سورة التكاثر
مكية (1)، ثماني آيات.
في حديث أبي: " من قرأها لم يحاسبه الله بالنعيم الذي أنعم به عليه في دار الدنيا، وأعطي من الأجر كأنما قرأ ألف آية " (2).
وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأها في فريضة كتب له ثواب مائة شهيد، ومن قرأها في نافلة كان له ثواب خمسين شهيدا " (3) (3).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ألهلكم التكاثر (1) حتى زرتم المقابر (2) كلا سوف تعلمون (3) ثم كلا سوف تعلمون (4) كلا لو تعلمون علم اليقين (5) لترون الجحيم (6) ثم لترونها عين اليقين (7) ثم لتسلن يومئذ عن النعيم (8)﴾
(ألهكم) أي: شغلكم عن ذكر الآخرة التباري في كثرة المال، والتباهي بها، والتفاخر.
(حتى زرتم المقابر) أي: حتى أدرككم الموت على تلك الحال، وقيل: معناه: أنكم تكاثرتم بالأحياء حتى إذا استوعبتم عددهم صرتم إلى المقابر فتكاثرتم بالأموات (4).
عبر عن بلوغهم ذكر الموتى بزيارة المقابر تهكما بهم.
(كلا) ردع وتنبيه على أنه لا ينبغي أن تكون الدنيا جميع همة الإنسان حتى لا يهتم بأمور دينه (سوف تعلمون) وعيد ليخافوا وليتنبهوا عن غفلتهم.
والتكرير تأكيد للردع والإنذار عليهم، وفي (ثم) دلالة على أن الإنذار الثاني أشد من الأول، والمعنى: سوف تعلمون الخطأ في ما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول المطلع.
ثم كرر التنبيه أيضا وقال: (لو تعلمون) أي: لو تعلمون ما بين أيديكم (علم) الأمر (اليقين) أي: كعلمكم ما تستيقنونه من الأمور، لفعلتم ما لا يوصف، ولكنكم ضلال جهلة.
فحذف جواب (لو).
(لترون الجحيم) جواب قسم محذوف، والقسم لتوكيد الوعيد، وبيان ما أوعدهم به وأنذرهم منه، ثم كرر ذلك تغليظا في التهديد وزيادة في التهويل، وقرئ: " لترون " على البناء للمفعول (5).
(عين اليقين) الرؤية التي هي نفس اليقين وخالصه، ويجوز أن يراد بالرؤية العلم والإبصار.
(ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) عن التنعم الذي شغلكم الالتذاذ به عن أمور الدين.
1- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 796 مرسلا.
2- ثواب الأعمال للصدوق: ص 154 وفيه بدل " نفت عنه الفقر ": " بعد الله عنه الفقر ".
3- أي: يأكلها. أنظر لسان العرب: مادة " همز ".
4- في بعض النسخ: " بالعض ".
5- أنظر ديوان زياد الأعجم: ص 148، وفيه: " وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه ".