجمعها للمنافع، ووصف النخيل والأعناب بأن ثمرهما جامع بين أمرين: إنه فاكهة يتفكه بها، وطعام يؤكل رطبا ويابسا، ولذلك أتي بالواو، والزيتون بأن دهنه صالح للاستصباح والاصطباغ جميعا.
﴿وشجرة﴾ عطف على ﴿جنات﴾، وقرئ: ﴿سيناء﴾ بكسر السين (16) وفتحها، فمن كسرها فإنما يمنع الصرف للتعريف والعجمة أو للتأنيث لأنها بقعة، لأن " فعلاء " بكسر الفاء لا يكون ألفه للتأنيث كألف " صحراء " و " طور سيناء "، وطور سينين لا يخلو: إما أن يكون مضافا إلى بقعة اسمها: " سيناء " أو " سينون "، وإما أن يكون اسما للجبل مركبا من مضاف ومضاف إليه ك? " امرئ القيس " ﴿بالدهن﴾ في موضع الحال، أي: تنبت وفيها الدهن، وقرئ: " تنبت " (17)، وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون " أنبت " بمعنى " نبت " كما في بيت زهير: رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم * قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل (18) والآخر: أن يكون مفعوله محذوفا، والمعنى: ينبت زيتونها، وفيه الزيت.
﴿وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون (21) وعليها وعلى الفلك تحملون (22) ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون (23) فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين (24) إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين (25)﴾ القصد ب? ﴿الانعام﴾ إلى الإبل لأنها مقرونة بالفلك التي هي السفن، وهي سفن البر، أي: ﴿ولكم فيها منافع﴾ من الركوب والحمل وغير ذلك، وفيها منفعة زائدة وهي الأكل الذي هو انتفاع بذواتها.
﴿غيره﴾ بالرفع على المحل وبالجر على اللفظ (19)، والجملة استئناف يجري مجرى التعليل للأمر بالعبادة.
﴿يريد أن يتفضل عليكم﴾ أي: يطلب الفضل عليكم والرئاسة، ونحوه: ﴿وتكون لكما الكبرياء في الأرض﴾ (20)، ﴿بهذا﴾ أي: ما سمعنا بهذا (21) الكلام، أو: بمثل هذا الذي يدعي أنه رسول الله وهو ﴿بشر﴾.
والجنة: الجنون أو الجن أي: به جن يخيلونه ﴿حتى حين﴾ أي: اصبروا عليه إلى زمان، فإن أفاق من جنونه وإلا فاقتلوه.
﴿قال رب انصرني بما كذبون (26) فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون (27) فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين (28) وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين (29) إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين (30)﴾ أي: ﴿انصرني﴾ بإهلاكهم بسبب تكذيبهم إياي، و ﴿انصرني﴾ بدل " ما كذبوني "، كما يقال: هذا بذاك، أي: مكان ذاك، والمعنى: أبدلني من غم تكذيبهم النصرة عليهم، وانصرني بإنجاز ما وعدتهم من العذاب، وهو ما كذبوه فيه حين قال لهم: ﴿إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم﴾ (22).
﴿بأعيننا﴾ أي: بحفظنا وكلاءتنا، كان معه من الله حفظة يكلؤونه بعيونهم لئلا يتعرض له، ومنه قولهم: عليه من الله عين كالئة ﴿ووحينا﴾ أي: بأمرنا وتعليمنا إياك كيف تصنع.
روي: أنه قيل لنوح (عليه السلام): إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة، فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب (23).
وقيل: التنور: وجه الأرض (24)، وقد مر ذكره وبيانه (25)، وسلك فيه: دخله، وسلك غيره وأسلكه بمعنى ﴿ولا تخطبني﴾ أي: ولا تكلمني ﴿في الذين ظلموا﴾ أي: بشأنهم، نهاه عن الدعاء لهم لكونهم ظالمين، ولأن الحكمة أوجبت إغراقهم ليكونوا عبرة للمعتبرين.
وكما نهى عن ذلك أمر بالحمد على هلاكهم والنجاة منهم، ثم أمره أن يدعوه بدعاء هو أنفع له، وهو طلب أن ينزله في السفينة أو في الأرض عند خروجه منها ﴿منزلا مباركا﴾ يبارك له فيه، وأن يشفع الدعاء بالثناء عليه المطابق لمسألته، وهو قوله: ﴿وأنت خير المنزلين﴾، وقرئ: " منزلا " (26) بمعنى: إنزالا، أو موضع إنزال.
﴿وإن كنا﴾: ﴿إن﴾ هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، والمعنى: وإن الشأن والقصة كنا مبتلين، أي: مصيبين قوم نوح ببلاء عظيم، أو: مختبرين بهذه الآيات عبادنا ليعتبروا.
﴿ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين (31) فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون (32) وقال الملا من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفنهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون (33) ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون (34) أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظما أنكم مخرجون (35) هيهات هيهات لما توعدون (36) إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين (37) إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين (38) قال رب انصرني بما كذبون (39) قال عما قليل ليصبحن نادمين (40)﴾
﴿قرنا آخرين﴾ هم عاد قوم هود، لأنه المبعوث بعد نوح.
﴿أن﴾ مفسرة ل? ﴿أرسلنا﴾ أي: قلنا لهم على لسان الرسول: ﴿اعبدوا الله﴾.
﴿كذبوا بلقاء الآخرة﴾ أي: بلقاء ما فيها من الحساب والجزاء ﴿مما تشربون﴾ منه، وحذف لدلالة ما قبله عليه، أو حذف الضمير، والمعنى: من مشروبكم.
﴿أنكم مخرجون﴾ في موضع الرفع بأنه فاعل فعل هو جزاء الشرط، كأنه قال: ﴿أيعدكم أنكم إذا متم﴾ وقع إخراجكم؟والجملة الشرطية في موضع الرفع بأنها خبر عن ﴿أنكم﴾ أو كرر ﴿أنكم﴾ للتأكيد، فيكون ﴿مخرجون﴾ خبرا عن الأول، وحسن التكرير بفصل ما بين الأول والثاني بالظرف، أو ارتفع قوله: ﴿أنكم مخرجون﴾ بالظرف على تقدير: أيعدكم أنكم وقت موتكم وكونكم ﴿ترابا وعظما﴾ إخراجكم بكون الظرف مع ما ارتفع به خبرا ل? " أن ".
وقرئ ﴿هيهات﴾ بالفتح والكسر (27)، وعن الزجاج: معناه: أن البعد لما توعدون (28)، فنزله منزلة المصدر، ويجوز أن يكون اللام لبيان المستبعد ما هو بعد التصويت بكلمة الاستبعاد، كما أن اللام في ﴿هيت لك﴾ (29) لبيان المهيت له.
﴿إن هي إلا حياتنا﴾: ﴿هي﴾ ضمير لا يعلم ما يعني به إلا بما يتلوه من بيانه، وأصله: إن الحياة إلا حياتنا الدنيا، ثم وضع ﴿هي﴾ موضع الحياة لأن الخبر يدل عليها ويبينها، ومثله: هي النفس ما حملتها تتحمل، والمعنى: لا حياة إلا هذه الحياة ﴿نموت ونحيا﴾ أي: يموت بعض ويولد بعض، وينقرض قرن ويأتي قرن.
﴿قليل﴾ صفة للزمان، كقديم وحديث في قولك: ما رأيته قديما ولا حديثا، وفي معناه: عن قريب، و " ما " توكيد بمعنى: قلة المدة وقصرها.
﴿فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين (41) ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين (42) ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون (43) ثم أرسلنا رسلنا تترا كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلنهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون (44) ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطن مبين (45) إلى فرعون وملأه فاستكبروا وكانوا قوما عالين (46) فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عبدون (47) فكذبوهما فكانوا من المهلكين (48) ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون (49) وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآوينهما إلى ربوة ذات قرار ومعين (50)﴾
﴿الصيحة﴾ صيحة جبرائيل (عليه السلام)، صاح بهم فدمرهم ﴿بالحق﴾ باستحقاقهم العذاب أو: بالعدل من الله، والغثاء: حميل السيل مما اسود وبلي من العود والورق، وشبه دمارهم بذلك ﴿فبعدا﴾ أي: سحقا، وهو من المصادر الموضوعة مواضع أفعالها، أي: بعدوا وهلكوا، يقال: بعد بعدا وبعدا، قال: إخوتي لا تبعدوا أبدا * وبلى والله قد بعدوا و ﴿للقوم الظالمين﴾ بيان لمن دعي عليه بالبعد كما ذكرناه في ﴿لما توعدون﴾.
﴿أجلها﴾ الوقت الذي حل لهلاكها.
﴿تترا﴾ فعلى، والألف للتأنيث، أي: أرسلناها متواترة يتبع بعضهم بعضا، واحدا بعد واحد، وقرئ: " تترى " بالتنوين (30)، والتاء بدل (31) الواو، وأضاف " الرسل " إلى نفسه هنا وإلى أممهم في قوله: ﴿جاءتهم رسلهم بالبينات﴾ (32) لأن الإضافة تكون بالملابسة، والوصول يلابس المرسل والمرسل إليه جميعا ﴿فأتبعنا﴾ الأمم والقرون ﴿بعضهم بعضا﴾ في الإهلاك ﴿وجعلنهم﴾ أخبارا يسمر بها، والأحاديث: اسم جمع للحديث، ويكون جمعا أيضا للأحدوثة التي هي مثل الأعجوبة والأضحوكة، وهي ما يتحدث به الناس تعجبا، وهو المراد هنا.
والمراد ب? " السلطان المبين ": العصا، لأنها كانت أم آيات موسى، وقد تعلقت بها معجزات شتى، كانفلاق (33) البحر وانفجار العيون من الحجر يضربهما بها، فجعلت كأنها ليست بعضها، فعطفت عليها كقوله: جبرائيل وميكائيل، ويجوز أن يراد به الآيات أنفسها، أي: هي آيات وحجة ظاهرة بينة.
﴿قوما عالين﴾ أي: متكبرين، من قوله: ﴿إن فرعون علا في الأرض﴾ (34) أي: متطاولين على الناس ببغيهم وظلمهم.
﴿لبشرين مثلنا﴾ لإنسانين خلقهما مثل خلقنا، والبشر يكون واحدا وجمعا، و " مثل " و " غير " يوصف بهما الاثنان والجمع والمذكر والمؤنث، كقوله: ﴿إنكم إذا مثلهم﴾ (35) ﴿ومن الأرض مثلهن﴾ (36) ويقال أيضا: هما مثلاه، وهم أمثاله ﴿إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم﴾ (37)، ﴿وقومهما﴾ يعني: بني إسرائيل ﴿عبدون﴾ أي: مطيعون لنا طاعة العبد لمولاه، أي: أعطينا قوم موسى التوراة لكي يهتدوا إلى طريق الحق، ويعملوا بشرائعها.
﴿آية﴾ أي: حجة على قدرتنا على الاختراع، فهو مثل قوله: ﴿وجعلناها وابنها آية للعلمين﴾ (38) وذلك أن الآية في كليهما واحدة، وهي: أن عيسى (عليه السلام) خلق من غير ذكر، ومريم حملت من غير فحل ﴿وآويناهما إلى ربوة﴾ أي: وجعلنا مكانهما ومأواهما أرضا مرتفعة، وهي أرض بيت المقدس، فإنها كبد الأرض، وأقرب الأرض إلى السماء، وقيل: فلسطين والرملة (39)، وقيل: هي حيرة الكوفة وسوادها (40)، والقرار: المستقر من أرض مستوية منبسطة.
وعن الباقر (عليه السلام) والصادق (عليه السلام): " القرار: مسجد الكوفة " (41).
والمعين: الفرات، وأصله الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض، واختلف في زيادة ميمه، فقيل: إنه مفعول من عانه: إذا أدركه بعينه (42)، وقيل: إنه فعيل من الماعون وهو المنفعة (43)، أي: نفاع لظهوره وجريه.
﴿يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صلحا إني بما تعملون عليم (51) وإن هذه أمتكم أمة وا حدة وأنا ربكم فاتقون (52) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون (53) فذرهم في غمرتهم حتى حين (54) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون (56)﴾ قيل: إنه خطاب لنبينا (صلى الله عليه وآله) (44)، وفيه إعلام بأن كل رسول في زمانه مأمور بذلك وموصى به، والمراد ب? ﴿الطيبات﴾: ما طاب وحل، وقيل: هنا كل ما يستطاب ويستلذ من الأكل والفواكه (45)، ويشهد لذلك مجيئه في إثر قوله: ﴿وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين﴾، ويجوز أن يكون وقع هذا الإعلام عند إيواء عيسى (عليه السلام) ومريم إلى الربوة، فذكر على سبيل الحكاية، أي: آويناهما وقلنا لهما هذا، فعلمهما أن الرسل كلهم خوطبوا به، فكلا مما رزقناكما واعملا صالحا اقتداء بالرسل.
وقرئ: ﴿وإن هذه﴾ بالكسر على الاستئناف، " وأن " بالفتح (46) بمعنى: ولأن، " وأن " المخففة من الثقيلة (47)، و ﴿أمتكم﴾ مرفوعة معها.
وقرئ: ﴿زبرا﴾ جمع زبور، أي: كتبا مختلفة، يعني: جعلوا دينهم أديانا، وقرئ: " زبرا " (48) أي: قطعا، استعيرت من زبر الفضة والحديد، و ﴿كل﴾ فرقة من فرق هؤلاء المختلفين الذين تقطعوا دينهم فرح بباطله، معتقدا أنه على الحق، راض بما عنده.
﴿في غمرتهم﴾ أي: فيما هم مغمورون فيه من جهلهم وعمايتهم، وأصل الغمرة: الماء الذي يغمر القامة، أو: شبههم الله باللاعبين في الغمرة لما هم عليه من الباطل، قال ذو الرمة: كأنني ضارب في غمرة لعب (49) ﴿حتى حين﴾ إلى أن يقتلوا أو يموتوا، أي: يحسبون هذه الأمداد مسارعة ﴿لهم في الخيرات﴾ ومعاجلة بالثواب قبل وقته، وليس ذلك إلا استدراجا لهم إلى الهلاك، و ﴿بل﴾ استدراك لقوله: ﴿أيحسبون﴾ أي: بل هم أشباه البهائم لا فطنة لهم حتى يتأملوا ويتفكروا هو استدراج أم مسارعة في الخيرات، والراجع من خبر " أن " إلى اسمه محذوف، والتقدير: نسارع به.
﴿إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون (57) والذين هم بآيات ربهم يؤمنون (58) والذين هم بربهم لا يشركون (59) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون (60) أولئك يسرعون في الخيرات وهم لها سابقون (61) ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتب ينطق بالحق وهم لا يظلمون (62) بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمل من دون ذلك هم لها عاملون (63) حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجرون (64) لا تجروا اليوم إنكم منا لا تنصرون (65) قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقبكم تنكصون (66) مستكبرين به سمرا تهجرون (67)﴾
﴿يؤتون ما آتوا﴾ أي: يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة، وقيل: أعمال البر كلها (50) ﴿وقلوبهم وجلة﴾ الصادق (عليه السلام): " أي: خائفة أن لا يقبل منهم " (51).
وعنه (عليه السلام): " يؤتي ما آتي وهو خائف راج " (52).
وعن الحسن: المؤمن جمع إحسانا وشفقة، والمنافق جمع إساءة وأمنا (53)، لأنهم أو ب? ﴿- أنهم إلى ربهم راجعون﴾ وحذف الجار، أي: لإيقانهم بأنهم راجعون إلى الله وجلت قلوبهم، إذ لم يأمنوا التفريط.
﴿أولئك يسارعون في الخيرات﴾ أي: هم الذين يبادرون إلى الطاعات رغبة منهم فيها ﴿وهم لها سابقون﴾ أي: فاعلون السبق لأجلها، أو: سابقون الناس لأجلها، أي: وهذا الذي وصف به الصالحون ليس بخارج من حد الوسع والطاقة، وكل ما عمله العباد من التكاليف مثبت عندنا في ﴿كتب﴾ ناطق بالحق، وهو صحيفة الأعمال يقرؤون فيه (54) يوم القيامة ما هو صدق وعدل، لا زيادة فيه ولا نقصان، يوفون أجور أعمالهم ﴿وهم لا يظلمون﴾ أي: لا ينقص من ثوابهم ولا يزداد في عقابهم، ولا يؤاخذون بذنب غيرهم.
﴿بل﴾ قلوب الكفار ﴿في غمرة﴾ أي: غفلة غامرة لها ﴿من هذا﴾ أي: من هذا الكتاب المشتمل على الوعد والوعيد وهو القرآن، أو: من هذا الذي عليه هؤلاء الموصوفون من المؤمنين ﴿ولهم أعمل﴾ متجاوزة ل? ﴿ذلك﴾ أي: لما وصف المؤمنون به ﴿هم لها﴾ معتادون، وبها مشتغلون.
﴿حتى﴾ يأخذهم الله ﴿بالعذاب﴾: و " حتى " هذه هي التي يبتدأ بعدها الكلام، والعذاب: قتلهم يوم بدر، أو: الجوع حين دعا عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف (عليه السلام) (55) " فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحترقة والقد والأولاد " تجأرون " أي: تصيحون وتصرخون باستغاثة، أي: يقال لهم حينئذ: ﴿لا تجروا﴾ فإن الجؤار غير نافع لكم ﴿إنكم منا لا تنصرون﴾ أي: لا تغاثون (56) ولا تمنعون منا، أو: من جهتنا لا يلحقكم نصر ومعونة.
والضمير في ﴿به﴾ للبيت الحرام أو للحرم، والباء يتعلق ب? ﴿مستكبرين﴾ كانوا يستكبرون (57) على الناس ويفخرون بأنهم ولاته، أو يكون الضمير لا يأتي لأنها في معنى " كتابي "، ومعنى استكبارهم بالقرآن: تكذيبهم به استكبارا، ضمن ﴿مستكبرين﴾ معنى " مكذبين " فعدي تعديته، أو: استكبروا بسببه فلم يقبلوه، وعلى هذا فالوقف يكون على ﴿به﴾، ويجوز أن يتعلق الباء ب? ﴿سامرا﴾ أي: يستمرون بالطعن في القرآن وتسميته سحرا و (58) شعرا، وبسب النبي (صلى الله عليه وآله)، والسامر: القوم الذين (59) يسمرون ليلا، ويجوز أن يتعلق ب? ﴿تهجرون﴾ أيضا، أي: تهذون بذلك، وعلى هذين الوجهين يجوز الوقف على ﴿مستكبرين﴾، وقرئ: " تهجرون " بضم التاء (60)، من أهجر الرجل في منطقه أي: أفحش، والهجر بالضم: الفحش، و ﴿تهجرون﴾ بالفتح يجوز أن يكون معناه: تهجرون آياتي وكتابي، لا تنقادون له وتكذبون به، من الهجر بالفتح.
﴿أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين (68) أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون (69) أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون (70) ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون (71) أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين (72) وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم (73) وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون (74) ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون (75) ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون (76) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون (77)﴾
﴿القول﴾ القرآن، يقول: ﴿أفلم﴾ يتدبروا القرآن ليعرفوا أنه الحق الدال على صدق نبينا، بل أجاءهم ﴿ما لم يأت آباءهم﴾ فلذلك استبدعوه (61) وأنكروه، كما قال: ﴿لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم﴾ (62)، أو: ليخافوا عند تدبر آياته مثل ما نزل بمن قبلهم من المكذبين ﴿أم جاءهم﴾ من الأمن (63) ﴿ما لم يأت آباءهم﴾ حيث خافوا الله فآمنوا به وأطاعوه، وآباؤهم: إسماعيل وأعقابه.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين، ولا تسبوا حارث بن كعب ولا أسد بن خزيمة ولا تميم بن مرة فإنهم كانوا على الإسلام، وما شككتم منه من شئ فلا تشكوا في أن تبعا كان مسلما " (64).
﴿أم لم يعرفوا﴾ محمدا وشرفه في نسبه وصدق لسانه وأمانته، وأنه كما قال أبو طالب في خطبته لنكاح خديجة: لا يوزن برجل إلا رجح.
﴿أم يقولون به جنة﴾ أي: جنون وهم يعلمون أنه برئ منها، وأنه أرجح الناس عقلا، وأجلهم قدرا، وأتقنهم (65) رأيا، ولكنه جاءهم بما خالف أهواءهم، ولم يوافق ما ألفوه ونشأوا عليه، ولم يمكنهم دفعه (66)، لأنه الحق المبين، فقولوا على البهت من النسبة إلى الجنون والسحر والشعر.
ثم عظم سبحانه شأن الحق بأن السماوات والأرض ومن فيهن لم يقم إلا به ﴿ولو اتبع... أهواءهم﴾ لانقلب باطلا، ولذهب ما يقوم به العالم، ويجوز أن يكون المراد بالحق الإسلام، أي: ولو اتبع أهواءهم وانقلب شركا لأهلك الله العالم، ولجاء بالقيامة ولم يؤخره، وعن قتادة: الحق هو الله تعالى (67)، أي: لو اتبع الله أهواءهم وأمر بالشرك لما كان إلها ﴿أتيناهم بذكرهم﴾ أي: بالكتاب الذي هو ذكرهم، أي: شرفهم وصيتهم وفخرهم، أو: بالذكر الذي كانوا يتمنونه ويقولون: ﴿لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين﴾ (68).
وأصل الخرج والخراج واحد، وهو ما تخرجه إلى الإمام و (69) والعامل من أجرة أرضك، والخرج أخص من الخراج، يعني: لم ﴿تسألهم﴾ على هدايتك لهم قليلا من عطاء الخلق، فالكثير (70) من عطاء الخالق خير.
ألزمهم سبحانه الحجة في هذه الآيات بأن الذي أرسله إليهم رجل معروف أمره، مخبور علانيته وسره، صالح لان يصطفي للرسالة، جدير به، لأنه لم يعهد منه إلا الصدق ووفور العقل والشهامة والأمانة حتى يدعي النبوة بباطل، ولم يجعل ذلك ذريعة إلى استعطاف أموالهم، ولم يدعهم إلا إلى الصراط السوي الذي هو دين الإسلام، هذا مع إبراز المكنون من أدوائهم، وهو إخلالهم بالتدبر، وشغفهم بتقليد آباء الضلال من غير برهان، وتعللهم بأنه مجنون بعد ثبات تصديقه من الله بالمعجزات والدلالات، وإعراضهم عما فيه حظهم من الذكر والشرف ﴿لناكبون﴾ أي: عادلون عن هذا الصراط المذكور.
ولما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي ولحق باليمامة ومنع الميرة من أهل مكة، وأخذهم الله بالسنين حتى أكلوا العلهز - وهو دم القراد مع الصوف - جاء أبو سفيان بن حرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: أنشدك بالله والرحم، ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟فقال: " بلى "، قال: قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع.
والمعنى: لو كشف الله تعالى عنهم هذا الضر وهو الهزال والقحط الذي أصابهم برحمته عليهم ووجدوا الخصب لرجعوا إلى ما كانوا عليه من الاستكبار، ولتمادوا في غوايتهم يترددون.
واستشهد على ذلك بأنا أخذناهم بالسيوف، وبما جرى عليهم يوم بدر من قتل صناديدهم وأسرهم، فما وجدت منهم بعد ذلك استكانة ولا تضرع، حتى فتحنا عليهم باب الجوع الذي هو آلم (71) العذاب وأشد من الأسر والقتل، فأبلسوا الساعة وخضعت رقابهم، وجاء أعتاهم في العناد والاستكبار يستعطفك، أو: محناهم بكل محنة من الجوع والقتل فما رئي منهم لين قياد وهم كذلك حتى إذا عذبوا بنار جهنم فحينئذ " يبلسون "، كقوله: ﴿ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون﴾ (72)، والإبلاس: اليأس من كل خير، وقيل: هو السكوت مع التحير (73)، واستكان: (74) استفعل من الكون، أي: انتقل من كون إلى كون، كاستحال: إذا انتقل من حال إلى حال، أو: هو افتعل من السكون أشبعت فتحة عينه، كما قيل: ... بمنتزاح (75).
﴿وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (78) وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون (79) وهو الذي يحى ويميت وله اختلف الليل والنهار أفلا تعقلون (80) بل قالوا مثل ما قال الأولون (81) قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظما أإنا لمبعوثون (82) لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين (83) قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون (84) سيقولون لله قل أفلا تذكرون (85) قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم (86) سيقولون لله قل أفلا تتقون (87) قل من بيده ملكوت كل شئ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون (88) سيقولون لله قل فأنى تسحرون (89) بل أتيناهم بالحق وإنهم لكذبون (90)﴾ إنما خص ﴿السمع والأبصر والأفئدة﴾ لأنه يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية ما لا يتعلق بغيرها، وإحدى منافعها أن يستعملوها في آيات الله تعالى وأفعاله، فيستدلوا بذلك على توحيده، ويشكروا نعمه، فإن مقدمة الشكر للنعمة الإقرار بالمنعم بها (76)، وأن لا يجعل معه شريك، أي: ﴿تشكرون﴾ شكرا قليلا، و " ما " مزيدة للتأكيد.
ومعنى ﴿ذرأكم﴾: خلقكم وبثكم بالتناسل ﴿وإليه﴾ تجمعون بعد تفرقكم.
﴿وله اختلف الليل والنهار﴾ أي: هو المختص به، وهو يتولاه ولا يقدر على تصريفهما غيره، وقرئ: " أفلا يعقلون " بالياء (77).
﴿بل قالوا﴾ أي: قال أهل مكة كما ﴿قال الأولون﴾ المنكرون للحشر.
والأساطير: جمع أسطورة، وهي ما كتبه الأولون وسطروه مما لا حقيقة له.
ثم احتج عليهم بما فيه تجهيل لهم، والمراد: أجيبوني عما استعملتكم فيه (78): إن كان عندكم فيه علم ﴿أفلا﴾ تتذكرون فتعلموا أن من فطر الأرض ومن فيها من العقلاء وغيرهم كان قادرا على الإعادة إذ ليس ذلك بأعظم منه، وكان حقيقا بأن لا يشرك به في الإلهية بعض مخلوقاته.
قرئ الأول ﴿لله﴾ باللام، وفي الآيتين بعده باللام وغير اللام (79)، لأن قولك: " من ربه " و " لمن هو " في معنى واحد ﴿أفلا تتقون﴾ أي: أفلا تخافونه؟فلا تشركوا به.
يقال: أجار الرجل فلانا على فلان أي: أغاثه منه ومنعه، أي: من يجير من يشاء على من يشاء ولا يجير عليه أحد من أراده بسوء.
﴿فأنى تسحرون﴾ أي: فكيف تخدعون عن توحيده ويموه عليكم ؟! كما قال امرؤ القيس: أرانا موضعين لحتم غيب * ونسحر بالطعام وبالشراب (80) أي: نخدع، والخادع هو الشيطان، أو الهوى.
﴿بل﴾ جئناهم ﴿بالحق﴾ بأن الشرك باطل، ونسبة الولد إليه محال ﴿وإنهم لكذبون﴾ بادعائهم الشرك ونسبتهم إليه الولد.
﴿ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحن الله عما يصفون (91) علم الغيب والشهدة فتعالى عما يشركون (92) قل رب إما تريني ما يوعدون (93) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين (94) وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون (95) ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون (96) وقل رب أعوذ بك من همزا ت الشيطين (97) وأعوذ بك رب أن يحضرون (98) حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون (99) لعلى أعمل صلحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون (100)﴾
﴿إذا﴾ تكون جزاء وجوابا لكلام مقدم، وها هنا شرط محذوف، والتقدير: ولو ﴿كان معه آلهة لذهب كل إله بما خلق﴾ أي: لا نفرد كل واحد من الآلهة بما خلقه من الخلق واستبد به، ولرأيتم ملك كل واحد من الآلهة متميزا من ملك الآخرين، ولغلب بعضهم بعضا، كما أن ملوك الدنيا يتغالبون ويطلب بعضهم قهر بعض، وممالكهم متمايزة، فحين لم تروا أثرا لتمايز الممالك والتغالب فاعلموا أنه إله واحد منزه ﴿عما يصفون﴾ من الأولاد والأنداد.
قرئ: ﴿علم الغيب﴾ بالجر صفة ل? " لله "، وبالرفع (81) خبر مبتدأ محذوف.
والنون و " ما " مؤكدتان، " لأن " أي: إن كان لابد أن ﴿تريني﴾ ما وعدوه من العذاب في الدنيا أو في الآخرة فلا تجعلني فيهم، وأخرجني من بينهم إذا أردت إحلال العذاب بهم.
وعن الحسن: أخبره الله تعالى أن له في أمته نقمة، ولم يخبره أفي حياته هي أم بعد وفاته، فأمره أن يدعو بهذا الدعاء (82).
وعن ابن عباس رضي الله عنه، وجابر بن عبد الله: أنه (صلى الله عليه وآله) قال في حجة الوداع وهو بمنى: " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم "، فغمز من خلفه منكبه الأيسر، فالتفت فقال: " أو علي "، فنزلت الآيات (83).
وقوله: ﴿رب﴾ مرتين قبل الشرط وقبل الجزاء، حث على فضل تضرع وجوار ﴿وإنا... لقادرون﴾ على إنجاز ما نعدهم، ولكن ننظرهم ونمهلهم.
﴿ادفع﴾ السيئة بالحسنى، وهو الصفح عنها ومقابلتها بالإحسان ﴿نحن أعلم بما﴾ يذكرونه من أحوالك بخلاف صفتها أو (84) بوصفهم وسوء ذكرهم، وأقدر على جزائهم.
﴿أعوذ بك﴾ أي: أعتصم بك ﴿من﴾ نزغات ﴿الشيطين﴾ والهمز: النخس، ومنه: مهماز الرائض، والشياطين يحثون الناس على المعاصي كما تهمز الراضة الدواب يحثونها على المشي، ونحوه: ﴿تؤزهم أزا﴾ (85)، فأمر عز اسمه بالتعوذ من نخساتهم بلفظ المتضرع إلى ربه المكرر لندائه، وبالتعوذ من أن يحضروه أصلا ويشهدوه، وعن ابن عباس: عند تلاوة القرآن (86)، وعن عكرمة: عند النزع (87)، والأظهر أنه في الأحوال كلها حتى يتعلق ب? ﴿يصفون﴾ أي: لا يزالون على سوء الذكر إلى هذا الوقت.
﴿ارجعون﴾ خطاب لله تعالى بلفظ الجمع للتعظيم، إذا أيقن بالموت تحسر على ما فرط فيه فسأل ربه الرجعة وقال: ﴿لعلي أعمل صلحا﴾ في الذي ﴿تركت?﴾ - ه من المال، وفيما ضيعته من الطاعات، وقيل: هو في الزكاة (88).
وسئل الرضا (عليه السلام): أيعرف القديم سبحانه الشئ الذي لم يكن أنه لو كان كيف كان يكون؟فقال: " أما قرأت قوله عز اسمه: ﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا﴾ وفي موضع آخر: ﴿ولعلا بعضهم على بعض﴾ فقد عرف الشئ الذي لم يكن ولا يكون أن لو كان كيف كان يكون، وقوله سبحانه حين حكى قول الأشقياء: ﴿رب ارجعون لعلى أعمل صلحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها﴾ قال: ﴿ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكذبون﴾ فقد علم الشئ الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون " (89).
و ﴿كلا﴾ معناه: ردع عن طلب الرجعة، وإنكار واستبعاد ﴿إنها كلمة هو قائلها﴾ بلسانه لا حقيقة لها، أو: هو قائلها وحده لا تسمع منه ﴿ومن ورائهم برزخ﴾ والضمير للجماعة، أي: أمامهم حائل وحاجز بينهم وبين الرجعة إلى يوم البعث من القبور.
﴿فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون (101) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون (102) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون (103) تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون (104) ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون (105) قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين (106) ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون (107) قال اخسئوا فيها ولا تكلمون (108) إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين (109) فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون (110)﴾
﴿فلا أنساب بينهم﴾ أي: لا يتواصلون بالأنساب ولا يتعاطفون بها مع معرفة بعضهم بعضا، أو: يتفرقون معاقبين ومثابين.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " كل حسب ونسب منقطع يوم القيامة إلا حسبي ونسبي " (90).
﴿ولا يتساءلون﴾ أي: لا يسأل بعضهم بعضا عن حاله وخبره، لشغل كل واحد منهم بنفسه، وأما قوله: ﴿يتعارفون بينهم﴾ (91)، ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ (92) فقد سئل عنه ابن عباس فقال: هذه تارات يوم القيامة (93)، يعني: أن للقيامة أحوالا مختلفة يتساءلون ويتعارفون في بعضها، ويشغلهم عظم الهول عن المسألة في بعضها.
والموازين: جمع موزون، وهي الموزونات من الأعمال التي لها قدر ووزن عند الله، وقوله: ﴿في جهنم خالدون﴾ بدل من ﴿خسروا أنفسهم﴾، أو يكون خبرا ل? ﴿أولئك﴾ بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف.
﴿تلفح﴾ أي: يصيب وجوههم لفح النار، وعن الزجاج: اللفح والنفح واحد، إلا أن اللفح أشد تأثيرا (94).
و " الكلوح " أن تتقلص الشفتان عن الأسنان.
﴿غلبت علينا﴾ أي: ملكتنا، من قولهم: غلبني فلان على كذا إذا أخذه منه، وقرئ: ﴿شقوتنا﴾ و " شقاوتنا " (95) ومعناهما واحد، وهو سوء العاقبة الذي استحقوه لسوء أعمالهم.
﴿اخسئوا فيها﴾ أي: ذلوا فيها وانزجروا كما تنزجر الكلاب إذا زجرت، يقال: خسئ الكلب فخسأ، لازم ومتعد ﴿ولا تكلمون?﴾ - ي في رفع العذاب فإنه لا يرفع.
﴿سخريا﴾ قرئ بضم السين (96) وكسرها، وهو مصدر سخر كالسخر، إلا أن في الياء زيادة قوة في الفعل، وقيل: إن المكسور من الهزء، والمضموم من السخرة والعبودية (97)، أي: سخرتموهم واستعبدتموهم ﴿حتى أنسوكم﴾ بتشاغلكم بهم عن تلك الصفة ﴿ذكرى﴾ فتركتموه، أي: تركتم أن تذكروني فتخافوني في أوليائي.
﴿إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون (111) قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين (112) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين (113) قل إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون (114) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون (115) فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم (116) ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهن له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون (117) وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين (118) قرئ: ﴿أنهم﴾ بفتح الهمزة وكسرها (98)، فالفتح على أنه مفعول ﴿جزيتهم﴾، والكسر استئناف، أي: قد فازوا حيث صبروا فجزوا أحسن الجزاء بصبرهم.
والضمير في ﴿قال﴾ لله تعالى، أو للسائل عن لبثهم، وقرئ: " قل " في الموضعين (99) على معنى: قل أيها السائل عن لبثهم، استقصروا مدة لبثهم في الدنيا بالإضافة إلى خلودهم في النار، أو: لم يشعروا بطول لبثهم في القبور لكونهم أمواتا أو: لأن المنقضي في حكم ما لم يكن.
وصدقهم الله في تقالهم (100) لسني لبثهم في الدنيا، ووبخهم على غفلتهم التي كانوا عليها.
والمراد ب? ﴿- العادين﴾ الملائكة، لأنهم أحصوا أعمال العباد وأيامهم، وقيل: هم الحساب (101)، أي: فاسأل الملائكة الذين عدوا أعمار الخلق، أو: من يقدر أن يلقي فكره إلى العد فإنا لا نعرف عدد تلك السنين إلا أن نستقلها ونحسبها ﴿يوما أو بعض يوم﴾.
﴿عبثا﴾ حال، أي: عابثين، أو مفعول له، أي: ما ﴿خلقناكم﴾ للعبث بل للحكمة التي اقتضته، وهي أن نتعبدكم ونكلفكم الطاعات ثم نعيدكم في دار الجزاء لنثيب ونعاقب، وقرئ: ﴿ترجعون﴾ بفتح التاء (102).
و ﴿الحق﴾ الثابت الذي لا يزول، أو: الذي يحق له الإلهية والملك فلا يزول ملكه، وكل ملك غيره فملكه مستعار، وإنما يملك بعض الأشياء من بعض الوجوه، وهو ﴿الملك﴾ المالك لجميع الأشياء من جميع الوجوه ووصف ﴿العرش﴾ بالكرم (103) لأن الرحمة تنزل منه، وينال الخير والبركة من جهته، ولنسبته إلى أكرم الأكرمين.
﴿لا برهن له به﴾ صفة لازمة، نحو قوله: ﴿يطير بجناحيه﴾ (104) جئ بها للتوكيد، أو: هو اعتراض بين الشرط والجزاء، كما يقال: من أحسن إلى فلان لا أحق بالإحسان منه، فالله مثيبه.
1- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 347: مكية بلا خلاف، وهو قول قتادة ومجاهد، وهي مائة وثمان عشرة آية في الكوفي، وتسع عشرة في البصري والمدنيين، وليس فيها ناسخ ولا منسوخ، إلا ما روي أنهم كانوا يجيزون الالتفات يمينا وشمالا والى ما وراء، نسخ ذلك بقوله: * (في صلاتهم خاشعون) * فلم يجيزوا أن ينظر المصلي إلا إلى موضع سجوده. وفي الكشاف: ج 3 ص 174 ما لفظه: مكية، وهي مائة وتسع عشرة آية، وثماني عشرة عند الكوفيين، نزلت بعد سورة الأنبياء.
.
2- الآية: 45.
3- رواه الزمخشري في كشافه: ج 3 ص 207 مرسلا.
4- ثواب الأعمال للصدوق: ص 135.
5- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 4 ص 5.
6- في نسخة: " اللعب ".
7- والأزمة: الشدة والقحط، والبيت واضح المعنى، انظر تفسير الكشاف: ج 3 ص 176.
8- قرأه ابن كثير. راجع التبيان: ج 7 ص 350.
9- وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 444.
10- النساء: 58.
11- الأنفال: 27.
12- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 178.
13- في نسخة: " بالمكانة ".
14- قرأه أبو بكر وابن عامر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 557.
15- الزمر: 21.
16- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 557.
17- وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ورويس: راجع المصدر السابق: ص 558.
18- انظر ديوان زهير: ص 62، وفيه " قطينا بها ".
19- في نسخة: " الموضع ".
20- يونس: 78.
21- في نسخة: " بمثل هذا ".
22- الأعراف: 59، الشعراء: 135، الأحقاف: 21.
23- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 183.
24- قاله ابن عباس، على ما حكاه عنه في الكشاف: ج 3 ص 184.
25- تقدم في ص 166 ضمن تفسير الآية: 40 من هود.
26- قرأه أبو بكر. راجع الكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 2 ص 128.
27- وقراءة الكسر هي قراءة أبي جعفر المدني وشيبة وعيسى. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 99، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 404.
28- معاني القرآن: ج 3 ص 12.
29- يوسف: 23.
30- قرأه ابن كثير وأبو عمرو. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون ج 2 ص 559.
31- في نسختين زيادة: " من ".
32- الأعراف: 101، يونس: 13، إبراهيم: 9، الروم: 9، فاطر: 25، غافر: 83.
33- في نسخة: " كانقلاب ".
34- القصص: 4.
35- النساء: 140.
36- الطلاق: 12.
37- الأعراف: 194.
38- الأنبياء: 91.
39- وهو قول أبي هريرة والحسن. راجع تفسير الطبري: ج 9 ص 218.
40- قاله القمي علي بن إبراهيم في تفسيره: ج 2 ص 91.
41- كامل الزيارات لابن قولويه: ص 48، معاني الأخبار للصدوق: ص 373.
42- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 4 ص 15.
43- قاله الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 190.
44- وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي والكلبي. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 310، وتفسير الآلوسي: ج 18 ص 40.
45- قاله الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 190.
46- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 446.
47- وهي قراءة ابن عامر. راجع المصدر السابق.
48- قرأه ابن عامر والأعمش وأبو عمرو. راجع تفسير السمرقندي: ج 2 ص 415، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 408.
49- وصدره: ليالي اللهو يطبيني فأتبعه، ومعناه واضح. انظر ديوان ذي الرمة: ص 27.
50- قاله ابن عباس وابن جبير. راجع البحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 410.
51- روضة الكافي: ص 192 ح 294.
52- كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي: ص 24 ح 54.
53- حكاه عنه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 377.
54- في نسخة: " منه ".
55- انظر تفسير القرطبي: ج 12 ص 135.
56- في نسخة: " لا تعاونون ".
57- في نسخة زيادة: " به ".
58- في نسختين: " أو " بدل " و ".
59- ليس في نسخة كلمة " الذين ".
60- قرأه نافع. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 560.
61- في نسخة: " استبعدوه ".
62- يس: 6.
63- في نسختين: " الأمر ".
64- فتح الباري لابن حجر: ج 7 ص 146.
65- في نسخة: " وأوثقهم ".
66- في نسختين: " رفعه ".
67- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 196.
68- الصافات: 168 و 169.
69- في نسخة: " أو " بدل " و ".
70- في نسخة: " فالكبير ".
71- في نسخة: " أطم ".
72- الروم: 12.
73- في نسختين: " التحسير ". وهو قول العجاج على ما في تفسير الماوردي: ج 4 ص 302.
74- في نسخة زيادة: " هو ".
75- من قول إبراهيم بن هرمة يرثي ابنه: فأنت من الفوائل حين ترمى * وعن ذم الرجال بمنتزاح انظر الخصائص لابن جني: ج 2 ص 316 و ج 3 ص 121.
76- في نسخة: " لهم ".
77- قرأه أبو عمرو. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 100.
78- في نسختين: " استعلمتكم منه ".
79- وممن قرأ الاخريتين بغير اللام: أبو عمرو ويعقوب. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 560.
80- انظر ديوان امرئ القيس: ص 72 وفيه " لأمر " بدل " لحتم ".
81- قرأه نافع وأبو بكر وحمزة والكسائي. راجع كتاب العنوان في القراءات: ص 137.
82- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 201.
83- شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ج 1 ص 404.
84- في نسخة: " أي " بدل " أو ".
85- مريم: 83.
86- حكاه عنه أبو السعود في تفسيره: ج 6 ص 150.
87- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 202.
88- وهو قول الصادق (عليه السلام). رواه عنه الكليني في الكافي: ج 3 ص 503 ح 3، والصدوق في ثواب الأعمال: ص 280.
89- رواه العياشي في تفسيره على ما حكاه في المجمع: ج 7 ص 117.
90- أخرجه ابن سعد في طبقاته: ج 8 ص 340.
91- يونس: 45.
92- الصافات: 27.
93- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 318.
94- معاني القرآن: ج 4 ص 23.
95- قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 561.
96- قرأه نافع وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 448.
97- قاله الفراء والكسائي. انظر الكشاف: ج 3 ص 205.
98- وممن قرأها بالكسر: حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات: ج 2 ص 561.
99- قرأها حمزة والكسائي بصيغة الأمر في الموضعين، وقرأ ابن كثير الأول فقط كذلك. انظر المصدر السابق: ص 562.
100- في نسخة: " مقالهم ".
101- قاله قتادة. راجع التبيان: ج 7 ص 401.
102- قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 450.
103- في نسخة: " بالكريم ".
104- الأنعام: 38.