سورة الأنفال
مدنية (1)، وهي ست وسبعون آية بصري، خمس كوفي، ﴿ثم يغلبون﴾ (2) و ﴿مفعولا﴾ (3) الأول بصري، ﴿بنصره وبالمؤمنين﴾ (4) كوفي.
في خبر أبي: " ومن قرأ سورة الأنفال وبراءة فأنا شفيع له وشاهد له يوم القيامة أنه برئ من النفاق، وأعطي من الأجر بعدد كل منافق ومنافقة في دار الدنيا عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان العرش وحملته يصلون عليه أيام حياته في دار الدنيا " (5).
قال الصادق (عليه السلام): " من قرأهما في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، وكان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا، ويأكل يوم القيامة من موائد الجنة معهم حتى يفرغ الناس من الحساب " (6).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين (1)﴾ قرأ ابن مسعود وعلي بن الحسين زين العابدين والباقر والصادق (عليهم السلام): " يسئلونك الأنفال " (7)، وهذه القراءة مؤدية للسبب في القراءة الأخرى التي هي ﴿عن الأنفال﴾ وذلك أنهم إنما سألوه عنها استعلاما لحالها، هل يسوغ طلبها؟وفي القراءة (8) بالنصب تصريح بطلبها، وبيان عن الغرض في السؤال عنها.
والنفل: الزيادة على الشئ، قال لبيد: إن تقوى ربنا خير نفل (9) قال الصادق (عليه السلام): الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال، وكل أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال أيضا - وسماها الفقهاء فيئا - والأرضون الموات والآجام وبطون الأودية وقطائع الملوك وميراث من لا وارث له، وهي لله والرسول ولمن قام مقامه بعده (10) ﴿فاتقوا الله﴾ باتقاء مخالفة ما يأمركم هو ورسوله به ﴿وأصلحوا ذات بينكم﴾ حقيقة أحوال بينكم، والمعنى: أصلحوا ما بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة واتفاق ومودة، ونحوه: " ذات الصدور " وهي مضمراتها.
﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون (2) الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجت عند ربهم ومغفرة ورزق كريم (4)﴾ أي: ﴿إنما﴾ الكاملون في الايمان ﴿الذين﴾ من صفتهم أنهم ﴿إذا ذكر الله﴾ عندهم واقتداره وأليم عقابه على المعاصي ﴿وجلت قلوبهم﴾ أي: خافت ﴿وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا﴾ أي: ازدادوا بها يقينا وطمأنينة نفس وتصديقا إلى تصديقهم بما أنزل قبل ذلك من القرآن ﴿وعلى ربهم يتوكلون﴾ وإليه يفوضون أمورهم فيما يخافون ويرجون، وخص الصلاة والزكاة بالذكر لعظم شأنهما وتأكد الامر فيهما.
﴿أولئك﴾ المستجمعون لهذه الخصال ﴿هم﴾ الذين استحقوا إطلاق اسم الايمان على الحقيقة، و ﴿حقا﴾ صفة لمصدر محذوف، أي: إيمانا حقا، أو هو مصدر مؤكد للجملة التي هي ﴿أولئك هم المؤمنون﴾ كما تقول: هو عبد الله حقا، أي: حق ذلك حقا ﴿درجت﴾ شرف وكرامة وعلو رتبة ﴿ومغفرة﴾ وتجاوز لسيئاتهم ﴿ورزق كريم﴾ نعيم الجنة، أي: منافع دائمة، على سبيل التعظيم، وهذا معنى الثواب.
﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون (5) يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون (6) وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلمته ويقطع دابر الكافرين (7) ليحق الحق ويبطل البطل ولو كره المجرمون (8)﴾ الكاف في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه الحال كحال إخراجك، والمعنى: أن حالهم في كراهة ما حكم الله في الأنفال مثل حالهم في كراهة خروجك من بيتك للحرب.
ويجوز أن يكون في محل النصب على أنه صفة لمصدر الفعل المقدر في قولك: " الأنفال لله والرسول "، أي: الأنفال استقرت لله والرسول، وثبتت مع كراهتهم ثباتا مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك مع كراهتهم، فعلى هذا لا يكون الوقف من قوله: ﴿قل الأنفال﴾ إلى قوله: ﴿بالحق﴾، وعلى الأول جاز الوقف على قوله: ﴿والرسول﴾ وقوله: ﴿مؤمنين﴾، و ﴿من بيتك﴾ يريد بيته بالمدينة، أو المدينة نفسها، لأنها مهاجره ومسكنه ﴿بالحق﴾ أي: إخراجا متلبسا بالحكمة والصواب الذي لا محيد عنه، وهو الجهاد ﴿وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾ في موضع الحال، أي: أخرجك في حال كراهتهم.
﴿يجادلونك في الحق﴾ فيما دعوتهم إليه، وهو تلقي النفير، وهو جيش قريش لإيثارهم عليه تلقي العير ﴿بعد ما تبين﴾ بعد إعلام رسول الله بأنهم ينصرون، وجدالهم أنهم قالوا: ما خرجنا إلا للعير، وذلك: أن عير قريش أقبلت من الشام معها أربعون راكبا منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص، فأخبر جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبر المسلمين، فأعجبهم تلقي العير، فلما خرجوا بلغ أهل مكة خبر خروجهم، فنادى أبو جهل فوق الكعبة: يا أهل مكة النجا النجا (11) على كل صعب وذلول، عيركم، أموالكم، إن أصابها محمد لن تفلحوا بعدها أبدا، وخرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهم النفير، وفي المثل السائر: " لا في العير ولا في النفير " (12)، فقيل له: إن العير أخذت طريق الساحل ونجت، فارجع بالناس إلى مكة، فقال: لا والله حتى ننحر الجزر ونشرب الخمر ببدر، فتتسامع العرب بأن محمدا - (صلى الله عليه وآله) - لم يصب العير، وأنا أغضضناه، فمضى بهم إلى بدر.
وبدر ماء كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوما في السنة، ونزل جبرئيل فقال: يا محمد - (صلى الله عليه وآله) - إن الله وعدكم ﴿إحدى الطائفتين﴾: إما العير وإما قريشا، فاستشار النبي (صلى الله عليه وآله) أصحابه وقال: ما تقولون؟إن القوم قد خرجوا من مكة فالعير أحب إليكم أم النفير؟قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدو، فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: إن العير قد مضت على ساحل البحر، وهذا أبو جهل قد أقبل، فقالوا: يا رسول الله عليك بالعير ودع العدو، فقام رجال من أصحابه وقالوا، ثم قام المقداد بن عمرو وقال: والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضى (13) وشوك الهراس (14) لخضنا (15) معك، ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى: ﴿فاذهب أنت وربك فقتلا إنا ههنا قاعدون﴾ (16) ولكنا نقول: امض لما أمرك ربك فإنا معك مقاتلون ما دامت منا عين تطرف، وقام سعد بن معاذ وقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) امض لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، ففرح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله، وقال: سيروا على بركة الله وأبشروا، فإن الله وعدني ﴿إحدى الطائفتين﴾ والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم (17).
وقوله: ﴿كأنما يساقون إلى الموت﴾ تشبيه حالهم بحال من يعتل إلى القتل وهو ناظر إلى أسباب الموت لا يشك فيه.
﴿وإذ﴾ منصوب بإضمار " اذكروا "، ﴿أنها لكم﴾ بدل من ﴿إحدى الطائفتين﴾، و ﴿غير ذات الشوكة﴾: العير، لأنه لم يكن فيها إلا أربعون فارسا، والشوكة: الحدة، مستعارة من حدة الشوك، أي: تتمنون أن يكون العير لكم، ولا تريدون الطائفة الأخرى التي هي ذات الشوكة (18) والحدة ﴿ويريد الله أن يحق الحق﴾ أي: يثبته، بأن يعز الإسلام ويعلي كلمته ويهلك وجوه قريش على أيديكم ﴿بكلمته﴾ بآياته المنزلة في محاربتهم ﴿ويقطع دابر الكافرين﴾ باستئصالهم وقتلهم وأسرهم وطرحهم في قليب بدر، والدابر: الآخر، من دبر: إذا أدبر، والمعنى: أنكم تريدون الفائدة العاجلة والله يريد ما يرجع إلى علو أمور الدين ونصرة الحق، ولذلك اختار لكم الطائفة الأخرى ذات الشوكة، وغلب كثرتهم بقلتكم، وأذلهم وأعزكم، وقوله: ﴿ليحق الحق﴾ تعلق بمحذوف، تقديره: ليحق الحق ويبطل الباطل فعل ذلك.
﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين (9) وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم (10) إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام (11) إذ يوحى ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان (12) ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب (13) ذا لكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار (14)﴾
﴿إذ تستغيثون ربكم﴾ بدل من ﴿إذ يعدكم الله﴾، وقيل: إنه يتعلق بقوله: ﴿ليحق الحق ويبطل ا لبطل﴾ (19)، واستغاثتهم: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نظر إلى المشركين وهم ألف وإلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، استقبل القبلة ومد يديه يدعو: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة (20) لا تعبد في الأرض، فما زال كذلك حتى سقط رداؤه من منكبه (21) (22)، ﴿فاستجاب لكم﴾ فأغاثكم وأجاب دعوتكم ﴿أني ممدكم﴾ أصله: بأني ممدكم، فحذف الجار، وقرئ: ﴿مردفين﴾ بكسر الدال وفتحها (23)، من قولك: ردفه: إذا تبعه، وأردفته إياه: إذا أتبعته، ويقال: أردفته وأتبعته: إذا جئت بعده، فعلى الأول يكون معنى ﴿مردفين﴾ بكسر الدال: متبعين بعضهم بعضا، أو متبعين أنفسهم المؤمنين، وعلى الثاني يكون معناه: متبعين بعضهم لبعض، أو متبعين للمؤمنين يحفظونهم، ومن قرأ بفتح الدال فمعناه: متبعين أو متبعين.
﴿وما جعله الله﴾ أي: وما جعل الله إمدادكم بالملائكة ﴿إلا بشرى﴾ أي: بشارة لكم بالنصر كالسكينة لبني إسرائيل، والمعنى: أنكم استغثتم ربكم وتضرعتم، فكان الإمداد بالملائكة بشارة لكم بالنصر، وتسكينا منكم، وربطا على قلوبكم ﴿وما النصر إلا من عند الله﴾ أي: وما النصر بالملائكة وغيرهم من الأسباب إلا من عند الله، ينصر من يشاء، قل العدد أم كثر.
﴿إذ يغشيكم النعاس﴾ بدل ثان من ﴿إذ يعدكم الله﴾، أو (24) منصوب ب? ﴿- النصر﴾ أو ب? ﴿- ما جعله الله﴾، وقرئ: ﴿يغشيكم﴾ بالتخفيف (25) والتشديد ونصب ﴿النعاس﴾، والضمير لله عز وجل، و ﴿أمنة﴾ مفعول له، و ﴿منه﴾ صفة ل? ﴿أمنة﴾، أي: أمنة حاصلة لكم من الله، والمعنى: إذ تنعسون لأمنكم الحاصل من الله بإزالة الرعب من قلوبكم ﴿وينزل عليكم﴾ قرئ بالتشديد والتخفيف (26) ﴿من السماء ماء﴾ أي: مطرا، و ﴿رجز الشيطان﴾: وسوسته إليهم، وذلك أن المشركين قد سبقوهم إلى الماء، ونزل المسلمون في كثيب أعفر (27) تسوخ فيه الأقدام، وناموا، فاحتلم أكثرهم، فتمثل لهم إبليس وقال: يا أصحاب محمد أنتم تزعمون أنكم على الحق وأنتم تصلون على الجنابة وقد عطشتم، ولو كنتم على حق ما غلبكم هؤلاء على الماء، وهاهم الآن يمشون إليكم ويقتلونكم ويسوقون بقيتكم إلى مكة، فحزنوا لذلك، فأنزل الله المطر فمطروا ليلا حتى جرى الوادي، واغتسلوا وتوضأوا، واتخذوا الحياض على عدوة (28) الوادي، وتلبد (29) الرمل الذي كان بينهم وبين العدو حتى ثبت الأقدام عليه، وزالت وسوسة الشيطان، والضمير في ﴿به﴾ للماء أو للربط، لأن الجرأة تثبت القدم في مواطن الحرب.
﴿إذ يوحى﴾ يجوز أن يكون بدلا ثالثا من ﴿إذ يعدكم﴾، وأن ينتصب ب? ﴿يثبت﴾، ﴿أني معكم﴾ أعينكم على التثبيت فثبتوهم.
وقوله: ﴿سألقى﴾ إلى قوله: ﴿فاضربوا﴾ يجوز أن يكون تفسيرا لقوله: ﴿أني معكم فثبتوا﴾، ولا معونة أعظم من إلقاء الرعب في قلوب الكفار، ولا تثبيت أبلغ من ضرب أعناقهم، ويجوز أن يكون غير تفسير، وأن يراد بالتثبيت أن يظهروا ما تيقن به المؤمنون أنهم أمدوا بهم ﴿فاضربوا فوق الأعناق﴾ التي هي المذابح، وقيل: أراد الرؤوس (30)، وال? ﴿بنان﴾: الأصابع، يريد به الأطراف، والمعنى: ﴿فاضربوا﴾ المقاتل والأطراف من اليدين والرجلين، ويجوز أن يكون من قوله: ﴿سألقى﴾ إلى قوله: ﴿كل بنان﴾ عقيب قوله: ﴿فثبتوا الذين آمنوا﴾ تلقينا للملائكة ما يثبتونهم به، أي: قولوا لهم قولي: ﴿سألقى﴾.
﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما وقع بهم من القتل والعقاب العاجل، أي: ذلك العقاب وقع بهم بسبب مشاقتهم، والمشاقة مشتقة من الشق لأن كلا من المتعاديين في شق خلاف شق صاحبه، والكاف في ﴿ذلك﴾ لخطاب الرسول (صلى الله عليه وآله) أو لخطاب كل أحد.
وفي ﴿ذا لكم﴾ للكفرة على طريقة الالتفات، و ﴿ذلك﴾ مبتدأ و ﴿بأنهم﴾ خبره، و ﴿ذا لكم﴾ في محل الرفع أيضا، أي: ذلكم العقاب أو العقاب ذلكم ﴿فذوقوه﴾، ويجوز أن يكون في محل النصب على تقدير: عليكم ذلكم ﴿فذوقوه﴾، كقولك: زيدا فاضربه ﴿وأن للكافرين﴾ عطف على ﴿ذا لكم﴾ في الوجهين أو نصب على أن الواو بمعنى " مع "، أي: ذوقوا هذا العذاب العاجل مع الآجل الذي لكم في الآخرة، فوضع الظاهر موضع الضمير.
﴿يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار (15) ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (16) فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم (17)﴾ الزحف: الجيش الذي يرى لكثرته، كأنه يزحف أي: يدب دبيبا، من زحف الصبي: إذا دب على استه، سمي بالمصدر، والجمع زحوف، والمعنى: إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير جم وأنتم قليل فلا تفروا، فضلا عن أن تساووهم في العدد أو تدانوهم، فيكون ﴿زحفا﴾ حالا من ﴿الذين كفروا﴾، ويجوز أن يكون حالا من الفريقين، أي: إذا لقيتموهم متزاحفين أنتم وهم، أو حالا من " المؤمنين "، كأنهم أخبروا بما سيكون منهم يوم حنين (31) حين ولوا مدبرين وهم زحف: اثنا عشر ألفا، وفي قوله: ﴿ومن يولهم يومئذ دبره﴾ أمارة عليه ﴿إلا متحرفا لقتال﴾ هو الكر بعد الفر، يخيل عدوه أنه منهزم ثم يعطف عليه، وهو نوع من مكائد الحرب ﴿أو متحيزا﴾ أي: أو منحازا ﴿إلى فئة﴾ إلى جماعة أخرى من المسلمين سوى الفئة التي هو فيها، وانتصابهما على الحال و ﴿إلا﴾ لغو، أو على الاستثناء من " المولين "، أي: ومن يولهم إلا رجلا منهم متحرفا أو متحيزا، ووزن متحيز متفيعل لا متفعل، لأنه من حاز يحوز، فبناء متفعل منه متحوز.
﴿فلم تقتلوهم﴾ الفاء جواب شرط محذوف، تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم ﴿ولكن الله قتلهم﴾ بأن أنزل الملائكة، وألقى الرعب في قلوبهم، وقوى قلوبكم ﴿وما رميت﴾ أنت يا محمد (صلى الله عليه وآله) ﴿إذ رميت﴾ (32)، وذلك أن قريشا لما جاءت بخيلائها (33) أتاه جبرئيل فقال: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فقال لعلي (عليه السلام): أعطني قبضة من حصباء الوادي، فأعطاه، فرمى بها في وجوههم، وقال: شاهت الوجوه، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه، فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ﴿ولكن الله رمى﴾ حيث أثرت الرمية ذلك الأثر العظيم، أثبت الرمي لرسول الله لأنه وجد منه صورة، ونفاه عنه معنى لأن أثره الذي لا يدخل في قدرة البشر فعل الله عز وعلا، فكأنه فاعل الرمية على الحقيقة، وكأنها لم توجد من الرسول أصلا.
وقرئ: " ولكن الله قتلهم... ولكن الله رمى " (34)، ﴿وليبلى المؤمنين﴾ وليعطيهم ﴿بلاء﴾ عطاء ﴿حسنا﴾ جميلا، قال زهير: وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو (35) والمعنى: وللإحسان إلى المؤمنين والإنعام عليهم فعل ما فعل، ولم يفعله إلا لذلك ﴿إن الله سميع﴾ لأقوالهم ﴿عليم﴾ بأحوالهم.
﴿ذا لكم وأن الله موهن كيد الكافرين (18) إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين (19) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون (20) ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (21)﴾
﴿ذا لكم﴾ إشارة إلى البلاء الحسن، ومحله الرفع، أي: الغرض ذلكم ﴿وأن الله موهن﴾ عطف على ﴿ذا لكم﴾ يعني: أن الغرض إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين، وقرئ: " موهن " بالتشديد (36)، وقرئ على الإضافة (37)، وعلى الأصل الذي هو التنوين والإعمال (38).
﴿إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح﴾ خطاب لأهل مكة على طريق التهكم، وذلك أنهم حين أرادوا أن ينفروا تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين، وروي: أن أبا جهل قال يوم بدر: اللهم أينا كان أهجر وأقطع للرحم فأحنه (39) اليوم (40)، أي: فأهلكه، وقيل: ﴿إن تستفتحوا﴾ خطاب للمؤمنين و ﴿إن تنتهوا﴾ للكافرين (41)، أي: وإن تنتهوا عن عداوة رسول الله ﴿فهو خير لكم وإن تعودوا﴾ لمحاربته ﴿نعد﴾ لنصرته عليكم.
وقرئ: ﴿وأن الله﴾ بالفتح على: ولان الله مع المؤمنين كان ذلك، وبالكسر (42) وهو الأوجه، ويقويه قراءة عبد الله: " والله مع المؤمنين " (43).
وقرئ: ﴿ولا تولوا﴾ بحذف التاء وإدغامها في الثاني (44)، والضمير في ﴿عنه﴾ لرسول الله، لأن المعنى: أطيعوا رسول الله، كقوله: ﴿والله ورسوله أحق أن يرضوه﴾ (45)، ولأن طاعة الله وطاعة الرسول شئ واحد ورجوع الضمير إلى أحدهما رجوع إليهما، كما تقول: الإحسان والإجمال لا ينفع في فلان ﴿وأنتم تسمعون﴾ دعاءه لكم.
﴿ولا تكونوا كالذين﴾ ادعوا السماع ﴿وهم لا يسمعون﴾ لأنهم ليسوا بمصدقين فكأنهم غير سامعين.
﴿إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون (22) ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (23) يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون (24) واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب (25)﴾
﴿إن شر﴾ من يدب على وجه الأرض، أو: إن شر البهائم، جعلهم من جنس البهائم ثم جعلهم شرها ﴿الصم البكم﴾ أي: الذين هم صم عن الحق لا يسمعونه، بكم لا يقرون به.
﴿ولو علم الله﴾ في هؤلاء الصم البكم ﴿خيرا﴾ أي: انتفاعا باللطف ﴿لأسمعهم﴾ للطف بهم حتى يسمعوا سماع المصدقين ﴿ولو أسمعهم لتولوا﴾ أعرضوا، وفي هذا دلالة على أنه سبحانه لا يمنع أحدا اللطف، وإنما لا يلطف لمن يعلم أنه لا ينتفع به.
وقال الباقر (عليه السلام): " هم بنو عبد الدار لم يسلم منهم غير مصعب بن عمير وسويد بن حرملة، كانوا يقولون: نحن صم بكم عما جاء به محمد، وقد قتلوا جميعا بأحد، كانوا أصحاب اللواء " (46).
﴿إذا دعاكم﴾ وحد الضمير، لأن استجابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) استجابة الله، والمراد بالاستجابة: الطاعة والامتثال ﴿لما يحييكم﴾ من علوم الدين والشرائع، لأن العلم حياة والجهل موت، وقيل: لمجاهدة الكفار وللشهادة (47) لقوله: ﴿بل أحياء عند ربهم﴾ (48).
﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾ أي: يملك على المرء قلبه فيغير نياته ويفسخ عزائمه، ويبدله بالذكر نسيانا وبالنسيان ذكرا وبالخوف أمنا وبالأمن خوفا، وقيل: معناه: أن المرء لا يستطيع أن يكتم الله بقلبه شيئا وهو يطلع على ضمائره وخواطره، فكأنه حال بينه وبين قلبه (49)، وقيل: معناه: أنه يميت المرء فتفوته الفرصة التي هو واجدها، وهي التمكن من إخلاص القلب ومعالجة أدوائه ورده سليما كما يريده الله (50)، فاغتنموا هذه الفرصة وأخلصوا قلوبكم، واعلموا أنكم ﴿إليه تحشرون﴾ فيثيبكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة.
وعن الصادق (عليه السلام): " يحول بين المرء وبين أن يعلم أن الباطل حق " (51).
﴿واتقوا فتنة﴾ أي: بلية (52)، وقيل: ذنبا (53)، وقيل: عذابا (54)، وقيل: هو إقرار المنكر بين أظهرهم (55).
وقوله: ﴿لا تصيبن﴾ لا يخلو أن يكون جوابا للأمر، أو نهيا بعد أمر معطوفا عليه بحذف الواو، أو صفة ل? ﴿فتنة﴾، فإذا كان جوابا فالمعنى: إن أصابتكم لا تصيب الظالمين ﴿منكم خاصة﴾ ولكنها تعمكم، وإنما جاز دخول النون في جواب الأمر لأن فيه معنى النهي، كما تقول: انزل عن الدابة لا تطرحك، ويجوز: لا تطرحنك، وإذا كانت نهيا بعد أمر فكأنه قيل: واحذروا بلية أو ذنبا أو عقابا، ثم قيل: لا تتعرضوا للظلم فتصيب البلية أو العقاب أو أثر الذنب ووباله من ظلم منكم خاصة، وكذلك إذا جعلته صفة على إرادة القول كأنه قيل: ﴿واتقوا فتنة﴾ مقولا فيها: ﴿لا تصيبن﴾، ونظيره قول الشاعر: حتى إذا جن الظلام واختلط * جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط (56) أي: بمذق يقال فيه هذا القول، لأن فيه لون الورقة التي هي لون الذئب، ويعضده قراءة ابن مسعود: " لتصيبن " (57) على جواب القسم المحذوف، ويكون " من " للتبيين على هذا، لأن المعنى: لا تصيبنكم أو لتصيبنكم خاصة على ظلمكم، لأن الظلم أقبح منكم من سائر الناس.
وعن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قال النبي (صلى الله عليه وآله): " من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي "، أورده الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل (58) مرفوعا.
وعن ابن عباس أيضا: أنه سئل عن هذه الفتنة، فقال: أبهموا ما أبهم الله، وعن السدي: نزلت في أهل بدر فاقتتلوا يوم الجمل (59).
﴿واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون (26) يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمنتكم وأنتم تعلمون (27) واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم (28)﴾
﴿واذكروا﴾ معاشر المهاجرين ﴿إذ أنتم قليل﴾ أي: وقت كونكم أقلة أذلة، ف? ﴿إذ﴾ هنا مذكور مفعول به وليس بظرف ﴿مستضعفون﴾ يستضعفكم قريش ﴿في الأرض﴾ يعني: أرض مكة قبل الهجرة ﴿تخافون أن يتخطفكم الناس﴾ أي: يستلبكم المشركون من العرب إن خرجتم منها ﴿فآواكم﴾ إلى المدينة ﴿وأيدكم بنصره﴾ أي: قواكم بمظاهر النصر بإمداد الملائكة يوم بدر ﴿ورزقكم من الطيبات﴾ يعني: الغنائم ﴿لعلكم تشكرون﴾ إرادة أن تشكروا هذه النعم.
وعن قتادة: كانت العرب أذل الناس وأشقاهم عيشا، وأعراهم جلدا، يؤكلون ولا يأكلون، فمكن الله لهم في البلاد، ووسع عليهم في الرزق والغنائم، وجعلهم ملوكا (60).
ومعنى الخون: النقص، كما أن معنى الوفاء: التمام، ومنه تخونه أي: تنقصه، ثم استعمل في ضد الأمانة والوفاء (61)، لأنك إذا خنت الرجل في شئ فقد أدخلت عليه النقصان فيه، والمعنى: لا تخونوا الله بترك أوامره، والرسول بترك سنته وشرائعه، و ﴿أمنتكم﴾ فيما بينكم بأن لا تحفظوها ﴿وأنتم تعلمون﴾ وبال ذلك وعقابه، وقيل: ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنكم تخونون (62)، يعني: أن الخيانة توجد منكم عن عمد، ويحتمل أن يكون ﴿وتخونوا﴾ جزما داخلا في حكم النهي، وأن يكون نصبا بإضمار " أن "، نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن.
﴿واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ جعلهم فتنة، لأنهم سبب الوقوع في الفتنة وهي الإثم أو العذاب، أو يريد: محنة من الله ليبلوكم كيف تحافظون فيهم على حدوده ﴿وأن الله عنده أجر عظيم﴾ فعليكم أن تزهدوا في الدنيا، ولا تحرصوا على جمع المال وحب الولد، ولا تؤثروهما على نعيم الأبد.
﴿يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيأتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم (29) وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (30)﴾
﴿فرقانا﴾ أي: فتحا ونصرا، كقوله: ﴿يوم الفرقان﴾ (63) لأنه يفرق بين الحق بإعزاز أهله والباطل بإذلال أهله، أو هداية ونورا وتوفيقا وشرحا للصدور، أو بيانا وظهورا يشهر أمركم في أقطار الأرض.
﴿وإذ يمكر بك الذين كفروا﴾ لما فتح الله عليه، ذكره مكر قريش به حين كان بمكة ليشكر النعمة الجليلة في إنجائه منهم واستيلائه عليهم، أي: واذكر إذ يمكرون بك حين اجتمعوا في دار الندوة وتآمروا في أمرك، فقال بعضهم: نحبسه في بيت ونلقي إليه الطعام والشراب، وقال بعضهم: نحمله على جمل ونخرجه من بين أظهرنا، وقال أبو جهل: نأخذ من كل بطن غلاما ونعطيه سيفا صارما فيضربونه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلهم، فإذا طلبوا العقل عقلناه، فقال إبليس وكان قد دخل عليهم في صورة شيخ من أهل نجد: هذا الفتى أجودكم رأيا، فتفرقوا على رأيه مجمعين على قتله.
وعن ابن عباس: ﴿ليثبتوك﴾: ليقيدوك ويوثقوك (64)، وقيل: ليثخنوك (65) بالضرب والجرح (66) من قولهم: ضربوه حتى أثبتوه لا حراك به، وفلان مثبت وجعا ﴿ويمكرون﴾ ويخفون المكائد ﴿ويمكر الله﴾ ويخفي الله ما أعد لهم حتى يأتيهم بغتة ﴿والله خير الماكرين﴾ (67) أي: مكره أنفذ من مكر غيره، أو لأنه لا ينزل إلا ما هو حق وعدل.
﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين (31) وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم (32) وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33) ومالهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون (34)﴾
﴿لو نشاء لقلنا مثل هذا﴾ قائله: النضر بن الحارث بن كلدة، وأسر يوم بدر فقتله النبي (صلى الله عليه وآله) صبرا بيد علي (عليه السلام)، وإنما قاله صلفا (68) ونفاجة (69)، فإنهم لم يتوانوا في مشيئتهم لو استطاعوا ذلك، وإلا فما منعهم أن يشاءوا غلبة من تحداهم وقرعهم بالمعجز حتى يغلبوه مع فرط حرصهم على قهره وغلبته ؟! ﴿إن هذا إلا أساطير الأولين﴾ قاله النضر أيضا، وذلك أنه جاء بحديث رستم وإسفنديار من بلاد فارس، وزعم أن هذا مثل ذلك، وهو القائل: اللهم إن كان هذا هو الحق - أي: إن كان القرآن هو الحق - فعاقبنا على إنكاره بالسجيل كما فعلت بأصحاب الفيل، أو بعذاب آخر، ومراده أن ينفي كونه حقا، وإذا انتفي كونه حقا لم يستوجب منكره عذابا، فكان تعليق العذاب بكونه حقا مع اعتقاد أنه ليس بحق كتعليقه بالمحال.
﴿ليعذبهم﴾ اللام لتأكيد النفي، والدلالة على أن تعذيبهم وهو بين أظهرهم غير مستقيم في الحكمة، ومن قضية حكمة الله أن لا يعذب قوما عذاب استئصال ونبيهم بين أظهرهم، وفيه إشعار بأنهم مرصدون بالعذاب إذا هاجر عنهم بدلالة قوله: ﴿ومالهم ألا يعذبهم الله﴾، فكأنه قال: ما يعذبهم وأنت فيهم وهو معذبهم إذا فارقتهم ﴿ومالهم ألا يعذبهم﴾، وقوله: ﴿وهم يستغفرون﴾ في موضع الحال، أي: ﴿وما كان الله معذبهم﴾ وفيهم من يستغفر وهم المسلمون بين أظهرهم من المستضعفين الذين تخلفوا بعد خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم على عزم الهجرة، وقيل: معناه نفي الاستغفار عنهم، أي: ولو كانوا ممن يؤمن بالله ويستغفر لما عذبهم، ولكنهم لا يؤمنون ولا يستغفرون (70).
﴿ومالهم ألا يعذبهم الله﴾ وأي شئ لهم في انتفاء العذاب عنهم، يعني: لاحظ لهم في ذلك ﴿وهم﴾ معذبون لا محالة، وكيف لا يعذبون وحالهم أنهم ﴿يصدون عن المسجد الحرام﴾ أولياءه ﴿وما كانوا أولياءه﴾ أي: وما استحقوا مع شركهم بالله وعداوتهم لرسوله أن يكونوا ولاة أمره ﴿إن أولياؤه إلا المتقون﴾ إنما يستحق ولايته من كان تقيا من المسلمين ﴿ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾ كأنه استثنى من يعلم ويعاند، أو أراد بالأكثر الجميع كما يراد بالقلة العدم.
﴿وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (35) إن الذين كفروا ينفقون أموا لهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون (36) ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون (37)﴾ المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق، وهو ضرب اليد على اليد، وهو تفعلة من الصدى، والمعنى: أنهم وضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة، كما أن الشاعر في قوله: وما كنت أخشى أن يكون عطاؤه * أداهم سودا أو محدرجة سمرا (71) وضع القيود والسياط موضع العطاء، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة وهم مشبكون بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون، وكانوا يفعلون نحو ذلك إذا قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صلاته يخلطون عليه ﴿فذوقوا﴾ عذاب القتل والأسر يوم بدر بسبب كفركم.
﴿ينفقون أموا لهم﴾ نزلت في المطعمين يوم بدر، كان كل يوم يطعم واحد منهم عشر جزر، وقيل: إنهم قالوا لكل من كانت له تجارة في العير: أعينوا بهذا المال على حرب محمد - (صلى الله عليه وآله) - لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر (72) ﴿ليصدوا عن سبيل الله﴾ أي: كان غرضهم في الإنفاق الصد عن اتباع محمد (صلى الله عليه وآله) وهو سبيل الله ﴿ثم تكون عليهم حسرة﴾ ثم تكون عاقبة إنفاقها حسرة ﴿ثم يغلبون﴾ آخر الأمر يغلبهم المؤمنون، والكافرون ﴿إلى جهنم يحشرون﴾.
﴿ليميز الله﴾ الفريق الخبيث من الفريق الطيب ﴿ويجعل الخبيث بعضه﴾ فوق ﴿بعض﴾ في جهنم يضيقها عليهم ﴿فيركمه﴾ عبارة عن الجمع والضم حتى يتراكموا، كقوله: ﴿كادوا يكونون عليه لبدا﴾ (73)، وقيل: نفقة الكافر من نفقة المؤمن، ويجعل نفقة الكافر بعضها ﴿على بعض﴾ فوق بعض ﴿فيركمه﴾ ويجمعه ﴿جميعا فيجعله في جهنم﴾ يعاقبهم به (74)، كما قال: ﴿يوم يحمى عليها في نار جهنم﴾ الآية (75)، وقرئ: ﴿ليميز﴾ على التخفيف (76).
﴿قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين (38) وقتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير (39) وإن تولوا فاعلموا أن الله موليكم نعم المولى ونعم النصير (40)﴾
﴿قل للذين كفروا﴾ أي: قل لأجلهم هذا القول وهو ﴿إن ينتهوا﴾، ولو كان بمعنى خاطبهم به لقيل: إن تنتهوا - بالتاء - يغفر لكم، أي: إن ينتهوا عما هم عليه بالدخول في الإسلام ﴿يغفر لهم ما قد سلف﴾ من الشرك وعداوة الرسول ﴿وإن يعودوا﴾ لعداوته وقتاله ﴿فقد مضت سنت الأولين﴾ الذين تحزبوا على أنبياء الله في تدميرهم، فليتوقعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا.
﴿وقتلوهم حتى لا تكون فتنة﴾ أي: إلى أن لا يوجد فيهم شرك ﴿ويكون الدين كله لله﴾ ويضمحل كل دين باطل ويبقى دين الإسلام وحده.
قال الصادق (77) (عليه السلام): " لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغن دين محمد (صلى الله عليه وآله) ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك (78) على ظهر الأرض " (79).
﴿فإن انتهوا﴾ عن الكفر وأسلموا ﴿فإن الله بما يعملون بصير﴾ يثيبهم على توبتهم وإسلامهم، وقرئ: " تعملون " بالتاء (80)، فيكون المعنى: فإن الله بما تعملون من الجهاد في سبيله ﴿بصير﴾ يجازيكم عليه أحسن الجزاء.
﴿وإن تولوا﴾ ولم ينتهوا فثقوا بولاية الله ونصرته.
﴿واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمسكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير (41) إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم (42)﴾ " ما " موصولة، و ﴿من شئ﴾ بيانه ﴿فأن لله﴾ مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: فواجب، أو فحق أن ﴿لله خمسه﴾.
قال أصحابنا رضوان الله عليهم أجمعين: إن الخمس يقسم على ستة أسهم كما في الآية: سهم لله، وسهم للرسول (صلى الله عليه وآله)، وسهم لذوي القربى، فهذه الأسهم الثلاثة اليوم للإمام القائم مقام الرسول (صلى الله عليه وآله)، وسهم ليتامى آل محمد، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم لا يشركهم في ذلك غيرهم، لأن الله سبحانه حرم عليهم الصدقة لكونها أوساخ الناس وعوضهم من ذلك الخمس (81).
روى ذلك الطبري (82) عن علي بن الحسين زين العابدين ومحمد بن علي الباقر صلوات الله عليهما.
ورووا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قيل له: إن الله تعالى قال: ﴿واليتامى والمسكين﴾ فقال: " أيتامنا ومساكيننا " (83).
وقوله: ﴿إن كنتم آمنتم بالله﴾ تعلق بمحذوف يدل عليه ﴿واعلموا﴾، والمعنى: إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أن الخمس من الغنيمة يجب التقرب به فاقطعوا عنه أطماعكم واقتنعوا بالأخماس الأربعة ﴿وما أنزلنا﴾ معطوف على ﴿بالله﴾ أي: إن كنتم آمنتم بالله وبالمنزل ﴿على عبدنا يوم الفرقان﴾ يعني: يوم بدر (84)، و ﴿الجمعان﴾: الفريقان من المسلمين والكافرين، والمراد: ما أنزل من الآيات والملائكة والفتح يومئذ.
﴿إذ﴾ بدل من ﴿يوم الفرقان﴾، و " العدوة ": شط الوادي، بالكسر والضم، و ﴿الدنيا﴾ و ﴿القصوى﴾ تأنيث الأدنى والأقصى، والقياس أن تقلب الواو ياء كالعليا إلا أن القصوى جاءت على الأصل شاذا كالقود، والعدوة الدنيا مما يلي المدينة، والعدوة القصوى مما يلي مكة ﴿والركب أسفل منكم﴾ يعني أبا سفيان والعير ﴿أسفل﴾ نصب على الظرف، معناه: مكانا أسفل من مكانكم يقودون العير بالساحل، ومحله رفع لأنه خبر المبتدأ.
والفائدة في ذكر هذه المراكز الإخبار عن الحال الدالة على قوة المشركين وضعف المسلمين، وأن غلبتهم على مثل هذه الحال أمر إلهي لم يتيسر إلا بحوله وقوته، وذلك أن العدوة القصوى كان فيها الماء، ولا ماء بالعدوة الدنيا وهي خبار (85) تسوخ فيها الأرجل، وكانت العير وراء ظهورهم مع كثرة عددهم، وكانت الحماية دونها تضاعف حميتهم وتحملهم على أن يبرحوا مواطنهم ويبذلوا نهاية نجدتهم، وفيه تصوير ما دبره عز اسمه من أمر وقعة بدر ﴿ليقضى الله أمرا كان مفعولا﴾ من إعزاز دينه وإعلاء كلمته ﴿ولو تواعدتم﴾ أنتم وأهل مكة وتواضعتم بينكم على موعد تلتقون فيه للقتال لخالف بعضكم بعضا، فثبطكم قلتكم وكثرتهم عن الوفاء بالموعد، وثبطهم ما في قلوبهم من الرعب، فلم يتفق لكم من اللقاء ما وفقه الله ﴿ليقضى﴾ متعلق بمحذوف، أي: ليقضي أمرا كان واجبا أن يفعل دبر ذلك، وقوله: ﴿ليهلك﴾ بدل منه، واستعير الهلاك والحياة للكفر والإسلام، أي: ليصدر كفر من كفر عن وضوح بينة وقيام حجة عليه، ويصدر إسلام من أسلم عن يقين وعلم بأنه الدين الحق الذي يجب التمسك به ﴿لسميع عليم﴾ يعلم كيف يدبر أموركم.
﴿إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أربكهم كثيرا لفشلتم ولتنزعتم في الامر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور (43) وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور (44)﴾
﴿إذ﴾ نصب بإضمار " أذكر "، أو هو بدل ثان من ﴿يوم الفرقان﴾، أو متعلق بقوله: ﴿لسميع عليم﴾ أي: يعلم المصالح إذ يقللهم في عينك ﴿في منامك﴾ أي: في رؤياك، وذلك أن الله سبحانه أراهم إياه في رؤياه قليلا، فأخبر بذلك أصحابه فكان (86) تشجيعا لهم عليهم، وعن الحسن: ﴿في منامك﴾ في عينك لأنها مكان النوم (87)، والفشل: الجبن، أي: لجبنتم وهبتم الاقدام، ولتنازعتم في الرأي وتفرقت كلمتكم فيما تصنعون ﴿ولكن الله سلم﴾ أي: أنعم بالسلامة من الفشل والتنازع ﴿إنه عليم بذات الصدور﴾ يعلم ما سيكون فيها من الجرأة والجبن.
﴿وإذ يريكموهم﴾ أي: يبصركم إياهم، و ﴿قليلا﴾ نصب على الحال، وإنما قللهم في أعينهم تصديقا لرؤيا رسول الله.
وعن ابن مسعود: لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي: أتراهم سبعين؟قال: أراهم مائة، فأسرنا رجلا منهم فقلنا: كم كنتم؟قال: ألفا (88).
﴿ويقللكم في أعينهم﴾ حتى قال قائل منهم: إنما هم أكلة جزور، وإنما قللهم في أعينهم ليجترئوا عليهم قبل اللقاء، ثم كثرهم فيها بعد اللقاء لتفجأهم الكثرة فيهابوا وتفل شوكتهم حين يرون ما لم يكن في حسابهم، وذلك قوله: ﴿يرونهم مثليهم رأى العين﴾ (89)، ويمكن أن يكونوا قد أبصروا الكثير قليلا بأن ستر الله عنهم بعض أولئك بساتر.
﴿يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (45) وأطيعوا الله ورسوله ولا تنزعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصبرين (46) ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديرهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط (47)﴾ أي: إذا حاربتم جماعة كافرة، وإنما لم يصفهم لأن المؤمنين لا يحاربون إلا الكفار، واللقاء اسم للقتال غالب ﴿فاثبتوا﴾ لقتالهم ولا تفروا ﴿واذكروا الله كثيرا﴾ في مواطن القتال، مستعينين به مستظهرين بذكره ﴿لعلكم تفلحون﴾ أي: تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة.
﴿ولا تنزعوا﴾ أي: لا تتنازعوا فيما بينكم فتضعفوا عن قتال عدوكم، و ﴿تفشلوا﴾ منصوب بإضمار " أن "، والريح: الدولة، شبهت في نفوذ أمرها بالريح وهبوبها، قالوا: هبت رياح فلان: إذا دالت له الدولة ونفذ أمره، وقيل: لم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله (90).
وفي الحديث: " نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور " (91).
﴿كالذين خرجوا من ديرهم﴾ هم أهل مكة خرجوا ليحموا (92) عيرهم، فأتاهم رسول أبي سفيان وهم بالجحفة (93): أن ارجعوا فقد سلمت عيركم، فأبى أبو جهل وقال: حتى نقدم بدرا نشرب بها الخمور وتعزف علينا القيان، فذلك بطرهم ورئاؤهم الناس: إطعامهم، فوافوها فسقوا كأس الحمام (94) مكان الخمر، وناحت عليهم النوائح مكان القيان.
﴿وإذ زين لهم الشيطان أعملهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب (48)﴾ قيل: إن قريشا لما اجتمعت للمسير ذكرت ما بينها وبين كنانة من الحرب فكاد ذلك يثنيهم، فتمثل لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني (95) وكان من أشرافهم، ف? ﴿قال لا غالب لكم اليوم... وإني﴾ مجيركم من بني كنانة ﴿فلما﴾ رأى الملائكة تنزل ﴿نكص﴾ ولما نكص قال له الحارث (96) وكانت يده في يده: إلى أين؟أتخذلنا في هذه الحال؟ف? ﴿قال... إني أرى مالا ترون﴾ ودفع في صدره وانطلق، وانهزموا، فلما بلغوا مكة قالوا: هزم الناس سراقة، فبلغ ذلك سراقة، فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم (97).
﴿إذ يقول المنفقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم (49) ولو ترى إذ يتوفي الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق (50) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلم للعبيد (51)﴾
﴿إذ يقول المنفقون﴾ بالمدينة ﴿والذين في قلوبهم مرض﴾ والشاكون في الإسلام ﴿غر هؤلاء دينهم﴾ يعنون المسلمين، أي: اغتروا بدينهم وأنهم ينصرون من أجله، فخرجوا مع قلتهم إلى قتال المشركين مع كثرتهم ﴿ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز﴾ غالب ينصر الضعيف على القوي، والقليل على الكثير.
﴿ولو ترى﴾ أي: ولو عاينت وشاهدت، لأن " لو " يرد المضارع إلى معنى الماضي، كما أن " إن " ترد الماضي إلى معنى الاستقبال، و ﴿إذ﴾ نصب على الظرف، وقرئ: ﴿يتوفي﴾ بالياء والتاء (98)، و ﴿يضربون﴾ حال، وعن مجاهد: ﴿أدبرهم﴾: أستاههم ولكن الله كريم يكني (99)، وقيل: يضربون ما أقبل منه (100) وما أدبر، والمراد به قتلى بدر (101) ﴿وذوقوا﴾ معطوف على ﴿يضربون﴾ على إرادة القول، أي: ﴿و﴾ يقولون: ﴿ذوقوا عذاب الحريق﴾ بعد هذا في الآخرة، وقيل: كانت مع الملائكة مقامع من حديد كلما ضربوا بها التهبت النار في جراحاتهم (102).
﴿ذلك بما قدمت أيديكم﴾ يحتمل أن يكون من كلام الله، ومن كلام الملائكة، و ﴿ذلك﴾ مبتدأ، و ﴿بما قدمت﴾ خبره ﴿وأن الله﴾ عطف عليه، أي: ذلك العذاب بسببين: بسبب كفركم ومعاصيكم وبأن الله يعذب الكفار بالعدل، لأنه لا يظلم عباده في عقوبتهم، وقد بالغ في نفي الظلم عن نفسه بقوله: ﴿ليس بظلم للعبيد﴾.
﴿كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوى شديد العقاب (52) ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم (53) كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين (54)﴾ الكاف في محل الرفع، أي: دأب هؤلاء مثل دأب ﴿آل فرعون﴾، ودأبهم: عادتهم وعملهم الذي دأبوا فيه، أي: داوموا عليه، و ﴿كفروا﴾ تفسير لدأب آل فرعون.
و ﴿ذلك﴾ إشارة إلى ماحل بهم، أي: ﴿ذلك﴾ العذاب ﴿ب?﴾ سبب ﴿أن الله﴾ لا يصح في حكمته أن يغير نعمته عند ﴿قوم حتى يغيروا ما﴾ بهم من الحال، وعن السدي (103): النعمة محمد (صلى الله عليه وآله) أنعم الله به على قريش فكفروا به وكذبوه فنقله إلى الأنصار (104) ﴿وأن الله سميع﴾ لما يقول مكذبو الرسل ﴿عليم﴾ بما يفعلون.
﴿كدأب آل فرعون﴾ تكرير للتأكيد، وفي قوله: ﴿بآيات ربهم﴾ زيادة دلالة على كفران النعم، وفي ذكر الإغراق بيان للاخذ بالذنوب ﴿وكل كانوا ظالمين﴾ أي: وكل من غرقى آل فرعون وقتلى قريش كانوا ظالمين أنفسهم بكفرهم ومعاصيهم.
﴿إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون (55) الذين عهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون (56) فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون (57) وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين (58)﴾
﴿الذين كفروا فهم لا يؤمنون﴾ أي: أصروا على الكفر فلا يتوقع منهم إيمان، وهم بنو قريظة عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أن لا يمالئوا (105) عليه عدوا، فنكثوا بأن أعانوا مشركي مكة بالسلاح وقالوا: نسينا و (106) أخطأنا، ثم عاهدهم فنكثوا ومالأوا عليه الأحزاب يوم الخندق.
﴿الذين عهدت منهم﴾ بدل من ﴿الذين كفروا﴾ أي: الذين عاهدتهم من الذين كفروا، جعلهم شر الدواب لأن شر الناس الكفار، وشر الكفار المصرون منهم، وشر المصرين الذين ينقضون العهد ﴿وهم لا يتقون﴾ أي: لا يخافون عاقبة الغدر، ولا يبالون ما فيه من العار والنار.
﴿فإما تثقفنهم﴾ أي: تصادفنهم في الحرب، والمعنى: إن ظفرت بهم وأدركتهم ﴿فشرد بهم من خلفهم﴾ أي: ففرق عن محاربتك ومناصبتك من وراءهم من الكفرة بقتلهم شر قتلة، حتى لا يجسر عليك بعدهم أحد، اعتبارا بهم واتعاظا بحالهم.
﴿وإما تخافن من قوم﴾ معاهدين ﴿خيانة﴾ ونكثا للعهد ﴿فانبذ إليهم﴾ أي: فاطرح إليهم العهد ﴿على سواء﴾ على طريق مقتصد (107) مستو، وذلك بأن تخبرهم بنبذ العهد إخبارا ظاهرا مكشوفا، وتبين لهم أنك قطعت ما بينك وبينهم، ولا تبدأهم بالقتال وهم على توهم بقاء العهد فيكون ذلك خيانة ﴿إن الله لا يحب الخائنين﴾ فلا تخنهم بأن تناجزهم القتال من غير إعلامهم بالنبذ، وقيل: معناه على استواء في العلم بنقض العهد (108)، والجار والمجرور في موضع الحال، كأنه قيل: فانبذ إليهم ثابتا على طريق قصد سوي، أو حاصلين على استواء في العلم على أنها حال من النابذ والمنبوذ إليهم معا.
﴿ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون (59) وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون (60) وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم (61)﴾
﴿سبقوا﴾ أي: فاتوا من أن يظفر بهم ﴿إنهم لا يعجزون﴾ أي: لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزا عن إدراكهم، وقرئ: " أنهم " بالفتح (109) بمعنى " لأنهم "، وكل واحدة من المكسورة والمفتوحة تعليل، إلا أن المكسورة على طريقة الاستئناف والمفتوحة تعليل صريح، والمعنى: لا تحسبن (110) يا محمد - (صلى الله عليه وآله) - الكافرين قد فاتوك فإن الله يظفرك بهم ويظهرك عليهم، وفي الشواذ قراءة ابن محيصن (111): " لا يعجزون " بكسر النون (112)، وقرئ: ﴿ولا يحسبن﴾ بالياء على أن الفعل ل? ﴿الذين كفروا﴾ كأنه قيل: لا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا، فحذفت " أن "، كقوله: ﴿ومن آياته يريكم البرق﴾ (113) أو على أن المعنى: ولا يحسبنهم الذين كفروا سبقوا.
والقوة: كل ما يتقوى به في الحرب من العدد، والرباط: اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة، ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصال جمع فصيل ﴿ترهبون﴾ قرئ بالتخفيف والتشديد (114)، يقال: أرهبته ورهبته، أي: تخيفون بما تعدونه ﴿عدو الله وعدوكم﴾ يعني أهل مكة ﴿وآخرين﴾ أي: وترهبون كفارا آخرين ﴿من﴾ دون هؤلاء ﴿لا تعلمونهم﴾ لأنهم يصلون ويصومون ويقولون: لا إله إلا الله، محمد - (صلى الله عليه وآله) - رسول الله ﴿الله يعلمهم﴾ لأنه المطلع على الأسرار ﴿وما تنفقوا من شئ﴾ في الجهاد يوفر عليكم ثوابه ﴿وأنتم لا تظلمون﴾ لا تنقصون شيئا منه.
﴿وإن جنحوا﴾ جنح له وإليه: مال، و " السلم " بفتح السين وكسرها: الصلح، يؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب، قال الشاعر: السلم تأخذ منها ما رضيت به * والحرب يكفيك من أنفاسها جرع (115) ﴿وتوكل على الله﴾ ولا تخف من خديعتهم ومكرهم فإن الله عاصمك وكافيك من مكرهم.
﴿وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين (62) وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم (63) يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (64) يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون (65) آلآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصبرين (66)﴾
﴿وإن يريدوا أن يخدعوك﴾ في الصلح بأن يقصدوا به دفع أصحابك عن القتال حتى يقوى أمرهم فيبدؤوكم بالقتال من غير استعداد منكم ﴿فإن حسبك الله﴾ أي محسبك الله ﴿هو الذي أيدك﴾ أي: قواك ﴿بنصره وبالمؤمنين﴾ الذين ينصرونك على أعدائك، يريد الأنصار وهم: الأوس والخزرج.
﴿وألف بين قلوبهم﴾ حتى صاروا متحابين متوادين بعد ما كان بينهم من التضاغن والتحارب ولم يكن لبغضائهم أمد، فأنساهم الله ذلك كله حتى تصافوا وعادوا إخوانا ﴿لو أنفقت ما في الأرض جميعا﴾ لما أمكنك التأليف ﴿بين قلوبهم﴾ وإزالة ضغائن الجاهلية عنهم ﴿ولكن الله ألف بينهم﴾ بالاسلام.
﴿ومن اتبعك﴾ الواو بمعنى " مع " وما بعده منصوب، لأن عطف الظاهر المجرور على المكني قبيح، والمعنى: كفاك وكفي متبعيك ﴿من المؤمنين﴾ الله ناصرا، أو يكون في محل الرفع أي: كفاك الله وكفاك المؤمنون، وهذه الآية نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال (116).
والتحريض: المبالغة في الحث على الأمر، من الحرض وهو أن ينهكه المرض حتى يشفي (117) على الموت، وهذه عدة من الله بأن الجماعة من المؤمنين إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم من الكفار بتأييد الله ﴿بأنهم قوم لا يفقهون﴾ أي: بسبب أن الكفار جهلة يقاتلون على غير احتساب ثواب كالبهائم.
وعن ابن جريج (118): كان عليهم أن لا يفروا ويثبت الواحد للعشرة، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث حمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكبا، فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب، فثقل عليهم ذلك وضجوا منه بعد مدة، فنسخ وخفف عنهم بمقاومة الواحد الاثنين (119)، وقرئ: ﴿ضعفا﴾ بفتح الضاد وضمها (120)، و " ضعفاء " (121) جمع ضعيف، وقرئ: ﴿يكن﴾ في الموضعين بالياء والتاء (122)، والمراد بالضعف: الضعف في البدن، وقيل: في البصيرة والاستقامة في الدين وكانوا متفاوتين في ذلك (123).
﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم (67) لولا كتب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم (68) فكلوا مما غنمتم حللا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم (69)﴾ الإثخان: كثرة القتل والمبالغة فيه، من قولهم: أثخنته الجراحات حتى أثبتته، وأصله من الثخانة التي هي الغلظ (124) والكثافة، والمعنى: ﴿ما﴾ استقام ﴿لنبي﴾ وما صح له ﴿أن يكون له أسرى حتى﴾ يذل الكفر ويضعفه بإشاعة القتل في أهله، ويعز الإسلام ويقويه بالاستيلاء والقهر، وكان هذا يوم بدر، فلما كثر المسلمون نزل: ﴿فإما منا بعد وإما فداء﴾ (125) (126).
وروي: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتي بسبعين أسيرا فيهم العباس عمه وعقيل بن أبي طالب ولم يؤسر أحد من أصحاب رسول الله (127).
﴿عرض الدنيا﴾ حطامها، سمي بذلك لأنه حدث قليل اللبث، يريد الفداء، والخطاب للمؤمنين الذين رغبوا في أخذ الفداء من الأسرى ﴿والله يريد الآخرة﴾ أي: تريدون عاجل الحظ من عرض الدنيا، والله يريد لكم ثواب الآخرة ﴿والله عزيز﴾ يغلب أولياءه على أعدائه، ويتمكنون منهم قتلا وأسرا ويطلق لهم الفداء، ولكنه ﴿حكيم﴾ يؤخر ذلك وهم يعجلون.
﴿لولا كتب من الله﴾ أي: حكم منه ﴿سبق﴾ إثباته في اللوح بإباحة الغنائم لكم ﴿لمسكم فيما﴾ استحللتم قبل الإباحة ﴿عذاب عظيم﴾، وقيل: لولا كتاب من الله في القرآن: أنه لا يعذبكم والنبي بين أظهركم (128).
﴿فكلوا مما غنمتم﴾ هذا إباحة للفداء لأنه من جملة الغنائم، وقيل: إنهم أمسكوا عن الغنائم ولم يمدوا أيديهم إليها، فنزلت الآية (129)، ومعنى الفاء التسبيب، أي: قد أبحت لكم الغنائم ﴿فكلوا مما غنمتم﴾، و ﴿حللا﴾ نصب على الحال من المغنوم، أو صفة للمصدر، أي: أكلا حلالا.
﴿يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم (70) وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم (71)﴾ وقرئ: ﴿من الاسرى﴾ وهو أقيس من " الأسارى " (130)، لأن الأسير فعيل بمعنى مفعول، وذلك يجمع على فعلى نحو جرحى وقتلى، وقالوا: أسارى، تشبيها بكسالى، كما شبهوا كسلى بأسرى ﴿قل لمن في أيديكم﴾ أي: لمن في ملكتكم، فكأن أيديكم قابضة عليهم ﴿إن يعلم الله في قلوبكم خيرا﴾ خلوص عقيدة وصحة نية في الإيمان ﴿يؤتكم خيرا مما أخذ منكم﴾ من الفداء: إما أن يخلفكم أضعافه في الدنيا أو يثيبكم في الآخرة.
وروي: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال للعباس: افد ابني أخويك: عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث، فقال: أتتركني أتكفف قريشا ما بقيت؟قال: فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل، وقلت: إن حدث بي حدث فهو لك وللفضل و عبد الله وقثم؟فقال العباس: وما يدريك؟قال: أخبرني به ربي، قال: أشهد أنك صادق، وأن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، والله لم يطلع عليه أحد إلا الله، ولقد دفعت إليها في سواد الليل، ولقد كنت مرتابا في أمرك، فأما إذا أخبرتني بذلك فلا ريب، قال العباس: فأبدلني الله خيرا من ذلك: لي الآن عشرون عبدا إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفا، وأعطاني زمزم، وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، وأنا أنتظر المغفرة من ربي (131).
﴿وإن يريدوا خيانتك﴾ نكث ما بايعوك عليه، ومنع ما ضمنوا من الفداء ﴿فقد خانوا الله من قبل﴾ بأن خرجوا إلى بدر وقاتلوا مع المشركين ﴿فأمكن﴾ الله ﴿منهم﴾ وسيمكن منهم إن أعادوا الخيانة.
﴿إن الذين آمنوا وهاجروا وجهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من وليتهم من شئ حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير (72) والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (73) والذين آمنوا وهاجروا وجهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم (74) والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتب الله إن الله بكل شئ عليم (75)﴾
﴿هاجروا﴾ أي: فارقوا أوطانهم وقومهم حبا لله ولرسوله، وهم المهاجرون من مكة إلى المدينة ﴿والذين آووا﴾ هم إلى ديارهم ﴿ونصروا﴾ هم على أعدائهم، هم الأنصار ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ أي: يتولى بعضهم بعضا في الميراث، وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالمؤاخاة الأولى حتى نسخ ذلك بقوله: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾ (132)، وقرئ: ﴿من وليتهم﴾ بالفتح والكسر (133)، قال الزجاج: هي بفتح الواو من النصرة والنسب، وبالكسر هي بمنزلة الإمارة (134)، والوجه في الآية أنه شبه تولي بعضهم بعضا بالصناعة والعمل، لأن كل ما كان من هذا الجنس فمكسور كالصياغة والكتابة، وكأن الرجل بتوليه صاحبه يباشر أمرا ويزاول عملا ﴿وإن استنصروكم﴾ أي: وإن طلب المؤمنون الذين لم يهاجروا منكم النصرة لهم على الكفار ﴿فعليكم النصر﴾ لهم ﴿إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق﴾ وعهد، فلا يجوز لكم نصركم عليهم.
﴿والذين كفروا بعضهم أولياء بعض﴾ معناه نهي المسلمين عن موالاة الكفار ومعاونتهم وإن كانوا أقارب، وأن يتركوا يتولى بعضهم بعضا ﴿إلا تفعلوه﴾ أي: إن لا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولي بعضهم بعضا حتى في التوارث، تفضيلا لنسبة الإسلام على نسبة القرابة، ولم تقطعوا العلائق بينكم وبين الكفار تحصل ﴿فتنة في الأرض﴾ ومفسدة كبيرة، لأن المسلمين ما لم يكونوا يدا واحدة على أهل الشرك كان الشرك ظاهرا، وتجرأ أهله على أهل الإسلام ودعوهم إلى الكفر.
ثم عاد سبحانه إلى ذكر المهاجرين والأنصار وأثنى عليهم بقوله: ﴿أولئك هم المؤمنون حقا﴾ لأنهم حققوا إيمانهم بالهجرة والنصرة والانسلاخ من الأهل والمال لأجل الدين.
﴿والذين آمنوا من بعد﴾ يريد: اللاحقين بعد السابقين إلى الهجرة، كقوله: ﴿والذين جاءوا من بعدهم﴾ الآية (135) ﴿فأولئك منكم﴾ من جملتكم، وحكمهم حكمكم في وجوب موالاتهم ونصرتهم وإن تأخر إيمانهم وهجرتهم ﴿وأولوا الأرحام﴾ وأولو القرابات أولى بالتوارث، بعضهم أحق بميراث بعض من غيرهم، وهو نسخ للتوارث بالهجرة والنصرة (136) ﴿في كتب الله﴾ أي: في حكمه، وقيل: في اللوح المحفوظ (137)، وقيل: في القرآن (138)، وفيه دلالة على أن من كان أقرب إلى الميت في النسب كان أولى بالميراث.1- قال الشيخ في التبيان: ج 5 ص 71: هذه السورة مدنية في قول قتادة وابن عباس ومجاهد وعثمان وقال: هي أول ما نزل على النبي (صلى الله عليه وآله) بالمدينة، وحكي عن ابن عباس: أنها مدنية إلا سبع آيات: أولها * (وإذ يمكر بك الذين كفروا) * إلى آخر سبع آيات بعدها، وهي خمس وسبعون آية في الكوفي، وسبع وسبعون آية في الشامي، وست وسبعون في المدنيين والبصري. وفي الكشاف: ج 2 ص 193: انها نزلت بعد البقرة.
2- الآية: 36.
3- الآية: 42.
4- الآية: 62.
5- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 240 مرسلا.
6- ثواب الأعمال: ص 132 إلى قوله: " أمير المؤمنين (عليه السلام) "، تفسير العياشي: ج 2 ص 46 ح 1.
7- ذكرها الشيخ الطوسي في التبيان: ج 5 ص 72، وابن خالويه في الشواذ: ص 54.
8- في نسخة بزيادة: الأخرى.
9- وعجزه: وبإذن الله ريثي وعجل. والمعنى: ان تقوى الله خير عطية، وأن بطئي وسرعتي في الأمور كلها فبإذن الله. انظر ديوان لبيد: ص 139.
10- التبيان: ج 5 ص 72.
11- أي: أسرع أسرع، وأصلها النجائك النجائك، فيقصران. (القاموس المحيط: نجا).
12- قال المفضل: أول من قال ذلك أبو سفيان بن حرب بعدما أقبل بعير قريش وعلم بتحين المسلمين انصرافه إلى مكة فيقطعوا عليه، فخاف خوفا شديدا وضرب وجوه عيره فساحل بها وترك بدرا يسارا، وقد كان بعث إلى قريش يخبرهم بما يخافه ويأمرهم بالرجوع، فأقبلت قريش، ورجعت بنو زهرة فصادفهم أبو سفيان فقال: يا بني زهرة لا في العير ولا في النفير. راجع مجمع الأمثال للميداني: ج 2 ص 172.
13- الغضى: شجر ذو شوك. (مجمع البحرين: مادة غضا).
14- الهراس: شجر شائك ثمره كالنبق. (القاموس المحيط: هرس).
15- في بعض النسخ: لخضناه.
16- المائدة: 24.
17- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 197 - 198.
18- في نسخة: الشدة.
19- قاله الطبري في تفسيره: ج 6 ص 188.
20- العصابة: الجماعة من الناس والخيل والطير. (الصحاح: مادة عصب).
21- المنكب: مجمع عظم العضد والكتف. (الصحاح: مادة نكب).
22- رواه مسلم في صحيحه: ج 3 ب 18 ص 1384 ح 58، وأحمد في مسنده: ج 1 ص 30 و 32.
23- وبالفتح هي قراءة نافع ويعقوب. راجع التبيان: ج 5 ص 82.
24- في نسخة: إما.
25- وهي قراءة نافع. راجع الكشف عن وجوه القراءات السبع للقيسي: ج 1 ص 489، وفي التبيان: ج 5 ص 85: هي قراءة أهل المدينة.
26- وقراءة التخفيف هي قراءة ابن كثير وسهل ويعقوب وأبي عمرو. راجع تفسير الآلوسي: ج 9 ص 176.
27- الأعفر: الأبيض (الصحاح: مادة عفر).
28- العدوة والعدوة: جانب الوادي وحافته. (الصحاح: مادة عدا).
29- تلبد: تداخل ولزق بعضه ببعض. (القاموس المحيط: مادة لبد).
30- قاله عكرمة. راجع تفسير البغوي: ج 2 ص 230.
31- حنين: موضع بين الطائف ومكة، حارب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمسلمون هوازن وثقيف فهزمهم وغنم ما كانوا ساقوه معهم من النساء والصبيان والماشية. انظر تفصيل يوم حنين في تاريخ الطبري: ج 2 ص 344 - 362.
32- قال الزجاج: ليس هذا نفي رمي النبي (صلى الله عليه وآله) ولكن العرب خوطبت بما تعقل. انظر معاني القرآن: ج 2 ص 406.
33- الخال والخيلاء والخيلاء: الكبر. (الصحاح: مادة خيل).
34- قرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف. راجع التبيان: ج 5 ص 93.
35- وصدره: جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم. وهو من قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثة المري شيخ بني مرة من غطفان، ومعناه واضح. انظر ديوان زهير: ص 61.
36- وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو. راجع التبيان: ج 5 ص 94، وفي تفسير البغوي ج 2 ص 238: انها قراءة أهل البصرة.
37- وهي قراءة حفص عن عاصم. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 433، وفي إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 182، هي قراءة أهل الكوفة.
38- قرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم والحسن وأبو رجاء والأعمش وابن محيصن. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 305، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 478.
39- في بعض النسخ: فأهنه.
40- رواه ابن كثير في تفسيره: ج 2 ص 284 عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة.
41- قاله أبو علي الجبائي كما في التبيان: ج 5 ص 96.
42- قرأه ابن كثير وعاصم برواية أبي بكر وأبو عمرو وحمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 305.
43- حكاه عنه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 5 ص 95.
44- في الكشاف: " قرئ بطرح إحدى التائين وادغامها " وهو الأوجه، إذ لم نعثر على قراءة باثبات التاء من غير ادغام أصلا في المصادر المعتمدة لكي يقال: " وقرئ بحذف التاء وادغامها ".
45- التوبة: 62.
46- رواه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 5 ص 99.
47- وهو قول الفراء وابن إسحاق والجبائي والقتيبي. راجع التبيان: ج 5 ص 101.
48- آل عمران: 169.
49- قاله قتادة كما حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 308.
50- وهو قول علي بن عيسى الرماني على ما حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 308.
51- رواه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 5 ص 101.
52- وهو قول الحسن. راجع تفسيره: ج 1 ص 401.
53- وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 211.
54- قاله ابن عباس والجبائي راجع التبيان: ج 5 ص 103، وأحكام القرآن لابن العربي: ج 2 ج 2 ص 390.
55- قاله ابن عباس كما في التبيان: ج 5 ص 103.
56- البيت للعجاج، يصف فيه قوما بالشح وعدم إكرامهم للضيف، وبالغ في أنهم لم يكرموه ولم يأتوا بما أتوا به إليه إلا بعد سعي ومضي جانب من الليل، ثم لم يأتوه إلا بلبن ممزوج بالماء وهو يشبه لون الذئب لأن فيه غبرة وكدورة. انظر خزانة الأدب: ج 2 ص 109 و 112.
57- حكاها عنه الزمخشري في كشافه: ج 2 ص 212.
58- شواهد التنزيل: ج 1 ص 206 - 207.
59- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 212.
60- حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 6 ص 219.
61- قال الراغب: الخيانة والنفاق واحد، إلا أن الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، والنفاق يقال اعتبارا بالدين، ثم يتداخلان فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر، ونقيض الخيانة: الأمانة، يقال: خنت فلانا وخنت أمانة فلان. راجع المفردات: مادة (خون).
62- حكاه الماوردي في تفسيره: ج 2 ص 311.
63- الأنفال: 41.
64- حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 6 ص 225.
65- أثخن في العدو: بالغ في الجراحة فيهم. (القاموس المحيط: مادة ثخن).
66- وهو قول عطاء والسدي كما حكاه عنهما أبو حيان في البحر المحيط: ج 4 ص 487، وفي تفسير القرطبي ج 7 ص 397: قاله أبان بن تغلب وأبو حاتم، وفي التبيان: ج 5 ص 109 عن الجبائي.
67- قال الراغب: المكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة، وذلك ضربان: مكر محمود وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل، وعلى ذلك قال: * (والله خير الماكرين) *، ومذموم وهو أن يتحرى به فعل قبيح. راجع المفردات: مادة (مكر).
68- الصلف - بالتحريك -: هو التكلم بما يكرهه صاحبك، والتمدح بما ليس عندك، أو مجاوزة قدر الظرف والادعاء فوق ذلك تكبرا. (القاموس المحيط: مادة صلف).
69- رجل نفاج: إذا كان صاحب فخر وكبر. (الصحاح: مادة نفج).
70- قاله مجاهد وقتادة والسدي وابن عباس وابن زيد. راجع التبيان: ج 5 ص 113.
71- البيت للفرزدق، وروي: فلما خشيت أن يكون عطاؤه...، وأخرى: أخاف زيادا أن يكون عطاؤه...، وهي من قصيدة يذم بها زيادا بعدما فر منه، إذ أراد زياد أن يختدعه ليقع في يديه فأشاع أنه لو أتاه لحباه وأكرمه، فبلغ ذلك الفرزدق فانطلق ينشأ هذه القصيدة، يقول: ما كنت أظن أن يكون عطاء زياد قيودا سودا تلسع كما تلسع الحية السوداء أو سياطا مفتولة سمراء يجلدني بها. انظر ديوان الفرزدق: ج 1 ص 320.
72- قاله محمد بن مسلم ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن. راجع تفسير الطبري: ج 6 ص 242 - 243.
73- الجن: 19.
74- قاله مقاتل على ما حكاه عنه السمرقندي في تفسيره: ج 2 ص 17.
75- التوبة: 35.
76- الظاهر أن القراءة المعتمدة عند المصنف هي قراءة وتشديد.
77- في بعض النسخ: بعض الأئمة.
78- في المجمع: مشرك.
79- تفسير العياشي: ج 2 ص 56 ح 48.
80- وهي قراءة الحسن ويعقوب ورويس وسلام بن سليمان. راجع البحر المحيط لأبي حيان: ج 4 ص 495.
81- انظر شرائع الإسلام: ج 1 ص 181 - 182، واللمعة الدمشقية: ج 2 ص 78 - 79.
82- تفسير الطبري: ج 6 ص 252 ح 16127 وص 254 ح 16142.
83- عوالي اللآلئ لابن جمهور: ج 2 ص 75 - 76 ح 201.
84- في نسخة زيادة: في يوم الجمعة السابع عشر أو التاسع عشر من شهر رمضان سنة الثاني من الهجرة، مروي عن الصادق (عليه السلام).
85- الخبار: الأرض الرخوة. (الصحاح: مادة خبر).
86- في نسخة زيادة: تثبيتا لهم و.
87- تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 403.
88- حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 6 ص 259 ح 16171.
89- آل عمران: 13.
90- قاله قتادة وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج 6 ص 261.
91- صحيح البخاري: ج 2 ص 41، مسند أحمد: ج 1 ص 228 و 324.
92- في نسخة: ليجمعوا.
93- الجحفة: موضع بين مكة والمدينة.
94- في نسخة: المنايا، والحمام - بالكسر -: قدر الموت. (الصحاح: مادة حمم).
95- ويكنى أبا سفيان، كان في الجاهلية قائفا، وقد روى البخاري قصته في إدراكه النبي (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة واقتفاءه أثره، ثم دعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليه حتى ساخت رجلا فرسه، ثم طلبه من النبي (صلى الله عليه وآله) الخلاص وأن لا يدل عليه، ففعل (صلى الله عليه وآله)، وأسلم يوم الفتح، مات سنة 24 ه? في أول خلافة عثمان. انظر الإصابة في تمييز الصحابة: ج 2 ص 19.
96- في نسخة زيادة: بن هشام.
97- قاله ابن عباس كما في تفسير ابن كثير: ج 2 ص 303.
98- بالتاء قرأه ابن عامر والأعرج. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 435، وإعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 190.
99- حكاه عنه الشيخ الطوسي في التبيان: ج 5 ص 137.
100- لعل الصحيح المناسب لسياق الكلام: منهم.
101- وهو قول ابن عباس وابن جريج كما في تفسير البغوي: ج 2 ص 256.
102- قاله ابن عباس على ما حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 15 ص 178.
103- أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكبير، من أهل الكوفة، يروي عن أنس وعبد خير وأبي صالح، ورأى ابن عمر وابن عباس وغيرهما، وكان ثقة مأمونا، وذكره الشيخ في رجاله من أصحاب علي بن الحسين (عليه السلام) ومن أصحاب الباقر (عليه السلام) ومن أصحاب الصادق (عليه السلام) توفي عام (127 ه?). انظر اللباب لابن الأثير: ج 2 ص 110، ومعجم رجال الحديث للخوئي: ج 3 ص 148.
104- حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 6 ص 269 ح 16224.
105- مالأته على الأمر ممالاة: ساعدته عليه وشايعته. (لسان العرب: مادة ملأ).
106- في نسخة: أو.
107- في نسخة: مستقيم.
108- قاله الأزهري على ما حكاه عنه القرطبي في تفسيره: ج 8 ص 32.
109- قرأه ابن عامر. راجع التبيان: ج 5 ص 146.
110- حيث إن القراءة المعتمدة لدى المصنف بالتاء كما هو ظاهر.
111- هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي المكي المقرئ، روى عنه عدة منهم مسلم، وقراءاته من شواذ القراءات، توفي سنة 123 ه? بمكة. راجع طبقات القراء للجزري: ج 2 ص 167 رقم 3118.
112- شواذ القرآن لابن خالويه: ص 55.
113- الروم: 24.
114- بالتشديد قرأه الحسن وورش. راجع إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 194. والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 435.
115- والبيت لعباس بن مرداس السلمي، أنشده مخاطبا ابن عمه والمنافس له لزعامة بني سليم الخفاف بن ندبة، يقول: إن السلم وإن طالت لم تر فيها إلا ما تحب ولا تنال إلا ما تريد، ولا يضرك طولها، فإذا جاءت الحرب قطعتك عن لذاتك وشغلتك بنفسك، وهذا تحريض على الصلح وتثبيط عن الحرب. انظر ديوان العباس بن مرداس: ص 103.
116- انظر الكشاف: ج 2 ص 234.
117- أشفي على الشئ: إذا أشرف عليه. (الصحاح: مادة شفي).
118- هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي المكي، أصله رومي، مولى بني أمية، روى عن عطاء والزهري وعكرمة وطاووس وغيرهم، كان من فقهاء أهل الحجاز وقرائهم، قال أبو غسان: سمعت جريرا يقول: كان ابن جريج يرى المتعة. توفي سنة 150 ه? وهو ابن سبعين سنة. انظر وفيات الأعيان: ج 2 ص 338.
119- حكاه عنه أبو حيان في البحر المحيط: ج 4 ص 517.
120- وبالضم قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 308.
121- وهي قراءة ابن القعقاع. راجع الفريد في إعراب القرآن للهمداني: ج 2 ص 437.
122- وبالتاء وهي قراءة الحرميان وابن عامر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 436 وقال: وقرأ البصريان (أبو عمرو ويعقوب) الأول بالياء والثاني بالتاء من أجل * (صابرة) *.
123- قال الثعالبي: قال كثير من اللغويين: ضم الضاد في البدن، وفتحها في العقل، وهذه الآية إنما يراد بها حال الجسم، والضعف الأول هو كون الانسان من ماء مهين، والقوة بعد ذلك الشبيبة وشدة الأسر، والضعف الثاني هو الهرم والشيخوخة. هذا قول قتادة وغيره. راجع تفسير الثعالبي: ج 2 ص 549.
124- في نسخة: الغلظة.
125- سورة محمد (صلى الله عليه وآله): 4.
126- وهو قول ابن عباس وقتادة. راجع التبيان: ج 5 ص 156.
127- رواها الزمخشري في كشافه: ج 2 ص 236، والبغوي في تفسيره: ج 2 ص 263.
128- قاله الجبائي كما في التبيان: ج 5 ص 157.
129- حكاه البغوي في تفسيره: ج 2 ص 262.
130- وقراءة " الأسارى " هي قراءة أبي عمرو وأبي جعفر. راجع التبيان: ج 5 ص 159، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 309.
131- رواه ابن كثير في تفسيره: ج 2 ص 313 وعزاه إلى البخاري في صحيحه وابن إسحاق في مغازيه، والبغوي في تفسيره أيضا: ج 2 ص 263، والزمخشري في كشافه: ج 2 ص 238.
132- انظر كتاب الناسخ والمنسوخ لقتادة السدوسي: ص 46.
133- وبالكسر هي قراءة حمزة والأعمش ويحيى بن وثاب. راجع التبيان: ج 5 ص 161، وتفسير القرطبي: ج 8 ص 56.
134- حكاه عنه الرازي في تفسيره: ج 1 ص 210.
135- الحشر: 10.
136- انظر كتاب الناسخ والمنسوخ لابن حزم: ص 39.
137- قاله ابن عباس. راجع تفسيره: ص 153.
138- حكاه السمرقندي في تفسيره: ج 2 ص 29.