سورة الفلق
مختلف فيها (1)، وهي خمس آيات.
وفي حديث أبي: " من قرأ (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) فكأنما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله على الأنبياء " (2).
عن عقبة بن عامر، عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " نزلت علي آيات لم ينزل مثلهن: المعوذتان " (3).
وعن الباقر (عليه السلام): " من أوتر بالمعوذتين و (قل هو الله أحد) قيل له: أبشر يا عبد الله فقد قبل الله وترك " (4).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قل أعوذ برب الفلق (1) من شر ما خلق (2) ومن شر غاسق إذا وقب (3) ومن شر النفثت في العقد (4) ومن شر حاسد إذا حسد (5)﴾
قالوا في المثل: " أبين من فلق الصبح، ومن فرق الصبح " (5).
وهو فعل بمعنى: مفعول.
والمعنى: (قل) أعتصم وأمتنع (برب) الصبح ومدبره ومطلعه، وقيل: هو كل ما يفلقه الله كالأرض عن النبات، والجبال عن العيون، والسحاب عن المطر، والأرحام عن الأولاد (6).
وقيل: هو جب في جهنم (7)، أي: واد فيها، كما قيل للمطمئن من الأرض: فلق.
(من شر ما خلق) أي: من شر الأشياء التي خلقها الله تعالى من المكلفين وأفعالهم، من المعاصي والمضار والظلم والبغي وغير ذلك، وغير المكلفين وما يحصل منهم من الأكل والنهش واللدغ والعض، وما وضعه الله في غير الأحياء من أنواع الضر، كالإحراق بالنار والقتل في السم.
(ومن شر غاسق) وهو الليل إذا اعتكر ظلامه، من قوله: (إلى غسق الليل) (8)، ووقوبه: دخول ظلامه في كل شيء، يقال: وقبت الشمس إذا غابت.
وفي الحديث: لما رأى الشمس قد وقبت قال: " هذا حين حلها ? (9) يعني: صلاة المغرب.
وخص الليل بذلك لأن انبثاث الشر فيه أكثر، والتحرز منه أصعب.
وقالوا: " الليل أخفى للويل " (10).
و (النفثت) النساء، أو: النفوس، أو: الجماعات السواحر اللواتي يعقدن عقدا في خيوط، وينفثن عليها ويرقين.
(ومن شر حاسد إذا حسد) أي: إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه من بغي الغوائل للمحسود، لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره لم يتعد منه ضرر وشر إلى من حسده، بل هو الضار لنفسه لاغتمامه بسرور غيره.
وعن عمر بن عبد العزيز: لم أر ظالما أشبه بالمظلوم من الحاسد (11).
وقيل معناه: من شر نفس الحاسد وعينيه (12) فإنه ربما أصاب بهما وعاب وضر.
وعن أنس: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " من رأى شيئا يعجبه فقال: الله الله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، لم يضره شيئا " (13).
1- ، نزلت بعد الفيل.
2- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 822 مرسلا.
3- أخرجه السيوطي في الدر المنثور: ج 8 ص 684 وعزاه إلى مسلم والترمذي والنسائي وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه.
4- ثواب الأعمال للصدوق: ص 157.
5- أنظر مجمع الأمثال للميداني: ج 1 ص 125.
6- قاله الحسن البصري في تفسيره: ج 2 ص 445.
7- قاله ابن عباس والسدي وكعب ورواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). راجع تفسير الطبري: ج 12 ص 746 - 747.
8- الإسراء: 78.
9- أخرجه الهروي في غريب الحديث: ج 2 ص 194 مرسلا.
10- انظر مجمع الأمثال: ج 2 ص 142.
11- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 822.
12- قاله قتادة وعطاء الخراساني. راجع تفسير الطبري: ج 12 ص 751.
13- أخرجه الديلمي في الفردوس: ج 4 ص 497 ح 5696 وفيه: " لم تضره العين ".