سورة الأنبياء
مكية (1)، وهي مائة واثنتا عشرة آية كوفي، وإحدى عشرة آية غيرهم، عد الكوفي ﴿لا ينفعكم شيئا ولا يضركم﴾ (2).
في حديث أبي: " من قرأ سورة الأنبياء حاسبه الله حسابا يسيرا، وصافحه وسلم عليه كل نبي ذكر اسمه في القرآن " (3).
وقال أبو عبد الله (عليه السلام): " من قرأها حبا لها كان ممن رافق النبيين في جنات النعيم، وكان مهيبا في أعين الناس في الدنيا " (4).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون (1) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون (2) لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون (3) قال ربى يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم (4) بل قالوا أضغث أحلم بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون (5)﴾.
اللام في ﴿للناس﴾ لتوكيد معنى إضافة " الحساب " إلى " الناس "، والأصل (5): اقتراب حساب الناس (6)، ثم اقترب للناس الحساب، ثم ﴿اقترب للناس حسابهم﴾ والمراد: اقتراب القيامة، وإذا اقتربت فقد اقترب ما يكون فيها من الحساب والثواب والعقاب وغير ذلك، وإنما وصفت بالقرب لأن كل آت وإن طالت مدة ترقبه قريب، وإنما البعيد هو الذي وجد وانقرض.
وفي كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): " أن الدنيا ولت حذاء (7) ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء " (8).
وصفهم بالغفلة مع الإعراض على معنى: أنهم غافلون عن حسابهم، ساهون لا يتفكرون في عاقبتهم، وإذا نبهوا عن سنة الغفلة بما يتلى عليهم من الآيات أعرضوا عن التفكر فيها والتدبر لها والإيمان بها، ثم قرر سبحانه إعراضهم عن تنبيه المنبه بأن الله يجدد لهم الذكر وقتا فوقتا، ويحدث لهم الآية بعد الآية والسورة بعد السورة ليتعظوا، فما يزيدهم استماع الآي والسور إلا لعبا وتلهيا.
وقوله: ﴿وهم يلعبون لاهية قلوبهم﴾ حالان مترادفتان أو متداخلتان، وأبدل ﴿الذين ظلموا﴾ من واو ﴿وأسروا﴾ إذانا بأنهم الموسومون بالظلم فيما أسروا به، أو يكون على لغة من قال: أكلوني البراغيث، أو هو مبتدأ وخبره ﴿وأسروا النجوى﴾ قدم عليه، والمعنى: ﴿و﴾ هؤلاء ﴿أسروا النجوى﴾ بالغوا في إخفاتها، فوضع الظاهر موضع المضمر تسجيلا على أفعالهم بأنه ظلم ﴿هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون﴾ هذا الكلام كله في محل النصب بدلا من ﴿النجوى﴾ أي: وأسروا هذا الحديث، ويجوز أن يتعلق ب? " قالوا " مضمرا.
اعتقدوا أن الرسول من الله لا يكون إلا ملكا، وأن كل من ادعى الرسالة من البشر وأتى بالمعجزات فهو ساحر، وما أتى به فهو سحر، فلذلك قالوا: ﴿أفتأتون السحر وأنتم﴾ تعاينون أنه سحر؟وقرئ: ﴿قال ربى﴾ على الخبر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يقل: يعلم السر، لأن القول عام يشمل السر والجهر، فكان في العلم به العلم بالسر وزيادته (9)، ثم بين ذلك بقوله: ﴿وهو السميع العليم﴾ أي: العالم لذاته لا يخفي عليه خافية.
ثم أضربوا عن قولهم: هو سحر، إلى: أنه تخاليط ﴿أحلم﴾، ثم إلى: أنه كلام مفترى من عنده، ثم إلى: أنه قول شاعر، لأن الباطل لجلج، والمبطل متحير لا يثبت على قول واحد، وصحة التشبيه في قوله: ﴿كما أرسل الأولون﴾ من حيث إنه في معنى: كما أتى ﴿الأولون﴾ بالآيات، لأن إرسال الرسل متضمن للإتيان بالآيات، فلا فرق بين أن يقول: أرسل محمد (صلى الله عليه وآله)، وبين قولك: أتى محمد (صلى الله عليه وآله) بالمعجز.
﴿ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون (6) وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (7) وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين (8) ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين (9) لقد أنزلنا إليكم كتبا فيه ذكركم أفلا تعقلون (10)﴾ في قوله: ﴿أفهم يؤمنون﴾ دلالة على أنهم أعتى من الأمم التي اقترحت على أنبيائهم الآيات ووعدوهم أن يؤمنوا عندها، فلما جاءتهم خالفوا وأخلفوا الوعد فأهلكهم الله، أي: فلو أعطيناهم ما اقترحوا لكانوا أنكث منهم.
واختلف في ﴿أهل الذكر﴾ فقيل: هم أهل الكتاب (10)، وقيل: هم أهل العلم بأخبار من مضى من الأمم (11).
وعن علي (عليه السلام): " نحن أهل الذكر " (12).
﴿لا يأكلون الطعام﴾ صفة الجسد، والمعنى: وما جعلنا الأنبياء قبله ذوي جسد غير طاعمين، ووحد " الجسد " لإرادة الجنس، كأنه قال: ذوي ضرب من الأجساد، وهذا رد لقولهم: ﴿مال هذا الرسول يأكل الطعام﴾ (13)، ﴿وما كانوا خالدين﴾ أي: ما أخرجناك (14) وما أخرجناهم عن حد البشرية بأن أوحينا إليهم.
﴿ثم صدقناهم الوعد﴾ أي: في الوعد، فهو مثل قوله: ﴿واختار موسى قومه﴾ (15) أي: من قومه.
ومنه قولهم: صدقني سن بكره، وصدقوهم القتال ﴿فأنجيناهم﴾ من أعدائهم ﴿و﴾ أنجينا ﴿من نشاء﴾ من المؤمنين بهم ﴿وأهلكنا المسرفين﴾ وهم المشركون، أسرفوا على أنفسهم بتكذيبهم الأنبياء.
﴿فيه ذكركم﴾ أي: شرفكم وصيتكم، كما في قوله: ﴿وإنه لذكر لك ولقومك﴾ (16)، أو: موعظتكم، أو فيه مكارم الأخلاق التي كنتم تطلبون بها الثناء وحسن الذكر، كالسخاء وأداء الأمانة والوفاء وحسن الجوار وصدق الحديث وأشباهها من محاسن الأفعال.
﴿وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين (11) فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون (12) لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومسكنكم لعلكم تسئلون (13) قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين (14) فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين (15) وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين (16) لو أردنا أن نتخذ لهوا لأتخذنه من لدنا إن كنا فعلين (17) بل نقذف بالحق على البطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون (18) وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون (19) يسبحون الليل والنهار لا يفترون (20)﴾ هذا كلام وارد عن غضب شديد، لأن القصم أفظع الكسر، بخلاف الفصم، وهو سبحانه قاصم الجبارين، وأراد بالقرية أهلها ولذلك وصفها بالظلم، والمعنى: أهلكنا قوما وأنشأنا قوما آخرين، وعن ابن عباس: أنها " حضور "، وهي و " سحول " قريتان باليمن، تنسب إليهما الثياب (17).
وفي الحديث: كفن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ثوبين سحوليين، ويروى: حضوريين (18).
بعث الله إليهم نبيا اسمه " حنظلة " فقتلوه، فسلط عليهم " بختنصر " كما سلط على أهل بيت المقدس فاستأصلهم.
وظاهر الآية على الكثرة، ولعل ابن عباس ذكر " حضور " بأنها إحدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية.
فلما علموا شدة بطشنا (19) بأجسامهم وشاهدوا عذابنا ركضوا من ديارهم، والركض: ضرب الدابة بالرجل، أي: هربوا وانهزموا من قريتهم لما أدركتهم مقدمة العذاب، فقيل لهم: ﴿لا تركضوا﴾ والقول محذوف، ويحتمل أن يكون القائل بعض الملائكة، أو من هناك من المؤمنين ﴿وارجعوا إلى ما أترفتم فيه﴾ من العيش الرافه والحال الناعمة، والإتراف: إبطار النعمة، وهي الترفه ﴿لعلكم تسئلون﴾ تهكم بهم، أي: ارجعوا إلى نعمتكم ومساكنكم لعلكم تسألون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة، أو: ارجعوا واجلسوا في مجالسكم ومراتبكم كما كنتم كذلك حتى تسألكم حشمكم ومن تملكون أمره ويقولوا لكم: بم تأمرون؟وماذا ترسمون؟كعادة المنعمين، أو: يسألكم الناس في أنديتكم المعاونة في الخطوب النازلة، ويستشفون بآرائكم في المهمات الكادسة (20).
﴿تلك﴾ إشارة إلى ﴿يا ويلنا﴾، والدعوى بمعنى الدعوة، أي: ﴿فما زالت تلك﴾ الدعوى ﴿دعواهم﴾، وإنما سمي الدعوى لأن المولول كأنه يدعو الويل فيقول: تعال يا ويل فهذا وقتك، والحصيد: الزرع المحصود، أي: جعلناهم مثل الحصيد، شبههم به في استئصالهم، أي: جعلناهم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود، كما يقال: جعلته حلوا حامضا أي: جامعا للطعمين.
وما جعلنا هذا السقف المرفوع وهذا المهاد الموضوع ﴿وما بينهما﴾ من أنواع الخلائق للهو واللعب، وإنما سويناها للفوائد الدينية والحكم الإلهية.
﴿لأتخذنه من لدنا﴾ أي: من جهة قدرتنا، واللهو: الولد، وقيل: المرأة (21)، وقيل: ﴿من لدنا﴾ أي: من الملائكة لا من الإنس (22)، وهو رد لولادة المسيح وعزير، بل إضراب عن اتخاذ اللهو، كأنه قال: سبحاننا أن نتخذ اللهو واللعب.
﴿بل﴾ من موجب حكمتنا أن نغلب اللهو بالجد وندحض الباطل ﴿بالحق﴾، واستعار لذلك القذف والدفع تصويرا لإبطاله به ومحقه، فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلا قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه، ثم قال: ﴿ولكم الويل مما تصفون﴾ به مما لا يجوز عليه.
﴿ومن عنده﴾ هم الملائكة، يعني: أنهم منزلون منه منزلة المقربين عند الملوك، لشرفهم على الخلق وكرامتهم عليه ﴿ولا يستحسرون﴾ أي: لا يعيون ولا يملون.
﴿يسبحون﴾ أي: ينزهون الله تعالى عما لا يليق بصفاته على الدوام في ﴿الليل والنهار﴾ لا يضعفون عنه.
﴿أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون (21) لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحن الله رب العرش عما يصفون (22) لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون (23) أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهنكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون (24) وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون (25) وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون (26) لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون (27) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون (28) ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين (29) أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون (30)﴾
﴿أم﴾ هذه منقطعة بمعنى " بل "، والهمزة فقد دلت على الإضراب عما قبلها، والإنكار لما بعدها، وهو أن يتخذوا ﴿من الأرض﴾ آلهة ﴿ينشرون﴾ الموتى، ومن أعظم المنكرات أن ينشر الموات الأموات، وإذا ادعوا لها الإلهية لزمهم أن يدعوا لها الإنشار، لأنه لا يستحق هذا الاسم إلا القادر على كل مقدور، وقوله: ﴿من الأرض﴾ من نحو قولك: فلان من الكوفة، تريد: أنه كوفي، فيه إيذان بأنها الأصنام التي تعبد في الأرض، أو يريد: ﴿آلهة﴾ من جنس الأرض، لأنها: إما أن تنحت من بعض حجارة الأرض أو تعمل من بعض جواهرها، وقرئ: " ينشرون " (23)، ويقال: أنشر الله الموتى ونشرها، وهما لغتان.
ثم دل سبحانه على توحيده فقال: ﴿لو كان فيهما﴾ أي: في السماء والأرض ﴿آلهة إلا الله لفسدتا﴾ وصفت الآلهة ب? ﴿إلا﴾ كما توصف ب? " غير "، كما لو قيل: آلهة غير الله، ولا يجوز أن يكون بدلا، لأن البدل لا يسوغ إلا في غير الموجب، كقوله: ﴿ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك﴾ (24) وذلك أن أعم العام يصح نفيه ولا يصح إيجابه، والمعنى: لو كان يدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو منشئهما ومحدثهما ﴿لفسدتا﴾ ولم ينتظم أمرهما، وفي هذا دليل التمانع الذي بنى عليه المتكلمون في مسألة التوحيد.
﴿لا يسئل عما يفعل﴾ لأن أفعاله كلها حكمة وصواب، ولا يجوز عليه فعل القبيح ﴿وهم يسئلون﴾ لأنهم مملوكون مستعبدون، يقع منهم الحسن والقبيح، فهم جدراء بأن يقال لهم: لم فعلتم في كل شئ فعلوه؟وكرر ﴿أم اتخذوا من دونه آلهة﴾ استعظاما لكفرهم ﴿قل﴾ لهم: ﴿هاتوا برهنكم﴾ على ذلك من جهة العقل أو من جهة الوحي، فإنكم لا تجدون كتابا من كتب الأولين إلا وفيه الدعاء إلى التوحيد والنهي عن الشرك ﴿هذا﴾ القرآن ﴿ذكر من معي﴾ أي: عظة الذي معي، يعني: أمته ﴿وذكر﴾ الذين ﴿قبلي﴾ من أمم الأنبياء ممن نجا بالإيمان أو هلك بالكفر.
وعن الصادق (عليه السلام): يعني ب? ﴿ذكر من معي﴾ من معه وما هو كائن، وب? ﴿ذكر من قبلي﴾ ما قد كان (25).
ثم ذمهم سبحانه بالجهل في قوله: ﴿بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون﴾ عن التأمل والنظر.
وقرئ: ﴿نوحي﴾ و " يوحى " (26) وهذه الآية مقررة لما قبلها من آي التوحيد.
﴿وقالوا اتخذ الرحمن ولدا﴾ هم خزاعة حيث قالوا: الملائكة بنات الله ﴿سبحانه﴾ نزه ذاته عن ذلك، ثم أخبر عنهم بأنهم ﴿عباد﴾، والعبودية تنافي الولادة ﴿مكرمون﴾ أكرمهم الله وقربهم.
﴿لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون﴾ يعني: يتبعون قوله ولا يقولون شيئا حتى يقوله، فلا يسبق قولهم قوله، وكما أن قولهم تابع لقوله فعملهم أيضا كذلك مبني على أمره، لا يعملون عملا لم يأمرهم به، وجميع ما يأتون ويذرون مما قدموا وأخروا بعين الله، يحيط علما بما عملوا وما هم عاملون، ولا يجترئون أن يشفعوا ﴿إلا لمن ارتضى﴾ الله دينه، أو: ارتضى أن يشفع فيه وأهله للشفاعة وهم المؤمنون، ثم إنهم مع هذا كله ﴿من﴾ خشية الله ﴿مشفقون﴾ خائفون وجلون من التقصير في عبادته.
ثم أوعد بعذاب جهنم من أشرك منهم إن كان ذلك على سبيل الفرض والتمثيل، تقطيعا لأمر الشرك، كما قال: ﴿ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون﴾ (27) وقرئ: " ألم ير "، بغير واو (28)، والمعنى: أن السماء كانت لاصقة بالأرض لا فضاء بينهما، وكانت ﴿السماوات﴾ متلاصقات وكذلك الأرضون لا فرج بينها ففتقها الله وفرج الله بينهما، وقيل: ﴿ففتقناهما﴾ بالمطر والنبات بعد ما كانت مصمتة (29) وهو المروي عنهم (عليهم السلام) (30)، وإنما قال: ﴿كانتا﴾ ولم يقل: " كن "، لأن المراد جماعة السماوات وجماعة الأرض، كما قيل: لقاحان سوداوان أي: جماعتان، فعل في المضمر مثل ما فعل في المظهر ﴿وجعلنا﴾ لا يخلو أن يتعدى إلى واحد أو اثنين، فإن كان الأول فالمعنى: خلقنا ﴿من الماء كل﴾ حيوان كقوله: ﴿والله خلق كل دابة من ماء﴾ (31)، أو: كأنما خلقناه من الماء لحاجته إليه وقلة صبره عنه كقوله: ﴿خلق الانسان من عجل﴾ (32)، وإن كان الثاني فالمعنى: صيرنا ﴿كل شئ حي﴾ بسبب ﴿من الماء﴾ لا بد له منه، ويكون ﴿من﴾ هنا كما في قوله (عليه السلام): " ما أنا من دد ولا الدد مني " (33).
﴿وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون (31) وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون (32) وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون (33) وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون (34) كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون (35)﴾
﴿رواسي﴾ أي: جبال ثوابت، أي: كراهة ﴿أن تميد بهم﴾ وتضطرب، أو لأن لا تميد بهم، فحذف " لا " واللام، وإنما حذف " لا " لعدم الالتباس، كما زيد لذلك في نحو قوله: ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب﴾ (34) وهذا مذهب الكوفيين ﴿وجعلنا فيها﴾ أي: في الرواسي ﴿فجاجا﴾ أي: طرقا واسعة بينها، جمع " فج " وهي صفة ل? " سبل "، فلما تقدمت عليها جعلت حالا منها.
﴿سقفا محفوظا﴾ من أن يسقط إلى الأرض ويتزلزل، أو: محفوظا بالشهب عن أن يتسمع الشياطين على سكانه من الملائكة ﴿وهم عن آياتها﴾ أي: عما وضع الله فيها من الأدلة والعبر بالشمس والقمر وسائر الكواكب ومسائرها على الحساب القويم والترتيب المستقيم الدال على الحكمة البالغة، فمن أعرض عن الاستدلال بها على عظم شأن من أوجدها وبديع حكمته فلا جهل أعظم من جهله.
﴿كل﴾ التنوين فيه عوض عن المضاف إليه، أي: كلهم ﴿في فلك يسبحون﴾، والضمير ل? ﴿الشمس والقمر﴾ والمراد: جنس الطوالع كل يوم وليلة، ولذلك جعلت متكاثرة لتكاثر مطالعها، وهو السبب في جمعها بالشموس والأقمار وإن كانت الشمس واحدة والقمر واحدا، وإنما جعل الضمير " واو " العقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة.
كانوا قد تمنوا موته (عليه السلام) ليشمتوا بذلك فنفي الله عنه الشماتة بهذا، أي: قضى الله أن لا يخلد في الدنيا بشرا، فإن ﴿مت﴾ أنت أيبقى هؤلاء؟و ﴿فتنة﴾ مصدر مؤكد ل? ﴿نبلوكم﴾ من غير لفظه، أي: يختبركم بما يجب فيه الصبر من البلايا، وبما يجب فيه الشكر من العطايا ﴿وإلينا﴾ مرجعكم فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر والشكر.
﴿وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كفرون (36) خلق الانسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون (37) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (38) لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون (39) بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون (40)﴾ الذكر يكون بالخير وبالشر، فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق، تقول للرجل: سمعت فلانا يذكرك، فإن كان الذاكر صديقا فهو ثناء، وإن كان عدوا فهو ذم، ومنه قوله: ﴿أهذا الذي يذكر آلهتكم﴾ وقوله: ﴿سمعنا فتى يذكرهم﴾ (35)، والمعنى: أنهم يذكرون آلهتهم بما يجب أن لا تذكر به لكونهم شفعاء وشهداء، ويسؤهم أن يذكرها ذاكر بخلاف ذلك و ﴿هم كفرون﴾ بما يجب أن يذكر الله به من الوحدانية لا يصدقون به، فهم أحق بأن يتخذوا ﴿هزوا﴾ منك لأنهم مبطلون وأنت محق، والجملة في موضع " الهزء " وهو الكفر بالله، ويجوز أن يكون في موضع الحال على حذف القول، أي: قائلين: ﴿أهذا الذي يذكر آلهتكم﴾.
كانوا يستعجلون عذاب الله ويقولون: ﴿متى هذا الوعد﴾، فأراد الله سبحانه نهيهم عن الاستعجال فقدم أولا ذم ﴿الانسان﴾ على العجلة وأنه مطبوع عليها، ثم نهاهم وزجرهم، فكأنه قال: ليس ببدع منكم أن تستعجلوا، فإنكم مجبولون على ذلك وهو سجيتكم، وعن ابن عباس: أنه أراد بالإنسان آدم، إنه لما بلغ الروح صدره أراد أن يقوم (36)، والظاهر أن المراد به الجنس، وقيل: العجل: الطين بلغة حمير (37) واستشهد بقول شاعرهم: والنبع ينبت بين الصخر صاخية * والنخل ينبت بين الماء والعجل (38) وجواب ﴿لو﴾ محذوف أي: لو علموا لما قاموا على الكفر ولما استعجلوا، و ﴿حين﴾ مفعول ﴿يعلم﴾، أي: ﴿لو يعلم الذين كفروا﴾ الوقت الذي يستعجلون عنه بقولهم: متى هذا الوعد، وهو وقت صعب يحيط بهم فيه ﴿النار﴾ من ورائهم وقدامهم، فلا يقدرون على رفعها من نفوسهم، ولا يجدون ناصرا ينصرهم، لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء، ويجوز أن يكون ﴿يعلم﴾ متروكا بلا تعدية بمعنى: لو كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين، ويكون ﴿حين﴾ منصوبا بمضمر، أي: ﴿حين لا يكفون عن وجوههم النار﴾ يعلمون أنهم كانوا على الباطل.
﴿بل﴾ تفجأهم الساعة أو النار التي وعدوا بها فتغلبهم، ويقال لمن غلب في الحجاج: مبهوت، وفي قوله: ﴿ولا هم ينظرون﴾ تذكير بإنظاره وإمهاله إياهم، أي: لا يمهلون بعد طول الإمهال.
﴿ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون (41) قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون (42) أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون (43) بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون (44) قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون (45)﴾ ثم سلى سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله) عن استهزائهم به بأن له في الأنبياء قبله أسوة، وأنه يحل بهم وبال استهزائهم كما حل بأولئك.
﴿من الرحمن﴾ أي: من بأس الرحمن وعذابه، والكلاءة: الحفظ، بل هم ﴿معرضون﴾ عن ذكر ربهم لا يخطرونه ببالهم فضلا عن أن يخافوا بأسه، والمراد: أنه أمر بسؤالهم عن الكالئ، ثم بين أنهم لا يصلحون لذلك، لإعراضهم عن ذكر من يكلؤهم.
ثم أضرب عن ذلك لما في ﴿أم﴾ من معنى " بل "، وقال: ﴿أم لهم آلهة تمنعهم من﴾ العذاب تتجاوز منعنا وحفظنا، ثم استأنف وبين أن ما ليس بقادر على نصر نفسه ومنعها، ولا بمصحوب من الله بالنصر كيف يمنع غيره وينصره ؟! ثم قال: ﴿بل﴾ ما هم فيه من الكلاءة إنما هو منا أمهلناهم ومتعناهم بالحياة الدنيا كما متعنا ﴿آباءهم حتى طال عليهم﴾ الأمد، فظنوا أنهم لا ينزع عنهم ثوب الأمن والطمأنينة.
﴿أفلا يرون أنا﴾ ننقص أرض الكفر بتسليط المسلمين عليها وإظهارهم على أهلها، وقيل: ننقصها بموت العلماء (39)، وعلى القول الأول ففي قوله: ﴿أنا نأتى الأرض ننقصها﴾ تصوير لما كان ينجز به الله على أيدي المسلمين من الغلبة على ديار المشركين، والنقص من أطرافها.
وقرئ: " لا تسمع الصم " (40) على الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله).
﴿ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين (46) ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفي بنا حاسبين (47) ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضيآء وذكرا للمتقين (48) الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون (49) وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون (50)﴾ أي: وإن مسهم مما أنذروا به أدنى شئ لذلوا وأقروا بالظلم على أنفسهم، وفي " النفحة " معنى القلة لبناء المرة، ولقولهم: نفحته الدابة وهو ريح يسير، ونفحه بعطية إذا رضخه (41).
﴿ونضع لموازين﴾ ذوات ﴿القسط﴾ فحذف المضاف، ووصفت ﴿الموازين﴾ ب? ﴿القسط﴾ وهو العدل مبالغة، كأنها في أنفسها قسط ﴿ل?﴾ أهل ﴿يوم القيمة﴾ أي: لأجلهم، أو هو كاللام في قولك: لخمس ليال خلون من الشهر، ومنه قول النابغة: توسمت آيات لها فعرفتها * لستة أعوام وذا العام سابع (42) ﴿فلا تظلم نفس شيئا﴾ لا ينقص من إحسان محسن، ولا يزاد في إساءة مسئ ﴿وإن كان﴾ الظلامة ﴿مثقال حبة من خردل أتينا بها﴾ أحضرناها للمجازاة، ويجوز أن يؤنث ضمير " المثقال " لإضافته إلى " الحبة "، كما يقال: ذهبت بعض أصابعه، وقرأ الصادق (عليه السلام) وابن عباس ومجاهد: " آتينا بها " بالمد (43)، وهي مفاعلة من الإتيان بمعنى: المجازاة والمكافأة، لأنهم أتوه بالأعمال وأتاهم بالجزاء.
و ﴿الفرقان﴾: التوراة، و ﴿ضياء﴾ أي: وآتيناهما به ضياء ﴿وذكرا للمتقين﴾ والمعنى: أنه في نفسه ضياء وذكرى، أو يريد: أتيناهما بما فيه من الشرائع ضياء وذكرى، وقيل: ﴿الفرقان﴾ فلق البحر (44)، وقيل: المخرج من الشبهات (45).
ومحل ﴿الذين﴾ جر على الوصف، أو نصب على المدح، أو رفع عليه.
﴿وهذا﴾ القرآن ﴿ذكر مبارك﴾ وبركته: خيره ومنافعه، ودوام ذلك إلى يوم القيامة.
﴿ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به علمين (51) إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عكفون (52) قالوا وجدنا آباءنا لها عبدين (53) قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلل مبين (54) قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين (55) قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذا لكم من الشاهدين (56) وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين (57) فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون (58) قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين (59) قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم (60)﴾ الرشد: الاهتداء لوجوه الصلاح، ومعنى إضافته إليه: أنه رشد مثله، وأنه رشد له شأن، وقيل: هو الحجج الموصلة إلى التوحيد (46)، وقيل: النبوة (47) ﴿من قبل﴾ أي: من قبل موسى وهارون ﴿وكنا به﴾ أي: بصفاته الرضية وأسراره ﴿علمين﴾ حتى أهلناه لخلتنا.
﴿إذ﴾ يتعلق ب? ﴿آتينا﴾ أو ب? ﴿رشده﴾، وقوله: ﴿ما هذه التماثيل﴾ تصغير لشأن آلهتهم، وتحقير لها، ولم ينو للعاكفين مفعولا وأجراه مجرى ما لا يتعدى، أي: فاعلون للعكوف لها، ولو قصد التعدية لقال: ﴿عكفون﴾ عليها.
وروي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال: ﴿ما هذه التماثيل التي أنتم لها عكفون﴾؟لقد عصيتم الله ورسوله (48).
اعترفوا بتقليد الآباء حين لم يجدوا حجة في عبادتها، وكفي أهل التقليد عارا وسبة أن عابدي الأوثان منهم.
﴿أنتم﴾ من التوكيد الذي لا يصح الكلام مع الإخلال به، لأن العطف على ضمير " هو " في حكم بعض الفعل لا يجوز، أي: أنتم ومن قلدتموهم قد انخرطتم في سلك ضلال ظاهر غير خاف.
﴿قالوا﴾ له: هذا الذي ﴿جئتنا﴾ به أجد هو وحق ﴿أم﴾ هزل ولعب؟إذ تعجبوا من تضليله إياهم، واستبعدوا أن يكونوا على ضلال.
والضمير في ﴿فطرهن﴾ ل? ﴿السماوات والأرض﴾ أو ل? ﴿التماثيل﴾.
و ﴿تالله﴾ التاء فيها بدل من الواو المبدلة من الباء، وفي التاء زيادة معنى وهو التعجب، كأنه تعجب من تسهل الكيد على يده، وتأنيه لصعوبته، وتعذره على يده (49) في زمن النمرود مع فرط عتوه واستكباره، وعن قتادة: قال ذلك سرا من قومه (50).
وروي (51): أنهم خرجوا في يوم عيد لهم، فجعل إبراهيم أصنامهم جذاذا أي: قطعا، من الجذ وهو القطع، كسرها كلها بفأس في يده حتى إذا لم يبق إلا الصنم الكبير علق الفأس في عنقه، وقرئ: " جذاذا " (52) جمع جذيذ، وإنما استبقى الكبير، لأنه غلب في ظنه أنهم لا يرجعون إلا ﴿إليه﴾ لما كانوا يسمعون من إنكاره لدينهم وسبه لآلهتهم، فأراد أن يبكتهم بقوله: ﴿بل فعله كبيرهم هذا فسلوهم﴾ (53) وعن الكلبي: ﴿إليه﴾ أي: إلى ﴿كبيرهم﴾ كما يرجع إلى العالم في حل المشكلات (54)، فيقولون له: ما لهؤلاء مكسورة وما لك صحيحا والفأس على عاتقك؟فتبين لهم أنه عاجز لا ينفع ولا يضر، وأنهم في عبادته على غاية الجهل ﴿إنه لمن الظالمين﴾ أي: من فعل هذا الكسر والحطم إنه لشديد الظلم، لجرأته على آلهتنا ﴿إبراهيم﴾ خبر مبتدأ محذوف، أو منادى، والأوجه أن يكون فاعل " يقال "، لأن المراد الاسم لا المسمى.
﴿قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون (61) قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم (62) قال بل فعله كبيرهم هذا فسلوهم إن كانوا ينطقون (63) فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون (64) ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون (65) قال أفتعبدون من دون الله مالا ينفعكم شيئا ولا يضركم (66) أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون (67) قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فعلين (68) قلنا ينار كونى بردا وسلما على إبراهيم (69) وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين (70)﴾ أي: فجيئوا ﴿به على أعين الناس﴾ أي: معاينا مشاهدا بمرأى من الناس ومنظر، فهو في موضع الحال ﴿لعلهم يشهدون﴾ عليه بما فعله، أو يحضرون عقوبتنا له.
﴿فعله كبيرهم هذا﴾ من معاريض الكلام، ولم يكن قصدا من إبراهيم (عليه السلام) إلى أن ينسب الفعل إلى الصنم، وإنما قصد تقريره (عليه السلام) لنفسه على هذا الأسلوب تبكيتا لهم، كما لو قال لك صاحبك وقد كتبت كتابا بخط رائق وأنت مشهور بحسن الخط: أنت كتبت هذا؟وصاحبك أمي لا يحسن الكتابة، فقلت له: بل كتبت أنت، وقصدك بهذا الجواب تقرير الكتاب لك مع الاستهزاء به، لا نفيه عنك وإثباته لصاحبك الأمي، وقيل: إن تقديره: ﴿بل فعله كبيرهم.... إن كانوا ينطقون﴾
فاسألوهم، فعلق الكلام بشرط لا يوجد (55)، وقيل إن التقدير: ﴿بل فعله﴾ من فعله ويوقف عليه، ويبتدأ فيقرأ ﴿كبيرهم هذا فسلوهم إن كانوا ينطقون﴾ (56).
﴿ف?﴾ لما ألقمهم الحجر ﴿رجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون﴾ على الحقيقة لا من ظلمتموه حين قلتم: ﴿من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين﴾.
ونكست الشئ: قلبته فجعلت أسفله أعلاه، وانتكس: انقلب، والمعنى: انتكسوا عن كونهم مجادلين لإبراهيم وصاروا مجادلين عنه حين نفوا عنها القدرة على النطق، أو يريد: قلبوا على ﴿رؤوسهم﴾ لفرط إطراقهم، خجلا مما بهتهم به إبراهيم، فما أجابوا جوابا إلا ما هو حجة عليهم.
﴿أف﴾ صوت يعلم به أن صاحبه متضجر، تأفف بهم: إذا ضجره ما رأى من ثباتهم على عبادتهم (57) بعد وضوح الحق وانقطاع العذر، واللام لبيان المتأفف به، أي: ﴿لكم﴾ ولآلهتكم هذا التأفف.
ولما غلبوا أزمعوا على إهلاكه وتحريقه، فجمعوا الحطب حتى إن الرجل ليمرض فيوصي بماله يشترى به حطب لإبراهيم! ثم أشعلوا نارا عظيما كادت الطير تحترق في الجو من وهجها، ثم وضعوه في المنجنيق مقيدا مغلولا فرموا به فيها، وذكر أن جبرائيل (عليه السلام) قال له حين رمي به: هل لك حاجة؟قال: أما إليك فلا، قال: فاسأل ربك، قال: حسبي من سؤالي علمه بحالي (58).
وعن الصادق (عليه السلام): أنه قال: يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فحسرت النار عنه، وإنه لمختبئ ومعه جبرائيل (عليه السلام) وهما يتحدثان في روضة خضراء (59).
﴿كونى بردا وسلما﴾ يعني: ذات برد وسلام، فبولغ في ذلك، كأن ذاتها برد وسلام، والمراد: ابردي فيسلم منك إبراهيم (عليه السلام)، وابردي بردا غير ضار، وعن ابن عباس: لو لم يقل ذلك لأهلكته ببردها (60)، نزع الله عن النار طبعها من الحر والإحراق وأبقاها على الإنارة والإشراق كما كانت، والتحقيق: أن النار من جهة مطاوعتها فعل الله تعالى وإرادته كانت كمأمور أمر بشئ فامتثله، وأرادوا أن يكيدوه فما كانوا إلا مغلوبين مقهورين.
﴿ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعلمين (71) ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين (72) وجعلنهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عبدين (73) ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فسقين (74) وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين (75)﴾ أي: نجينا إبراهيم ولوطا - وهو ابن أخيه - من نمرود وكيده من كوثى (61) ﴿إلى الأرض التي باركنا فيها﴾ وهي الشام، وبركاتها الواصلة إلى العالمين: إن أكثر الأنبياء بعثوا فيها فانتشرت في العالمين شرائعهم، وقيل: إنها بلاد خصب يكثر أشجارها وثمارها ويطيب العيش فيها (62)، روي: أنه نزل بفلسطين، ولوط بالمؤتفكة، وبينهما مسيرة يوم وليلة (63).
والنافلة: ولد الولد، قيل: إنه سأل الولد فأعطي ﴿إسحاق و﴾ أعطي ﴿يعقوب نافلة﴾ أي: زيادة وفضلا من غير سؤال (64)، أي: ﴿صالحين﴾ للنبوة والرسالة.
﴿وجعلنهم أئمة﴾ يقتدى بهم في دين الله ﴿يهدون﴾ إلى طريق الحق والدين القويم ﴿بأمرنا﴾ وكل من صلح أن يكون قدوة للخلق، فالهداية محتومة عليه، مأمور هو بها من جهة الله تعالى، وأولها أن يهتدي بنفسه ليعم الانتفاع بهداه، وتسكن النفوس إلى الاقتداء به.
و ﴿لوطا﴾ منصوب بفعل مضمر ﴿آتيناه﴾ يفسره ﴿حكما﴾ أي: حكمة وهو ما يجب فعله، أو فصلا بين الخصوم، وقيل: هو النبوة (65)، و ﴿القرية﴾ سدوم.
﴿في رحمتنا﴾ أي: في أهل رحمتنا، أو في الجنة.
﴿ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم (76) ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين (77) وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين (78) ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فعلين (79) وعلمنه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شكرون (80)﴾ أي: ﴿من قبل﴾ هؤلاء المذكورين ﴿ونصرناه من القوم﴾ أي: جعلناه منتصرا منهم، من: نصرته فانتصر ﴿الكرب العظيم﴾ الطوفان وما كان فيه من تكذيب قومه.
﴿و﴾ أذكر ﴿داود وسليمان﴾، و ﴿إذ﴾ بدل منهما، والنفش: الانتشار بالليل ﴿لحكمهم﴾ جمع الضمير لأنه أرادهما والمتحاكمين إليهما، والضمير في ﴿فهمناها﴾ للحكومة أو للفتوى، حكم داود (عليه السلام) بالغنم لصاحب الحرث، فقال سليمان (عليه السلام) وهو ابن إحدى عشرة سنة: غير هذا يا نبي الله، أرفق بالفريقين، فقال: وما ذاك؟قال: يدفع الغنم إلى صاحب الحرث فينتفع بها، والحرث إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان، فقال: القضاء ما قضيت، وأمضى الحكم بذلك.
والصحيح: أنهما جميعا حكما بالوحي، إلا أن حكومة سليمان نسخت حكومة داود، لأن الأنبياء لا يجوز أن يحكموا بالظن والاجتهاد، ولهم طريق إلى العلم، وفي قوله: ﴿وكلا آتينا حكما وعلما﴾ دلالة على أن كلاهما كان مصيبا.
﴿يسبحن﴾ حال بمعنى: مسبحات، ويجوز أن يكون على الاستئناف، كأن قائلا قال: كيف سخرهن؟فقال: يسبحن ﴿والطير﴾: إما معطوف على ﴿الجبال﴾ وإما مفعول معه، وكانت الجبال تجاوبه بالتسبيح، وكانت الطير تسبح معه بالغداة والعشي ﴿وكنا فعلين﴾ أي: قادرين على أن نفعل هذا وإن كان عجبا عندكم، وقيل: وكنا نفعل مثل ذلك بالأنبياء (66).
واللبوس: اللباس، والمراد هنا الدرع، وأول من صنع الدرع داود (عليه السلام)، وإنما كانت صفائح فسردها (67) وحلقها فجمعت الخفة والتحصين، وقرئ: ﴿لتحصنكم﴾ بالنون (68) والتاء والياء (69)، فالنون لله عز وجل، والياء لداود أو للبوس، والتاء للصنعة، والبأس: المراد به الحرب والقتال.
﴿ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شئ علمين (81) ومن الشيطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين (82) وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين (83) فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعبدين (84) وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصبرين (85) وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين (86)﴾
﴿الريح﴾ عطف على ﴿الجبال﴾، كانت الريح مطيعة ﴿لسليمان﴾ إذا أراد أن تعصف عصفت، وإذا أراد أن ترخي رخت، وذلك قوله: ﴿رخاء حيث أصاب﴾ (70)، وكان هبوبها على حسب ما يريد، ويحتكم آية إلى آية ﴿وكنا بكل شئ علمين﴾ تجري الأشياء على ما يقتضيه علمنا وحكمتنا.
﴿يغوصون له﴾ في البحار فيستخرجون الجواهر ﴿ويعملون﴾ له أعمالا سواء من بناء المدائن والقصور، واختراع الصنائع العجيبة، والله جل اسمه يحفظهم من أن يمتنعوا عليه ويزيغوا عن أمره، أو يكون منهم فساد فيما عملوه.
ناداه، ب? ﴿أني مسني الضر﴾ والضر بالضم: الضرر في النفس من مرض وهزال، وبالفتح: الضرر في كل شئ، ألطف في السؤال حيث ذكر عن نفسه ما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة وكنى عن المطلوب ﴿فكشفنا ما به من﴾ الضر (71) والأمراض، وكان أيوب كثير الأولاد والأموال، فابتلاه الله تعالى بذهاب ولده وماله وبالمرض في بدنه ثلاث عشرة سنة أو سبع سنين وسبعة أشهر، فلما كشف الله ضره أحيا ولده ورزقه مثلهم ونوافل منهم ﴿رحمة﴾ منا، أي: لرحمتنا العابدين وذكرنا إياهم بالإحسان لا ننساهم، أو: ﴿رحمة﴾ منا لأيوب وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر حتى يثابوا كما أثيب في الدنيا والآخرة.
﴿وذا الكفل﴾ قيل: هو إلياس (72)، وقيل: هو اليسع (73)، وقيل: إنه نبي كان بعد سليمان، يقضي بين الناس كقضاء داود (عليه السلام)، ولم يغضب قط إلا لله عز وجل (74).
﴿وذا النون إذ ذهب مغضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (87) فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين (88) وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين (89) فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسرعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين (90)﴾
﴿النون﴾ الحوت، وصاحبه يونس بن متى، برم بقومه لطول ما ذكرهم فلم يذكروا وأقاموا على كفرهم، فراغمهم فظن أن ذلك سائغ حيث لم يفعله إلا غضبا لله وأنفة لدينه وبغضا للكفر وأهله، وقد كان الأولى به أن يصابر وينتظر الإذن من الله جل اسمه في مهاجرتهم فابتلي ببطن الحوت، ومعنى مغاضبته لقومه أنه أغضبهم بمفارقته لخوفهم حلول العقاب عليهم عندها.
وسأل معاوية ابن عباس كيف يظن نبي الله (عليه السلام) أن لا يقدر عليه؟فقال: هو من القدر لا من القدرة، يعني: أن لن نضيق عليه كما في قوله: ﴿ومن قدر عليه رزقه﴾ (75).
وقيل: إنه استفهام تقديره: أفظن أن لن نقدر عليه؟فحذف الهمزة (76)، وقيل: معناه: فظن أن لم تعمل فيه قدرتنا (77) ﴿في الظلمات﴾ أي: في الظلمة الشديدة في البحر في بطن الحوت، أي: بأنه ﴿لا إله إلا أنت﴾، أو هو بمعنى: ﴿إني كنت من الظالمين﴾ أي: من الذين يقع منهم الظلم.
وقرئ: ﴿ننجي﴾ و " ننجي " (78) و " نجي " بنون واحدة وبتشديد الجيم والنون لا تدغم في الجيم (79)، وربما أخفيت فحذفت في الكتابة وهي في اللفظ ثابتة، فظن الراوي ذلك إدغاما.
سأل الله تعالى زكريا أن يرزقه وارثا، ولا يدعه ﴿فردا﴾ بلا ولد، ثم رد الأمر إلى الله واستسلم فقال: ﴿وأنت خير الوارثين﴾ يعني: إن لم ترزقني ولدا يرثني فلا أبالي فإنك خير وارث.
﴿وأصلحنا له زوجه﴾ أي: وجعلناها صالحة لأن تلد بعد أن كانت عاقرا.
وقيل: معناه: جعلناها حسنة الخلق وكانت سيئة الخلق (80).
وقيل: رددنا عليها شبابها (81) ﴿إنهم﴾ الضمير للأنبياء المذكورين، أي: استحقوا الإجابة منا لمسارعتهم ﴿في الخيرات﴾ ومبادرتهم إلى الطاعات ﴿رغبا ورهبا﴾ أي: راغبين وراهبين كقوله تعالى: ﴿يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه﴾ (82) ﴿خاشعين﴾ أي: ذللا لأمر الله، وقيل: متواضعين لأمر الله تعالى (83)، وعن مجاهد: الخشوع: الخوف الدائم في القلب (84).
﴿والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعلمين (91) إن هذه أمتكم أمة وا حدة وأنا ربكم فاعبدون (92) وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون (93) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون (94) وحرا م على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون (95) حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون (96) واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصر الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين (97)﴾
﴿أحصنت فرجها﴾ إحصانا كليا من الحلال والحرام جميعا، كقولها: ﴿ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا﴾ (85)، ﴿فنفخنا فيها من روحنا﴾ أي: فعلنا النفخ فيها من جهة روحنا وهو جبرائيل (عليه السلام)، لأنه نفخ في جيب درعها فوصل النفخ إلى جوفها، وإن جعلت نفخ الروح بمعنى الإحياء كما في قوله: ﴿ونفخت فيه من روحي﴾ (86) أي: أحييته، فالمعنى: فنفخنا الروح في عيسى (عليه السلام) فيها أي: أحييناه في جوفها، كما يقول الزامر: نفخت في بيت فلان، أي: نفخت في المزمار في بيته ﴿وجعلناها وابنها آية للعلمين﴾ لم يقل: آيتين، لأن حالهما آية واحدة وهي ولادتها إياه من غير فحل.
والمراد بالأمة: ملة الإسلام، يعني: أن ملة الإسلام ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها، يشار إليها ملة ﴿وا حدة﴾ غير مختلفة ﴿وأنا﴾ إلهكم إله واحد ﴿فاعبدون?﴾ - ي.
الأصل: وتقطعتم، إلا أن الكلام صرف إلى الغيبة على طريقة الالتفات، كأنه يقبح عندهم فعلهم ويقول لهم: ألا ترون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله تعالى؟والمعنى: جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعا كما يتقسم الجماعة الشئ فيصير لهذا نصيب ولذلك نصيب، تمثيلا لاختلافهم فيه، وصيرورتهم فرقا وأحزابا شتى يتبرأ بعضهم من بعض، ثم أوعدهم بأن هؤلاء الفرق المختلفة إليه يرجعون فيجازيهم بما عملوا.
الكفران: مثل في حرمان الثواب، كما أن الشكر مثل في الإثابة إذا قيل لله: شكور، أي: لا يكفر سعيه ﴿وإنا له كاتبون﴾ أي: نحن كاتبون ذلك السعي، ثبته في صحيفة عمله.
﴿وحرا م﴾ مستعار للممتنع وجوده، كما في قوله تعالى: ﴿إن الله حرمهما على الكافرين﴾ (87) أي: منعهما منهم، وأبى أن يكونا لهم، وقرئ: " وحرم " (88) ومعناه: ممتنع من ﴿قرية﴾ قدرنا إهلاكها وغير متصور رجوعهم من الكفر إلى الإسلام، و " لا " مزيدة، وقال الزجاج: تقديره: حرام على قرية أهلكناها أن يتقبل منهم عمل لأنهم لا يرجعون (89).
وعلى هذا فيكون ﴿حرام﴾ خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون التقدير: وحرام عليها ذلك المذكور في الآية المتقدمة من السعي المشكور غير المكفور، لأنهم لا يرجعون عن الكفر.
وتعلقت ﴿حتى﴾ ب? ﴿حرا م﴾ وهي غاية له، لأن امتناع رجوعهم لا يزول حتى يوم القيامة، و ﴿حتى﴾ هذه هي التي يحكى بعدها الكلام، والجملة الشرطية هنا هي الكلام المحكي بعد ﴿حتى﴾ أعني: ﴿إذا﴾ وما في حيزها، أي: فتح سد ﴿يأجوج ومأجوج﴾ فحذف المضاف، وقرئ: " فتحت " بالتشديد (90)، والحدب: النشر من الأرض، والنسلان العسلان: الإسراع.
و " إذا " هي ظرف المفاجأة وتسد في الجزاء مسد الفاء، فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد، ولو قيل: إذا هي شاخصة أو: فهي شاخصة لجاز، وهي ضمير مبهم يفسره الإبصار، و ﴿يا ويلنا﴾ تعلق بمحذوف، والتقدير: يقولون: ﴿يا ويلنا﴾ وهو في موضع الحال من ﴿الذين كفروا﴾.
﴿إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون (98) لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون (99) لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون (100) إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (101) لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون (102) لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون (103) يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فعلين (104) ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون (105)﴾
﴿حصب جهنم﴾ وقودها وحطبها ﴿وما تعبدون من دون الله﴾ يحتمل الأوثان والشياطين، لأنهم بطاعتهم لهم في حكم عبدتهم، والفائدة في مقارنتهم بآلهتهم: أنهم قدروا أنهم يشفعون لهم عند الله تعالى، فإذا صادفوا الأمر على عكس ما قدروه لم يكن شئ أبغض إليهم منهم.
﴿الحسنى﴾ الخصلة المفضلة في الحسن، وهي: السعادة أو البشارة بالثواب أو التوفيق للطاعات.
والحسيس: الصوت الذي يحس، والشهوة: طلب النفس اللذة يقال: اشتهى شهوة.
وقرئ: " لا يحزنهم " (91)، و ﴿الفزع الأكبر﴾: النفخة الأخيرة، كقوله: ﴿ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض﴾ (92) وعن الحسن: حين يؤمر بهم إلى النار (93)، وعن الضحاك: حين يطبق على النار (94)، وقيل: حين يذبح الموت على صورة كبش أملح وينادي: يا أهل الجنة خلود لا موت، ويا أهل النار خلود لا موت (95)، ﴿وتتلقاهم الملائكة﴾ أي: تستقبلهم على أبواب الجنة بالتهنئة، يقولون: ﴿هذا﴾ وقت ثوابكم ﴿الذي﴾ وعدكم ربكم قد حل.
و ﴿يوم نطوى﴾ منصوب ب? ﴿لا يحزنهم﴾ أو ب? ﴿تتلقاهم﴾، وقرئ: " يوم تطوى السماء " على البناء للمفعول (96)، و ﴿السجل﴾ الصحيفة، أي: كما يطوى الطومار (97) للكتابة، أي: ليكتب فيه، أو: لما يكتب فيه، لأن الكتاب أصله المصدر كالبناء، ثم يوقع على المكتوب، وقرئ: ﴿للكتب﴾ (98) والمراد بذلك المكتوبات أي: لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة، قيل: السجل: ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه (99)، وقيل: هو اسم كاتب للنبي (صلى الله عليه وآله) (100)، وعلى هذا فالكتاب: اسم للصحيفة المكتوب فيها ﴿أول خلق﴾ مفعول " نعيد " الذي يفسره ﴿نعيده﴾، و ﴿ما﴾ كافة للكاف، والمعنى: نعيد أول الخلق كما بدأناه، تشبيها للإعادة بالابتداء في تناول القدرة لهما على السواء، وأول الخلق: إيجاده عن عدم، أي: فكما أوجدناه أولا عن عدم نعيده ثانيا، وقوله: ﴿أول خلق﴾ كقولك: هو أول رجل جاءني، تريد: أول الرجال، ولكنك نكرته ووحدته إرادة تفصيلهم رجلا رجلا، فكذلك معنى ﴿أول خلق﴾: أول الخلق، بمعنى: أول الخلائق، لأن " أول الخلق " مصدر لا يجمع.
ويجوز فيه وجه آخر: وهو أن ينتصب الكاف بفعل مضمر يفسره ﴿نعيده﴾ و ﴿ما﴾ موصولة، أي: نعيد مثل الذي بدأناه نعيده، و ﴿أول خلق﴾ ظرف ل? ﴿بدأنا﴾ أي: أول ما خلق، أو حال من الهاء المحذوف من الصلة ﴿وعدا﴾ مصدر مؤكد، لأن قوله: ﴿نعيده﴾ عدة للإعادة ﴿إنا كنا فعلين﴾ أي: قادرين على أن نفعل ذلك.
قيل: ﴿الزبور﴾ اسم لجنس ما أنزل على الأنبياء من الكتب، و ﴿الذكر﴾: أم الكتاب يعني: اللوح (101)، وقيل: زبور داود (عليه السلام)، والذكر: التوراة (102)، أي: ﴿يرثها﴾ المؤمنون، كقوله: ﴿وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون﴾ الآية (103).
وعن الباقر (عليه السلام): " هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان " (104).
وقيل: ﴿الأرض﴾ هي أرض الجنة (105).
﴿إن في هذا لبلاغا لقوم عبدين (106) وما أرسلناك إلا رحمة للعلمين (107) قل إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله وا حد فهل أنتم مسلمون (108) فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون (109) إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون (110) وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتع إلى حين (111) قل رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون (112)﴾
﴿هذا﴾ إشارة إلى المذكور في السورة من الأخبار والمواعظ ﴿لبلغا﴾ أي: كفاية (106) موصلة إلى البغية.
كان صلوات الله عليه وآله ﴿رحمة للعلمين﴾ كافة، إذ جاء بما يسعدهم إن اتبعوه، ومن لم يتبعه فقد أتى من عند نفسه، وقيل: إن الوجه في كونه ﴿رحمة﴾ للكافرين: أن عقابهم أخر بسببه، وأمنوا به عذاب الاستئصال (107).
﴿إنما﴾ لقصر الحكم على شئ، كما يقال: إنما زيد قائم، أو: لقصر الشئ على حكم، كقولك: إنما يقوم زيد، وقد اجتمع كلاهما في الآية، لأن ﴿إنما يوحى إلى﴾ مع فاعله بمنزلة: إنما يقوم زيد، و ﴿أنما إلهكم إله وا حد﴾ بمنزلة: إنما زيد قائم، وفائدة اجتماعهما: الدلالة على أن الوحي إلى رسوله (صلى الله عليه وآله) مقصور على أن الله عز اسمه استأثر بالوحدانية، وفي قوله: ﴿فهل أنتم مسلمون﴾ أن الوحي الوارد على هذه الطريقة موجب أن تخلصوا التوحيد لله، ويجوز أن يكون ﴿ما﴾ موصولة، فيكون معناه: أن الذي يوحى إلي.
ومعنى ﴿آذنتكم﴾: أعلمتكم، ولكنه كثر استعماله في معنى الإنذار، ومنه قول ابن حلزة: آذنتنا ببينها أسماء (108) والمعنى: أني بعد إعراضكم عن قبول توحيد الله تعالى، وتنزيهه عن الأنداد كرجل بينه وبين أعدائه هدنة، فنبذ إليهم العهد وآذنهم جميعا بذلك ﴿على سواء﴾ أي: مستوين في الإعلام به لم يطوه عن أحد منهم، و ﴿ما توعدون﴾ من غلبة المسلمين عليكم، أو: القيامة كائن لا محالة إلا أن الله تعالى لم يطلعني عليه.
﴿إنه﴾ سبحانه ﴿يعلم﴾ السر والعلانية منكم، وهو مجازيكم على ذلك.
وما ﴿أدرى﴾ لعل تأخير هذا الموعد امتحان ﴿لكم﴾ لينظر كيف تعملون، أي: تمتيع لكم ﴿إلى حين﴾ ليكون ذلك حجة عليكم.
وقرئ: ﴿قل﴾ على حكاية قول النبي (صلى الله عليه وآله) (109) و ﴿رب احكم﴾ على الاكتفاء بالكسرة، و " رب احكم " على الضم (110) و " ربي احكم " على أفعل التفضيل (111)، أمر (عليه السلام) باستعجال العذاب لقومه فعذبوا ببدر، ومعنى قوله: ﴿بالحق﴾: لا تحابهم، وافعل بهم ما يستحقون ﴿على ما تصفون﴾ من الحال التي تجري على خلاف ما يظنون، وقد نصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم، وخذلهم وخيب ظنونهم.
1- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 227: هي مكية في قول قتادة ومجاهد، وهي مائة واثنتا عشرة آية في الكوفي، وإحدى عشرة في البصري والمدنيين. وقال الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 100: مكية، وآياتها 112، نزلت بعد سورة إبراهيم. وفي تفسير الآلوسي: ج 17 ص 2 ما لفظه: نزلت بمكة كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير، وفي البحر: أنها مكية بلا خلاف وأطلق ذلك فيها، واستثنى منها في الاتقان قوله تعالى: * (أفلا يرون أنا نأتى الأرض) * الآية.
2- الآية: 66.
3- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 140 مرسلا.
4- ثواب الأعمال للصدوق: ص 135.
5- أي: أصل العبارة قبل زيادة التوكيد عليه.
6- ليس في بعض النسخ جملة: " والأصل: اقتراب حساب الناس ".
7- حذاء: أي خفيفة سريعة النفاذ. (لسان العرب: مادة حذذ).
8- نهج البلاغة: ص 84 خطبة 42 ضبط صبحي الصالح.
9- في نسخة: " وزيادة ".
10- قاله الحسن وقتادة. راجع تفسير التبيان: ج 7 ص 232.
11- وهو قول الرماني والأزهري والزجاج. راجع التبيان: ج 6 ص 384، ومعاني القرآن للزجاج: ج 3 ص 201.
12- رواه الطبري في تفسيره: ج 9 ص 6، والطوسي في التبيان: ج 7 ص 232.
13- الفرقان: 7.
14- ليس في بعض النسخ: " ما أخرجناك ".
15- الأعراف: 155.
16- الزخرف: 44.
17- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 105.
18- رواه أيضا في الكشاف: ج 3 ص 105.
19- في نسخة: " بأسنا ".
20- في بعض النسخ: " الكارثة ".
21- قاله ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد. راجع تفسير التبيان: ج 7 ص 236.
22- قاله ابن جريج. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 276.
23- قرأه الحسن ومجاهد. راجع البحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 304.
24- هود: 81.
25- رواه الصفار في بصائر الدرجات: ص 149 ح 1.
26- قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالنون، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بالياء. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 428.
27- الأنعام: 88.
28- وهي قراءة ابن كثير. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 543.
29- قاله عكرمة وعطية وابن زيد والمهدوي عن ابن عباس. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 284.
30- رواه الطوسي في التبيان: ج 7 ص 242 عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام).
31- النور: 45.
32- الآية: 37.
33- والدد: اللعب، والمثل يضربه الرجل لمن لا يوافقه. انظر المستقصى في أمثال العرب للزمخشري: ج 2 ص 314.
34- الحديد: 29.
35- الآية: 60.
36- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 117.
37- قاله أبو عبيد على ما حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 22 ص 172.
38- لم نعثر على اسم الشاعر الحميري فيما توفرت لدينا من مصادر، وروي صدره: والنبع في الصخرة الصماء منبته يقول: النبع - وهو شجر تتخذ منه القسي - إنما نباته بين الصخور الصلبة لا في غيرها، بينما النخل ينبت في الأرض الرخوة اللينة والريانة، فهو بين الماء والطين، والظاهر هما كناية على الصعب البخيل والسهل الجواد، أو على الشجاع والجبان لشدة الأول ورخاوة الثاني. انظر شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 201.
39- وهو قول عطاء والضحاك. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 449.
40- قرأه ابن عامر وحده. راجع التيسير في القراءات للداني: ص 155.
41- رضخه رضخا: إذا أعطاه عطية قليلة. (لسان العرب: مادة رضخ).
42- وهو من قصيدة يعتذر بها إلى النعمان بن المنذر مما وشت به بنو قريع، ومطلعها: اقارع عوف لا أحاول غيرها * وجوه قرود تبتغي من تجادع انظر خزانة الأدب للبغدادي: ج 2 ص 453 وفيها: " توهمت " بدل " توسمت ".
43- انظر شواذ القرآن لابن خالويه: ص 94، وتفسير البحر المحيط لأبي حيان: ج 6 ص 316.
44- قاله الضحاك. راجع الكشاف: ج 3 ص 121.
45- وهو قول محمد بن كعب. راجع البحر المحيط لابن حيان: ج 6 ص 317.
46- وهو قول الشيخ الطوسي في التبيان: ج 7 ص 255.
47- قاله ابن عيسى. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 450.
48- رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الملاهي: ص 89، والبيهقي في شعب الإيمان: ج 5 ص 241 ح 6518.
49- ليس في نسخة: " على يده ".
50- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 247.
51- رواه السدي على ما حكاه الطبري في تفسيره: ج 9 ص 38.
52- قرأه الكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 544.
53- الآية: 63.
54- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 123.
55- قاله القتيبي. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 249.
56- وهو قول الكسائي. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 300.
57- في نسخة: " عبادتها ".
58- ذكره أبي بن كعب. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 250.
59- الكافي: ج 8 ص 369 ح 559.
60- تفسير ابن عباس: ص 273.
61- كوثى: قرية في أرض بابل بسواد العراق، وبها مشهد إبراهيم الخليل (عليه السلام) وبها مولده. انظر معجم البلدان للحموي: ج 4 ص 317 - 318.
62- قاله البغوي في تفسيره: ج 3 ص 251.
63- رواه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 252.
64- قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد. راجع التبيان: ج 7 ص 264.
65- قاله مقاتل. راجع تفسير الرازي: ج 22 ص 192.
66- قاله ابن عباس في تفسيره: ص 274.
67- يقال: الخرز مسرود ومسرد أي: مثقوبة، وكذلك الدرع، وقيل: سردها: نسجها، وهو تداخل الحلق بعضها في بعض. (الصحاح: مادة سرد).
68- وهي قراءة أبي بكر عن عاصم ورويس وشيبة والمفضل وابن أبي إسحاق. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 544، وتفسير القرطبي: ج 11 ص 321.
69- وبالياء قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 430.
70- ص: 36.
71- في نسخة: " الأوجاع ".
72- قاله ابن عباس على ما حكاه عنه في السراج المنير: ج 2 ص 525.
73- حكاه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 464.
74- وهو ما روي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، رواه الراوندي في قصصه: ص 213 ح 277.
75- الطلاق: 7.
76- قاله سليمان بن المعتمر. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 466.
77- وهو قول الفراء. راجع معاني القرآن للفراء: ج 2 ص 209.
78- قرأه عاصم الجحدري وحده. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 95.
79- وهي قراءة ابن عامر وأبي بكر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 545.
80- قاله ابن عباس وعطاء ومحمد بن كعب وعون بن عبد الله وابن كامل. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 468، وتفسير القرطبي: ج 11 ص 336.
81- قاله سعيد بن جبير وقتادة. راجع تفسير الآلوسي: ج 17 ص 87.
82- الزمر: 9.
83- قاله ابن عباس ومجاهد. راجع تفسير ابن عباس: ص 275، وتفسير ابن كثير: ج 3 ص 188.
84- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 267.
85- مريم: 20.
86- الحجر: 29، ص: 72.
87- الأعراف: 50.
88- قرأه حمزة والكسائي وعاصم برواية أبي بكر والمفضل ويحيى. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 431.
89- معاني القرآن واعرابه: ج 3 ص 405.
90- وهي قراءة ابن عامر ويعقوب. راجع والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 398.
91- قرأه أبو جعفر وابن محيصن. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 346.
92- النمل: 87.
93- تفسير الحسن البصري: ج 2 ص 137.
94- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 270.
95- قاله مقاتل وابن شريح. راجع تفسير السمرقندي: ج 2 ص 380.
96- قرأه أبو جعفر المدني وشيبة بن نصاح والأعرج والزهري. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 95، وتفسير القرطبي: ج 11 ص 346.
97- الطامور والطومار: الصحيفة، قيل: هو دخيل، قال ابن سيده: وأراه عربيا محضا لأن سيبويه قد اعتد به في الأبنية فقال: هو ملحق بفسطاط. (لسان العرب: مادة طمر).
98- الظاهر أن القراءة المعتمدة لدى المصنف هي على المفرد دون الجمع.
99- رواه الرازي في تفسيره: ج 22 ص 228 عن علي (عليه السلام).
100- قاله ابن عباس. راجع التبيان: ج 7 ص 283.
101- قاله ابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج 9 ص 97.
102- وهو قول الشعبي. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 271.
103- الأعراف: 137.
104- تفسير القمي: ج 2 ص 77.
105- قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وابن زيد. راجع التبيان: ج 7 ص 283.
.
106- في نسخة: كفالة.
107- قاله ابن عباس. راجع التبيان: ج 7 ص 285.
108- وعجزه: رب ثاو يمل منه الثواء. والبيت هو مطلع معلقة الشاعر وهو الحارث بن حلزة من بني يشكر بن بكر بن وائل، قالها وهو ابن مائة وخمس وثلاثين سنة. أنظر خزانة الأدب للبغدادي: ج 1 ص 325 - 326، و ج 3 ص 181 - 182.
109- يستفاد من عبارته أنه يعتمد على القراءة بصيغة الأمر كما هو ظاهر.
110- قرأه أبو جعفر المدني وابن محيصن وعن ابن كثير رواية. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 95 - 96. وتفسير القرطبي: ج 11 ص 351.
111- وهي قراءة الجحدري والضحاك وطلحة ويعقوب. راجع المصدرين السابقين.