سورة الكافرون
مكية (1)، وقيل: مدنية، ست آيات.
في حديث أبي: " ومن قرأها فكأنما قرأ ربع القرآن، وتباعدت عنه مردة الشيطان، وبرئ من الشرك، وتعافى من الفزع الأكبر " (2).
وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأ: (قل يأيها الكفرون)، و (قل هو الله أحد) في فريضة من الفرائض غفر الله له ولوالديه وما ولد، وإن كان شقيا محي من ديوان الأشقياء وكتب في ديوان السعداء، وأحياه الله سعيدا وأماته شهيدا " (3).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قل يأيها الكفرون (1) لا أعبد ما تعبدون (2) ولا أنتم عبدون مآ أعبد (3) ولا أنا عابد ما عبدتم (4) ولا أنتم عبدون مآ أعبد (5) لكم دينكم ولى دين (6)﴾
نزلت في نفر من قريش قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فقال: معاذ الله أن أشرك بالله غيره، قالوا: فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك، فنزلت، فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملا من قريش، فقام على رؤوسهم فقرأها، فيئسوا (4).
(لا أعبد) في المستقبل (ما تعبدون) لأن " لا " لا تدخل إلا على مضارع في معنى الاستقبال، كما أن " ما " لا تدخل إلا على مضارع في معنى الحال.
والمعنى: لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم.
(ولا أنتم) فاعلون فيه ما أطلب منكم من عبادة إلهي.
(ولا أنا عابد ما عبدتم) أي: وما كنت قط عابدا فيما سلف ما عبدتم فيه، يعني: لم يعهد مني عبادة صنم في الجاهلية، فكيف يرجى مني في الإسلام؟(ولا أنتم عبدون مآ أعبد) أي: وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته، ولم يقل: " ما عبدت " كما قال: (ما عبدتم) لأنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل المبعث، ولم يكن له العبادة مشروعة في ذلك الوقت (5)، وأتى بلفظة " ما " دون " من " لأن المراد الصفة، كأنه قال: لا أعبد الباطل، ولا تعبدون الحق، وقيل: إن " ما " مصدرية، أي: لا أعبد عبادتكم، ولا تعبدون عبادتي (6).
(لكم دينكم ولى دين) لكم شرككم ولي توحيدي، والمعنى: أني مبعوث إليكم لأدعوكم إلى النجاة والحق، فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني فلا أقل من أن أنجو منكم كفافا، وقيل: معناه: لكم جزاء دينكم ولي جزاء ديني (7).
وعن الصادق (عليه السلام): إذا قرأت (قل يأيها الكفرون) فقل: يا أيها الكافرون، وإذا قرأت: (لا أعبد ما تعبدون) فقل: أعبد الله وحده، وإذا قلت: (لكم دينكم ولى دين) فقل: ربي الله وديني الإسلام (8).
1- قاله القيسي في مشكل إعراب القرآن: ص 849.
2- قاله ابن عيسى. راجع تفسير الماوردي: ج 6 ص 358.
3- أنظر تفسير القمي: ج 2 ص 446.
4- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 10 ص 424: مدنية في قول ابن عباس والضحاك، وهي ثلاث آيات بلا خلاف. وفي الكشاف: ج 4 ص 810: نزلت بمنى في حجة الوداع، فتعد مدنية، وهي آخر ما نزل من السور، وآياتها.
5- ، نزلت بعد التوبة.
6- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 813 مرسلا.
7- ثواب الأعمال للصدوق: ص 155، وفيه " جسر جهنم " بدل " حر جهنم "، وزاد بعد قوله: " أسباب الخير ": " ما لم يتمن ".
8- رواه ابن إسحاق في السيرة: ص 281.