سورة الهمزة
مكية (1)، تسع آيات.
في حديث أبي: " من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه " (2).
وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأها في فرائضه نفت عنه الفقر، وجلبت عليه الرزق، ودفعت عنه ميتة السوء " (3).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ويل لكل همزة لمزة (1) الذي جمع مالا وعدده (2) يحسب أن ماله أخلده (3) كلا لينبذن في الحطمة (4) ومآ أدراك ما الحطمة (5) نار الله الموقدة (6) التى تطلع على الافدة (7) إنها عليهم مؤصدة (8) في عمد ممددة (9)﴾
الهمز: الكسر.
قيل لأعرابي: أتهمز " الفارة "؟فقال: السنور يهمزها (4).
واللمز: الطعن، " فالهمزة " الذي يكسر أعراض الناس بالغض (5) منهم واغتيابهم، " واللمزة " الذي يطعن فيهم، وبناء " فعلة " يدل على أن ذلك عادة منه قد ضرى بها.
قال زياد الأعجم: تدلي بودي إذ لاقيتني كذبا * وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه (6) وهذا وعيد من الله لكل مغتاب، عياب، مشاء بالنميمة، مفرق بين الأحبة، وعن الحسن: الهمزة الذي يطعن في الوجه بالعيب، واللمزة الذي يغتاب عند الغيبة (7).
(الذي) بدل من (كل)، أو: نصب على الذم، وقرئ: (جمع) بالتشديد (8) والتخفيف، والتشديد أوفق لـ (عدده)، وقيل: (عدده): جعله عدة لحوادث الدهر (9).
و (أخلده) وخلده بمعنى، يعني: أن طول أمله ومناه الأماني البعيدة حتى حسب أن المال يتركه خالدا في الدنيا لا يموت، أو: يكون المعنى: أنه يعمل من تشييد البنيان وتوثيقها بالصخر والآجر عمل من يظن أن ماله أبقاه حيا، أو: هو تعريض بأن العمل الصالح هو الذي يخلد في النعيم صاحبه دون المال.
(كلا) ردع له عن حسبانه (لينبذن) هو وماله، أي: ليقذفن ويطرحن (في الحطمة) وهو اسم من أسماء جهنم، وعن مقاتل: تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب (10).
ويقال للرجل الأكول: حطمة.
ثم فخم أمرها بقوله: (ومآ أدرك ما الحطمة).
ثم فسرها وأضافها إلى نفسه بقوله: (نار الله الموقدة) أي: المؤججة.
(التى تطلع على الأفئدة) وهي أوساط القلوب، ولا شىء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد، ولا أشد تأذيا منه بأدنى أذى، فكيف إذا اطلعت عليه نار جهنم واستولت عليه وعلته؟(إنها عليهم مؤصدة) أي: مطبقة (في عمد) قرئ بضمتين (11) وبفتحتين، وهذا تأكيد لليأس من الخروج، وإيذان بحبس الأبد، أي: يوصد عليهم الأبواب، ويمدد على الأبواب العمد استيثاقا في استيثاق.
نعوذ بالله من غضبه وأليم عذابه.
1- قرأه حمزة والكسائي وعاصم برواية أبي بكر عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 697.
2- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 10 ص 406: مكية في قول ابن عباس والضحاك، وهي تسع آيات بلا خلاف. وفي الكشاف: ج 4 ص 797: مكية، وآياتها |
3|، نزلت بعد " الكافرون ".
4- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 800 مرسلا.
5- ثواب الأعمال للصدوق: ص 154 وليس فيه لفظة " وكان من الآمنين ".
6- المغمس: موضع من مكة.
7- زيادة يقتضيها السياق.
8- روى قصة أصحاب الفيل بطولها ابن إسحاق في سيرته: ص 61 - 70.
9- الحزق والحزقة: الجماعة من الناس والطير والنخل وغيرها. (الصحاح).
10- الضغت: قبضة من حشيش مختلطة الرطب واليابس، والابالة: الحزمة من الحطب، ومعنى المثل: بلية على أخرى. راجع مجمع الأمثال للميداني: ج 2 ص 432.
11- قاله الفراء في معاني القرآن: ج 3 ص 292. والعباديد: الخيل المتفرقة في ذهابها ومجيئها، والشماطيط: القطع المتفرقة، يقال: جاءت الخيل شماطيط أي: متفرقة إرسالا.