سورة البينة

(1) مختلف فيها (2)، تسع آيات بصري، ثمان غيرهم، عد البصري: (مخلصين له الدين) (3).

في حديث أبي: " من قرأها كان يوم القيامة مع خير البرية " (4).

وعن الباقر (عليه السلام): " من قرأها كان بريئا من الشرك، وأدخل في دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعثه الله عز وجل مؤمنا، وحاسبه الله حسابا يسيرا " (5).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتب وا لمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة (1) رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة (2) فيها كتب قيمة (3) وما تفرق الذين أوتوا الكتب إلا من بعد ما جآءتهم البينة (4) ومآ أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفآء ويقيموا الصلوة ويؤتوا الزكوة وذا لك دين القيمة (5) إن الذين كفروا من أهل الكتب والمشركين في نار جهنم خلدين فيهآ أولئك هم شر البرية (6) إن الذين ءامنوا وعملوا الصلحت أولئك هم خير البرية (7) جزآؤهم عند ربهم جنت عدن تجرى من تحتها الانهر خلدين فيهآ أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذا لك لمن خشى ربه (8)﴾

كان (الذين كفروا من أهل الكتب) وعابدي الأوثان يقولون قبل مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنا لا ننفك من ديننا الذي نحن عليه، ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل، وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فحكى الله سبحانه ما كانوا يقولونه.

وانفكاك الشيء من الشيء: أن يزايله بعد التحامه به، يعني: أنهم متشبثون بدينهم ولا يتركونه (حتى تأتيهم البينة) أي: الحجة الواضحة.

و (رسول من الله) بدل من (البينة)، (يتلوا صحفا مطهرة) من الباطل.

(فيها) في تلك الصحف (كتب) مكتوبات (قيمة) مستقيمة عادلة ناطقة بالحق.

(وما تفرق الذين أوتوا الكتب) عن الحق، أو: ما تفرقوا فرقا: فمنهم آمن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنهم من أنكر وقال: ليس هو بذلك النبي الموعود، ومنهم من عرف وعاند.

يعني: أنهم كانوا يعدون الاجتماع واتفاق الكلمة على الحق إذا جاءهم الرسول، وما فرقهم عن الحق إلا مجيء الرسول.

(ومآ أمروا) في التوراة والإنجيل إلا بالدين الحنيفي، ولكنهم حرفوا وبدلوا (وذلك دين القيمة) أي: دين الملة القيمة.

والمعنى: (ومآ أمروا) بما في الكتابين (إلا) لأجل أن (يعبدوا الله) على وجه الإخلاص (حنفآء) مائلين عن جميع الأديان إلى دين الإسلام، مسلمين مؤمنين بالرسل كلهم، ويداوموا على إقامة (الصلوة) وإيتاء (الزكوة).

و (البرية) فعيلة من: برأ الله الخلق، إلا أنه قد استمر فيه الاستعمال على تخفيف الهمزة ورفض الأصل، و " النبي " كذلك، وقرئ: " البريئة " بالهمزة (6) على الأصل.

وعن ابن عباس في قوله: (أولئك هم خير البرية) قال: نزلت في علي وأهل بيته عليه وعليهم السلام (7).


1- يس: 52.

2- يس: 82.

3- للعجاج، من رجز يذكر فيه ربه ويثني عليه بآلائه. راجع ديوان العجاج: ص 5.

4- قاله أبو الليث السمرقندي في تفسيره: ج 3 ص 501.

5- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 10 ص 395: مكية في قول ابن عباس، وقال الضحاك: هي مدنية. وهي إحدى عشرة آية بلا خلاف. وفي تفسير الماوردي: ج 6 ص 323: مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء، ومدنية في قول ابن عباس وأنس بن مالك وقتادة. وفي الكشاف: ج 4 ص 786: مكية، وقيل: مدنية، وآياتها (11)، نزلت بعد العصر.

6- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 789 مرسلا.

7- ثواب الأعمال للصدوق: ص 152 وزاد بعد لفظة " القيامة ": " خاصة ".