سورة طه
مكية (1)، وهي مائة وخمس وثلاثون آية كوفي، اثنتان بصري، عد الكوفي: ﴿طه﴾
﴿نسبحك كثيرا﴾ (2) ﴿ونذكرك كثيرا﴾ (3) ﴿لنفسي﴾ (4) ﴿ما غشيهم﴾ (5) ﴿رأيتهم ضلوا﴾ (6)، وعد البصري: ﴿فتونا﴾ (7) ﴿منى هدى﴾ (8) ﴿زهرة الحياة الدنيا﴾ (9).
في حديث أبي: " من قرأها أعطي يوم القيامة ثواب المهاجرين والأنصار " (10).
وعن الصادق (عليه السلام): " لا تدعوا قراءة طه، فإن الله يحبها ويحب من قرأها، ومن أدمن قراءتها أعطاه الله كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما عمل في الإسلام، وأعطي من الأجر حتى يرضى " (11).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرة لمن يخشى (3) تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى (4) الرحمن على العرش استوى (5) له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى (6) وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفي (7) الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى (8)﴾ قرئ بتفخيم ﴿ط﴾ وإمالة ﴿- ه﴾ (12)، وقرئ بإمالتهما (13)، وتفخيمهما (14)، وعن الحسن: " طه " (15)، وفسر بأنه أمر بالوطء (16)، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه، فأمر بأن يطأ الأرض بقدميه معا (17)، وروي ذلك عن الصادق (عليه السلام) (18)، والأصل " طأ " فقلبت همزته هاء، أو قلبت ألفا في " يطأ " ثم بني عليه الأمر، والهاء للسكت.
﴿ما أنزلنا﴾ إن جعلت ﴿طه﴾ اسما للسورة احتمل أن يكون خبرا عنه وهو مبتدأ و ﴿القرآن﴾ أوقع موقع الضمير لأن السورة قرآن، واحتمل أن يكون جوابا له وهو قسم ﴿لتشقى﴾ أي: لتتعب هذا التعب، وكان (عليه السلام) يصلي الليل كله ويعلق صدره بحبل حتى لا يغلبه النوم، فأمره الله سبحانه أن يخففه على نفسه، و " الشقاء " يجئ بمعنى " التعب " ومنه المثل: " أتعب من رائض مهر " و " أشقى من رائض مهر ".
﴿تذكرة﴾ علة للفعل و ﴿لتشقى﴾ كذلك، إلا أن هذا وجب مجيئه مع اللام لأنه ليس لفاعل الفعل المعلل (19)، والمعنى: لكن أنزلناه ﴿ل?﴾ نذكر به ﴿من يخشى﴾ الله، والتذكرة بمعنى التذكير.
﴿تنزيلا﴾ أي: ننزل تنزيلا، ويجوز أن ينصب ب? ﴿أنزلنا﴾ لأن معنى " ما أنزلناه إلا تذكرة ": أنزلناه تذكرة، أو يكون بمعنى: أنزله الله تذكرة لمن يخشى تنزيل الله، وما بعد ﴿تنزيلا﴾ إلى قوله: ﴿له الأسماء الحسنى﴾ تعظيم لشأن المنزل لنسبته إلى من هذه أفعاله وصفاته، و ﴿العلى﴾ جمع " العليا " تأنيث " الأعلى "، ووصف ﴿السماوات﴾ بذلك دلالة على عظم اقتدار من يخلق مثلها في علوها.
و ﴿الرحمن﴾ مرفوع على المدح على تقدير: هو الرحمن، والجملة التي هي ﴿على العرش استوى﴾ يجوز أن تكون خبر لمبتدأ محذوف، وأن تكون مع ﴿الرحمن﴾ خبرين للمبتدأ، ولما كان الاستواء ﴿على العرش﴾ الذي هو سرير الملك مما يردف (20) الملك جعلوه كناية عن الملك فقالوا: استوى على العرش بمعنى: ملك، ونحوه: قولهم: يد فلان مبسوطة أي: هو جواد، ويده مغلولة أي: هو بخيل، من غير تصور يد ولا غل ولا بسط.
﴿وما تحت الثرى﴾ أي: ما في ضمن الأرض من الكنوز والأموات.
﴿يعلم السر﴾ وهو ما أسررته إلى غيرك ﴿وأخفي﴾ من ذلك وهو ما أخطرته ببالك، أو ما أسررته في نفسك ﴿وأخفي﴾ منه وهو ما ستسره فيها، والمعنى: ﴿وإن تجهر﴾ بذكر الله وغيره فاعلم أنه غني عن جهرك لأنه علم ﴿السر وأخفي﴾ منه (21).
و ﴿الحسنى﴾ تأنيث الأحسن.
﴿وهل أتيك حديث موسى (9) إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى (10) فلما أتاها نودي يا موسى (11) إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى (12) وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى (13) إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى (14) إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى (15) فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هويه فتردى (16)﴾ ثم قفاه بقصة ﴿موسى) ﴿عليه السلام) ليقتدي به في الصبر على تكاليف الرسالة ومقاساة الشدائد، و ﴿إذ﴾ ظرف ل? ﴿حديث﴾ أو مفعول ل? " أذكر "، استأذن موسى (عليه السلام) شعيبا في الخروج إلى أمه، وخرج بأهله، فولد له في الطريق ابن في ليلة شاتية مظلمة، وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته ولم ينقدح زنده (22)، ف? ﴿رأى نارا﴾ من بعيد ﴿فقال لأهله امكثوا﴾ في مكانكم ﴿إني آنست﴾ أي: أبصرت، والإيناس: الإبصار البين الذي لا شبهة فيه، وقيل: هو إبصار ما يؤنس به (23)، ولما كان الإيناس متيقنا حققه بلفظة " إن "، ولما كان الإتيان بالقبس - وهو النار المقتبسة - ووجود الهدى متوقعين بنى الأمر فيهما على الرجاء والطمع فقال: ﴿لعلى﴾ لئلا يعد ما ليس الوفاء به مستيقنا، وأراد ب? ﴿هدى﴾ قوما يهدونه إلى الطريق، أو ينفعونه بهداهم في أبواب الدين، لأن أفكار الأبرار مغمورة بالهمم الدينية في جميع أحوالهم، والمعنى: ذوي هدى، أو إذا وجد الهداة فقد وجد الهدى.
وقرئ: " أني " بالفتح (24)، أي: ﴿نودي﴾ بأني ﴿أنا ربك﴾ ومن كسر فالمعنى: نودي فقيل: ﴿يا موسى﴾، أو لأن النداء ضرب من القول، والمعنى في تكرير الضمير: توكيد الدلالة وتحقيق المعرفة.
وروي (25): أنه حين انتهى رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها تتوقد فيها نار بيضاء، وسمع تسبيح الملائكة، ورأى نورا عظيما لم تكن الخضرة تطفئ النار ولا النار تحرق الخضرة، فعلم أنه لأمر عظيم، فبهت فألقيت عليه السكينة ثم نودي: ﴿فاخلع نعليك﴾ قيل: أمر بخلع النعلين لأنهما كانتا من جلد حمار ميت (26)، وقيل: ليباشر الوادي بقدميه متبركا به واحتراما له (27) (28) ﴿طوى﴾ قرئ بالتنوين وغير التنوين (29) بتأويل المكان والبقعة، وقيل: سمي به لأنه قدس مرتين فكأنه طوي بالبركة كرتين (30).
﴿وأنا اخترتك﴾ أي: اصطفيتك للرسالة، وقرئ: " وإنا اخترناك " (31)، ﴿لما يوحى﴾ تعلق اللام ب? ﴿استمع﴾ أو ب? ﴿اخترتك﴾ و " ما " موصولة أو مصدرية.
﴿لذكرى﴾ أي: لتذكرني (32) فيها، لأن ﴿الصلاة﴾ تشتمل على الأذكار، وعن مجاهد: لأني ذكرتها في الكتاب وأمرت بها (33)، وقيل: لأن أذكرك بالمدح والثناء وأجعل لك لسان صدق (34)، أو لذكري خاصة لا تشوبه بذكر غيري، أو لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة، واللام مثلها في قولك: جئتك لوقت كذا ولست مضين، ومثله قوله: ﴿قدمت لحياتي﴾ (35)، وقيل: إنه ذكر الصلاة بعد نسيانها أي: أقمها متى ذكرت: كنت في وقتها أو لم تكن (36)، وروي ذلك عن الباقر (37) (عليه السلام) (38)، وكان ينبغي أن يقال: لذكرها ولكنه على حذف المضاف أي: لذكر صلاتي، أو لأنه إذا ذكر الصلاة فقد ذكر الله.
﴿أكاد أخفيها﴾ أي: فلا أقول: هي ﴿آتية﴾ لفرط إرادتي إخفاءها، ولولا ما في الإخبار بإتيانها مع تعمية وقتها من اللطف لما أخبرت به، وفي مصحف أبي: " أكاد أخفيها من نفسي " (39) وروي ذلك عن الصادق (عليه السلام) (40) ﴿لتجزى﴾ يتعلق ب? ﴿آتية﴾، ﴿بما تسعى﴾ أي: بسعيها.
﴿فلا يصدنك﴾ عن تصديقها، والضمير للقيامة أو عن الصلاة ﴿من لا يؤمن بها﴾ بالقيامة، ولا يهولنك كثرة عددهم ووفور سوادهم فإن بناء أمرهم على اتباع الهوى ﴿فتردى﴾ أي: فتهلك.
﴿وما تلك بيمينك يا موسى (17) قال هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولى فيها مارب أخرى (18) قال ألقها يا موسى (19) فألقيها فإذا هي حية تسعى (20) قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى (21) واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى (22) لنريك من آياتنا الكبرى (23) اذهب إلى فرعون إنه طغى (24) قال رب اشرح لي صدري (25) ويسر لي أمري (26) واحلل عقدة من لساني (27) يفقهوا قولي (28) واجعل لي وزيرا من أهلي (29) هارون أخي (30) اشدد به أزرى (31) وأشركه في أمري (32) كي نسبحك كثيرا (33) ونذكرك كثيرا (34) إنك كنت بنا بصيرا (35) قال قد أوتيت سؤلك يا موسى (36)﴾
﴿بيمينك﴾ في موضع الحال، والعامل فيه معنى الإشارة، وإنما سأله ليريه عظم ما يفعله بها (41)، وينبهه على باهر قدرته.
﴿أتوكؤا عليها﴾ أعتمد عليها إذا مشيت أو وقفت على رأس القطيع ﴿وأهش﴾ أي: أخبط الورق ﴿بها على﴾ رؤوس ﴿غنمي﴾ تأكله ﴿ولى فيها مارب أخرى﴾ أي: حاجات أخر، قالوا: انقطع لسانه من الهيبة فأجمل (42).
﴿تسعى﴾ أي: تمشي بسرعة وخفة حركة، وعن ابن عباس: انقلب ثعبانا ذكرا يبتلع الصخر والشجر، فلما رآه موسى خاف (43).
ولما ﴿قال﴾ سبحانه: ﴿خذها ولا تخف﴾ بلغ من ذهاب خوفه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحيها، والسيرة: من السير كالركبة من الركوب ثم نقلت إلى معنى الطريقة (44) فقيل: سير الأولين، فيجوز أن ينتصب على الظرف أي: ﴿سنعيدها﴾ في طريقتها ﴿الأولى﴾ أي: في حال ما كانت عصا، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ل? " أعاد "، أو ينتصب بفعل مضمر والمعنى: سنعيدها سائرة ﴿سيرتها الأولى﴾ حيث كنت تتوكأ عليها ولك ﴿فيها﴾ المآرب التي عرفتها.
﴿واضمم يدك إلى جناحك﴾ إلى جنبك (45) تحت العضد مستعار من جناح الطائر ﴿من غير سوء﴾ كناية عن البرص كما كني عن العورة بالسوءة (46).
روي: أنه (عليه السلام) كان آدم (47)، فأخرج يده من مدرعته ﴿بيضاء﴾ لها شعاع كشعاع الشمس تغشي البصر (48).
وقوله: ﴿بيضاء﴾ و ﴿آية﴾ حالان، و ﴿من غير سوء﴾ حال من معنى ﴿بيضاء﴾ أي: ابيضت من غير سوء، ويجوز أن ينتصب ﴿آية﴾ بإضمار " خذ " ونحوه، وتعلق به ﴿لنريك﴾ أي: خذ هذه الآية أيضا بعد قلب العصا حية لنريك بهاتين الآيتين بعض ﴿آياتنا الكبرى﴾ أو لنريك بهما الكبرى من آياتنا، ويجوز أن يكون التقدير: لنريك من آياتنا فعلنا ذلك.
ولما أمره سبحانه بالذهاب ﴿إلى فرعون﴾ عرف أنه كلف أمرا عظيما، فسأل ربه أن يشرح صدره حتى لا يضجر ولا يغتم، ويستقبل الشدائد بجميل الصبر، وأن يسهل عليه أمره الذي هو خلافة الله في أرضه وما يصحبها من مقاساة الخطوب الجليلة، وعن ابن عباس: كان في لسانه رتة (49) (50) لما روي من حديث الجمرة (51)، واختلف في زوال العقدة: فقيل: انحلت عن لسانه وزالت وهو الصحيح لقوله: ﴿أوتيت سؤلك يا موسى﴾ (52)، وقيل: بقي بعضها لقوله: ﴿وأخي هارون هو أفصح منى لسانا﴾ (53) (54).
والوزير من الوزر، لأنه يتحمل عن الملك أوزاره (55)، أو من الوزر (56) لأن الملك يعتصم برأيه (57)، أو من المؤازرة وهي المعاونة ﴿وزيرا﴾ و ﴿هارون﴾ مفعولان ل? ﴿اجعل﴾ أي: اجعل هارون وزيرا ﴿لي﴾ فقدم عناية بأمر الوزارة، وقيل: إن المفعولين ﴿لي وزيرا﴾ و ﴿هارون﴾ عطف بيان (58)، وقرأ ابن عامر: " اشدد... وأشركه " على الجواب (59)، والأزر: القوة، وأزره: قواه، أي: اجعله شريكي في الرسالة حتى نتعاون على عبادتك وذكرك ونتزايد الخير.
﴿إنك كنت بنا بصيرا﴾ أي: عالما بأحوالنا، وأن هارون نعم المعين (60) لي والشاد لعضدي، والسؤل: الطلبة، فعل في معنى مفعول كالخبز والأكل بمعنى المخبوز والمأكول.
﴿ولقد مننا عليك مرة أخرى (37) إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى (38) أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عيني (39) إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى (40) واصطنعتك لنفسي (41) اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكرى (42) اذهبا إلى فرعون إنه طغى (43) فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى (44) قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى (45) قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى (46) فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلم على من اتبع الهدى (47) إنا قد أوحى إلينا أن العذاب على من كذب وتولى (48)﴾
﴿أوحينا إلى أمك﴾ أي: ألهمناها ﴿ما﴾ يلهم، وهو ما كان سبب نجاتك من القتل، أو بعثنا إليها ملكا كما بعثنا إلى مريم.
﴿أن اقذفيه... في اليم﴾ أي: ضعيه وألقيه، وهي ﴿أن﴾ المفسرة، لأن الوحي بمعنى القول، والضمائر كلها ترجع إلى ﴿موسى﴾، ﴿فليلقه اليم بالساحل﴾ وهو شط البحر، كأنه أمر البحر كما أمر أم موسى، وهذا على طريق المجاز جعله كذي تمييز، أمر بذلك ليطيع لما كانت مشيئته عز اسمه إلقاءه إلى الساحل ﴿يأخذه عدو لي وعدو له﴾ وهو فرعون، لأنه تصور أن ملكه ينقرض على يده، و ﴿منى﴾ إن تعلق ب? ﴿ألقيت﴾ فالمعنى: إني أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب، وإن تعلق بمحذوف هو صفة ل? ﴿محبة﴾ فالمعنى: ﴿ألقيت عليك محبة﴾ واقعة ﴿منى﴾ قد ركزته أنا في القلوب وزرعته فيها ولذلك أحبك فرعون وكل من رآك، و ﴿لتصنع﴾ معطوف على علة مضمرة (61)، مثل: " ليعطف عليك " ونحوه، أو حذف المعلل أي: " ولتصنع فعلت ذلك " والمعنى: ولتربى وتغذي ويحسن إليك وأنا أراعيك كما يراعى الرجل الشئ بعينيه (62) إذا اعتنى به، وكما تقول للصانع، اصنع هذا على عيني أنظر إليك ليكون صنيعك على حسب ما أريده منك، وقرئ: " ولتصنع " بالجزم وسكون اللام (63) أو كسرها على أنه أمر.
والعامل في ﴿إذ تمشى﴾: ﴿ألقيت﴾ أو ﴿تصنع﴾ أو يكون بدلا من ﴿إذ أوحينا﴾.
وروي: أن أخت موسى (عليه السلام) لما قالت لها أمه: قصيه اتبعت موسى متعرفة خبره، فرأتهم يطلبون له مرضعة يقبل ثديها لأنه كان لا يقبل ثدي امرأة، فقالت: ﴿هل أدلكم﴾ فجاءت بأم موسى فقبل ثديها (64) ﴿وقتلت نفسا﴾ يعني: القبطي الذي استغاثه عليه الذي هو من شيعته فوكزه فقتله ﴿فنجيناك من﴾ غم القصاص ومن بأس فرعون، و ﴿فتونا﴾ يجوز أن يكون مصدرا على فعول في المتعدي كالشكور والثبور، وأن يكون جمع فتن أو فتنة كبدور في جمع بدرة، أي: ﴿فتنك﴾ ضروبا من الفتن فتنة بعد فتنة، وذاك أنه ولد في عام كان يقتل فيه الولدان، وألقته أمه في البحر، وهم فرعون بقتله، وقتل القبطي، وآجر نفسه عشر سنين، والفتنة: المحنة وكل ما يشق على الإنسان، و ﴿مدين﴾ على ثماني مراحل من مصر ﴿على قدر﴾ على مقدار من الزمان يوحى فيه إلى الأنبياء وهو رأس أربعين سنة، وقيل: معناه: سبق في قدري وقضائي أن أكلمك في وقت بعينه (65)، ف? ﴿جئت﴾ على ذلك القدر.
﴿واصطنعتك لنفسي﴾ اتخذتك صنيعتي وخالصتي، واختصصت (66) بكرامتي.
﴿ولا تنيا في ذكرى﴾ الونى: الفتور والتقصير، يعني: ولا تنسياني ولا أزال منكما على ذكر حيثما كنتما، أو يريد بالذكر تبليغ الرسالة أي: لا تضعفا في ذلك ولا تقصرا.
و " القول اللين " نحو قوله تعالى: ﴿هل لك إلى أن تزكى﴾ (67) ﴿وأهديك إلى ربك فتخشى﴾ (68)، وقيل: عداه شبابا لا يهرم بعده وملكا لا ينزع منه إلا بالموت (69)، واذهبا على رجائكما وطمعكما فعل من يبذل أقصى وسعه وطاقته، وإنما أرسلهما إليه مع علمه بأنه لا يؤمن، إلزاما للحجة ﴿يتذكر﴾ أي: يتأمل فينصف من نفسه ويذعن للحق ﴿أو يخشى﴾ أن يكون الأمر كما تصفان.
﴿نخاف﴾ أي: نخاف ﴿أن﴾ يعجل ﴿علينا﴾ بالعقوبة، يقال: فرط منه فعل أي: سبق، وفرس فرط: يسبق الخيل ﴿أو أن يطغى﴾ أي: يجاوز الحد في الإساءة بنا.
﴿إنني معكما﴾ بالحفظ والنصرة، أي: حافظكما وناصركما ﴿أسمع وأرى﴾ ما يجري بينكما وبينه، وكانت بنو إسرائيل في ملكة فرعون، والقبط يعذبونهم بتكليف الأعمال الشاقة والسخرة في كل شئ.
﴿قد جئنك بآية من ربك﴾ أي: بمعجزة وبرهان على ما ادعيناه ﴿والسلم﴾ سلام الملائكة، أو السلامة من عذاب الله ﴿على﴾ المهتدين، و ﴿العذاب على﴾ المكذبين.
﴿قال فمن ربكما يا موسى (49) قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى (50) قال فما بال القرون الأولى (51) قال علمها عند ربى في كتب لا يضل ربى ولا ينسى (52) الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى (53) كلوا وارعوا أنعمكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى (54) منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى (55) ولقد أرينه آياتنا كلها فكذب وأبى (56)﴾ خاطب الاثنين ووجه النداء إلى موسى، لأن الأصل في النبوة موسى، أو حمله خبثه على استدعاء كلام موسى دون كلام أخيه لما عرف من فصاحة هارون.
﴿خلقه﴾ مفعول أول ل? ﴿أعطى﴾ أي: أعطى خلقه يعني: خليقته ﴿كل شئ﴾ يحتاجون إليه، أو مفعول ثان بمعنى: أعطى كل شئ صورته وشكله الذي يوافق المنفعة المنوطة به كما أعطى العين الهيئة التي تطابق الإبصار، والأذن الشكل الذي يطابق الاستماع، وكذلك باقي الأعضاء وقيل: أعطى كل حيوان نظيره في الخلق والصورة أي: زوجه (70)، وقرئ: " خلقه " (71) أي: كل شئ خلقه الله لم يخله من عطائه وإنعامه.
﴿ما بال القرون الأولى﴾ أي: ما حال الأمم الماضية في السعادة والشقاوة؟فأجاب أن علم أحوالها مكتوب ﴿عند ربى في﴾ اللوح المحفوظ، لا يخطئ شيئا ولا ينساه، وقيل: لا يتركه حتى يجازيه (72) أي: ﴿لا يضل﴾ كما تضل أنت ﴿ولا ينسى﴾ كما تنسى يا مدعي الربوبية.
﴿الذي جعل﴾ صفة ل? ﴿ربى﴾ أو خبر مبتدأ محذوف ﴿مهدا﴾ أي: مهدها مهدا، أو يمهدونها فهي لهم كالمهد الذي يمهد للصبي، وقرئ: " مهادا " (73) أي: فراشا وبساطا، و ﴿سلك لكم﴾ أي: حصل لكم ﴿فيها سبلا... فأخرجنا﴾، انتقل فيه من لفظ الغيبة إلى لفظ المتكلم على طريقة الالتفات، ومثله قوله تعالى: ﴿وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شئ﴾ (74) وفيه تخصيص بأنا نحن نقدر على مثل ذلك ولا يدخل تحت قدرة أحد ﴿أزواجا﴾ أصنافا، و ﴿شتى﴾ جمع شتيت، والنبات: مصدر سمي به النابت كما سمي بالنبت فاستوى فيه الواحد والجمع، يعني: أنها مختلفة النفع والطعم واللون والرائحة والشكل.
والمعنى: قائلين: ﴿كلوا وارعوا﴾ حال من الضمير في ﴿أخرجنا﴾ أي: مبيحين أكلها والانتفاع بها.
﴿أرينه آياتنا كلها﴾ يعني: الآيات التسع، أي: معجزاتنا الدالة على صدق موسى (عليه السلام) ﴿فكذب﴾ بجميع ذلك ﴿وأبى﴾ أن يؤمن.
﴿قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى (57) فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى (58) قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى (59) فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى (60) قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى (61) فتنزعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى (62) قالوا إن هذا ن لسحرا ن يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى (63) فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى (64) قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى (65) قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى (66)﴾ قوله: ﴿بسحرك﴾ تعلل من فرعون، وإلا فلا يخفي على أحد أن ساحرا لا يقدر على أن يخرج ملكا مثله من أرضه بالسحر، ويلوح من كلامه هذا أنه كان يخاف منه أن يغلبه على ملكه.
﴿موعدا﴾ مصدر بمعنى " الوعد " على تقدير مضاف محذوف، أي: مكان موعد، والهاء في ﴿نخلفه﴾ للموعد، و ﴿مكانا﴾ بدل من المكان المحذوف، وهو بمعنى الوقت في قوله: ﴿موعدكم﴾ أي: وقت الوعد ﴿يوم الزينة﴾ وهو يطابق ما تقدم معنى وإن لم يطابقه لفظا من حيث إن الاجتماع يوم الزينة لابد أن يكون في مكان مشهور، فبذكر الزمان يعلم المكان، ويجوز أن لا يقدر في الأول مضاف محذوف ويكون المعنى: اجعل بيننا وبينك وعدا لا نخلفه، وينتصب ﴿مكانا﴾ بالمصدر ويكون ﴿موعدكم﴾ معناه: وعدكم وعد يوم الزينة، وقرئ: " لا نخلفه " بالجزم (75) على جواب (76) الأمر، وقرئ: " سوى " و ﴿سوى﴾ بكسر السين (77) وضمها ومعناه: منصفا بيننا وبينك أي: يستوي مسافته على الفريقين، وقرئ: " يوم الزينة " بالنصب (78) وهو مثل قولك: قيامك يوم الجمعة، فيكون ﴿موعدكم﴾ مصدرا والظرف خبرا عنه أو على تقدير: إنجاز موعدكم يوم الزينة، و ﴿أن يحشر﴾ في موضع جر، أي: موعدكم يوم الزينة وحشر ﴿الناس﴾ فيكون معطوفا على ﴿الزينة﴾، أو في موضع رفع أي: إنجاز موعدكم وحشر الناس ﴿ضحى﴾ في يوم الزينة، وهو يوم عيد كان لهم في كل عام، وقيل: يوم كانوا يتخذون فيه سوقا ويتزينون ذلك اليوم (79)، وإنما واعدهم ذلك اليوم ليكون ظهور دين الله وعلو كلمته وزهوق الباطل على رؤوس الأشهاد ويشيع ذلك في الناس.
﴿فتولى فرعون﴾ أي: انصرف ﴿فجمع كيده﴾ أي: حيلته ومكره وذلك جمعه السحرة.
﴿لا تفتروا على الله كذبا﴾ أي: لا تكذبوا على الله بأن تدعوا آياته ومعجزاته سحرا، قرئ: " فيسحتكم " (80) و ﴿فيسحتكم﴾، والسحت والإسحات بمعنى وهو الاستئصال.
﴿فتنزعوا أمرهم بينهم﴾ أي: تشاوروا وتجاذبوا أهداب القول ﴿وأسروا النجوى﴾ يعني: السحرة، ونجواهم: إن غلبنا موسى اتبعناه، وقيل: إن كان ساحرا فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمر (81)، ولما ﴿قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا... قالوا﴾: ما هذا بقول ساحر.
قال فرعون وقومه للسحرة: " إن هذان لساحران " (82) وهي لغة بلحرث (83) ابن كعب، جعلوا الاسم المثنى نحو الأسماء التي آخرها ألف كعصا وسلمى ولم يقلبوها ياء في الجر والنصب، وقيل: " إن " هنا بمعنى: نعم و " ساحران " خبر مبتدأ محذوف تقديره: لهما ساحران (84)، وقرئ: ﴿إن هذا ن لسحرا ن﴾ وهو مثل قولك: إن زيد لمنطلق، واللام هي الفارقة بين " إن " النافية والمخففة من الثقيلة، وقرأ أبو عمرو: " إن هذين لساحران " (85) على الوجه الظاهر، وقرئ: " هذان " بتشديد النون (86) وهو لغة.
و ﴿المثلى﴾ تأنيث الأمثل، وهو الأفضل والأشبه بالحق، والمعنى: ﴿يريدان أن﴾ يصرفا وجوه الناس إليهما، وقيل: الطريقة: اسم لوجوه الناس وأشرافهم الذين هم قدوة لغيرهم (87)، ويقال أيضا للواحد: هو طريقة قومه، وقيل: إن طريقتهم المثلى: بنو إسرائيل وكانوا أكثر القوم عددا ومالا (88)، أي: يريدان أن ﴿يذهبا﴾ بهم لأنفسهم لقول موسى: ﴿فأرسل معنا بني إسرائيل﴾ (89).
﴿فأجمعوا كيدكم﴾ أي: أزمعوه واجعلوه مجمعا عليه حتى لا تختلفوا، وهذا قول فرعون للسحرة أو قول بعض لبعض، وقرئ: " فاجمعوا " (90) ويعضده قوله: ﴿فجمع كيده﴾، ﴿ثم ائتوا صفا﴾ أي: مصطفين مجتمعين ليكون أشد لهيبتكم ﴿وقد أفلح اليوم من استعلى﴾ أي: فاز من غلب وعلا.
﴿أن تلقى﴾ مرفوع بأنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر إلقاؤك أو إلقاؤنا، أو منصوب بفعل مضمر معناه: اختر أحد الأمرين، وهذا التخيير منهم حسن أدب وخفض جناح له.
﴿فإذا حبالهم﴾: ﴿إذا﴾ هذه للمفاجأة، والتقدير: ﴿فإذا حبالهم وعصيهم﴾ مخيلة ﴿إليه﴾ السعي، وقوله: ﴿أنها تسعى﴾ فاعل (91) ﴿يخيل﴾ والضمير في ﴿إليه﴾ يرجع إلى ﴿موسى) ﴿عليه السلام)، وقيل: إلى ﴿فرعون﴾ (92)، وقرئ: " تخيل " بالتاء (93) على أن يكون مسندا إلى ضمير " الحبال " و " العصي "، ويكون ﴿أنها تسعى﴾ بدلا من الضمير وهو بدل الاشتمال، كقولك: أعجبني زيد علمه.
﴿فأوجس في نفسه خيفة موسى (67) قلنا لا تخف إنك أنت الاعلى (68) وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد سحر ولا يفلح الساحر حيث أتى (69) فألقى السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى (70) قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى (71) قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا (72) إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطينا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى (73) إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى (74) ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى (75) جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى (76)﴾
﴿أوجس﴾ الخوف: أضمر شيئا منه، وكان إيجاس الخيفة من موسى (عليه السلام) للجبلة البشرية عند رؤية أمر فظيع، وقيل: لأجل أن يتخالج فيه شك على الناس فلا يتبعوه (94).
﴿إنك أنت الاعلى﴾ فيه تقرير لقهره (95) وغلبته، وتأكيد بالاستئناف وبكلمة التحقيق وبتكرير الضمير وبلام التعريف وبلفظ العلو - وهو الغلبة الظاهرة - وبلفظ التفضيل.
قرئ: " تلقف " (96) بالرفع (97) على الاستئناف أو على الحال، أي: ألقها متلقفة، وقرئ: ﴿تلقف﴾ بالتخفيف ﴿ما صنعوا﴾ أي: ما زوروا وافتعلوا ﴿إنما صنعوا﴾ أي: الذي صنعوه " كيد سحر " (98) أي: ذوي سحر، أو بين الكيد بسحر كما يبين المائة بدرهم، لأن الكيد يكون سحرا أو غير سحر، ومثله: علم فقه، وقرئ: ﴿كيد سحر﴾ وحد لأن القصد معنى الجنسية لا معنى العدد، يدل عليه قوله: ﴿ولا يفلح الساحر﴾ أي: هذا الجنس ﴿حيث أتى﴾ هو كقولهم: أينما كان، وأية سلك، وهاهنا حذف أي: فألقى عصاه فتلقفت ما صنعوا.
﴿فألقى السحرة سجدا﴾ وعن عكرمة: لما سجدوا أراهم الله في سجودهم منازلهم التي يصيرون إليها في الجنة (99).
﴿قبل أن آذن لكم﴾ أي: من غير إذني ﴿إنه لكبيركم﴾ أي: رئيسكم و (100) أسحركم و (101) أستاذكم ومعلمكم ﴿من خلف﴾ هو أن يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، لأن كل واحد من العضوين يخالف الآخر بشيئين: بأن هذا يد وذاك رجل وهذا يمين وذاك شمال، و ﴿من﴾ لابتداء الغاية، لأن القطع مبتدأ (102) من مخالفة العضو العضو، والجار والمجرور في موضع الحال، أي: لأقطعنها مختلفات ﴿في جذوع النخل﴾ شبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن الشئ في وعائه فهذا معنى " في " ﴿ولتعلمن﴾ أيها السحرة ﴿أينا أشد عذابا﴾ يريد الملعون نفسه وموسى (عليه السلام)، بدليل قوله: ﴿آمنتم له﴾، واللام مع الإيمان لغير الله في القرآن كقوله: ﴿يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين﴾ (103)، وقيل: يريد الله تعالى (104).
﴿قالوا لن نؤثرك﴾ أي: لن نختارك ﴿على ما﴾ أتانا ﴿من﴾ المعجزات ﴿و﴾ على ﴿الذي فطرنا﴾ أي: خلقنا، أو هو قسم أي: والله الذي فطرنا ﴿فاقض ما أنت قاض﴾ أي: فاصنع ما أنت صانعه فإنا لا نرجع عن الإيمان، أو: فاحكم ما أنت حاكمه ﴿هذه الحياة الدنيا﴾ منصوبة على الظرف.
﴿وما أكرهتنا عليه﴾ روي: أنهم قالوا لفرعون: أرنا موسى نائما، ففعل، فوجدوه تحرسه عصاه، فقالوا: ما هذا بسحر، فإن الساحر إذا نام بطل سحره، فأبى فرعون إلا أن يعملوا، فذلك إكراههم (105) ﴿والله خير﴾ لنا منك ﴿و﴾ ثوابه ﴿أبقى﴾ لنا من ثوابك.
والآيات الثلاث بعد حكاية قولهم، وقيل: هي خبر من الله عز وجل (106) ﴿مجرما﴾ أي: كافرا، و ﴿العلى﴾ جمع العليا تأنيث " الأعلى "، و ﴿تزكى﴾ تطهر من أدناس الذنوب، وعن ابن عباس: قال: لا إله إلا الله (107).
﴿ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخف دركا ولا تخشى (77) فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم (78) وأضل فرعون قومه وما هدى (79) يبني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى (80) كلوا من طيبت ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبى ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى (81) وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صلحا ثم اهتدى (82) وما أعجلك عن قومك يا موسى (83) قال هم أولاء على أثرى وعجلت إليك رب لترضى (84) قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري (85) فرجع موسى إلى قومه غضبن أسفا قال يقوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي (86)﴾
﴿أن أسر بعبادي﴾ أي: سر بهم ليلا من أرض مصر، فاجعل ﴿لهم طريقا في البحر يبسا﴾ أي: يابسا، من قولهم: ضرب له في ماله سهما، أو ضرب اللبن أي: عمله، وأصل اليبس مصدر ﴿لا تخف﴾ حال من الضمير في ﴿فاضرب﴾، وقرئ: " لا تخف " (108) على الجواب ﴿دركا﴾ هو اسم من الإدراك، أي: لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك، وإذا قرئ: " لا تخف " بالجزم ففي ﴿لا تخشى﴾ وجهان: أن يكون مقطوعا من الأول أي: وأنت لا تخشى، وأن يكون الألف للإطلاق من أجل الفاصلة كقوله: ﴿فأضلونا السبيلا﴾ (109).
﴿ما غشيهم﴾ من جوامع الكلم المستقلة بالمعاني الكثيرة مع قلتها، وفيه تفخيم للأمر، و ﴿ما هدى﴾ تهكم به لقوله: ﴿وما أهديكم إلا سبيل الرشاد﴾ (110).
﴿يبني إسرائيل﴾ خطاب لهم بعد إنجائهم من البحر وإهلاك فرعون، أي: قلنا لبني إسرائيل أو للذين كانوا في عهد نبينا (صلى الله عليه وآله): من الله عليهم بما فعل بأسلافهم، وقرئ: " أنجيتكم... وواعدتكم... ورزقتكم " (111)، وقرئ: " وعدناكم " (112)، ذكرهم النعمة في نجاتهم وهلاك عدوهم وفيما وعد موسى (عليه السلام) من المناجاة ب? ﴿جانب الطور﴾ وكتب التوراة في الألواح، ونسب المواعدة إليهم حيث كانت لنبيهم ولنقبائهم وإليهم رجعت منافعها التي بها قوام دينهم.
﴿ولا تطغوا فيه﴾ أي: لا تتعدوا حدود الله تعالى ﴿فيحل عليكم غضبى﴾ أي: فيجب عليكم عقوبتي، من حل الدين يحل: إذا وجب أداؤه، وقرئ: " فيحل " بضم الحاء (113) أي: فينزل، لأن الغضب بمعنى العقوبة ﴿ومن يحلل﴾ بالضم (114) والكسر ﴿فقد هوى﴾ أي: هلك، وأصله: أن يسقط من جبل، كما قيل: هوى من رأس مرقبة * ففتت تحتها كبده (115) أو (116) سقط سقوطا لا نهوض بعده.
﴿ثم اهتدى﴾ أي: استقام واستمر عليه حتى يموت.
وعن الباقر (عليه السلام): ﴿ثم اهتدى﴾ إلى ولايتنا أهل البيت (117).
﴿وما أعجلك﴾ أي شئ عجل بك عنهم ؟! وكان قد مضى مع النقباء إلى الطور، ثم تقدمهم شوقا إلى كلام ربه.
﴿قال﴾ موسى (عليه السلام) ﴿هم أولاء على أثرى﴾ يدركونني عن قريب، وسبقتهم إليك حرصا على تحصيل رضاك.
﴿فتنا قومك من بعدك﴾ يريد الذين خلفهم مع هارون، أضاف سبحانه الفتنة إلى نفسه والضلال إلى ﴿السامري﴾ ليدل على أن الفتنة غير الإضلال، أي: امتحناهم بخلق العجل وحملهم السامري على الضلال وأوقعهم فيه بقوله: ﴿هذا إلهكم وإله موسى﴾ (118) والمراد بالفتنة: تشديد التكليف عليهم بما حدث فيهم من أمر العجل ليظهر المؤمن المخلص من المنافق.
والوعد الحسن: هو أن وعدهم إعطاء التوراة التي فيها هدى ونور (119)، و ﴿العهد﴾: الزمان، يريد مدة مفارقته لهم، يقال: طال عهدي بك أي: طال زماني بسبب مفارقتك، وهم وعدوه أن يقيموا على ما تركهم عليه من الإيمان فأخلفوا موعده بعبادتهم العجل.
﴿قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري (87) فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى (88) أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا (89) ولقد قال لهم هارون من قبل يقوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري (90) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى (91) قال يهرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا (92) ألا تتبعن أفعصيت أمري (93) قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسى إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي (94) قال فما خطبك يا سامري (95) قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي (96)﴾
﴿بملكنا﴾ قرئ بالحركات الثلاث (120)، أي: ﴿ما أخلفنا موعدك﴾ بأن ملكنا أمرنا، أي: لو ملكنا أمرنا وخلينا ورأينا لما أخلفناه، ولكن غلبنا من جهة السامري وكيده، والمعنى: " حملنا " (121) أحمالا ﴿من﴾ حلي القبط التي استعرناها منهم ﴿فقذفناها﴾ في نار السامري التي أوقدها في الحفرة وأمرنا أن نطرح فيها الحلي، وقرئ: ﴿حملنا﴾ أي: جعلنا نحمل " أوزار " القوم ﴿فكذلك ألقى السامري﴾ أراهم أنه يلقي حليا في يده (122)، وإنما ألقى التربة التي أخذها من موطئ فرس جبرئيل.
﴿فأخرج لهم﴾ من الحفرة ﴿عجلا جسدا... فنسى﴾ أي: فنسي موسى أن يطلبه هاهنا وذهب يطلبه عند الطور ويكون من قول السامري، أو: فنسي السامري أي: ترك ما كان عليه من الإيمان الظاهر.
﴿ألا يرجع﴾ من رفعه فعلى أن " أن " مخففة من الثقيلة، ومن نصبه فعلى أنها الناصبة للفعل.
﴿من قبل﴾ أي: من قبل أن يعود موسى إليهم، و " لا " مزيدة، والمعنى: " ما منعك... أن... تتبعني " في شدة الزجر عن الكفر وقتال من كفر بمن آمن، أو مالك لم تلحقني؟وكان موسى (عليه السلام) شديد الغضب لله ولدينه مجبولا على الحدة والخشونة في ذات الله، فلم يتمالك حين رأى القوم يعبدون العجل بعد رؤيتهم المعجزات والآيات أن ألقى الألواح لما عرته من الدهشة غضبا لله وحمية، وعنف بأخيه وخليفته على قومه إذ أجراه مجرى نفسه إذا غضب في القبض على شعر رأسه ووجهه.
﴿إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل﴾ أي: لو قاتلت بعضهم ببعض لتفرقوا وتفانوا، فأردت أن تكون أنت المتلاقي لأمرهم بنفسك، وخشيت عتابك على ترك ما أوصيتني به حين قلت: ﴿أخلفني في قومي وأصلح﴾ (123).
﴿فما خطبك يا سامري﴾ أي: ما شأنك وما دعاك إلى ما صنعت؟وهو مصدر خطب الأمر: إذا طلبه، فكأنه ﴿قال﴾: ما طلبك؟﴿قال بصرت بما لم يبصروا به﴾ أي: رأيت ما لم يروه، أو: علمت ما لم يعلموه، من البصيرة، وعن ابن مسعود وأبي والحسن: " فقبصت قبصة " بالصاد (124)، ومعنى الضاد (125): الأخذ بجميع الكف، والصاد (126): بأطراف الأصابع.
روي: أن موسى (عليه السلام) لما حل ميعاد ذهابه إلى الطور أرسل الله تعالى جبرئيل راكب حيزوم فرس الحياة ليذهب به، فأبصره السامري فقال: إن لهذا شأنا، فقبض ﴿قبضة﴾ من تربة موطئه، فلما سأله موسى عن قصته قال: قبضت ﴿من أثر﴾ فرس ﴿الرسول﴾ الذي أرسل إليك ﴿فنبذتها﴾ في العجل، وكما حدثتك يا موسى ﴿سولت﴾ أي: زينت ﴿لي نفسي﴾ من أخذ القبضة وإلقائها في صورة العجل (127).
﴿قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا (97) إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما (98) كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا (99) من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيمة وزرا (100) خالدين فيه وساء لهم يوم القيمة حملا (101) يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا (102) يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا (103) نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما (104)﴾ عوقب السامري في الدنيا بأن منع من مخالطة الناس منعا كليا، وحرمت عليهم مكالمته ومبايعته ومجالسته ومؤاكلته، وإذا اتفق أن يماس أحدا، رجلا كان أو امرأة حم الماس والممسوس، فكان يهيم في البرية مع الوحش، وإذا لقي أحدا قال: ﴿لامساس﴾ أي: لا تقربني ولا تمسني، وقيل: إن ذلك بقي في ولده إلى اليوم: إن مس واحد من غيرهم واحدا منهم حم كلاهما في الوقت (128) ﴿لن تخلفه﴾ أي: لن يخلفك الله تعالى موعده الذي وعدك على الشرك والفساد في الأرض، ينجزه لك في الآخرة، فأنت ممن خسر الدنيا والآخرة، وقرئ: " لن تخلفه " بكسر اللام (129) وهو من أخلفت الموعد: إذا وجدته خلفا، وقرئ: " لن نخلفه " بالنون (130) حكاية لقوله عز وجل ﴿ظلت﴾ أي: ظللت، حذفت اللام الأولى، وقرئ: " لنحرقنه " (131) وهي قراءة علي (عليه السلام) (132)، ومعناه: لنبردنه بالمبرد ولنحتنه حتا، ويجوز أن يكون ﴿لنحرقنه﴾ مبالغة في حرق: إذا برد، وهذه القراءة تدل على أنه كان ذهبا وفضة ولم يصر حيوانا.
﴿كل شئ﴾ مفعول ﴿وسع﴾، و ﴿علما﴾ منصوب على التمييز وهو في المعنى فاعل.
﴿كذلك﴾ أي: مثل ذلك الاقتصاص وهو ما قصصنا عليك من قصة موسى وفرعون ﴿نقص عليك من﴾ سائر أخبار الأمم السالفة وأحوالهم تكثيرا في آياتك ومعجزاتك، والمراد بالذكر: القرآن، لأن فيه ذكر كل ما يحتاج إليه من أمور الدين، أي: ﴿ذكرا﴾ مشتملا على هذه الأقاصيص وعلى الأخبار الحقيقة بالتفكر فيها، فمن أقبل عليه سعد ونجا، و ﴿من أعرض عنه﴾ فقد شقي وهوى، والمراد ب? " الوزر ": العقوبة لما فيها من الثقل والصعوبة تشبيها بالحمل الثقيل الذي يفدح حامله، أو: لأنها جزاء الوزر الذي هو الإثم ﴿خالدين﴾ حمل على معنى ﴿من﴾ ووحد الضمير في ﴿أعرض﴾ حملا على اللفظ ﴿فيه﴾ أي: في ذلك الوزر أو في احتماله ﴿وساء﴾ حكمه حكم " بئس "، وفيه ضمير مبهم يفسره ﴿حملا﴾، والمخصوص بالذم محذوف لدلالة الوزر الذي تقدم ذكره عليه، تقديره: وساء حملا وزرهم، ونحوه: ﴿وساءت مصيرا﴾ (133) جهنم، و ﴿لهم﴾ للبيان، مثله في ﴿هيت لك﴾ (134).
وقرأ أبو عمرو: " ننفخ " بالنون (135)، وقيل في " الزرق ": إن المراد: العمى (136)، وقيل: العطاش (137) يظهر في عيونهم كالزرقة (138)، وقيل: زرق العيون: سود الوجوه (139).
﴿يتخافتون﴾ أي: يتسارون ﴿بينهم﴾ يقول بعضهم لبعض: ما ﴿لبثتم إلا﴾ عشر ليال، وإنما تخافتوا لما اعتراهم من الرعب والهول، استقصروا مدة لبثهم في الدنيا لاستطالتهم في الآخرة، أو مدة لبثهم في القبور.
و ﴿أمثلهم طريقة﴾ أوفرهم عقلا وأصوبهم رأيا عند نفسه، ونحوه: ﴿قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم﴾ (140).
﴿ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا (105) فيذرها قاعا صفصفا (106) لا ترى فيها عوجا ولا أمتا (107) يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا (108) يومئذ لا تنفع الشفعة إلا من أذن له الرحمن ورضى له قولا (109) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما (110) وعنت الوجوه للحى القيوم وقد خاب من حمل ظلما (111) ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما (112) وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا (113) فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما (114)﴾
﴿ينسفها ربى﴾ أي: يجعلها بمنزلة الرمل، ثم يرسل عليها الرياح فتذريها وتفرقها كما يذرى الطعام.
﴿فيذرها﴾ أي: فيذر مقارها ومراكزها، أو يكون الضمير للأرض وإن لم يجر لها ذكر.
﴿لا ترى فيها عوجا﴾ أي: اعوجاجا ﴿ولا أمتا﴾ ولا نتوا (141) يسيرا، وعن الحسن: العوج: ما انخفض من الأرض، والأمت: ما ارتفع من الروابي (142).
وأضاف " اليوم " إلى وقت نسف الجبال في قوله: ﴿يومئذ﴾ أي: يوم إذ نسفت، ويجوز أن يكون بدلا بعد بدل من ﴿يوم القيمة﴾ (143)، ﴿يتبعون﴾ صوت ﴿الداعي﴾ إلى المحشر، وهو إسرافيل الذي ينفخ في الصور يدعو الناس قائما على صخرة بيت المقدس، فيقبلون من كل أوب (144) إلى صوته ﴿لا عوج له﴾ أي: لا يعوج له مدعو، بل يستوون إليه من غير انحراف ﴿وخشعت الأصوات﴾ أي: خفضت من شدة الفزع وخفتت ﴿فلا تسمع إلا همسا﴾ وهو الركز الخفي ومنه الحروف المهموسة، وقيل: هو من هميس الإبل وهو صوت أخفافها إذا مشت، أي: لا تسمع إلا خفق (145) الأقدام ونقلها إلى المحشر (146).
﴿من﴾ يجوز فيه الرفع والنصب: فالرفع على البدل من ﴿الشفعة﴾ بتقدير حذف المضاف، أي: ﴿لا تنفع الشفعة إلا﴾ شفاعة ﴿من أذن له الرحمن﴾، والنصب على المفعولية، ومعنى ﴿أذن له... ورضى له﴾: لأجله، كاللام في قوله: ﴿وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه﴾ (147).
﴿يعلم ما بين أيديهم﴾ أي: ما تقدمهم من الأحوال ﴿وما خلفهم﴾ أي: ما يستقبلونه ﴿ولا يحيطون﴾ بمعلوماته ﴿علما﴾.
﴿وعنت﴾ وجوه العصاة أي: خشعت وذلت إذا عاينت أهوال يوم القيامة، وقيل: المراد ب? ﴿الوجوه﴾ الرؤساء والملوك (148)، أي: صاروا كالعناة وهم الأسارى، وقوله: ﴿وقد خاب﴾ وما بعده اعتراض.
﴿فلا يخاف ظلما﴾ وهو أن يؤخذ بذنب لم يعمله، أو لا يجزى بعمله ﴿ولا هضما﴾ وهو أن يكسر من حقه فلا يوفي له، أو يبطل بعض حسناته، وقرئ: " فلا يخف " على النهي (149)، والمعنى: فليأمن الظلم والهضم.
﴿وكذلك﴾ عطف على ﴿كذلك نقص﴾ (150) أي: مثل ذلك الإنزال، و (151) كما أنزلنا عليك هؤلاء الآيات المتضمنة للوعيد أنزلنا القرآن كله ﴿وصرفنا﴾ أي: وكررنا ﴿فيه﴾ آيات ﴿الوعيد﴾ وبيناها على ألفاظ مختلفة ليتقوا المعاصي ﴿أو يحدث﴾ القرآن ﴿لهم﴾ شرفا بإيمانهم به، أو اعتبارا بأن يذكروا به عقاب الله للأمم.
﴿فتعالى الله الملك الحق﴾ استعظام له سبحانه، ولما يصرف عليه عباده من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده، وما يجري عليه أمور ملكوته.
ولما ذكر القرآن وإنزاله قال على سبيل الاستطراد: وإذا لقنك جبرئيل الوحي ف? ﴿لا تعجل﴾ بتلاوته قبل أن يفرغ من قراءته، ولا تكن قراءتك مساوقة لقراءته، ونحوه: ﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴾ (152)، وقيل: معناه: لا تقرئه أصحابك حتى يبين لك ما كان مجملا (153)، واستزد من الله سبحانه علما إلى علمك ﴿وقل رب زدني علما﴾ إلى علم.
﴿ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما (115) وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس أبى (116) فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى (117) إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى (119) فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوءا تهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى (121) ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى (122) قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (123)﴾ عطف سبحانه قصة آدم على قوله: ﴿وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون﴾، والمعنى: ﴿و﴾ أقسم قسما ﴿لقد﴾ وصينا أباهم بأن لا يقرب الشجرة ﴿فنسى﴾ العهد ولم يتذكر الوصية، يقال: عهد الملك إلى فلان وأوعز إليه وعزم عليه ﴿ولم نجد له عزما﴾ يجوز أن يكون من الوجود الذي هو بمعنى العلم ومفعولاه ﴿له عزما﴾، وأن يكون نقيض العدم، كأنه قال: وعدمنا له عزما، وقيل: ﴿فنسى﴾ معناه: فترك الأمر (154).
﴿وإذ﴾ منصوب بمضمر، أي: واذكر وقت ما جرى عليه من معاداة إبليس ووسوسته إليه، وتزيينه له الأكل من الشجرة ﴿أبى﴾ جملة مستأنفة كأنه جواب قائل يقول: لم لم يسجد؟والوجه: أن لا يقدر له مفعول وهو السجود، وأن يكون معناه: أظهر الإباء وتوقف.
وقوله: ﴿فلا يخرجنكما﴾ معناه: فلا يكونن سببا لإخراجكما ﴿فتشقى﴾ أسند الشقاء إلى آدم دون حواء بعد اشتراكهما في الخروج، لأن المراد بالشقاء هنا: التعب في طلب القوت ومعاناة العمل وذلك معصوب برأس الرجل، وعن سعيد بن جبير: أنه أهبط إلى آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويرشح العرق من جبينه فذلك هو الشقاوة (155).
وقرئ: ﴿وأنك﴾ بفتح الهمزة وكسرها (156)، ووجه الفتح: العطف على ﴿ألا تجوع﴾ والتقدير: وإن لك أنك لا تظمأ، والكسر: على الاستئناف، والشبع والري والكسوة والكن (157) هي الأقطاب التي يدور عليها كفاف الإنسان، فذكر سبحانه استجماعها له في الجنة، وأنه لا يحتاج إلى كفاية كاف ولا إلى كسب كاسب كما أن أهل الدنيا يحتاجون إلى ذلك، وذكرها بلفظ النفي لنقائضها التي هي الجوع والعري والظمأ والضحي ليطرق سمعه بأسامي أصناف الشقوة التي حذره منها حتى يتحرز عن السبب الموقع فيها كراهة لها.
﴿فوسوس إليه الشيطان﴾ أي: أنهى (158) إليه الوسوسة كما يقال: أسر إليه، وأضاف ال? ﴿شجرة﴾ إلى ﴿الخلد﴾ وهو الخلود، لأن من أكل ﴿منها﴾ خلد بزعمه.
وطفق يفعل كذا مثل: جعل يفعل، وأخذ يفعل، وحكمها حكم " كاد " في أن خبرها الفعل المضارع، وهي للشروع في أول الأمر، و " كاد " للدنو من الأمر ﴿يخصفان عليهما﴾ أي: يلزقان بسوءاتهما ﴿من ورق الجنة﴾ للتستر، وهو ورق التين ﴿وعصى آدم ربه﴾ أي: خالف ما أمره به ربه، والمعصية: مخالفة الأمر، سواء كان الأمر واجبا أو ندبا ﴿فغوى﴾ أي: فخاب من الثواب الذي كان يستحقه على فعل المأمور به، أو خاب مما كان يطمع فيه بأكل الشجرة من الخلود، ويستشهد على ذلك بقول الشاعر: فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما (159) ﴿ثم اجتباه ربه﴾ أي: اصطفاه ربه وقربه إليه، من قولهم: جبى إلي كذا فاجتبيته ﴿فتاب عليه﴾ أي: قبل توبته وهداه إلى ذكره، وقيل: هداه للكلمات التي تلقاها منه (160).
ولما كان آدم وحواء أصلي البشر جعلا كأنهما البشر، فخوطبا مخاطبتهم فقيل: ﴿فإما يأتينكم﴾ على لفظ الجماعة كما أسند الفعل إلى السبب وهو في الحقيقة للمسبب، والمراد بالهدى: الكتاب والشريعة.
وعن ابن عباس: ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا قوله: ﴿فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى﴾ (161).
﴿ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى (127) أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مسكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى (128) ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى (129) فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى (130)﴾
﴿ومن أعرض عن﴾ القرآن، وقيل: عن الدلائل (162) فلم ينظر فيها ﴿فإن له معيشة ضنكا﴾ أي: عيشا ضيقا، والضنك مصدر يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، والمعني فيه: أن مع الدين القناعة والتوكل على الله والرضا بقسمته، فصاحبه ينفق مما رزق بسهولة وسماح فيكون في رفاهية من عيشه، ومن أعرض عن الدين استولى عليه الحرص والجشع، ويتسلط عليه الشح الذي يقبض يده عن الإنفاق فيعيش في ضنك ﴿ونحشره يوم القيمة أعمى﴾ البصر، وقيل: أعمى عن الحجة لا يهتدي إليها (163)، والأول أوجه (164) لأنه الظاهر.
﴿كذلك﴾ أي: مثل ذلك فعلت أنت، ثم فسره بأن آياتنا ﴿أتتك﴾ واضحة منيرة فلم تنظر إليها بعين المعتبر وتركتها وعميت عنها ف? ﴿كذلك﴾ نتركك على عماك، ولا نزيل غطاءه عن عينيك.
ولما توعد المعرض عن ذكره بعقوبتين: المعيشة الضنك في الدنيا وحشره أعمى في الآخرة، ختم آيات الوعيد بقوله: ﴿ولعذاب الآخرة أشد وأبقى﴾ كأنه قال: وللحشر على العمى الذي لا يزول أبدا أشد من ضيق العيش المنقضي، أو أراد: ولتركنا إياه في العمى أشد وأبقى من تركه لآياتنا.
وفاعل ﴿أفلم يهد﴾ الجملة بعده، والمراد: ألم يهد لهم هذا بمضمونه ومعناه، كما أن قوله تعالى: ﴿وتركنا عليه في الآخرين سلم على نوح في العلمين﴾ (165) معناه: تركنا عليه هذا الكلام، ويجوز أن يكون فيه ضمير الله أو الرسول، ويدل عليه القراءة بالنون (166) ﴿يمشون في مسكنهم﴾ يريد: أن قريشا يتقلبون في بلاد عاد وثمود ويعاينون آثار إهلاكهم ﴿إن في ذلك﴾ لعبرا ودلالات لذوي العقول.
﴿ولولا كلمة سبقت من ربك﴾ وهي العدة بتأخير جزائهم إلى الآخرة ﴿لكان﴾ مثل إهلاكنا عادا وثمود لازما لهؤلاء الكفرة، واللزام: إما مصدر لازم وصف به، وإما فعال بمعنى مفعل كأنه آلة اللزوم، لفرط لزومه كما قيل: لزاز (167) خصم ﴿وأجل مسمى﴾ معطوف على ﴿كلمة﴾ أو على الضمير في ﴿كان﴾ أي: لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين له كما كانا لازمين لعاد وثمود.
وقوله: ﴿بحمد ربك﴾ في موضع نصب على الحال، أي: وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه، والمراد بالتسبيح: الصلاة أو هو على الظاهر ﴿قبل طلوع الشمس﴾ يعني: صلاة الفجر ﴿وقبل غروبها﴾ يعني: الظهر والعصر، لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار بين زوال الشمس وغروبها ﴿ومن آناء الليل﴾ أي: ساعاته، وعن ابن عباس: هي صلاة الليل كله (168)، وقيل: إن قبل غروبها هو صلاة العصر و ﴿أطراف النهار﴾ هو الظهر لأن وقته الزوال وهو طرف النصف الأول وطرف النصف الثاني من النهار (169)، وقد تؤول أيضا التسبيح في ﴿آناء الليل﴾ بصلاة العتمة وفي ﴿أطراف النهار﴾ بصلاة الفجر والمغرب، فيكون تكرارا على إرادة الاختصاص كما في قوله: ﴿حفظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ (170) ومن حمل التسبيح على الظاهر قال: أراد المداومة على التسبيح والتحميد في عموم الأوقات " لعلك ترضى " (171) بالشفاعة والدرجة الرفيعة، وقرئ بفتح التاء كما في قوله: ﴿ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾ (172).
﴿ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى (131) وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسلك رزقا نحن نرزقك والعقبة للتقوى (132) وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى (133) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى (134) قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحب الصراط السوى ومن اهتدى (135)﴾ أي: ﴿لا تمدن﴾ نظر ﴿عينيك﴾، ومد النظر تطويله وأن لا يكاد يرده، استحسانا للمنظور إليه وإعجابا به، وتمنيا أن يكون ذلك له.
وقد قال بعض الزهاد: ويجب غض البصر (173) عن أبنية الظلمة وملابسهم المحرمة، لأنهم اتخذوا ذلك لعيون النظارة (174)، فالناظر إليها محصل لغرضهم وكأنه يحملهم على اتخاذها (175).
﴿أزواجا منهم﴾ أصنافا من الكفرة، ويجوز أن ينتصب حالا من هاء الضمير، والفعل واقع على ﴿منهم﴾، كأنه قال: إلى الذي متعنا به وهو أصناف بعضهم وناسا منهم، وفي انتصاب ﴿زهرة الحياة﴾ وجوه: أن ينتصب على الذم وهو النصب على الاختصاص، وعلى تضمين ﴿متعنا﴾ معنى " أعطينا " و " خولنا " وكونه مفعولا ثانيا له، وعلى إبداله من محل الجار والمجرور، وعلى إبداله من ﴿أزواجا﴾ على تقدير: ذوي زهرة، والزهرة: الزينة والبهجة، وقرئ بفتح الهاء (176) فيكون لغة في " الزهرة " كما جاء في " الجهرة ": " الجهرة "، أو يكون جمع زاهر وصفا لهم بأنهم زاهرو الدنيا، لتهلل وجوههم وصفاء ألوانهم مما يتنعمون ﴿لنفتنهم﴾ لنبلوهم، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه ﴿ورزق ربك﴾ المدخر لك في الآخرة ﴿خير﴾ منه وأدوم، أو: ما رزقت من نعمة النبوة خير مما متعناهم به.
﴿وأمر أهلك﴾ أي: أهل بيتك ﴿بالصلاة﴾ واستعينوا بها على خصاصتكم ﴿واصطبر عليها﴾ واصبر على فعلها والأمر بها، ولا تهتم بأمر الرزق والمعيشة، فإن رزقك مكفي من عندنا ﴿لا نسلك﴾ أن ترزق نفسك ولا أهلك.
وعن أبي سعيد الخدري: لما نزلت هذه الآية كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتي باب فاطمة وعلي (عليهما السلام) تسعة أشهر وقت كل صلاة فيقول: الصلاة رحمكم الله ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾ (177) (178).
وعن بكر بن عبد الله المزني (179): أنه كان إذا أصاب أهله خصاصة قال: قوموا فصلوا، بهذا أمر الله (180) رسوله، ثم يتلو هذه الآية (181).
﴿والعقبة﴾ المحمودة ﴿للتقوى﴾ أي: لأهل التقوى.
﴿وقالوا لولا يأتينا بآية﴾ اقترحوا على عادتهم في التعنت آية على النبوة، فقيل لهم: ﴿أولم﴾ تأتكم آية هي أصل الآيات وأجلها في باب الإعجاز، يعني: القرآن، وذلك أن القرآن به يستدل على صحة سائر الكتب المنزلة، وجميعها مفتقرة إلى شهادته على صحة ما فيها كما يحتاج المحتج عليه إلى شهادة الحجة، لأنه معجزة وتلك الكتب ليست بمعجزات، وذكر الضمير الراجع إلى " البينة " في ﴿من قبله﴾ لأنها في معنى الدليل والبرهان.
﴿كل﴾ أي: كل واحد منا ومنكم ﴿متربص﴾ منتظر للعاقبة، فنحن ننتظر وعد الله لنا فيكم، وأنتم تتربصون بنا الدوائر، و ﴿الصراط السوى﴾: الدين المستقيم.
وفي قوله: ﴿ولو أنا أهلكناهم﴾ الآية، دلالة على وجوب اللطف، وأنه إنما بعث الرسول لكونه لطفا، ولو لم يبعثه لكان للخلق الحجة عليه سبحانه وتعالى.
1- قال الزمخشري في كشافه: ج 3 ص 49: مكية إلا آيتي 130 و 131 فمدنيتان، وهي 135 آية، نزلت بعد مريم.
2- الآية: 33 و 34.
3- الآية: 33 و 34.
4- الآية: 41.
5- الآية: 78.
6- الآية: 92.
7- الآية: 40.
8- الآية: 123.
9- الآية: 131.
10- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 100 مرسلا.
11- ثواب الأعمال للصدوق: ص 134.
12- وهي قراءة أبي عمرو وورش وأبي إسحاق. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 531، وتفسير القرطبي: ج 11 ص 168.
13- قرأه حمزة والكسائي والأعمش وخلف وأبو بكر الا الأعشى والبرجمي. راجع التبيان: ج 7 ص 157، وتفسير القرطبي: ج 11 ص 168.
14- وهي قراءة الجمهور. راجع المصادر السابقة.
15- تفسير الحسن البصري: ج 3 ص 115.
16- وهو ما حكاه ابن الأنباري. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 393.
17- رواه ابن عباس والربيع بن أنس كلاهما عنه (صلى الله عليه وآله). راجع تفسير السمرقندي: ج 2 ص 336، وتفسير ابن كثير: ج 3 ص 138.
18- انظر تفسير القمي: ج 2 ص 57 - 58.
19- في نسخة زيادة: به ففاتته شريطة الانتصاب.
20- في نسخة: يرادف.
21- في نسخة زيادة: عنده.
22- الزند: العود الذي يقدح به النار. (الصحاح: مادة زند).
23- قاله ابن عباس. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 171.
24- قرأه ابن كثير وأبو عمرو ونصير. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 531.
25- وهو ما رواه ابن عباس. راجع تفسير السمرقندي: ج 2 ص 337.
26- قاله كعب الأحبار وعكرمة والحسن، وروته العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله). راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 213، وتفسير الحسن البصري: ج 2 ص 116، وتفسير ابن العربي: ج 3 ص 253.
27- في نسخة زيادة: وقيل: لأن الحفوة تواضع، ومن ثم طاف السلف بالكعبة حافين.
28- وهو قول علي (عليه السلام) والحسن وابن جريج ومجاهد وعكرمة. راجع التبيان: ج 7 ص 164، وتفسير الماوردي: ج 3 ص 396.
29- وبغير التنوين قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو والحسن وأبو السمال والأعمش وابن محيصن. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 90، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 417.
30- قاله الحسن البصري في تفسيره: ج 2 ص 115.
31- وهي قراءة حمزة والمفضل. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 532.
32- في بعض النسخ زيادة: فإن ذكري أن اعبد ويصلى لي أو لتذكرني.
33- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 55.
34- حكاه الزمخشري أيضا في الكشاف.
35- الفجر: 24.
36- وهو قول ابن عباس وإبراهيم، ورواه سعيد بن المسيب عن النبي (صلى الله عليه وآله). راجع تفسير ابن عباس: ص 260، وتفسير الماوردي: ج 3 ص 397، وتفسير السمرقندي: ج 2 ص 338.
37- في نسخة: الصادق (عليه السلام).
38- رواه الكليني في الكافي: ج 3 ص 293 ح 4، والآلوسي في تفسيره: ج 16 ص 171.
39- حكاها أبو الليث السمرقندي في تفسيره: ج 2 ص 338.
.
40- رواه عنه (عليه السلام) الآلوسي في تفسيره: ج 16 ص 172.
41- في نسخة زيادة: من قلبها حية.
42- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 58.
43- أخرجه عنه الطبري في تفسيره: ج 8 ص 407.
44- في نسخة هكذا: ثم اتسع فيها فنقلت إلى معنى المذهب والطريقة.
45- في نسخة: جيبك.
46- كما في قوله تعالى: * (ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما) * الأعراف: 20، * (بدت لهما سوءاتهما) * الأعراف: 22، * (يوارى سوءاتكم) * الأعراف: 26، * (ليريهما سوءاتهما) * الأعراف: 27، * (يوارى سوءة أخيه) * و * (فأوارى سوءة أخي) * المائدة: 31، * (فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما) * طه: 121.
47- الآدم من الناس: الأسمر. (الصحاح: مادة ادم).
48- رواه مجاهد ووهب بن منبه. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 408.
49- الرتة بالضم: عجلة في الكلام وقلة أناة، وقيل: هو أن يقلب اللام ياء، وقيل: هي ردة قبيحة في اللسان من العيب، وقيل: هي العجمة في الكلام. (لسان العرب: مادة رتت).
50- انظر تفسير ابن عباس: ص 261.
51- أخرجه الطبري في تفسيره: ج 8 ص 410، وحديث الجمرة باختصار: أنه أراد فرعون قتل موسى (عليه السلام) وهو طفل لأنه أخذ بلحيته ونتفها، فقالت له آسية زوجته: انه صبي لا يعقل وعلامة جهله أنه لا يميز بين الدرة والجمرة، فاحضر فرعون الدرة والجمرة لامتحانه، فأراد موسى أن يأخذ الدرة فصرف جبرائيل يده إلى الجمرة فأخذها ووضعها في فيه فاحترق لسانه.
52- قاله السدي. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 410.
53- القصص: 34.
54- وهو قول الحسن البصري في تفسيره: ج 2 ص 116.
55- في نسخة زيادة: ومؤنه.
56- الوزر: يعني الملجأ. (الصحاح: مادة وزر).
57- في نسخة زيادة: ويلتجئ إليه في أموره.
58- قاله الزجاج في معاني القرآن: ج 3 ص 356.
59- انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 418.
60- في بعض النسخ: النصير.
61- في نسخة: مقدرة.
62- في بعض النسخ: بعينه.
63- وهي قراءة أبي جعفر المدني. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 217.
64- رواه ابن إسحاق. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 414.
65- وهو قول الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 179.
66- في بعض النسخ: واختصصتك.
67- النازعات: 18.
68- النازعات: 19.
69- قاله السدي: راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 219.
70- قاله ابن عباس والسدي. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 406.
71- وهي قراءة نصير عن الكسائي. راجع التبيان: ج 7 ص 177.
72- قاله ابن عباس. في تفسيره: ص 262.
73- وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 418.
74- الأنعام: 99.
75- وهي قراءة يزيد بن القعقاع وشيبة والأعرج. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 212.
76- في نسخة: وجوب.
77- وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 418.
78- قرأه الحسن. راجع الكشاف: ج 3 ص 71.
79- قاله قتادة. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 409.
80- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم برواية أبي بكر. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 419.
81- وهو قول قتادة. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 428.
82- الظاهر أن القراءة المعتمدة لدى المصنف هنا بتشديد " إن ".
83- في نسخة: لحارث. و " بلحرث " مخفف " بني حرث ". والحرث بن كعب هو جد جاهلي. انظر القاموس المحيط: مادة " حرث ".
84- قاله المبرد وإسماعيل بن إسحاق القاضي. راجع التبيان: ج 7 ص 184.
85- انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 419.
86- قرأه ابن كثير. راجع التيسير في القراءات للداني: ص 151.
87- وهو قول ابن عباس وأبي صالح. راجع التبيان: ج 7 ص 185، وتفسير البغوي: ج 3 ص 223.
88- قاله ابن عباس وقتادة. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 430.
89- الآية: 47.
90- قرأه أبو عمرو. راجع الكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 2 ص 100.
91- كذا في النسخ، والظاهر هو نائب فاعل ل? * (يخيل) * المبني للمجهول.
92- حكاه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 413.
93- وهي قراءة ابن عباس وأبي حياة وابن ذكوان وروح عن يعقوب. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 222.
94- قاله مقاتل والجبائي والبلخي. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 224، والتبيان: ج 7 ص 187.
95- في نسخة: لأمره.
96- لقفت الشئ ألقفه لقفا: أي تناولته بسرعة. (الصحاح: مادة لقف).
97- وهي قراءة ابن عامر وابن ذكوان. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 335.
98- يظهر من عبارته أنه اعتمد هنا - تبعا للزمخشري - على هذه القراءة كما هو واضح.
99- حكاه عنه الفخر الرازي في تفسيره: ج 22 ص 86.
100- في بعض النسخ: " أو " بدل الواو.
101- في بعض النسخ: " أو " بدل الواو.
102- في نسخة زيادة: وناش.
103- التوبة: 61.
104- حكاه الآلوسي في تفسيره: ج 16 ص 231.
105- رواه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 225 عن عبد العزيز بن أبان.
106- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 77.
107- حكاه عنه الفخر الرازي في تفسيره: ج 22 ص 91.
108- وهي قراءة حمزة وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 421.
109- الأحزاب: 67.
110- غافر: 29.
111- وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 422.
112- قرأه أبو عمرو ويعقوب. راجع التبيان: ج 7 ص 192.
113- قرأه الكسائي وحده. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 537.
114- وهي قراءة الكسائي. راجع العنوان في القراءات السبع لابن خلف: ص 130.
115- البيت منسوب لأعرابي يرثي ابنا له سقط من جبل. انظر شرح شواهد الكشاف: ص 381.
116- في بعض النسخ: " أي " بدل " أو ".
117- تفسير فرات الكوفي: ص 91.
118- الآية: 88.
119- في نسخة زيادة: ولا وعد أحسن من ذلك وأجمل، حكي لنا أنها كانت الف سورة، كل سورة نزلت يحمل أسفارها سبعون جملا.
120- فقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بكسر الميم، ونافع وعاصم بفتحها، وحمزة والكسائي بضمها. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 422.
121- الظاهر أن القراءة المعتمدة لدى المصنف هنا بالتخفيف مبنيا للمعلوم.
122- في نسخة زيادة: مثل ما ألقوا.
123- الأعراف: 142.
124- حكاه القرطبي في تفسيره: ج 11 ص 240.
125- في بعض النسخ زيادة: المعجمة.
126- في بعض النسخ زيادة: المهملة.
127- رواه الرازي في تفسيره: ج 22 ص 110 عن علي (عليه السلام).
128- قاله ابن عباس. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 230.
129- قرأه ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب. راجع الكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج 2 ص 105، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 538.
130- قرأه ابن مسعود على ما حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 85.
131- قرأه ابن عباس وأبو جعفر وابن محيصن وأشهب العقيلي. راجع تفسير القرطبي: ج 11 ص 242.
132- انظر معاني القرآن للفراء: ج 2 ص 191.
133- النساء: 97 و 115.
134- يوسف: 23.
135- انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 424.
136- ذهب إليه الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 191.
137- العطاش: داء يصيب الإنسان يشرب الماء فلا يروى. (الصحاح: مادة عطش).
138- وهو قول الأزهري في تهذيب اللغة: ج 8 ص 428 مادة " زرق ".
139- قاله الضحاك ومقاتل. راجع تفسير الرازي: ج 22 ص 114.
140- الكهف: 19.
141- نتأ نتأ ونتوءا ونتوا: انتبر وانتفخ وارتفع. (لسان العرب: مادة نتأ).
142- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 3 ص 231.
143- الآية: 100.
144- يقال: جاءوا من كل أوب: أي من كل ناحية. (الصحاح: مادة أوب).
145- الخفق: صوت النعل وما أشبهها من الأصوات. (لسان العرب: مادة خفق).
146- وهو قول ابن عباس والحسن وعكرمة وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 459 - 460.
147- الأحقاف: 11.
148- حكاه الآلوسي في تفسيره: ج 16 ص 265.
149- قرأه ابن كثير. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 424.
150- الآية: 99.
151- في نسخة: " أو " بدل الواو.
152- القيامة: 16.
153- وهو قول مجاهد وقتادة. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 233.
154- قاله مجاهد. راجع تفسير الماوردي: ج 3 ص 430.
155- حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 8 ص 467.
156- وبالكسر هي قراءة نافع وعاصم برواية أبي بكر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 539.
157- الكن: البيت، والجمع: أكنان وأكنة. (لسان العرب: مادة كنن).
158- الانهاء: الإبلاغ. (الصحاح: مادة نهى).
159- والبيت للمرقش الأصغر. تقدم شرحه وبيان معناه.
160- قاله السمرقندي في تفسيره: ج 2 ص 357.
161- حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 431.
162- ذكره القرطبي في تفسيره: ج 11 ص 258.
163- قاله مجاهد. راجع تفسير البغوي: ج 3 ص 235.
164- في بعض النسخ: أولى.
165- الصافات: 78 و 79.
166- وهي قراءة أبي عبد الرحمن السلمي وأبي رجاء العطاردي. راجع الفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج 3 ص 470.
.
167- لزه يلزه لزا ولززا، أي: شده وألصقه، وكز لز اتباع له، رجل ملز: إذا كان شديد الخصومة، لزوم إذا طالب. (الصحاح: مادة لزز).
168- حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 3 ص 432.
169- وهو قول ابن جريج وقتادة. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 477.
170- البقرة: 238.
171- يظهر منه أنه يعتمد على هذه القراءة بضم التاء مبنيا للمجهول هنا تبعا للكشاف.
172- الضحى: 5.
173- في بعض النسخ: الطرف.
174- في بعض النسخ: النظار، وفي أخرى: الناظرة.
175- حكاه عن هذا البعض الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 98.
176- وهي قراءة يعقوب. راجع التبيان: ج 7 ص 224.
177- الأحزاب: 33.
178- تفسير الحبري: ص 306 ح 55، شواهد التنزيل للحسكاني: ج 2 ص 47 ح 668.
179- هو بكر بن عبد الله بن عمرو بن هلال المزني، أخو علقمة. راجع تهذيب التهذيب لابن حجر: ج 1 ص 484.
180- في نسخة زيادة: واو.
181- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 99.