سورة الصافات

مكية (1)، وهي مائة وإحدى وثمانون آية بصري، اثنتان غيرهم، (وما كانوا يعبدون) (2) غير البصري.

في حديث أبي: " من قرأ سورة الصافات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل جني وشيطان، وتباعدت منه مردة الشياطين، وبرأ من الشرك، وشهد له حافظاه يوم القيامة أنه كان مؤمنا بالمرسلين " (3).

وعن الصادق (عليه السلام): " من قرأ سورة الصافات في كل جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة، مدفوعا عنه كل بلية في حياة الدنيا، مرزوقا بأوسع ما يكون من الرزق، ولم يصبه الله في ماله ولا ولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم ولا من جبار عنيد، وإن مات في يومه أو في ليلته بعثه الله شهيدا وأدخله الجنة مع الشهداء " (4).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿والصفت صفا (1) فالزاجرات زجرا (2) فالتليت ذكرا (3) إن إلهكم لوا حد (4) رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشرق (5) إنا زينا السمآء الدنيا بزينة الكواكب (6) وحفظا من كل شيطن مارد (7) لا يسمعون إلى الملا الاعلى ويقذفون من كل جانب (8) دحورا ولهم عذاب واصب (9) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب (10)﴾

.

قرئ بإدغام التاء في الصاد، وفي الزاي (5)، وفي الذال (2) (6) والأكثر الإظهار.

أقسم الله سبحانه بالملائكة تصف صفوفا في السماء، أو تصف أقدامها في الصلاة كما يصف المؤمنون، أو أجنحتها في الهواء منتظرة لأمر الله، وبالملائكة التي تزجر الخلق عن المعاصي زجرا أو تزجر السحاب وتسوقها.

وقيل: هي آيات القرآن الزاجرة عن القبائح (7).

و التاليات: الملائكة تتلو كتاب الله الذي كتبه لها وفيه ذكر الحوادث، فتزداد يقينا بوجود المخبر على وفق الخبر، وقيل: هي نفوس العلماء العمال (8).

(الصفت) أقدامها في التهجد وسائر الصلوات وصفوف الجماعات (فالزجرت) المواعظ والنصائح (فالتليت) آيات الله الدارسات شرائعه، وقيل: هي نفوس الغزاة في سبيل الله التي تصف الصفوف وتزجر الخيل للجهاد وتتلو الذكر، مع ذلك لا يشغلها عنه تلك الشواغل، كما يحكى عن علي (عليه السلام) (9).

(رب السموت) خبر مبتدأ محذوف، أو خبر بعد خبر (ورب المشرق) مشارق الشمس: مطالعها، تطلع كل يوم من مشرق وتغرب في مغرب، وخص المشارق بالذكر لأن الشروق قبل الغروب.

(السمآء الدنيا) أي: القربى منكم (بزينة الكواكب) الزينة مصدر كالنسبة، أو اسم لما يزان به الشيء، كالليقة اسم لما يلاق به الدواة، فإن أردت المصدر فهي مضافة إلى الفاعل، أي: بأن زانتها الكواكب، وأصله: بزينة الكواكب، أو إلى المفعول أي: بأن زان الله الكواكب وحسنها لأنها إنما زينت السماء بحسنها في ذواتها، وأصله: بزينة الكواكب وهي قراءة أبي بكر بن عياش (10).

وإن أردت الاسم فللإضافة وجهان: أن يقع بيانا للزينة؛ لأن الزينة مبهمة في الكواكب وغيرها مما يزان به، وأن يراد ما زينت به الكواكب، وجاء عن ابن عباس: بزينة الكواكب: بضوء الكواكب (11).

ويجوز أن يراد أشكالها المختلفة، كشكل بنات نعش والثريا وغير ذلك من مسائرها ومطالعها، وقرئ على هذا المعنى (بزينة الكواكب) بتنوين " زينة " وجر " الكواكب " على الإبدال، ويجوز في نصب " الكواكب " أن يكون بدلا من محل " بزينة ".

(وحفظا) محمول على المعنى، لأن معناه: خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا من الشياطين، كما قال: (ولقد زينا السمآء الدنيا بمصبيح وجعلنها رجوما للشيطين) (12).

ويجوز تقدير فعل معلل به، أي: وحفظا من كل شيطان زيناها بالكواكب، وقيل: حفظناها حفظا من كل شيطان (13) (مارد) خارج من الطاعة متملس منها.

والضمير في (لا يسمعون) لـ (كل شيطن)، لأنه في معنى الشياطين، وقرئ بالتخفيف (14) والتشديد، وأصله " يتسمعون "، والتسمع: طلب السماع، يقال: تسمع فسمع أو فلم يسمع، وهو كلام منقطع مما قبله، فيه اقتصاص حال المسترقة للسمع، وأنهم لا يقدرون أن يسمعوا إلى كلام الملائكة أو يتسمعوا إليه، وهم مقذفون (من كل جانب) من جوانب السماء بالشهب مدحورون عن ذلك أي: مدفوعون بالعنف مطرودون (ولهم) مع ذلك (عذاب واصب) أي: دائم يوم القيامة (إلا من) أمهل حتى (خطف) خطفة، أو استرق استراقة، فعندها يعاجله الهلاك بإتباع الشهاب الثاقب وهو النير المضيء، والفرق بين قولك: " سمعت فلانا يتحدث "، و " سمعت إليه يتحدث " أن المعدى بنفسه يفيد الإدراك، والمعدى بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك.

و (الملأ الاعلى) الملائكة، لأنهم يسكنون السماوات، والإنس والجن الملأ الأسفل لأنهم سكان الأرض، وعن ابن عباس: هم أشراف الملائكة (15)، وعنه: الكتبة من الملائكة (16).

و (دحورا) في موضع الحال، أي: مدحورين، أو مفعول له أي: يقذفون للدحور، و (من خطف) مرفوع الموضع بدل من الواو في (لا يسمعون) أي: لا يتسمع الشياطين إلا الشيطان الذي خطف الخطفة.

﴿فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنآ إنا خلقنهم من طين لازب (11) بل عجبت ويسخرون (12) وإذا ذكروا لا يذكرون (13) وإذا رأوا ءاية يستسخرون (14) وقالوا إن هذآ إلا سحر مبين (15) أءذا متنا وكنا ترابا وعظما أءنا لمبعوثون (16) أو ءابآؤنا الأولون (17) قل نعم وأنتم داخرون (18) فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون (19) وقالوا يويلنا هذا يوم الدين (20) هذا يوم الفصل الذي كنتم به ى تكذبون (21) احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون (22) من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم (23) وقفوهم إنهم مسولون (24) مالكم لا تناصرون (25) بل هم اليوم مستسلمون (26)﴾

أي: فاستخبرهم (أهم أشد خلقا) أي: أقوى خلقا وأصعب خلقا (أم من خلقنآ) من الملائكة والسماوات والأرض والكواكب، وغلب ما يعقل فقال: (أم من خلقنآ)، (إنا خلقنهم من طين لازب) يعني: آدم (عليه السلام)، فإنهم نسله وذريته، واللازب: الملتصق من الطين الحر، وهذه شهادة عليهم بالضعف والرخاوة، لأن ما يصنع من الطين غير موصوف بالصلابة والقوة.

(بل عجبت) من إنكارهم البعث وهم (يسخرون) من أمر البعث، أو: عجبت من تكذيبهم إياك وهم يسخرون من تعجبك، وقرئ: " بل عجبت ? (17) وهو قراءة علي (عليه السلام) عليه الصلاة والسلام وابن عباس (18)، ومعناه: بلغ من كثرة آياتي وعظم مخلوقاتي أن عجبت من إنكارهم البعث ممن هذه أفعاله وهم يسخرون ممن يصفني بالقدرة على البعث، ويكون العجب المسند إلى الله تعالى بمعنى الاستعظام.

وقد جاء في الحديث: " عجب ربكم من ألكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم " (19).

وقيل: معناه: قل يا محمد: بل عجبت (20).

(وإذا ذكروا) أي: خوفوا بالله ووعظوا بالقرآن لا يتعظون (وإذا رأوا ءاية) من آيات الله معجزة كانشقاق القمر وغيره (يستسخرون) أي: يبالغون في السخرية، أو: يستدعي بعضهم بعضا للسخرية، أو: يعتقدونه سخرية كما يقال: استقبحه أي: اعتقده قبيحا.

(أو ءاباؤنا) عطف على الضمير في (مبعوثون)، وجوز العطف عليه للفصل بهمزة الاستفهام، أو عطف على موضع " إن " واسمه، يعنون: أن آباءهم أقدم فبعثهم أبعد، وقرئ: " أو آباؤنا ? (21) ومثله في سورة الواقعة (22).

(قل نعم) تبعثون (وأنتم دخرون) صاغرون أشد الصغار.

و (إنما) جواب شرط مقدر.

والتقدير: إذا كان ذلك فما هي إلا (زجرة وحدة) أي: صيحة واحدة من إسرافيل وهي نفخة البعث (فإذا هم) أحياء بصراء (ينظرون) وهي ضمير مبهم لا يرجع إلى شيء ويوضحها خبرها، ويجوز أن يكون: فإنما البعثة زجرة واحدة.

(وقالوا) أي: ويقولون معترفين على نفوسهم بالمعصية (يويلنا) من العذاب (هذا يوم) الحساب والجزاء.

(هذا يوم الفصل) أي: القضاء بين الخلائق وتميز الحق من الباطل (الذي كنتم به تكذبون) يقولون ذلك بعضهم لبعض، وقيل: هو كلام الملائكة جوابا لهم (23).

(احشروا) خطاب الله للملائكة، أو: خطاب بعض الملائكة لبعض (وأزوجهم) أي: ضرباءهم وأشباههم من العصاة، أهل الزنا مع أهل الزنا، وأهل الخمر مع أهل الخمر، وقيل: وأزواجهم الكافرات (24)، وقيل: وقرناءهم من الشياطين (25).

(فاهدوهم) فعرفوهم طريق النار حتى يسلكوها.

(وقفوهم) واحبسوهم عن دخول النار (إنهم مسئولون) عما دعوا إليه من البدع، وقيل: عن أعمالهم وخطيئاتهم (26)، وعن أبي سعيد الخدري وسعيد بن جبير: عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) (27).

يقال: وقفت أنا، ووقفت غيري.

(ما لكم لا تناصرون) هذا تهكم بهم وتوبيخ لهم بالعجز عن التناصر بعد ما كانوا على خلاف ذلك في الدنيا متناصرين.

(بل هم اليوم مستسلمون) قد أسلم بعضهم بعضا وخذله.

﴿وأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون (27) قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين (28) قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (29) وما كان لنا عليكم من سلطن بل كنتم قوما طغين (30) فحق علينا قول ربنآ إنا لذآبقون (31) فأغوينكم إنا كنا غوين (32) فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون (33) إنا كذا لك نفعل بالمجرمين (34) إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون (35) ويقولون أبنا لتاركوا ءالهتنا لشاعر مجنون (36) بل جآء بالحق وصدق المرسلين (37) إنكم لذآبقوا العذاب الأليم (38) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون (39) إلا عباد الله المخلصين (40)﴾

(يتسآءلون) يتعاتبون ويتلاومون، يقول الغاوي للذي أغواه: لم أغويتني؟ويقول ذلك المغوي له: لم قبلت مني؟و (اليمين) مستعارة لجهة الخير وجانبه، ومعناه: (إنكم كنتم تأتوننا) من قبل الدين فتروننا أن الحق والدين ما تضلوننا به، وقيل: إنها مستعارة للقوة والقهر، لأن اليمين موصوفة بالقوة وبها يقع البطش (28)، ومعناه: أنكم كنتم تأتوننا عن القوة والقهر فتجبروننا على الضلال، فأجابوهم بأن قالوا: بل اللوم لازم لكم إذ لم يكن (لنا عليكم) قدرة نجبركم بها على تخيركم الغي (بل كنتم قوما طغين) متجاوزين الحد في الكفر.

(فحق علينا) فلزمنا (قول ربنآ) ووعيده: بأنا ذائقون لعذابه لا محالة؛ لعلمه بحالنا واستحقاقنا العقوبة، ولو حكى الوعيد كما هو لقال: إنكم لذائقون، ولكنه عدل به إلى لفظ المتكلم لأنهم متكلمون بذلك عن أنفسهم، ونحوه قول الشاعر: لقد زعمت هوازن قل مالي (29) ولو حكى قولها لقال: قل مالك.

(فإنهم) أي: فإن المتبوعين والتابعين جميعا (يومئذ) في ذلك اليوم (مشتركون) في العذاب والإهانة، كما كانوا مشتركين في الغواية.

(يستكبرون) أي: يأنفون من قول: (لا إله إلا الله)، ويستخفون بمن يدعوهم إلى هذه المقالة.

(إنكم) أيها المشركون (لذآئقوا العذاب الأليم) على كفركم ونسبتكم رسول الله إلى الشعر والجنون، (وما تجزون إلا) بما عملتم جزاء سيئا بعمل سيئ (إلا عباد الله) لكن عباد الله على الاستثناء المنقطع.

﴿أولئك لهم رزق معلوم (41) فواكه وهم مكرمون (42) في جنت النعيم (43) على سرر متقبلين (44) يطاف عليهم بكأس من معين (45) بيضآء لذة للشربين (46) لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون (47) وعندهم قصرات الطرف عين (48) كأنهن بيض مكنون (49) فأقبل بعضهم على بعض يتسآءلون (50) قال قآبل منهم إنى كان لي قرين (51) يقول أءنك لمن المصدقين (52) أءذا متنا وكنا ترابا وعظما أءنا لمدينون (53) قال هل أنتم مطلعون (54) فاطلع فرءاه في سوآء الجحيم (55) قال تالله إن كدت لتردين (56) ولولا نعمة ربى لكنت من المحضرين (57) أفما نحن بميتين (58) إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين (59) إن هذا لهو الفوز ا لعظيم (60) لمثل هذا فليعمل العملون (61)﴾

حكم لهم سبحانه بالرزق المعلوم المقدر، ثم فسر ذلك الرزق بالفواكه، وهي كل ما يتلذذ به ولا يتقوت به لحفظ الصحة، والمعنى: أن رزقهم كله فواكه، لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات، إذ أجسامهم محكمة مخلوقة للأبد، فلا يأكلون ما يأكلون إلا للتلذذ، وقيل: معلوم الوقت (30)، كقوله: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) (31)، (وهم مكرمون) هو ما قاله الشيوخ في حد الثواب أنه النفع المستحق المقارن للتعظيم والإجلال.

(متقبلين) يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض، وهو أتم للأنس والسرور.

(بكأس) هو الإناء بما فيه من الشراب، وعن الأخفش: كل كأس في القرآن فهي الخمر (32) (من معين) من شراب جار في أنهار ظاهرة للعيون، وصف بما يوصف به الماء لأنه يجري في الجنة كما يجري الماء.

(بيضآء) صفة للكأس (لذة) هي تأنيث " اللذ " ووزنه " فعل " مثل: " صب " و " طب "، وقال يصف النوم: ولذ كطعم الصرخدي تركته * بأرض العدى من خشية الحدثان (33) أو: وصفت باللذة كأنها نفس اللذة وذاتها.

(لا فيها غول) لا يغتال عقولهم فتذهب بها، ولا يصيبهم منها وجع (ولا هم عنها ينزفون) من نزف الشارب: إذا ذهب عقله، ويقال للمطعون إذا خرج دمه كله: نزف فمات، وقرئ: " ينزفون ? (34) من أنزف الشارب: إذا ذهب عقله أو شرابه، ومعناه: صار ذا نزف، ومثله: أقشع السحاب وقشعته الريح، وأكب الرجل وكببته، وحقيقتهما: دخلا في القشع والكب.

(قصرت الطرف) قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يرين غيرهم، أو: لا يفتحن أعينهن دلالا (كأنهن بيض مكنون) في الأداحي، وهي بيض النعام، والعرب تشبه بها النساء وتسميهن ببيضات الخدود.

(فأقبل بعضهم) معطوف على (يطاف عليهم) والمعنى: يشربون فيتحادثون على الشراب فيقبل (بعضهم على بعض يتسآءلون) عما جرى عليهم ولهم في الدنيا، إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله عز اسمه في إخباره.

(قال قآئل منهم إنى كان لي قرين) في دار الدنيا أي: صاحب يختص بي (يقول) لي على وجه الإنكار علي والتهجين لي: (أئنك لمن المصدقين) بالبعث والحساب.

(لمدينون) أي: لمجزيون، من الدين الذي هو الجزاء، أو: لمسوسون مربوبون، من دانه إذا ساسه.

وفي الحديث: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " (35).

(قال) أي: ذلك القائل لإخوانه في الجنة: (هل أنتم مطلعون) إلى النار لأريكم ذلك القرين؟وقيل: إن القائل هو الله (36)، وقيل: بعض الملائكة (37)، يقال: طلع علينا فلان واطلع وأطلع بمعنى واحد، عرض عليهم الاطلاع فاعترضوه (فاطلع) هو بعد ذلك فرأى قرينه (في سوآء الجحيم) في وسطها.

(قال) له: (تالله إن كدت لتردين) " إن " هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة، أي: إنك كدت تهلكني بما قلته لي ودعوتني إليه (ولولا نعمة ربي) علي بالعصمة والتوفيق (لكنت من المحضرين) الذين أحضروا العذاب معك في النار.

والفاء عاطفة على محذوف تقديره: أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين ؟! والمعنى: أن هذه حال المؤمنين أن لا يذوقوا إلا الموتة الأولى، بخلاف الكفار فإنهم في آلام وغموم وأحوال يتمنون فيها الموت كل ساعة، وإنما يقوله المؤمن تحدثا بنعمة الله بمسمع من قرينه ليكون توبيخا له، ويجوز أن يكون قولهم جميعا.

وكذلك قوله: (إن هذا لهو الفوز العظيم) أي: إن هذا الأمر الذي نحن فيه، وقيل: هو من قول الله عز وجل اسمه تقريرا لقولهم (38). تمت قصة المؤمن وقرينه (39)

﴿أذا لك خير نزلا أم شجرة الزقوم (62) إنا جعلنها فتنة للظلمين (63) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم (64) طلعها كأنه رءوس الشيطين (65) فإنهم لأكلون منها فمالون منها البطون (66) ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم (67) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم (68) إنهم ألفوا ءابآءهم ضآلين (69) فهم على ءاثرهم يهرعون (70) ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين (71) ولقد أرسلنا فيهم منذرين (72) فانظر كيف كان عقبة المنذرين (73) إلا عباد الله المخلصين (74)﴾

ثم عاد سبحانه إلى ذكر الرزق المعلوم فقال: (أذلك خير نزلا) أي: خير حاصلا، وأصل النزل: الفضل والريع في الطعام، فاستعير للحاصل من الشيء، وحاصل الرزق المعلوم: اللذة والسرور، وحاصل شجرة الزقوم: الألم والنقم (40).

و (نزلا) منصوب على التمييز أو الحال، والنزل: ما يقام للنازل بالمكان من الرزق، ومعنى الأول: أن للرزق المعلوم نزلا، ولشجرة الزقوم نزلا، فأيهما خير نزلا؟ومعنى الثاني: أن الرزق المعلوم نزل أهل الجنة، وشجرة الزقوم نزل أهل النار، فأيهما خير في كونه نزلا؟(فتنة للظلمين) افتتنوا بها إذ كذبوا بكونها، وقيل: عذابا لهم (41)، من قوله: (يوم هم على النار يفتنون) (42).

والطلع يكون للنخلة، فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها، وشبه بـ (رءوس الشيطين) دلالة على تناهيه في الكراهة وقبح المنظر، لأن الشيطان مكروه مستقبح في طباع الناس، وقيل: الشيطان: حية عرفاء قبيحة المنظر هائلة جدا (43) وقيل: إن شجرا يقال له: الأستن خشنا منتنا مرا منكر الصورة يسمى ثمره: رؤوس الشياطين (44) (لأكلون منها) أي: من طلعها (فمالئون) بطونهم منه لشدة ما يلحقهم من الجوع، فتغلي بطونهم فيعطشون فيسقون بعد ملي ما هو أحر، وهو الشراب المشوب بالحميم (ثم إن مرجعهم) بعد أكل الزقوم وشرب الحميم (لإلى الجحيم) وذلك أنهم يوردون الحميم كما يورد الإبل الماء، ثم يردون إلى الجحيم وهي النار المتوقدة.

(إنهم) صادفوا (ءاباءهم) ذاهبين عن الحق، فهم يسرعون (على ءاثرهم) ويتبعونهم اتباعا، أي: ضل قبل هؤلاء الكفار عن طريق الهدى أكثر الأولين من الأمم الخالية، وفيه دلالة على أن أهل الحق في كل زمان كانوا أقل من أهل الباطل.

ولما ذكر إرسال المنذرين من الأنبياء والرسل، وسوء عاقبة المنذرين المكذبين عقبه سبحانه بقصة نوح ودعائه إياه حين يئس من قومه فقال: ﴿ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون (75) ونجينه وأهله من الكرب العظيم (76) وجعلنا ذريته هم الباقين (77) وتركنا عليه في الأخرين (78) سلم على نوح في العلمين (79) إنا كذلك نجزى المحسنين (80) إنه من عبادنا المؤمنين (81) ثم أغرقنا الأخرين (82) وإن من شيعته ى لإبراهيم (83) إذ جآء ربه بقلب سليم (84) إذ قال لأبيه وقومه ى ماذا تعبدون (85) أبفكا ءالهة دون الله تريدون (86) فما ظنكم برب العلمين (87) فنظر نظرة في النجوم (88) فقال إنى سقيم (89) فتولوا عنه مدبرين (90) فراغ إلى ءالهتهم فقال ألا تأكلون (91) مالكم لا تنطقون (92) فراغ عليهم ضربا باليمين (93) فأقبلوا إليه يزفون (94) قال أتعبدون ما تنحتون (95) والله خلقكم وما تعملون (96)﴾

أي: (فلنعم المجيبون) نحن، واللام جواب قسم محذوف (هم الباقين) هم الذين بقوا وقد فني غيرهم، وهم الذين بقوا متناسلين إلى يوم القيامة، فالناس كلهم من ولد نوح، فالعرب والعجم من أولاد سام بن نوح، والسودان من أولاد حام بن نوح، والترك والخزر ويأجوج من أولاد يافث بن نوح.

(وتركنا عليه في الأخرين) من الأمم هذه الكلمة وهي (سلم على نوح في العلمين) أي: يسلمون عليه تسليما إلى يوم القيامة، وهو من الكلام المحكي.

ومعنى قوله: (في العلمين): الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا.

وعلل مجازاة نوح بتلك الكرامة من تبقية الذكر، وتسليم العالمين إلى آخر الدهر بأنه كان محسنا، ثم علل كونه محسنا بأنه كان عبدا من عباده (المؤمنين)، ليريك جلالة محل الإيمان.

(من شيعته) أي: ممن شايعه على أصول الدين، أو: شايعه على التصلب في دين الله ومصابرة المكذبين، وتعلق (إذ) بما في الشيعة بمعنى المشايعة، أي: وإن ممن شايعه على دينه وتقواه حين (جآء ربه بقلب سليم) لإبراهيم، أو: بمحذوف هو " اذكر "، ومعناه: حين أخلص الله قلبه من كل ما سواه، فلم يتعلق بشيء غيره، فضرب المجيء مثلا لذلك.

" إفكا " مفعول له، والتقدير: أتريدون آلهة من دون الله إفكا؟وإنما قدمه للعناية، وقدم المفعول له على المفعول به لأنه كان الأهم عنده أن يواجههم بأنهم على إفك وباطل في شركهم.

ويجوز أن يكون " إفكا " مفعولا به، أي: أتريدون به إفكا؟ثم فسر الإفك بقوله: " آلهة من دون الله " على أنها إفك في نفسها، ويجوز أن يكون حالا، أي: أتريدون آلهة من دون الله آفكين ؟! (فما ظنكم) بمن هو الحقيق بالعبادة؟لأن من كان رب العالمين استحق عليهم أن يعبدوه حتى تركتم عبادته إلى عبادة الأصنام، والمعنى: أنه لا يقدر في ظن ولا وهم ما يصد عن عبادته، أو: فما ظنكم به؟فماذا يفعل بكم وقد عبدتم غيره؟(فنظر نظرة في النجوم) في علم النجوم أو في كتابها أو في أحكامها، لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه استدل بأمارة في علم النجوم على أنه يسقم (فقال إنى سقيم) أي: مشارف للسقم، وهو من معاريض الكلام، وإنما نوى به أن من كان آخر أمره الموت سقيم.

وروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أنهما قالا: " والله ما كان سقيما ولا كذب ? (45) (فتولوا عنه) فأعرضوا عنه وتركوه وخرجوا إلى عيدهم (فراغ إلى ءالهتهم) فمال إلى أصنامهم في خفية (فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون) استهزاء بها وبانحطاطها عن حال عبدتها (فراغ عليهم) فأقبل عليهم يضربهم (ضربا)، أو: فراغ عليهم ضربا بمعنى: ضاربا (باليمين) أي: ضربا شديدا قويا، لأن اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما بالقوة، وقيل: بسبب الحلف (46) وهو قوله: (تالله لأكيدن أصنامكم) (47).

(فأقبلوا) بعد الفراغ من عيدهم إلى إبراهيم، قرئ: " يزفون ? (48) يسرعون، من زفيف النعام، و (يزفون) من أزف: إذا دخل في الزفيف، أو: من أزفه إذا حمله على الزفيف، أي: يزف بعضهم بعضا، و " يزفون ? (49) خفيفا، من وزف يزف (قال) محتجا عليهم: (أتعبدون) ما تنحتونه بأيديكم (والله خلقكم) وخلق ما تعملونه من الأصنام، يقال: عمل النجار الباب والكرسي، وعمل الصائغ السوار والخاتم، والمراد: عمل أشكال هذه الأشياء وصورها دون جواهرها، والأصنام جواهر وأشكال، فخالق جواهرها هو الله، وعاملو أشكالها مصوروها ومشكلوها بنحتهم، و (ما تعملون) ترجمة عن قوله: (ما تنحتون)، و " ما " في: (ما تنحتون) موصولة ولا مقال فيها، فالعدول بها عن أختها تعسف.

﴿قالوا ابنوا له بنينا فألقوه في الجحيم (97) فأرادوا به ى كيدا فجعلنهم الأسفلين (98) وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين (99) رب هب لي من الصلحين (100) فبشرنه بغلم حليم (101) فلما بلغ معه السعي قال يبنى إنى أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شآء الله من الصبرين (102) فلمآ أسلما وتله للجبين (103) وندينه أن يإبراهيم (104) قد صدقت الرءيآ إنا كذا لك نجزى المحسنين (105) إن هذا لهو البلؤا المبين (106) وفدينه بذبح عظيم (107) وتركنا عليه في الأخرين (108) سلم على إبراهيم (109) كذلك نجزى المحسنين (110) إنه من عبادنا المؤمنين (111) وبشرنه بإسحق نبيا من الصلحين (112) وبركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه ى مبين (113)﴾

.

لما لزمته الحجة (قالوا ابنوا له بنينا) وعن ابن عباس: بنوا حائطا من الحجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا، وعرضه عشرون ذراعا، وملؤوه نارا وألقوه فيها (فجعلنهم الأسفلين) بأن أهلكناهم ونجيناه وسلمناه (50).

(وقال) إبراهيم: (إنى ذاهب إلى ربى) أي: مهاجر إلى حيث أمرني ربي بالمهاجرة إليه من أرض الشام.

أي (رب هب لي) بعض (الصلحين) يريد الولد، لأن لفظ " الهبة " على الولد أغلب وإن كان قد جاء في الأخ حيث قال: (ووهبنا له من رحمتنآ أخاه هرون) (51) قال سبحانه: (ووهبنا له يحيى) (52) (ووهبنا له إسحق ويعقوب) (53) و (بشرناه بغلم حليم) اشتملت البشارة على أن الولد ذكر، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن ويوصف بالحلم، وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح فقال: (ستجدني إن شاء الله من الصبرين) ثم استسلم لذلك معه.

بيان: كأنه لما قال: (فلما بلغ معه السعي) أي: الحد الذي يقدر فيه على السعي، قيل: مع من؟قال: مع أبيه، وكان إذ ذاك ابن ثلاث عشرة سنة، أتي في المنام فقيل له: اذبح ابنك، ورؤيا الأنبياء وحي فلهذا قال: (إنى أرى في المنام أني أذبحك) والأولى أن يكون قد أوحي إليه في حال اليقظة، وتعبد بأن يمضي ما يؤمر به في حال النوم (فانظر ماذا) تراه، أو: أي شيء ترى من الرأي، فيكون (ماذا) في موضع نصب بمنزلة اسم واحد، وعلى الأول يكون " ذا " بمعنى " الذي "، أي: ما الذي تبصره من رأيك؟و " ما " مبتدأ، والموصول مع صلته خبره، وقرئ: " ماذا تري ? (54) بضم التاء وكسر الراء، معناه: أجلدا تري على ما تحمل عليه أم خورا؟(افعل ما تؤمر) أي: ما تؤمر به، فحذف الجار كما حذف من قولهم: أمرتك الخير فافعل ما أمرت به (55).

أو: " أمرك " على إضافة المصدر إلى المفعول، وتسمية المأمور به أمرا.

وقرأ علي (عليه السلام) وابن عباس: " سلما "، يقال: سلم لأمر الله وأسلم واستسلم: إذا انقاد وخضع، وحقيقة معناه: أخلص نفسه لله وجعلها سالمة له وخالصة.

وعن قتادة في (أسلما): أسلم هذا ابنه، وأسلم هذا نفسه (56)، وجواب " لما " محذوف، وتقديره: (فلما أسلما وتله للجبين، وندينه أن يإبراهيم قد صدقت الرءيآ) كان ما كان مما لا يحيط به الوصف من شكرهما لله على ما أنعم به عليهما من دفع البلاء العظيم بعد حلوله، وما فازا به من رضوان الله واكتساب الثواب والأعواض الجليلة، والتل: الصرع، يقال: وضع جبينه على الأرض لئلا يرى وجهه فيلحقه رقة الآباء.

(قد صدقت الرؤيا) أي: فعلت ما أمرت به في الرؤيا.

وقوله: (إنا كذلك نجزى المحسنين) تعليل لتخويل ما خولهما الله من الفرج بعد الشدة.

(إن هذا لهو البلؤا المبين) أي: الامتحان الظاهر والمحنة الصعبة التي لا محنة أصعب منها، أو: الاختبار البين الذي يتميز فيه المخلصون من غيرهم.

(وفدينه بذبح) وهو المهيأ لأن يذبح (عظيم) ضخم الجثة سمين، والمفتدى منه هو الله عزو جل لأنه الآمر بالذبح، والفادي هو إبراهيم (عليه السلام)، وهب الله سبحانه له الكبش ليفدى به.

وإنما قال: (وفدينه) إسنادا للفداء إلى السبب الذي هو الممكن من الفداء بهبته.

واختلف في الذبيح على قولين: أحدهما: أنه إسحاق، والأظهر في الروايات أنه إسماعيل، ويعضده قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا ابن الذبيحين ? (57) وكذلك قوله سبحانه بعد قصة الذبح: (وبشرنه بإسحق نبيا من الصلحين) ولا بد من تقدير مضاف محذوف، أي: بوجود إسحاق، و (نبيا) حال مقدرة، والمعنى: بأن يوجد مقدرة نبوته، والعامل في الحال الوجود لا فعل البشارة، فيكون نظير قوله: (فادخلوها خلدين) (58)، وقوله: (من الصلحين) حال ثانية وردت على سبيل الثناء والتقريظ، لأن كل نبي لابد أن يكون من الصالحين.

(وبركنا عليه وعلى إسحق) أي: جعلنا ما أعطيناهما من الخير دائم البركة ثابتا ناميا، ويجوز أن يكون المراد كثرة ولدهما وبقاءهم قرنا بعد قرن إلى أن تقوم الساعة.

﴿ولقد مننا على موسى وهرون (114) ونجينهما وقومهما من الكرب العظيم (115) ونصرنهم فكانوا هم الغلبين (116) وءاتينهما الكتب المستبين (117) وهدينهما الصراط المستقيم (118) وتركنا عليهما في الأخرين (119) سلم على موسى وهرون (120) إنا كذا لك نجزى المحسنين (121) إنهما من عبادنا المؤمنين (122)﴾

(الكرب العظيم) تسخير قوم فرعون إياهم، واستعمالهم في الأعمال الشاقة (ونصرنهم) الضمير لهما ولقومهما في قوله: (ونجينهما وقومهما)، و (الكتب المستبين) البليغ في بيانه وهو التوراة.

﴿وإن إلياس لمن المرسلين (123) إذ قال لقومه ى ألا تتقون (124) أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخلقين (125) الله ربكم ورب ءابآبكم الأولين (126) فكذبوه فإنهم لمحضرون (127) إلا عباد الله المخلصين (128) وتركنا عليه في الأخرين (129) سلم على إل ياسين (130) إنا كذا لك نجزى المحسنين (131) إنه من عبادنا المؤمنين (132)﴾

اختلف في (إلياس) فقيل: هو إدريس النبي (59)، وقيل: هو من بني إسرائيل من ولد هارون بن عمران ابن عم اليسع (60)، وقيل: إنه استخلف اليسع على بني إسرائيل ورفعه الله وكساه الريش فصار إنسيا ملكيا وأرضيا سماويا (61)، وقيل: إن إلياس صاحب البراري، والخضر صاحب الجزائر، ويجتمعان كل يوم عرفة بعرفات (62).

وبعل: صنم لهم كانوا يعبدونه.

وقرئ: " الله ربكم " بالرفع (63) على الابتداء، وبالنصب على البدل.

(فإنهم لمحضرون) للحساب أو في العذاب أو في النار.

واستثنى من جملة قومه الذين أخلصوا عبادتهم لله.

وقرئ: (سلم على إل ياسين) على أنه لغة في " إلياس "، وقرأ ابن مسعود والأعمش " وإن إدريس " و " على إدراسين " (64)، ولعل لزيادة الياء والنون معنى في السريانية، ولو كان جمعا - كما قيل - لعرف بالألف واللام، وقرئ: " على آل ياسين ? (65) ووجد في المصحف مفصولا من " ياسين "، وفي فصله منه دلالة على أن " آل " هو الذي تصغيره " أهيل "، قاله أبو علي الفارسي.

وعن ابن عباس: آل ياسين: آل محمد، وياسين اسم من أسمائه (66).

﴿وإن لوطا لمن المرسلين (133) إذ نجينه وأهله أجمعين (134) إلا عجوزا في الغبرين (135) ثم دمرنا الأخرين (136) وإنكم لتمرون عليهم مصبحين (137) وبالليل أفلا تعقلون (138) وإن يونس لمن المرسلين (139) إذ أبق إلى الفلك المشحون (140) فساهم فكان من المدحضين (141) فالتقمه الحوت وهو مليم (142) فلولا أنه كان من المسبحين (143) للبث في بطنه ى إلى يوم يبعثون (144) فنبذنه بالعرآء وهو سقيم (145) وأنبتنا عليه شجرة من يقطين (146) وأرسلنه إلى مائة ألف أو يزيدون (147) فامنوا فمتعنهم إلى حين (148)﴾

(لتمرون) على منازلهم في متاجركم إلى الشام (مصبحين) داخلين في الصباح (وبالليل) عطف عليه، أي: وممسين (أفلا) تعتبرون بها.

(إذ أبق) أي: هرب من قومه إلى السفينة المملوءة من الناس والأحمال خوفا من أن ينزل العذاب بهم وهو مقيم فيهم (فساهم) القوم أي: قارعهم (فكان من المدحضين) أي: من المغلوبين المقروعين، والمراد: من الملقين في البحر.

(فالتقمه الحوت) أي: ابتلعه (وهو مليم) داخل في الملامة على خروجه من بين قومه من غير أمر ربه.

(من المسبحين) الذاكرين الله كثيرا بالتسبيح والتقديس (للبث في بطنه) حيا (إلى يوم) البعث، وعن قتادة: لكان بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة (67).

(فنبذنه) فطرحناه بالعراء، وهو المكان الخالي الذي لا نبت فيه ولا شجر (وهو) مريض.

واليقطين: كل نبت ينبسط على وجه الأرض ولا ساق له كشجر البطيخ والقثاء، وهو " يفعيل " من قطن بالمكان: إذا أقام به، وقيل: هو القرع (68)، وفائدته أن الذباب لا يجتمع عنده، وقيل: هو التين (69)، وقيل: هو شجرة الموز، تغطى بورقها، واستظل بأغصانها، وأفطر على ثمارها (70).

ومعنى (أنبتنا عليه): أنبتنا فوقه كما يطنب البيت على الإنسان.

(وأرسلنه إلى مائة ألف) عن قتادة: أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل (71) (أو يزيدون) في مرأى الناظر، إذا رآهم (72) الرائي قال: هي مائة ألف أو أكثر.

وقرأ الصادق (عليه السلام): " ويزيدون فآمنوا وأنابوا ".

(فمتعنهم) إلى انقضاء آجالهم، يحتمل أن يكون أرسل إلى قوم بعد قومه، ويجوز أن يكون أرسل إلى الأولين.

﴿فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون (149) أم خلقنا الملئكة إنثا وهم شهدون (150) ألا إنهم من إفكهم ليقولون (151) ولد الله وإنهم لكذبون (152) أصطفى البنات على البنين (153) مالكم كيف تحكمون (154) أفلا تذكرون (155) أم لكم سلطن مبين (156) فأتوا بكتبكم إن كنتم صدقين (157) وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون (158) سبحن الله عما يصفون (159) إلا عباد الله المخلصين (160)﴾

(فاستفتهم) معطوف على مثله (73) في السورة وإن تباعد ما بينهما، أمر الله رسوله باستفتاء قريش عن وجه إنكار البعث أولا، ثم ساق الكلام موصولا بعضه ببعض، ثم أمره باستفتائهم عن وجه القسمة التي قسموها ضيزى حيث جعلوا لله الإناث ولأنفسهم الذكور في قولهم: الملائكة بنات الله مع كراهتهم لهن ووأدهم إياهن.

(أم خلقنا) بل أخلقنا (الملائكة إنثا وهم شهدون) حاضرون خلقنا إياهم، أي: كيف جعلوهم إناثا ولم يشهدوا.

ولقد ارتكبوا ثلاثة أنواع من الكفر في ذلك: أحدها: التجسيم؛ لأن الولادة مختصة بالأجسام، والثاني: تفضيل أنفسهم على ربهم حيث اختاروا البنين لأنفسهم والبنات لله، والثالث: أنهم استهانوا بالملائكة حيث أنثوهم.

(أصطفى البنات) دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل فسقطت همزة الوصل، ونحوه قول ذي الرمة: أستحدث الركب عن أشياعهم خبرا * أم راجع القلب من أطرابه طرب (74) (ما لكم كيف تحكمون) لله بالبنات ولأنفسكم بالبنين (أفلا) تنتهون من مثل هذا القول (أم لكم سلطان مبين) أي: حجة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بنات الله (فأتوا بكتبكم) الذي أنزل عليكم في ذلك.

(وجعلوا) بين الله (وبين الجنة نسبا) وهو زعمهم أن الملائكة بنات الله، فأثبتوا بذلك جنسية جامعة له وللملائكة، وسموا: جنة لاستتارهم عن العيون، وقيل: هو قول الزنادقة: إن الله خالق الخير، وإبليس خالق الشر (75)، (ولقد علمت الجنة) أي: الملائكة (أنهم) في ذلك كاذبون (محضرون) النار معذبون بما يقولون، ثم نزه سبحانه نفسه عما وصفوه به.

(إلا عباد الله) استثناء منقطع من الواو في (يصفون) أي: يصفه هؤلاء بذلك، ولكن (المخلصين) براء من أن يصفوه به.

﴿فإنكم وما تعبدون (161) مآ أنتم عليه بفتنين (162) إلا من هو صال الجحيم (163) وما منآ إلا له مقام معلوم (164) وإنا لنحن الصآفون (165) وإنا لنحن المسبحون (166) وإن كانوا ليقولون (167) لو أن عندنا ذكرا من الأولين (168) لكنا عباد الله المخلصين (169) فكفروا به ى فسوف يعلمون (170) ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (171) إنهم لهم المنصورون (172) وإن جندنا لهم الغلبون (173) فتول عنهم حتى حين (174) وأبصرهم فسوف يبصرون (175) أفبعذابنا يستعجلون (176) فإذا نزل بساحتهم فسآء صباح المنذرين (177) وتول عنهم حتى حين (178) وأبصر فسوف يبصرون (179) سبحن ربك رب العزة عما يصفون (180) وسلم على المرسلين (181) والحمد لله رب العلمين (182)﴾

الضمير في (عليه) لله عز اسمه، والمعنى: فإنكم ومعبوديكم (ما أنتم) وهم جميعا (بفتنين) على الله، أي: لستم تفتنون على الله أحدا بإغوائكم واستهزائكم (76)، من قولك: فتن فلان على فلان امرأته إذا أفسدها عليه (إلا من هو صال الجحيم) أي: إلا من سبق في علم الله أنه يستوجب صلي الجحيم بسوء أعماله.

ويحتمل أن يكون الواو في (وما تعبدون) بمعنى: " مع "، فيجوز السكوت على: (وما تعبدون)، كما يجوز السكوت على قولك: كل رجل وضيعته، فيكون المعنى: فإنكم مع معبوديكم، أي: فإنكم قرناؤهم.

والضمير في (عليه) لـ (ما تعبدون)، أي: فما أنتم على ما تعبدون (بفتنين) بباعثين، أي: حاملين على طريق الفتنة والإضلال (إلا من) يصلى (الجحيم) بسوء اختياره، ويحترق بها مثلكم (وما منآ إلا له مقام معلوم) أي: وما منا ملك، فحذف الموصوف وأقيم الصفة مقامه، كقوله: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا (77) أي: مقام معلوم في السموات يعبد الله فيه، أو: مقام في العبادة والانتهاء إلى أمر الله لا يتجاوز ما أمر به ورتب له، كما روي: فمنهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون.

(لنحن الصآفون) نصف أقدامنا في الصلاة، أو أجنحتنا حول العرش داعين للمؤمنين، أو في الهواء منتظرين أمر الله، وقيل: إن المسلمين إنما اصطفوا في الصلاة منذ نزلت هذه الآية (78) وليس يصطف أحد من أهل الملل في صلاتهم غير المسلمين.

و (المسبحون): المصلون، أو المنزهون.

(إن) هي المخففة من الثقيلة، وهم مشركو قريش كانوا يقولون: (لو أن عندنا ذكرا) كتابا (من) كتب (الأولين) الذين نزل عليهم التوراة أو (79) الإنجيل، لأخلصنا العبادة لله، ولما خالفنا كما خالفوا، فجاءهم الذكر (80) الذي هو سيد الأذكار، وهو المعجز من بين الكتب (فكفروا به فسوف يعلمون) عاقبة كفرهم.

الكلمة هي قوله: (إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغلبون) سماها كلمة وإن كانت كلمات عدة؛ لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة.

و " هم " في: (لهم) فصل، والمراد: الوعد بعلوهم على عدوهم في الدنيا، وعلوهم عليهم في الآخرة.

(فتول عنهم) وأغض عليهم أذاهم (81) (حتى حين) إلى مدة يسيرة هي مدة الكف عن القتال (وأبصرهم) وما يقضى عليهم من القتل والأسر عاجلا، والعذاب الأليم آجلا (فسوف يبصرون) - ك وما يقتضى لك من النصرة والتأييد اليوم والثواب والنعيم غدا، والمراد بالأمر بإبصارهم على الحال المنتظرة الموعودة الدالة على أنها كائنة لا محالة، قريبة الوقوع كأنها قدام ناظريك، وفي ذلك تسلية له صلوات الله عليه وآله.

وكانت العرب تفاجئ أعداءها بالغارة صباحا، فخرج الكلام على عادتهم، فكأن العذاب الذي ينزل بساحتهم جيش نزل بساحتهم فشن عليهم الغارة، ولأن الله سبحانه أجرى العادة بتعذيب الأمم وقت الصباح، كما قال: (إن موعدهم الصبح) (82) والمعنى: (فسآء صباح المنذرين) وصباحهم.

إنما كرر قوله: (وتول عنهم) ليكون تسلية على تسلية، وتأكيدا لحصول الوعد على تأكيد، وقيل: أريد بأحدهما الدنيا وبالآخر الآخرة (83)، وفي قوله: (أبصر)، و (يبصرون) من غير تقييد بالمفعول فائدة زائدة، أي: ما لا يحيط به الوصف من ضروب المسرة لك، وأنواع المساءة لهم.

(رب العزة) أضاف الرب إلى العزة لاختصاصه بها، كأنه قال: ذو العزة، أو: لأنه لا عزة لأحد إلا وهو مالكها، كما قال: (وتعز من تشاء) (84).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): " من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى فليكن آخر كلامه في مجلسه: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) إلى آخر السورة ? (85)

1- الآية: 22.

2- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 69 مرسلا.

3- ثواب الأعمال للصدوق: ص 139.

4- أي التاء من (فالزاجرات) في الزاي من (زجرا).

5- أي التاء من (فالتليت) في الذال من (ذكرا).

6- وهي قراءة حمزة وأبي عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 546.

7- قاله قتادة. راجع تفسير البغوي: ج 4 ص 22.

8- قاله الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 33.

9- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 34.

10- أنظر التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 635.

11- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 35.

12- الملك: 5.

13- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 35.

14- وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي عمرو وعاصم برواية أبي بكر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 547.

15- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 35.

16- وهي قراءة أهل الكوفة إلا عاصما. راجع التبيان: ج 8 ص 485.

17- أنظر المصدر السابق، وتفسير القرطبي: ج 15 ص 65.

18- رواه أبو عبيد الهروي في غريب الحديث: ج 2 ص 118، وابن الأثير في غريب الأثر: ج 1 ص 61 مادة " ألل " وقال: الإل: شدة القنوط، ويجوز أن يكون من رفع الصوت بالبكاء، والمحدثون يروونه بكسر الهمزة، والمحفوظ عند أصل اللغة الفتح وهو أشبه.

19- وهو قول المبرد كما حكاه في التبيان: ج 8 ص 487.

20- وهي قراءة نافع وابن عامر. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 636.

21- الآية: 48.

22- قاله علي بن سليمان كما في تفسير القرطبي: ج 15 ص 70.

23- وهو قول عمر بن الخطاب. راجع تفسير الماوردي: ج 5 ص 43.

24- قاله الضحاك ومقاتل. راجع تفسير البغوي: ج 4 ص 25.

25- قاله القرظي والكلبي وهو المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). راجع تفسير الطبري: ج 10 ص 480، وتفسير القرطبي: ج 15 ص 74.

26- تفسير الماوردي: ج 5 ص 44.

27- وهو قول الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 384.

28- وعجزه: وهل لي غير ما أنفقت مال. لم نعثر على قائله، وهوازن امرأته. أنظر الكشاف: ج 4 ص 40.

29- حكاه البغوي في تفسيره: ج 4 ص 27.

30- مريم: 62.

31- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 42.

32- البيت منسوب لابن الأعرابي، يقول: ورب شيء لذيذ - يعني النوم - طعمه كطعم الشراب الطيب تركته بأرض الأعداء خوف نزول المكاره بي. أنظر لسان العرب: مادة " لذذ ".

33- قرأ حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 636.

34- أخرجه أحمد في مسنده: ج 4 ص 24، والبيهقي في سننه: ج 3 ص 369 بسندهما عن شداد بن أوس.

35- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 44.

36- قاله الشيخ الطوسي في التبيان: ج 8 ص 500.

37- في نسخة زيادة: " ثم رجع إلى ذكر الرزق المعلوم فقال: ".

38- في نسخة: " الغم ".

39- وهو قول الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 46.

40- الذاريات: 13.

41- حكاه القرطبي في تفسيره: ج 15 ص 87 ونسبه إلى الزجاج والفراء.

42- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 46.

43- رواه الكليني في الكافي: ج 8 ص 368 ح 559 قطعة منه، والصدوق في معاني الأخبار: ص 210 ح 1.

44- حكاه الطبري في تفسيره: ج 10 ص 503 عن بعض أهل العربية.

45- الأنبياء: 57.

46- قرأه حمزة والمفضل عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 548.

47- وهي قراءة الضحاك ويحيى بن عبد الرحمن المقرئ وابن أبي عبلة. راجع شواذ القرآن لابن خالويه: ص 128.

48- تفسير ابن عباس: ص 377.

49- مريم: 53.

50- الأنبياء: 90.

51- الأنعام: 84، الأنبياء: 72، العنكبوت: 27.

52- قرأه حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 637.

53- وعجزه: فقد تركتك ذا مال وذا نسب. لعباس بن مرداس السلمي، وقيل: لعمرو بن معديكرب، وقيل لخفاف بن ندبة وقيل لغيرهم. تقدم شرح البيت في ج 2 ص من سورة الحجر آية: 94 فراجع.

54- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 55.

55- رواه ابن عساكر في تاريخه: ج 2 ص 150.

56- الزمر: 73.

57- قاله ابن عباس وقتادة. راجع تفسير الماوردي: ج 5 ص 64.

58- قاله الطبري في تفسيره: ج 10 ص 520.

59- وهو قول محمد بن إسحاق. راجع تفسير البغوي: ج 4 ص 41.

60- وهو قول الحسن البصري. راجع تفسيره: ج 2 ص 243.

61- قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 549.

62- انظر التبيان: ج 8 ص 524، وشواذ القرآن لابن خالويه: ص 128.

63- قرأه نافع وابن عامر ويعقوب. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 638.

64- تفسير ابن عباس: ص 378.

65- حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 5 ص 68.

66- قاله ابن عباس وقتادة. راجع التبيان: ج 8 ص 530.

67- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 62.

68- حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج 4 ص 43.

69- في بعض النسخ: " رآها ".

70- الآية: 11.

71- وهي من قصيدة طويلة جدا (126 بيتا)، وهي أحسن شعره. أنظر ديوان ذي الرمة: ص 20.

72- قاله الكلبي وعطية العوفي. راجع تفسير الماوردي: ج 5 ص 70.

73- في نسخة: " واستهوائكم ".

74- وعجزه: متى أضع العمامة تعرفوني. اختلف في قائله فقيل: لسحيم بن وثيل الرياحي، وقيل: لمثقب وقيل لغيرهما. راجع خزانة الأدب للبغدادي: ج 1 ص 255 وما بعده. وقد تقدم شرحه في ج 2 ص 91.

75- وهو قول أبي مالك. راجع تفسير الماوردي: ج 5 ص 72.

76- في بعض النسخ: واو بدل " أو ".

77- في نسخة: " القرآن ".

78- في نسخة: " وأغض على قذاهم واصبر على أذاهم "، يقال: أغضى عينا على قذى: صبر على أذى، المعجم الوسيط: 655.

79- هود: 81.

80- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 69.

81- آل عمران: 26.

82- الكافي: ج 2 ص 497 ح 3، الدر المنثور: ج 7 ص 141 وعزاه إلى حميد بن زنجويه في ترغيبه.

83- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 8 ص 540: مكية في قول مجاهد وقتادة والحسن، ليس فيها ناسخ ولا منسوخ، وهي ثمان وثمانون آية في الكوفي، وخمس وثمانون في البصري، وست في المدني. وفي الكشاف: ج 4 ص 70: مكية، وهي ست وثمانون آية، وقيل: ثمان وثمانون آية، نزلت بعد القمر.

84- الآية: 1.

85- الآية: 37.