سورة الذاريات

مكية (1) وهي ستون آية.

في حديث أبي: " من قرأ سورة الذاريات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل ريح هبت وجرت في الدنيا " (2).

وعن الصادق (عليه السلام): " ومن قرأها في يوم أو ليلة أصلح الله له معيشته، وآتاه برزق واسع، ونور له في قبره بسراج يزهر إلى يوم القيامة " (3).

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿والذاريت ذروا (1) فالحملت وقرا (2) فالجريت يسرا (3) فالمقسمت أمرا (4) إنما توعدون لصادق (5) وإن الدين لواقع (6) والسمآء ذات الحبك (7) إنكم لفي قول مختلف (8) يؤفك عنه من أفك (9) قتل الخراصون (10) الذين هم في غمرة ساهون (11) يسلون أيان يوم الدين (12) يوم هم على النار يفتنون (13) ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به ى تستعجلون (14)﴾

(الذاريت) الرياح، لأنها تذرو التراب (4) وغيره، كما يقال: (تذروه الريح) (5) وقرئ بإدغام التاء في الذال (6).

(فالحملت وقرا) هي السحاب تحمل المطر.

(فالجريت) هي السفن (يسرا) أي: جريا ذا يسر وسهولة.

(فالمقسمت أمرا) هي الملائكة تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها، أو: تفعل التقسيم مأمورة بذلك، وهذا التفسير مروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (7) وعن ابن عباس (8)، وعن مجاهد: تتولى الملائكة تقسيم أمر العباد: جبرئيل للغلظة، وميكائيل للرحمة، وملك الموت لقبض الأرواح، وإسرافيل للنفخ، وقد حملت على الكواكب السبعة (9).

أقسم سبحانه بهذه الأشياء لما تضمنته من الدلالة على وحدانيته وبديع حكمته وكمال قدرته.

وعنهم (عليهم السلام): " لا يجوز لأحد أن يقسم إلا بالله، وله عز اسمه أن يقسم بما يشاء من خلقه " (10).

وجواب القسم: (إنما توعدون)، و " ما " موصولة أو مصدرية، والموعود: البعث (لصادق) أي: ذو صدق ك? ( عيشة راضية) (11).

و (الدين) الجزاء (لواقع) أي: حاصل كائن.

و (الحبك) الطرائق مثل حبك الرمل والماء: إذا ضربته الريح، وكذلك: حبك الشعر: آثار تثنيه وتكسره، والدرع محبوكة لأن حلقها مطرق بطرائق، وعن الحسن: حبكها: نجومها (12)، وعن علي (عليه السلام): حسنها وزينتها (13).

ويجوز أن تكون النجوم تزينها كما تزين الموشى طرائق الوشي، وهي جمع حباك، ك? " - مثال " و " مثل "، وحبيكة ك? " طريقة ".

(إنكم لفي قول مختلف) هو قولهم في الرسول (عليه السلام): شاعر وساحر ومجنون، وفي القرآن: إنه سحر وكهانة وأساطير الأولين، وعن قتادة: منكم مصدق ومكذب، ومقر ومنكر (14).

(يؤفك عنه) الضمير للرسول أو القرآن، أي: يصرف عنه من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم، كقوله (عليه السلام): " لا يهلك على الله إلا هالك " (15).

وقيل: يصرف عنه من هو مصروف عن الخير في سابق علم الله (16).

ويجوز أن يكون الضمير لـ ( ما توعدون) ومعناه: يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك.

(قتل الخراصون) دعاء عليهم، وأصله: الدعاء بالقتل والهلاك، ثم أجري مجرى: لعن وقبح، أي: لعن الكذابون المقدرون ما لا يصح، وهم أصحاب القول المختلف.

واللام إشارة إليهم، كأنه قيل: قتل هؤلاء الخراصون (الذين هم في غمرة) أي: جهل يغمرهم (ساهون) غافلون عما أمروا به.

(يسئلون) فيقولون: (أيان يوم الدين) أي: متى يوم الجزاء؟ومعناه: أيان وقوع يوم الدين؟(يوم هم على النار يفتنون) أي: يحرقون ويعذبون، ومنه: الفتين، وهي الحرة لأن حجارتها كأنها محرقة، و (يوم) يجوز أن يكون مفتوحا لإضافته إلى غير متمكن، فيكون محله رفعا على: هو يوم هم.

يفتنون، أو: نصبا بفعل مضمر دل عليه السؤال، أي: يقع في ذلك اليوم، ويجوز أن يكون منصوبا في الأصل بالمضمر الذي هو " يقع ".

(ذوقوا فتنتكم) في محل الحال، أي: مقولا لهم هذا القول (هذا) مبتدأ و (الذي) خبره، أي: هذا العذاب هو الذي (كنتم به تستعجلون).

﴿إن المتقين في جنت وعيون (15) ءاخذين مآ ءاتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذا لك محسنين (16) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (17) وبالاسحار هم يستغفرون (18) وفي أموا لهم حق للسآبل والمحروم (19) وفي الأرض ءايت للموقنين (20) وفي أنفسكم أفلا تبصرون (21) وفي السمآء رزقكم وما توعدون (22) فورب السمآء والارض إنه لحق مثل مآ أنكم تنطقون (23)﴾

(ءاخذين) أي: قابلين ما أعطاهم (ربهم) من النعيم والكرامة، راضين به (إنهم كانوا) في دار التكليف (محسنين) قد أحسنوا أعمالهم.

وتفسير إحسانهم ما بعده، و " ما " مزيدة أي: كانوا يهجعون في زمان قليل من الليل إن جعلت (قليلا) ظرفا، ويجوز أن يكون صفة للمصدر أي: هجوعا قليلا.

ويجوز أن يكون " ما " مصدرية أو موصولة على: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، أو: ما يهجعون فيه هجوعا، فيكون فاعل (قليلا) وفيه ضروب من المبالغة بلفظ: " الهجوع " وهو الفرار من النوم، قال: قد حصت البيضة رأسي فما * أطعم نوما غير تهجاع (17) وقوله: (قليلا) و (من الليل) وزيادة (ما) المؤكدة لذلك، أي: يحيون الليل متهجدين فإذا سحروا أخذوا في الاستغفار، كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم، وقوله: (هم يستغفرون) فيه: أنهم هم المختصون بالاستغفار لاستدامتهم له.

السائل: هو المستجدي، والمحروم: الذي يحسب غنيا فيحرمه الناس لتعففه.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان والتمرة والتمرتان، قالوا: فمن هو؟قال: الذي لا يجد ولا يتصدق عليه (18).

وقيل: هو المحارف الذي لا ينمى له مال (19).

(وفي الأرض ءايت) دلالات دالة على الصانع وكمال قدرته وبدائع حكمته بما فيها من السهل والجبل والبر والبحر، وأنواع النبات والأشجار، بالثمار المختلف ألوانها وطعومها وروائحها، الموافقة لحوائج ساكنيها ومنافعهم ومصالحهم، وما أنبت في أقطارها من أنواع الحيوان المختلفة الصور والأشكال، وغير ذلك (للموقنين) الموحدين الناظرين المتأملين ببصائرهم.

(وفي أنفسكم) في مبتدأ أحوالها وتنقلها من حال إلى حال، وما ركب في ظواهرها وبواطنها من عجائب الفطر وبدائع الحكم ما تحار فيه العقول، وحسبك بالقلوب وما ذكر فيها من لطائف المعاني، وبالألسن والنطق ومخارج الحروف، وبالصور والطبائع والألوان واختلافها في كل إنسان، وبالأسماع والأبصار وسائر الجوارح، وما رتب فيها من فنون الحكمة: وفي كل شيء له آية * تدل على أنه واحد (20) (وفي السمآء رزقكم) وهو المطر لأنه سبب الأقوات (وما توعدون) الجنة، أو أراد: ما ترزقونه في الدنيا وما توعدونه في العقبى، كله مقدر مكتوب في السماء.

(مثل مآ أنكم تنطقون) وقرئ: " مثل " بالرفع (21) صفة لـ (لحق) أي: حق مثل نطقكم، وبالنصب على أنه: حق حقا مثل نطقكم، ويجوز أن يكون فتحا لإضافته إلى غير متمكن.

و (ما) مزيدة بنص الخليل (22) وهذا مثل قولهم: إن هذا لحق كما أنك ترى وتسمع، ومثل ما أنك ها هنا، والضمير في (إنه) لما ذكر من الآيات والرزق، أو: للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو: (لما توعدون) والمعنى: أنه في صدقه وتحققه كالذي تعرفه ضرورة.

﴿هل أتلك حديث ضيف إبرا هيم المكرمين (24) إذ دخلوا عليه فقالوا سلما قال سلم قوم منكرون (25) فراغ إلى أهله ى فجآء بعجل سمين (26) فقربه إليهم قال ألا تأكلون (27) فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلم عليم (28) فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم (29) قالوا كذا لك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (30) قال فما خطبكم أيها المرسلون (31) قالوا إنآ أرسلنآ إلى قوم مجرمين (32) لنرسل عليهم حجارة من طين (33) مسومة عند ربك للمسرفين (34) فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين (35) فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين (36) وتركنا فيهآ ءاية للذين يخافون العذاب الأليم (37) وفي موسى إذ أرسلنه إلى فرعون بسلطن مبين (38) فتولى بركنه ى وقال سحر أو مجنون (39) فأخذنه وجنوده فنبذنهم في اليم وهو مليم (40)﴾

(هل أتك) تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنما عرفه بالوحي، والضيف واحد وجمع، كالصوم والفطر، لأنه في الأصل مصدر ضافه، سماهم ضيفا لأنهم كانوا في صور الضيف، حيث أضافهم إبراهيم (عليه السلام) وكانوا اثني عشر ملكا، وقيل: ثمانية (23)، وقيل: ثلاثة (24) وإكرامهم: أن إبراهيم خدمهم بنفسه وعجل لهم القرى (25)، أو: لأنهم عند الله مكرمون.

(إذ دخلوا) نصب بـ (المكرمين) إذا فسر بإكرام إبراهيم لهم، وإلا فيما في " ضيف " من معنى الفعل (سلما) مصدر سد مسد الفعل، وأصله: نسلم عليكم سلاما، و (سلم) على معنى: عليكم سلام، عدل به إلى الرفع ليدل على ثبات السلام، كأنه أراد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به أخذا بأدب الله، وقرئ " سلم ? (26) كما في سورة هود (27).

(قوم منكرون) أي: قال في نفسه: هؤلاء قوم لا نعرفهم.

(فراغ إلى أهله) فذهب إليهم في خفية من ضيوفه، ومن أدب المضيف أن يخفي أمره، وأن يبادره بالقرى من غير أن يشعر به الضيف حذرا من أن يكفه، وعن قتادة: كان عامة مال نبي الله إبراهيم البقر (فجاء بعجل) (28).

والهمزة في (ألا تأكلون) للإنكار، أنكر عليهم ترك الأكل أو: حثهم عليه.

(فأوجس) فأضمر.

وعن ابن عباس: وقع في نفسه أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب (29) (وبشروه بغلم عليم) يكون عالما نبيا وهو إسحاق، وعن مجاهد: هو إسماعيل (30).

(في صرة) في صيحة، من: صر الجندب، وصر القلم والباب، وهو في محل الحال، أي: جاءت صارة، وعن الحسن: أقبلت إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم، لأنها وجدت حرارة الدم فلطمت وجهها من الحياء (31)، وقيل: فضربت بأطراف أصابعها جبهتها فعل المتعجب (32) (وقالت عجوز) أي: أنا عجوز (عقيم) فكيف ألد ؟! قالوا: (كذلك) مثل ذلك الذي قلنا وأخبرنا به (قال ربك) أي: إنما نخبرك عن أمر الله، والله قادر على ما تستبعدين.

ولما علم إبراهيم أنهم رسل الله (قال فما خطبكم) أي: فما شأنكم وما طلبكم؟سماهم: " مسرفين " كما سماهم " عادين " لإسرافهم في الفواحش وعدواتهم فيها.

(فأخرجنا من كان فيها) أي: في قرى قوم لوط، ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة، وفيه دليل على أن الإيمان والإسلام في الحقيقة واحد، وأنهما صفتا مدح، والإيمان هو التصديق بما أوجب الله التصديق به، والإسلام هو الاستسلام لما أوجبه الله وألزمه.

والبيت: لوط وبنتاه، وصفهم الله بالإيمان والإسلام جميعا، وقيل: كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر (33).

(وتركنا فيها ءاية) أي: علامة يعتبر بها الخائفون دون الذين قست قلوبهم.

(وفي موسى) معطوف على (وفي الأرض ءايت).

(فتولى بركنه) أي: فأعرض فرعون بما كان يتقوى به من جنوده (وقال) هو (سحر).

(وهو مليم) حال من الضمير في (فأخذنه) أي: آت بما يلام عليه من الكفر والعتو.

﴿وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم (41) ما تذر من شىء أتت عليه إلا جعلته كالرميم (42) وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين (43) فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصعقة وهم ينظرون (44) فما استطعوا من قيام وما كانوا منتصرين (45) وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فسقين (46) والسمآء بنينها بأييد وإنا لموسعون (47) والارض فرشنها فنعم المهدون (48) ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (49) ففروا إلى الله إنى لكم منه نذير مبين (50) ولا تجعلوا مع الله إلها ءاخر إنى لكم منه نذير مبين (51) كذا لك مآ أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون (52) أتواصوا به ى بل هم قوم طاغون (53) فتول عنهم فمآ أنت بملوم (54) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين (55) ومآ خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (56) مآ أريد منهم من رزق ومآ أريد أن يطعمون (57) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (58) فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحبهم فلا يستعجلون (59) فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون (60)﴾

(العقيم) التي عقمت عن أن تأتي بخير من إنشاء سحاب أو إلقاح شجر أو منفعة، إذ هي ريح الهلاك.

(كالرميم) كالشيء البالي المتفتت من العظم والنبات أو غير ذلك.

(تمتعوا حتى حين) تفسيره قوله: (تمتعوا في داركم ثلثة أيام) (34) (فأخذتهم الصعقة) بعد مضي الأيام الثلاثة، وقرئ: " الصعقة ? (35) وهي المرة من: صعقتهم الصاعقة (وهم ينظرون) إليها جهارا.

(فما استطعوا من قيام) كقوله: (فأصبحوا في ديرهم جثمين) (36) أي: لم ينهضوا من تلك الصرعة (وما كانوا منتصرين) أي: ممتنعين من العذاب.

(قوم نوح) على معنى: وأهلكنا قوم نوح، لأن ما قبله يدل عليه (من قبل) عاد وثمود.

(و) بنينا (السمآء بنينها) أي: رفعنا بناءها (بأييد) بقوة، والأيد والآد: القوة (وإنا لموسعون) لقادرون، من الوسع وهو الطاقة، وعن الحسن: لموسعون الرزق على الخلق بالمطر (37).

(فرشنها) أي: بسطناها (فنعم المهدون) نحن إذ فعلنا ذلك لمنافع الخلق لا لجر نفع أو دفع ضرر.

(ومن كل شىء) من الحيوان (خلقنا زوجين) ذكرا وأنثى، وعن الحسن: السماء والأرض، والليل والنهار، والبر والبحر، والشمس والقمر، وعدد أشياء وقال: كل اثنين منها زوج، والله جل جلاله فرد لا مثل له (38).

(لعلكم تذكرون) أي: فعلنا ذلك كله من: بناء السماء وفرش الأرض وخلق الأزواج إرادة أن تتذكروا فتعرفوا الخالق وتعبدوه.

(ففروا إلى الله) أي: طاعة الله وثوابه من معصيته وعقابه بتوحيده وإخلاص العبادة له.

وكرر قوله: (إنى لكم منه نذير مبين) عند الأمر بالطاعة والنهي عن الشرك، ليعلم أن العلم والعمل مقترنان، وبالجمع بينهما يفوز الإنسان.

(كذلك) أي: الأمر مثل ذلك، و " ذلك " إشارة إلى تكذيبهم الرسول وقولهم: هو (ساحر أو مجنون)، وقوله: (مآ أتى) تفسير لما أجمل.

(أتواصوا به) الضمير للقول، والمعنى: أتواصى الأولون والآخرون بهذا القول حتى قالوه جميعا متفقين عليه (بل هم قوم طاغون) أي: لم يتواصوا به لأنهم لم يتلاقوا في زمان واحد (بل) جمعتهم العلة الواحدة وهي الطغيان حملهم عليه.

(فتول عنهم) فأعرض عمن دعوتهم فلم يجيبوا، فلا لوم في إعراضك عنهم بعدما بلغت الرسالة وبذلت وسعك في الدعوة والإبلاغ.

(وذكر) ولا تدع التذكير والموعظة (فإن الذكرى تنفع المؤمنين) الذين يعرفون الله ويوحدونه.

وعن علي (عليه السلام) أنه لما نزل: (فتول عنهم) اشتد ذلك علينا، فلما نزل: (وذكر) طابت نفوسنا (39).

المعنى (وما خلقت الجن والإنس إلا) لأجل العبادة، ولم أرد من جميعهم إلا إياها، والغرض في خلقهم تعريضهم للثواب، وذلك لا يحصل إلا بأداء العبادات.

(مآ أريد منهم من رزق ومآ أريد أن يطعمون) أي: لا أستعين بهم في تحصيل أرزاقهم ومعايشهم بل أتفضل عليهم برزقهم وبما يصلحهم، وما أريد أن يطعموا أحدا من خلقي، وإنما أسند إلى نفسه لأن الخلق كلهم عياله، ومن أطعم عيال أحد فكأنما أطعمه.

(إن الله هو الرزاق) لعباده وللخلائق كلهم، فلا يحتاج إلى معين (ذو القوة) الذي لا يتطرق إليه العجز والضعف (المتين) الشديد القوة، البليغ الاقتدار على كل شيء، يقال: متن متانة فهو متين.

والذنوب: الدلو العظيم، وهذا تمثيل، وأصله في السقاة يقتسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب، قال: لنا ذنوب ولكم ذنوب * فإن أبيتم فلنا القليب (40) والمعنى: (فإن للذين ظلموا) بتكذيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نصيبا من عذاب الله (مثل) نصيب (أصحبهم) ونظرائهم من القرون المهلكة (فلا يستعجلون) بإنزال العذاب فإنهم لا يفوتونني.

(من يومهم الذي يوعدون) هو يوم القيامة.

1- أخرجه أحمد في المسند: ج 1 ص 279 عن ابن عباس.

2- حكاه السمرقندي في تفسيره: ج 3 ص 276.

3- لأبي قيس بن الأسلت من أبيات له في الفخر والحماسة يقول: قد حلقت البيضة - وهي ما تلبس على الرأس في الحرب - شعر رأسي من دوام لبسها، والتهجاع: التغافل قليلا لطرد النوم. راجع شرح شواهد الكشاف: ص 181.

4- أخرجه أحمد في المسند: ج 2 ص 393 و 457 عن أبي هريرة.

5- قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك. راجع التبيان: ج 9 ص 384.

6- لأبي العتاهية من أبيات له قالها ردا على من رماه بالزندقة، وهي: ألا إننا كلنا بائد * وأي بني آدم خالد وبدؤهم كان من ربهم * وكل إلى ربه عائد فيا عجبا كيف يعصى إلاله * أم كيف يجحده الجاحد ولله في كل تحريكة * وفي كل تسكينة شاهد وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد |

7- قرأه حمزة والكسائي وعاصم برواية أبي بكر عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 609.

8- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 400.

9- قاله محمد بن كعب. راجع تفسير البغوي: ج 2 ص 392.

10- قاله ابن عباس وعطاء. راجع المصدر السابق.

11- قريت الضيف قرى وقراء: أحسنت إليه، إذا كسرت القاف قصرت، وإذا فتحت مددت. (الصحاح: مادة قرا).

12- وهي قراءة حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 337.

13- الآية: 69.

14- حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج 5 ص 370.

15- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 402.

16- تفسير مجاهد: ص 619.

17- حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 402.

18- قاله ابن عباس في تفسيره: ص 442.

19- حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 402.

20- هود: 65.

21- قرأه الكسائي وحده. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 609.

22- هود: 67 و 94.

23- تفسير الحسن البصري: ج 2 ص 304.

24- حكاه عند الطبري في تفسيره: ج 11 ص 473.

25- أخرجه السيوطي في الدر المنثور: ج 7 ص 624 وعزاه إلى ابن راهويه وأحمد بن منيع والهيثم بن كليب وابن جرير وغيرهم.

26- لم نعثر على قائله. والقليب: البئر، يقول: إنا كرام نشاطر شريبنا، فإن أبى ولم يرض إلا البغي قلنا له ذلك. راجع شرح شواهد الكشاف: ص 92.

27- قال الشيخ الطوسي في التبيان: ج 9 ص 401: مكية بلا خلاف وهي تسع وأربعون آية في الكوفي، وثمان في البصري، وسبع في المدنيين. وفي الكشاف: ج 4 ص 408: مكية، وهي تسع وأربعون، وقيل: ثمان وأربعون آية، نزلت بعد السجدة.

28- الآية: 13.

29- رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 415 مرسلا.

30- ثواب الأعمال للصدوق: ص 143.

31- قاله الكلبي. راجع تفسير البغوي: ج 4 ص 236.

32- وهو قول الفراء في معاني القرآن: ج 3 ص 91.

33- وهو قول الماوردي في تفسيره: ج 5 ص 377.

34- الشمس: 7.

35- رواه عنه (عليه السلام) الطبري في تفسيره: ج 11 ص 480 و 481 من طرق عن خالد بن عرعرة.

36- رواه الطبري أيضا بسنده عن علي (عليه السلام). راجع المصدر السابق.

37- قاله الحسن في تفسيره: ج 2 ص 305.

38- وهو قول علي (عليه السلام) وشمر بن عطية ومجاهد وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج 11 ص 482 - 483.

39- التكوير: 6.

40- زخه: أي دفعه في وهدة (الصحاح).