سورة قريش ([1])

مكية (2) أربع آيات.

في حديث أبي: " من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها " (3).

وعن الصادق (عليه السلام): " لا تجمع بين سورتين في ركعة إلا الضحى وألم نشرح، وألم تر كيف ولإيلاف قريش " (4) (4).

وعن عمرو بن ميمون: صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب فقرأ في الأولى: (والتين والزيتون) وفي الثانية: (ألم تر كيف) و (لإيلاف قريش) (5).

﴿لإيلاف قريش (1) إيلفهم رحلة الشتآء والصيف (2) فليعبدوا رب هذا البيت (3) الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف (4)﴾

تعلق اللام بقوله: (فليعبدوا)، أمرهم الله عز اسمه أن يعبدوه لأجل (إىلفهم رحلة الشتآء والصيف) ويجعلوا عبادتهم إياه شكرا لهذه النعمة واعترافا بها، وقيل: هو متعلق بما قبله أي: فجعلهم كعصف مأكول لايلاف قريش (6)، وهما في مصحف أبي سورة واحدة بلا فصل.

والمعنى: أنه أهلك الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك فيتهيبوهم زيادة تهيب، ويحترموهم حتى ينتظم لهم الأمر في رحلتيهم، فلا يجترئ أحد عليهم، وكانت لقريش رحلتان: يرحلون في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام، فيتجرون ويمتارون، وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم الله، فلا يتعرض لهم ويتخطف غيرهم من الناس.

والإيلاف من: ألفت المكان أولفه إيلافا: إذا ألفته، وقرئ: " ليلاف " مختلسة الهمزة (7)، وقرئ: (إيلفهم) و " إلافهم ? (8) و " إلفهم ? (9) يقال: ألفته إلفا وإلافا، وقد جمعهم الشاعر في قوله: زعمتم أن إخوتكم قريش * لهم إلف وليس لكم إلاف (10) وقريش: ولد النضر بن كنانة، وهي دابة عظيمة في البحر، لا تمر بشيء إلا أكلته (11)، قال: وقريش هي التي تسكن البح?ر * بها سميت قريش قريشا (12) وقيل: هو من القرش وهو الكسب (13)، لأنهم كانوا يكسبون الأموال بتجاراتهم وضربهم في البلاد.

أطلق أولا " الإيلاف " ثم أبدل عنه المقيد بالرحلتين تفخيما لأمر الإيلاف، وتذكيرا بعظيم النعمة فيه.

و (رحلة) مفعول به لـ (إيلفهم) وأراد: رحلتي الشتاء والصيف فأفرد، لا من الإلباس، كما قيل: كلوا في بعض بطنكم تعفوا (14) والتنكير في (جوع) و (خوف) لشدتهما.

يعني: أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما، وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل، أو: خوف التخطف في بلدهم ومسائرهم.


1- قرأ أبو جعفر عن أبي عمرو بكسر الفاء والهاء ورووه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقرأ عكرمة بفتحهما. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 180.

2- لمساور بن هند بن قيس العبسي، من أبيات له يهجو بها بني أسد راجع خزانة الأدب للبغدادي: ج 11 ص 420.

3- وهو قول ابن عباس لما سأله عمرو بن العاص: بم سميت قريش؟قال: بدابة في البحر تسمى قريشا. انظر المصدر السابق: ج 1 ص 204.

4- للمشمرج بن عمرو الحميري. راجع المصدر السابق نفسه.

5- قاله الفراء. ذكره القرطبي في تفسيره: ج 20 ص 203.

6- وعجزه: فإن زمانكم زمن خميص. تقدم شرح البيت في ص 243 و 470 فراجع.

7- في بعض النسخ: " سورة أرأيت ".

8- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 10 ص 414: وتسمى سورة " أرأيت " مكية في قول ابن عباس، وقال الضحاك: مدنية. وهي سبع آيات في الكوفي والبصري، وست في المدنيين. عد أهل الكوفة والبصري (يرآءون) رأس آية. وفي تفسير الماوردي: ج 6 ص 350: مكية في قول عطاء وجابر، ومدنية في قول ابن عباس وقتادة. وفي الكشاف: ج 4 ص 803: مكية ثلاث آيات الأول، مدنية البقية، وآياتها |

9|، نزلت بعد التكاثر.

10- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 806 مرسلا.

11- ثواب الأعمال للصدوق: ص 154 وفيه بعد لفظة " نوافله ": " كان فيمن ".

12- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 805. والفرق بين " عن صلاتهم " و " في صلاتهم ": أن معنى الأول هو: أنهم ساهون عنها سهو ترك لها وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين والفسقة، ومعنى الثاني: أن السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان وذلك لا يخلو منه مسلم.

13- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 805 مرسلا.

14- رواه الصدوق في الفقيه: ج 1 ص 376 ح 1093.