سورة الزلزلة
(1) مختلف فيها (2)، ثمان آيات كوفي، تسع غيرهم، لم يعد الكوفي (أشتاتا) (3).
في حديث أبي: " من قرأها فكأنما قرأ البقرة، وأعطي من الأجر كمن قرأ ربع القرآن " (4).
وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأها في نوافله لم يصبه الله بزلزلة أبدا، ولم يمت بها ولا بصاعقة، ولا بآفة من آفات الدنيا، فإذا مات أمر به إلى الجنة فيقول الله عز وجل: عبدي أبحتك جنتي فاسكن منها حيث شئت وهويت، لا ممنوعا ولا مدفوعا " (5).
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إذا زلزلت الأرض زلزالها (1) وأخرجت الأرض أثقالها (2) وقال الانسن مالها (3) يومئذ تحدث أخبارها (4) بأن ربك أوحى لها (5) يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعملهم (6) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (8)﴾
الزلزلة والزلزال: شدة الاضطراب، ومعنى إضافتها إلى ضمير " الأرض ": أن المعنى: (زلزالها) الذي يستوجبه في الحكمة ومشيئة الله، وهو الزلزال الشديد خلاف المعهود، أو: زلزالها الذي يعم جميعها ولا يختص بعضها.
(وأخرجت الأرض أثقالها) أي: أخرجت موتاها المدفونة فيها أحياء للجزاء، وهو جمع " ثقل ": متاع البيت.
(وقال الانسن مالها) زلزلت هذه الزلزلة الشديدة ولفظت ما في بطنها؟وذلك عند النفخة الثانية، وقيل: المراد بالإنسان: الكافر (6)، لأن المؤمن يقول: (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) (7).
(يومئذ تحدث أخبارها) أي: تخبر الأرض بما عمل على ظهرها، وهو مجاز عن إحداث الله فيها ما يقوم مقام التحديث باللسان حتى ينظر من يقول: (ما لها) إلى تلك الأحوال فيعلم لم زلزلت، ولم لفظت الأموات.
وقيل: ينطقها الله على الحقيقة، وتخبر بما عمل عليها من خير وشر (8)، و (يومئذ) بدل من (إذا)، وناصبهما (تحدث) والأصل: تحدث الخلق أخبارها، فحذف المفعول الأول وتعلقت الباء بـ (تحدث) لأن المعنى: تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها وأمره لها بالتحديث، أو: يكون: (بأن ربك) بدلا من: (أخبارها) كأنه قال: تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها، لأنك تقول: حدثته كذا، و: حدثته بكذا.
و (أوحى لها) بمعنى: أوحى إليها، وهو مجاز كقوله: (أن يقول له كن فيكون) (9).
قال الراجز: أوحى لها القرار فاستقرت * وشدها بالراسيات الثبت (10) (يومئذ يصدر الناس) عن مخارجهم من القبور إلى موقف العرض والحساب (أشتاتا) بيض الوجوه آمنين، وسود الوجوه خائفين، أو: يصدرون عن الموقف أشتاتا يتفرق بهم طريقا الجنة والنار (ليروا) جزاء (أعملهم): (فمن يعمل) زنة (ذرة) من الخير ير ثوابه وجزاءه، والذرة: النملة الصغيرة، وقيل: الذرة: ما يرى في شعاع الشمس من الهباء (11).
(ومن يعمل) زنة (ذرة) من الشر (يره) في كتابه فيسوؤه، أو: ير المستحق عليه إن لم يعف الله عنه، لأن الآية مخصوصة بلا خلاف، فإن التائب معفو عنه بالإجماع، وآيات العفو دالة على جواز العفو عما دون الشرك، فجاز أن يشترط في المعصية التي يؤاخذ بها أن لا تكون مما قد عفي عنه.
1- لم نعثر عليه في ديوانه المطبوع، وأنشده في الصحاح واللسان في مادة " ضبح " وفيهما: " تعلم " بدل " تكدح "، ومعناه واضح.
2- في الصحاح: صلد الزند: إذا صوت ولم يخرج نارا، وأصلد الرجل: أي صلد زنده.
3- لم نجده مرفوعا، ورواه البخاري في الصحيح: ج 2 ص 174 من كتاب الجنائز عن عمر موقوفا. وأورده الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 787، والرازي في تفسيره: ج 32 ص 66 مرسلا.
4- وعجزه: يحلبوه ذات جرس وزجل. من قصيدة له طويلة يتحدث فيها عن مآثره ومواقفه. راجع ديوان لبيد بن ربيعة: ص 146.
5- رواه الطبري في تفسيره: ج 12 ص 666 عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وزاد: قال ابن عباس: فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي.
6- قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن: ج 2 ص 307.
7- في نسخة: " الصادق (عليه السلام): إنها ".
8- رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره: ج 2 ص 434 - 439 عن أبي بصير.
9- قاله قتادة وسفيان. راجع تفسير الطبري: ج 12 ص 673.
10- البقرة: 180.
11- البيت من معلقته المشهورة. ويعتام: يختار، وعقيلة كل شيء: أنفسه وخياره. راجع ديوان طرفة بن العبد: ص 36.